Voice of Preaching the Gospel

vopg

Issam_Raadيجتاح العالم وباء خطير يحطّم النفس الإنسانية والكيان البشري. إنه مرض الخوف. الخوف من الإرهاب، والخوف من الأمراض المعدية، والسرطان... والخوف من المستقبل، والإفلاس، والموت. ترى ما هو دواء هذا المرض الخطير؟

أطباء هذا العالم لم يجدوا دواء لهذا المرض المستعصي. سياسيو هذا العالم يَعِدوننا بالأمان والسلام والاطمئنان ولكن مواعيدهم لم تصدق.
منذ حوالي ثمانين عامًا وعد الرئيس الأميركي فرانكلن روزفلت الأميركيين بالأمان والحرية من الخوف. ثم أتى الانهيار الاقتصادي، فخاف الأميركيون والعالم خوفًا عظيمًا. ومن بعدها أتت الحرب العالمية الثانية، فخاف العالم خوفًا أعظم من ذي قبل. ثم أتى صراع الغرب مع السوفييت فخاف العالم من حرب نووية تلهب الحرب الباردة. ثم أتى الإرهاب وانتشار الأمراض مثل السيدا والإيبولا والسرطان وصاحبها متغيرات ومفاجآت اقتصادية حوّلت الأغنياء إلى فقراء ونادرًا ما تحوّل الفقراء إلى أغنياء. فمات الناس من الخوف، فصار الخوف من الموت والذل والانهيار أبشع من الموت نفسه!
ولكن هناك طبيب عظيم أتى إلى أرضنا، وقدّم حياته فداءً من أجلنا، وهو يهمس في آذاننا ويقول لك ولي: "لا تخف لأني فديتك. دعوتك باسمك. أنت لي." (إشعياء 1:43) هذا الطبيب العظيم هو الرب يسوع المسيح.
هنا يصف لنا الوحي المقدّس من خلال الطبيب لوقا كيف اجتمع عشرات الآلاف من الناس حول السيد المسيح لكي يسمعوه، فقد سبى قلوبهم وعقولهم بكلامه وعمق تعليمه. واجتمع البعض الآخر من الفريسيين لكي يدينوه وفي النهاية ليقتلوه. أتوا إليه من كل مكان، لكن الرب تكلم إلى التلاميذ عن حقيقة أساسية، إنها مشكلة في حياة الإنسان اسمها "الخوف".
كيف يمكن الإنسان أن يتغلب على الخوف؟ لماذا تكلم المسيح عن الخوف في محضر الفريسيين؟ لأن الفريسيين - وهم مجموعة من اليهود المتشددين الذين مارسوا الإرهاب - قد فرضوا حالة (كما هي في الشرق الأوسط الآن) لتخويف الناس. فمن لا يوافق على آرائهم وأفكارهم يكفّرونه ويقتلونه، أو يجرّمونه ويجردونه من كل إنسانيته، فيضطر أن يرائي مجاملًا هؤلاء المتشددين بتصرف دينيّ متشدد.
أيها الأحباء، العالم حولنا اليوم يعاني من هذا المرض العضال، مرض الخوف، رغم كل ما يتحدثون عنه من سلام وطمأنينة، ومؤتمرات سلام، ولا يزال هذا الخوف يهيمن على قلوب البشر.
انظر إلى عالمنا العربي الحبيب اليوم! انظر ما يحدث هناك من رعب وإرهاب! هذا الذي وصفوه بالربيع العربي، تحوّل إلى حالة دموية مخيفة يهيمن عليها رعب دائم! انظر أيضًا إلى العالم كله! انظر حولك إلى حالة الاضطراب والقلق التي تسود في كل العالم، فترى الخوف من المستقبل، والإرهاب، والانهيار الاقتصادي في أوروبا، والخوف من الحالات الشاذة التي تنازع وتمزق آسيا وأفريقيا... انظر إلى الولايات المتحدة أغنى بلدان العالم! هناك قلق بأن أغنى دولة في العالم تحوّلت إلى دولة تمتاز بمديونيتها، بشكل خاص، لأكبر عدو كان لها خلال خمسين سنة الماضية، وهي الصين التي لا تشاطرها أبدًا في مبادئها وأفكارها. كان هناك نوع من التأكيد بأن كل شيء سيكون حسنًا. لن يكون كل شيء حسنًا في هذا العالم إن لم يأتِ رئيس السلام ويملك عليه. لن يقدر أن يكون كل شيء حسنًا في العالم ما دام هناك خطية وشر. لقد أتى عدو من نوع آخر لا يرونه! هذا العدو هو الإرهاب غير المنظور! ولكن الإرهاب مصدره قلب الإنسان الشرير، لأن السيد المسيح قال في إنجيل مرقس 21:7 "لأنه من الداخل، من قلوب الناس، تخرج الأفكار الشريرة: زنى، فسق، قتل..."
أحباءنا، نحن نعيش في عالم كله خوف، وقد دخل قلب الإنسان منذ أن دخلت الخطية إلى العالم. فبعد ما سقط الإنسان الأول آدم في الخطية تراه يختبئ! وحين ناداه الرب أجاب آدم: "قد سمعت صوتك في الجنة فخشيت." أتخاف من الله الذي هو محبة؟ من هذا الخالق المحب الذي خلقك وأعطاك الجنة؟ ولماذا تخاف منه؟ لأن الخطية دخلت فدخل الخوف. ولكن الرب يعطينا الدواء لمعضلة الخوف هذه، ويتمثّل في أربعة ضمانات.

