Voice of Preaching the Gospel

vopg

الأخ منير فرج اللهتسود العالم العربي مؤخرًا محاولات الكثير من وسائل الإعلام المختلفة لدراسة وتحليل كلمات الرب يسوع المسيح التي قالها أثناء وجوده على الأرض. وزادت تلك المحاولات وامتدّت بعد المناظرات الصاخبة بين المفكرين والباحثين من أئمة التراث وكتّابه من مؤيّدين محافظين ومعارضين محدثين مما زاد من حجم الفجوة بينهما.

انتشرت الحيرة والتوتر والغضب بين المشاهدين والقرّاء فانعكس بشكل ملحوظ على وسائل التواصل الاجتماعي وأدّى ذلك كله إلى إقبال من الكثيرين للاطّلاع على أقوال المسيح وتعاليمه والإعجاب بها حتى نادى بعض كبار الإعلاميين بضرورة إدماج بعضها في مناهج التعليم لتربية النشء وإعدادهم ليكونوا نواة صالحة للمجتمعات التي تردّت مؤخرًا في دوامات الجهل والتعصب. صحوة واضحة نالت تشجيع وتأييد الكثيرين في أكثر من بلد عربي. وحتى الذين ليس لهم يد في الحوار بدأوا يهتمون بأقوال المسيح وتعاليمه يحاولون فهمها.
جاءني سائلاً:
هل هذه كلمات وأقوال وتعاليم المسيح أم الله؟
فتحت أمامه كتابي المقدس وقرأت له من إنجيل يوحنا 10:14-11
"أَلَسْتَ تُؤْمِنُ أَنِّي أَنَا فِي الآبِ وَالآبَ فِيَّ؟ الْكَلاَمُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ لَسْتُ أَتَكَلَّمُ بِهِ مِنْ نَفْسِي، لكِنَّ الآبَ الْحَالَّ فِيَّ هُوَ يَعْمَلُ الأَعْمَالَ. صَدِّقُونِي أَنِّي فِي الآبِ وَالآبَ فِيَّ."
ثم قرأت له المكتوب في يوحنا 49:12 "لأَنِّي لَمْ أَتَكَلَّمْ مِنْ نَفْسِي، لكِنَّ الآبَ الَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ أَعْطَانِي وَصِيَّةً: مَاذَا أَقُولُ وَبِمَاذَا أَتَكَلَّمُ."
تناول صديقي الكتاب وتفحّصه جيدًا. دقّق في الكلمات التي قرأتها له ثم قال:
كل هذه السنوات وهذه الكلمات مدوّنة ومتاحة ولم نقرأها! كيف؟
لم أجبه لأن الجواب كان معلومًا لديه.
وفي إنجيل يوحنا 19:5 نقرأ "فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ يَقْدِرُ الابْنُ أَنْ يَعْمَلَ مِنْ نَفْسِهِ شَيْئًا إِلاَّ مَا يَنْظُرُ الآبَ يَعْمَلُ. لأَنْ مَهْمَا عَمِلَ ذَاكَ فَهذَا يَعْمَلُهُ الابْنُ كَذلِكَ."
الإنسان بطبعه وطبيعته يرفض مبدأ الاعتماد على الغير ويقدس حريته ويتباهى باعتماده على نفسه، لكن المسيح هنا يضع ثقته في الله الذي يدعوه الآب. حياة المسيح لم تحكمها قوانين. كانت حياة المسيح كانت تشكلها علاقة وانتماء وطبيعة متميّزة لكونه هو في الآب والآب فيه، لذلك فكل ما عمله كان من الله. الكلام الذي تكلم به كان هو كلام الله لذلك قال: "الكلام الذي أكلّمكم به هو روح وحياة." (يوحنا 63:6)
بينما كان يسوع في الجليل حلّ موعد عيد المظال. حاول إخوته أن يقنعوه بالذهاب إلى أورشليم حتى يرى الناس أعماله الخارقة التي يعملها، فليس من الصواب أن يعمل في الخفاء إن كان يريد أن يعلن نفسه للعالم. كانوا يطمعون في تجمّع وهتاف وإعجاب الجماهير الغفيرة في العيد له ولهم، فلهم نصيب فيه. لكنه لم يكن يسعى لسلطة أو شهرة، كل ما كان يعنيه هو تنفيذ خطة الله ومشيئته له. قال لهم:
