Voice of Preaching the Gospel

vopg

الأخ أنور وديعونحن في بداية عام جديد وعام مضى، ماذا نقدم لمن أحسن لنا فقدم ابنه الوحيد؟ كذلك، ماذا نقدم لمن بذل نفسه لأجلنا؟ إن كلاً من الآب والابن قدما لنا نحن المؤمنين، فماذا نحن مقدمين؟ فإن كان إبراهيم قديمًا قدم إسحاق، الابن الغالي على قلبه فجعل الله يقسم بذاته وَقَالَ:

"بِذَاتِي أَقْسَمْتُ يَقُولُ الرَّبُّ، أَنِّي مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ فَعَلْتَ هذَا الأَمْرَ..." (تكوين 16:22)، رغم أن إسحاق لم يكن مُلكًا لإبراهيم، بل عطية له من الله وقد طلبه منه، لكن الفارق هو أن ما قدّمه الآب السماوي لنا كان ذبح ابنه الوحيد لأجلنا، فأمام عظمة ما قُدّم، فأي شيء نقدمه نحن ويتناسب مع تلك العظمة المقدمة؟ وهنا نجد قول الرب يسوع "لأَنَّ الآبَ طَالِبٌ مِثْلَ هؤُلاَءِ السَّاجِدِينَ لَهُ". كذلك الابن قدّم نفسه، فأي شيء نقدمه يتناسب مع عظمة الابن؟ فأجاب يسوع وقال: "ألم يوجد من يرجع ليعطي مجدًا لله؟"

أولاً: ماذا نقدم للآب؟

ففي يوحنا 23:4 الآب لم يطلب [سجودًا]، بل [ساجدين] له. لكن، ماذا يقدمون؟ لذا يجب مراجعة حديث الرب مع السامرية في يوحنا 13:4-14 "أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهاَ: «كُلُّ مَنْ يَشْرَبُ مِنْ هذَا الْمَاءِ يَعْطَشُ أَيْضًا. وَلكِنْ مَنْ يَشْرَبُ مِنَ الْمَاءِ الَّذِي أُعْطِيهِ أَنَا... يَصِيرُ فِيهِ يَنْبُوعَ مَاءٍ يَنْبَعُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ". فالسامرية جرّبت ماء العالم وظلت عطشى، أما الرب فيقدم ماء من نوع آخر، من يشربه لا يعطش إلى الأبد. وكما نعرف كتابيًا أن الماء الذي يُشرب إشارة للروح القدس "[إِنْ عَطِشَ أَحَدٌ فَلْيُقْبِلْ إِلَيَّ وَيَشْرَبْ. مَنْ آمَنَ بِي، كَمَا قَالَ الْكِتَابُ، تَجْرِي مِنْ بَطْنِهِ أَنْهَارُ مَاءٍ حَيٍّ». قَالَ هذَا عَنِ الرُّوحِ الَّذِي كَانَ الْمُؤْمِنُونَ بِهِ مُزْمِعِينَ أَنْ يَقْبَلُوهُ، لأَنَّ الرُّوحَ الْقُدُسَ لَمْ يَكُنْ قَدْ أُعْطِيَ بَعْدُ" (يوحنا 37:7-39). أما الماء الذي يغسل إشارة لكلمة الله "لِكَيْ يُقَدِّسَهَا، مُطَهِّرًا إِيَّاهَا بِغَسْلِ الْمَاءِ بِالْكَلِمَةِ" (أفسس 26:5). وهكذا في حديث الرب للسامرية أن الماء الذي يعطيه المسيح هو الروح القدس فيجعل في المؤمن ينبوع (ماء من تحت إلى أعلى) ماء ينبع (لمن حوله) إلى حياة أبدية.