1- ضمان الحياة الأبدية

يقول السيد المسيح في لوقا 4:12 "أقول لكم يا أحبائي لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد، وبعد ذلك ليس لهم ما يفعلون أكثر." دعني أقول لك إن أول دواء لمعضلة الخوف من الموت والتهديد بالقتل هو ضمان الحياة الأبدية. الإنسان غير المؤمن لديه خوف دائم من الألم والموت وذلك لعدم معرفته أين سيذهب بعد الموت. ولكن المؤمن لديه ضمان الحياة الأبدية ولا يشكل الموت مشكلة ما دامت النهاية بعد الموت الجسدي هي حياة أبدية ومجيدة بفضل نعمة يسوع المسيح. ما أعظم ضمان الحياة الأبدية!
فالموت عند المؤمن يتحوّل إلى جسر عبور لحياة أفضل، لحياة المجد. "ما لم تر عين، ولم تسمع أذن، ولم يخطر على بال إنسان: ما أعده الله للذين يحبونه." قال السيد المسيح: "أنا هو القيامة والحياة. من آمن بي ولو مات فسيحيا." (يوحنا 25:11) وأيضًا في 1يوحنا 12:5-13 "من له الابن فله الحياة، ومن ليس له ابن الله فليست له الحياة. كتبت هذا إليكم، أنتم المؤمنين باسم ابن الله، لكي تعلموا أن لكم حياة أبدية، ولكي تؤمنوا باسم ابن الله." إذا قبلت المسيح كسيد ومخلص، واختبرته، وطلبت منه أن يتربّع على عرش حياتك، تقدر أن تتيقن وتعلم أن لك حياة أبدية. ولذلك يشير الكتاب المقدس أن الموت الجسدي للمؤمن هو مجرد رقاد أو نوم مؤقت. فكما أن الإنسان يدخل في حالة من النوم المؤقت بتأثير "البنج" قبل عملية جراحية - يستيقظ بعدها لحياة أفضل - هكذا يحدث مع المؤمن حين يموت جسديًا.
عاش الفيلسوف الفرنسي فولتير في حياة كلها إلحاد. وفي نهاية حياته قال: سأعطي المسيحية فقط 100 سنة وبعدها لن تظهر في الوجود. ستفنى هذه العقيدة، عقيدة القيامة في المسيحية. ولكن بعد 50 سنة فقط من هذا التصريح تحوّل البيت الذي كان يسكنه إلى مطبعة للكتاب المقدس. ولكن فولتير في آخر أيامه على فراش الموت كان يصرخ ويقول: "أنا ذاهب للجحيم، أنا مستعد أعطي كل أموالي إذا كانت هناك طريقة لإبقائي حيًا 6 أشهر أخرى." يخبرنا الكتاب المقدس أن المسيح مات لأجلنا "لِكَيْ يُبِيدَ بِالْمَوْتِ ذَاكَ الَّذِي لَهُ سُلْطَانُ الْمَوْتِ، أَيْ إِبْلِيسَ. وَيُعْتِقَ أُولئِكَ الَّذِينَ خَوْفًا مِنَ الْمَوْتِ كَانُوا جَمِيعًا كُلَّ حَيَاتِهِمْ تَحْتَ الْعُبُودِيَّةِ." (عبرانيين 14:2-15) فقبول المسيح وموته لأجلك يحررك من عبودية الخوف، لأنه يعطيك ضمان الحياة الأبدية.
كنت أسمع شهادة العالِم الشهير الدكتور فرنسيس كولنز - رئيس أهم معهد طبي علمي في العالم NAH – وقد كتب كتابًا عن DNA عنوانه "لغة الله"، وفي هذا الكتاب يتحدث عن اختباره كيف أنه عاش في عائلة ملحدة، ودخل لاحقًا كلية الطب، وأصبح طبيبًا ناجحًا لامعًا. وذات يوم عاين امرأة عجوز لديها مرض متقدّم في القلب، لكنها كانت تتمتع بسلام هائل مصدره الإيمان بالرب يسوع المسيح الذي أعطاها ضمان الحياة الأبدية. وكان هذا الطبيب العالِم آنذاك ملحدًا. كان يستهزئ بالمؤمنين وبالله، لكن سلام هذه المرأة التي كانت تواجه الموت ترك في نفسه انطباعًا هائلًا، فراح يقول لنفسه: "كل ما تعلمته في الطب لم يقدر أن يفسّر طمأنينة وسعادة هذه المرأة المسكينة وهي تواجه الألم والموت." وبعدها عرف هذا الطبيب الرب وتغيرت حياته وها هو يشهد عن المسيح.