إن وقتي لم يحضر بعد، وأما وقتكم ففي كل حين حاضر.
لم يأتِ يسوع لينال إعجاب الناس، لم يتكلم إليهم محاضرًا أو مستعرضًا بل تكلم معلّمًا موجّهًا. لم يصنع المعجزات استدعاء للتصفيق والتهليل بل عطفًا ورحمة للمحتاجين وتمجيدًا لاسم الآب. لم يسعَ لمجد نفسه بل مجد الله. قال: "مجدًا من الناس لست أقبل. ولكني قد عرَفتُكم أن ليست لكم محبة الله في أنفسكم." (يوحنا 41:5-42)
"لأَنِّي قَدْ نَزَلْتُ مِنَ السَّمَاءِ، لَيْسَ لأَعْمَلَ مَشِيئَتِي، بَلْ مَشِيئَةَ الَّذِي أَرْسَلَنِي." (يوحنا 38:6)
لهذا فكل ما قاله المسيح وما عمله كان من الله نفسه. هذا جعل مستمعيه يذهلون لعمق كلماته وقوتها ويتعجبون لعظم الأعمال التي عملها بينهم، فتبعوه حيثما ذهب، والتفّوا حوله في كل مكان وُجِد فيه. كانوا يقضون الساعات معه. وبعد أن أكمل عظته الخالدة على الجبل والتي تلاقي الآن وبعد عشرين قرنًا نفس الإعجاب والدهشة مما قال:
"طُوبَى لِلْمَسَاكِينِ بِالرُّوحِ، لأَنَّ لَهُمْ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. طُوبَى لِلْحَزَانَى، لأَنَّهُمْ يَتَعَزَّوْنَ. طُوبَى لِلْوُدَعَاءِ، لأَنَّهُمْ يَرِثُونَ الأَرْضَ. طُوبَى لِلْجِيَاعِ وَالْعِطَاشِ إِلَى الْبِرِّ، لأَنَّهُمْ يُشْبَعُونَ... فَلَمَّا أَكْمَلَ يَسُوعُ هذِهِ الأَقْوَالَ بُهِتَتِ الْجُمُوعُ مِنْ تَعْلِيمِهِ، لأَنَّهُ كَانَ يُعَلِّمُهُمْ كَمَنْ لَهُ سُلْطَانٌ وَلَيْسَ كَالْكَتَبَةِ."
وكان يسوع يسعى دائمًا ليعرف مشيئة الآب ويستمدّ منه ما يريده أن يقول أو يفعل، خاصة قبل قيامه بمهام خاصة. نراه قبل أن يختار تلاميذه يخرج إلى الجبل ويقضي الليل كله في الصلاة. ووقت التجلي صعد إلى الجبل ليصلي ومعه بطرس ويعقوب ويوحنا. وكثيرًا ما كان يبكر صباحًا ويذهب إلى موضع خلاء ليصلي. وعلّم تلاميذه قائلاً:
"فصلوا أنتم هكذا: أبانا الذي في السماوات ليتقدّس اسمك..." وفي الصلاة نطلب من الله: "لتكن مشيئتك." بدون ذلك نضيع في الضباب. في اتصالنا بالله بالصلاة نتحاور معه نسمعه ويسمعنا.
كان يسوع الذي هو في الآب والآب فيه كان ينسب كل ما في الحياة إلى الله الآب. لم يقل أحبوا أعداءكم لأن هذا أسمى أنواع الحب، لكنه قال: "لكي تكونوا أبناء أبيكم الذي في السماوات، فإنه يشرق شمسه على الأشرار والصالحين، ويمطر على الأبرار والظالمين."
يصعب علينا أحيانًا أن نفهم وأن نفسر حقيقة أن يسوع المسيح في الآب والآب فيه، لكننا لو آمنا أنه هو الله الذي ظهر في الجسد لوجدنا هذه المعضلة سهلة بسيطة معقولة ومقبولة.
"في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة الله... والكلمة صار جسدًا وحلّ بيننا، ورأينا مجده مجدًا كما لوحيد من الآب مملوءًا نعمة وحقًا." آمين.

المجموعة: كانون الأول (ديسمبر) 2015

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

315 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10554907