وما هي الحياة الأبدية؟

"فَإِنَّ الْحَيَاةَ أُظْهِرَتْ، وَقَدْ رَأَيْنَا وَنَشْهَدُ وَنُخْبِرُكُمْ بِالْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَ الآبِ وَأُظْهِرَتْ لَنَا. الَّذِي رَأَيْنَاهُ وَسَمِعْنَاهُ نُخْبِرُكُمْ بِهِ، لِكَيْ يَكُونَ لَكُمْ أَيْضًا شَرِكَةٌ مَعَنَا. وَأَمَّا شَرِكَتُنَا نَحْنُ فَهِيَ مَعَ الآبِ وَمَعَ ابْنِهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ" (1يوحنا 2:1-3). كذلك في 1يوحنا 11:5-12، 20 "وَهذِهِ هِيَ الشَّهَادَةُ: أَنَّ اللهَ أَعْطَانَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً، وَهذِهِ الْحَيَاةُ هِيَ فِي ابْنِهِ... وَمَنْ لَيْسَ لَهُ ابْنُ اللهِ فَلَيْسَتْ لَهُ الْحَيَاةُ... وَنَعْلَمُ أَنَّ ابْنَ اللهِ قَدْ جَاءَ وَأَعْطَانَا بَصِيرَةً لِنَعْرِفَ الْحَقَّ. وَنَحْنُ فِي الْحَقِّ فِي ابْنِهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ. هذَا هُوَ الإِلهُ الْحَقُّ وَالْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ".
مما سبق نفهم أن الحياة الأبدية هي الرب يسوع، له المجد، فالشخص المؤمن الساكن فيه الروح القدس يُظهر المسيح في حياته وفي كل مكان لمن حوله، فيرى الآب أن المؤمن يُظهر المسيح ابنه الغالي في أرض لا تُخرج إلا الشوك والحسد والشر والخطية، فيرى المؤمنين هكذا ويشبع.
هكذا نحن أمام الآب الذي قدم ابنه الحبيب لأجلنا جميعًا، فماذا نرد له إزاء ما قدّم لنا؟ أليس علينا أن نقدم له نظير ما قدم لنا، فنقدّم له ابنه الغالي الوحيد؟ لكن السؤال هنا: هل يا ترى نقدر نحن أن نقدم للآب ابنه؟ نعم، وبكل يقين! لأننا نحن المؤمنون باسمه، الوحيدين على الأرض الذين نعرف أن نقدم للآب ابنه، لأنه فينا روح المسيح "وَإِنْ كَانَ الْمَسِيحُ فِيكُمْ، فَالْجَسَدُ مَيِّتٌ بِسَبَبِ الْخَطِيَّةِ، وَأَمَّا الرُّوحُ فَحَيَاةٌ بِسَبَبِ الْبِرِّ. وَإِنْ كَانَ رُوحُ الَّذِي أَقَامَ يَسُوعَ مِنَ الأَمْوَاتِ سَاكِنًا فِيكُمْ، فَالَّذِي أَقَامَ الْمَسِيحَ مِنَ الأَمْوَاتِ سَيُحْيِي أَجْسَادَكُمُ الْمَائِتَةَ أَيْضًا بِرُوحِهِ السَّاكِنِ فِيكُمْ" (رومية 10:8-11).
ولكي نشبع قلب الآب، نميت أعمال الجسد فيفرح الروح القدس فينا ويُخرج منا حياة المسيح فيظهر المسيح في كل ظروف حياتنا الحلوة والمرة بالسلوك المقدس حيث الآب طالب مثل هؤلاء الساجدين له، كذلك المؤمن الساكن فيه الروح القدس يمتاز بثلاثة أمور:
إنه لا يعطش أبدًا، فهو دائم الارتواء "فلن يعطش إلى الأبد" (يوحنا 13:4).
يروي قلب الآب من الينبوع الذي فيه، لنشبع قلبه بابنه الذي بذله لأجلنا.
يروي من حوله من أنهار الماء التي تجري من بطنه (يوحنا 38:7)
وهكذا عمل الروح في المؤمن لا ينفصل اتجاهه الرأسي "الينبوع" لإشباع قلب الآب بأن نقدم له ابنه عن الاتجاه "الأفقي" أنهار ماء حي لإشباع وري الآخرين من حولنا.