2- عمق المحبة الأبوية

ثم يتابع المسيح حديثه في إنجيل لوقا 6:12 بهذه الكلمات "أليست خمسة عصافير بفلسين، وواحد منها ليس منسيًا أمام الله؟ ... أنتم أفضل من عصافير كثيرة!" في أيام المسيح كان التجار يبيعون العصفورين بفلس، وحين تشتري أربعة عصافير بفلسين يعطونك الخامس مجانًا، "على البيعة" لأن لا قيمة له. ولكن هذا العصفور الخامس الذي لا قيمة له بنظر الناس، يقول عنه المسيح أنه بنظر الله له قيمة عظيمة لأن الرب خلقه. ولكن الرب يقول: أنتم أفضل كثيرًا من هؤلاء بما لا يقارن، لأنكم "افتُديتم لا بأشياء تفنى، بفضة أو ذهب، من سيرتكم الباطلة... بل بدم كريم، كما من حمل بلا عيب ولا دنس، دم المسيح." (1بطرس 18:1-19)
ما أحلى هذه الكلمات! إذ يقول المسيح في إنجيل متى 26:6 "انظروا إلى طيور السماء: إنها لا تزرع ولا تحصد ولا تجمع إلى مخازن، وأبوكم السماوي يقوتها. ألستم أنتم بالحري أفضل منها؟" ثم يقول الكتاب المقدس: "من يهيّئ للغراب صيده؟" (أيوب 41:38)، فإذا كان الرب يهتم بالغراب، ويهتم بطيور السماء، ويهتم بالخليقة كلها، ويشرق شمسه على الأشرار، ألست أنت أفضل من "عصافير كثيرة؟" تقول كلمة الله في 1يوحنا 1:3 "انظروا أية محبة أعطانا الآب حتى نُدعى أولاد الله!" فإن كان الرب يهتم بطيور السماء، والغراب، والخليقة، ألا يهتم أكثر بأولاده الذين قبلوا المسيح فاديًا ومخلصًا وسيدًا؟
في وسط الظروف الصعبة والآلام التي تجتازها، خبّئ في قلبك مواعيد الرب، إذ يقول لك في رومية 35:8-37 "من يفصلنا عن محبة المسيح؟ أشدة أم ضيق أم اضطهاد أم جوع أم عري أم خطر أم سيف؟ كما هو مكتوب: إننا من أجلك نُمات كل النهار. قد حُسبنا مثل غنم للذبح. ولكننا في هذه جميعها يعظم انتصارنا بالذي أحبنا." لا يوجد شيء أو شخص يستطيع أن يفصلك عن هذه المحبة التي تختبرها بغنى بواسطة قبولك المسيح كمخلص وسيد.
تأثرتُ كثيرًا بحياة ليليان تراشر المربية الفاضلة التي فعلا قدمت صورة واضحة للأولاد والأطفال المصريين في المياتم والملاجئ عن عمق محبة الله التي لا تتخلى عن إنسان. في سنة 1911 رحلت الفتاة ليليان من أمريكا إلى مصر، وذهبت لأسيوط وراحت بالإيمان تتبنى الأطفال اليتامى... ابتدأت بطفلة رضيعة اسمها "فريدة"، ثم طفل اسمه "حبيب." لكن حبيب مرض لاحقًا بالطاعون، فطلب منها أن تتخلى عنه لكيلا تصاب هي بالطاعون ولا ينتشر المرض. لكنها قالت: "كيف أتخلى عنه والرب لم يتخلّ عني ولا لحظة؟" وبقيت قريبة منه تهتم به حتى أصابها الطاعون، لكن الرب شفى حبيب وشفاها. كان عشرات الآلاف ينادونها "ماما ليليان"، لأنها أظهرت لهم محبة الله التي لا تتخلى عن الإنسان، إنها محبة الله الأبوية الضامنة. ليعطنا الرب هذه المحبة التي تجذب الناس إليه.

3- حصانة العناية الإلهية

يقول المسيح أيضًا في إنجيل لوقا 7:12 "بل شعور رؤوسكم أيضًا جميعها محصاة. فلا تخافوا!" وأيضًا في لوقا 18:21 "ولكن شعرة من رؤوسكم لا تهلك". كل يوم تسقط حوالي 100 شعرة من رأسك، ولكن لا تسقط شعرة منها إلا بإذن الآب السماوي. بصلة الشعر فيها فوق 50 ألف شعرة وكلها محصاة وكل واحدة لديها اسم. ما أطيب الرب إذ يقول: لا تخافوا، لا يوجد شيء يحصل في حياتك إلا بإذن الرب. أنت لا تعيش في حالة من العبثية في العالم. تذكّر أن الرب ما زال على العرش، وهو ممسك بزمام الأمور، أنت مهم بالنسبة له. إنه يقول: "أما أمرتك؟ تشدد وتشجع! لا ترهب ولا ترتعب لأن الرب إلهك معك حيثما تذهب". (يشوع 9:1) نعم، ما زال الله على العرش وكل شيء يحدث بإذنه ويعلم به وما زال هو صاحب السلطان.

4- قوة للشهادة الروحية

نعم، يقول لنا الرب في إنجيل لوقا 12 "لا تخافوا." أنتم تملكون حياة الضمان الأبدية. الرب معكم في كل شيء، الرب افتداكم. أنتم أفضل من عصافير كثيرة، وكل شعرة من رؤوسكم محصاة، لا تسقط شعرة إلا بإذني. لا تخافوا، ولكن يجب أن يكون لديكم شهادة روحية إذ يقول في لوقا 8:12 "من اعترف بي قدام الناس، يعترف به ابن الإنسان قدام ملائكة الله." فالمؤمن الأمين مدعو لشهادة الفم وشهادة الدم، أي عليه أن يشهد بفمه وحياته بلا خوف حتى لو كلفته الشهادة أن يكون شهيدًا. اجعل موقفك موقف الإنسان الذي يشهد، وإن كنت شهيدًا أو شاهدًا، فالمجد للرب. والرب يعطيك قوة فوق طبيعية للشهادة، إذ يقول في 1بطرس 14:3-15 "أما خوفهم فلا تخافوه ولا تضطربوا، بل قدسوا الرب الإله في قلوبكم، مستعدين دائمًا لمجاوبة كل من يسألكم عن سبب الرجاء الذي فيكم، بوداعة وبخوف." من يخاف الله لا يخاف الناس، ومن يخاف الناس لا يخاف الله. وخوف الله هو الخوف من الابتعاد عن الله في المسيح يسوع. مكتوب أيضًا في رؤيا 11:12 عن المؤمنين: "وهم غلبوه (أي غلبوا إبليس) بدم الخروف (أي المسيح) وبكلمة شهادتهم، ولم يحبوا حياتهم حتى الموت." وأيضًا في إنجيل لوقا 11:12-12 "ومتى قدّموكم إلى المجامع والرؤساء والسلاطين فلا تهتموا كيف أو بما تحتجون أو بما تقولون، لأن الروح القدس يعلمكم في تلك الساعة ما يجب أن تقولوه."
نحاول كثيرًا أن نجامل الناس نتيجة للخوف والضغط من حولنا. ليتنا بالأحرى نخبرهم بوداعة ومحبة واحترام عن سبب الرجاء الذي فينا. نحن الآن، في عالم يغرق ويحترق، بحاجة أن نأتي إليه لنخبره عن هذا الدواء الشافي في شخص السيد المسيح! ليتنا نفعل هذا بفرح ومحبة بلا خوف.

المجموعة: نيسان (إبريل) 2015

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

140 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10472451