ثانياً: ماذا نقدم للابن؟

لنرجع إلى ما قاله الرب يسوع: "أَلَيْسَ الْعَشَرَةُ قَدْ طَهَرُوا؟ ... أَلَمْ يُوجَدْ مَنْ يَرْجِعُ لِيُعْطِيَ مَجْدًا ِللهِ غَيْرُ هذَا الْغَرِيبِ الْجِنْسِ؟]" (لوقا 17:17-18). وهنا يتساءل الرب يسوع في حديثه بعتاب: لماذا لم يرجع العشرة البرص بعدما تأكدوا من شفائهم، سوى السامري الغريب الجنس الذي عندما رأى أنه شُفي رجع يمجد الله بصوت عظيم وخرّ على وجهه عند رجليه شاكرًا له؟ ونحن الذين تمتعنا بالشفاء من داء الخطية، ماذا نحن فاعلون؟ فهل نحن لا نقدر أن نفعل ما فعل غريب الجنس؟ هل يا ترى عندما نسترجع قصة الأبرص، ألاّ نجد أننا كذلك؟ وكذلك في قصة المفلوج، ألسنا نظيره؟ وفي قصة لعازر، الميت الذي أنتن، ألم نكن نحن جميعًا نظيره؟ فإن كنا في الشر والنجاسة والدنس وكل ما يسبب الاشمئزاز من أنفسنا لما كنا عليه، ألا يجعلنا هذا أن نعظم النعمة الغنية التي كشفت عن عيوننا بأننا قد شُفينا مما كنا فيه ويصير لسان حالنا يردّد:
يا صاحب الإحسان
ماذا أقدّم لك؟
حبي إزاء حبك
لقد خلت يدي
ماذا لك أهدي؟
لا شيء يا حبيب
لأن السامري غريب الجنس لما رأى أنه شفي قال في نفسه: كيف أذهب إلى الكاهن لكي أريه نفسي؟ فالذي شفاني هو الوحيد الذي يستحق التمجيد والشكر والإكرام، فأنا طول عمري أبرص نجس، ماذا فعل الكاهن لي؟ أليس أنه طبق عليّ الشريعة فأخرجني خارج المحلة مشقوق الثياب ومكشوف الرأس ومغطي الشارب مناديًا: نجس، نجس؟! (لاويين 45:13) ولا أدخل إليه إلا حينما أطهر، فهو لا يستحق مني شيئًا لأنه لم يعمل لي شيئًا؛ بل الذي يستحق هو صاحب الفضل، فأرجع إليه لأنني قد شفيت وهو الذي شفاني، فأمجده بصوت عظيم، وأخرّ على وجهي عند رجليه شاكرًا له. هكذا الرب ينتظر منا جميعًا أن نمجد الله ونشكر المسيح، وكلاهما لا ينفصلا أبدًا؛ وهذا ما نراه أن التمجيد مرتبط بالشكر. فليتنا نقدم للرب شكرًا نابعًا من قلب أحب، وشاعر بما قُدم له من الرب فيفيض القلب بكلام صالح، ونتكلم بإنشائنا للملك فنقول أنت أبرع جمالاً من كل بني البشر.
فدعونا ونحن في عامنا الجديد أن ننسى ما هو وراء ونمتد إلى ما هو قدام، ونبدأ من جديد أن نشكر في كل حين ونعرف كيف نقدم للآب الذي بذل ابنه الحبيب لأجلنا، فهو طالب ساجدين حقيقيين بأن نقدم له ابنه الحبيب كما أيضًا نقدم للابن الذي بذل نفسه لأجلنا، أن نمجده ونشكره فيرى فينا من تعب نفسه ويشبع، الذي له كل المجد.

المجموعة: شباط (فبراير) 2015

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

113 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10557869