Voice of Preaching the Gospel

vopg

القس يعقوب عماريفي جلسة حوار مع أحد الأصدقاء قال: "لماذا لا يحفظ المسيحيون يوم السبت الذي ورد في الوصايا العشر، بل بدلًا منه يحفظون الأحد، طالما أن الوصية كانت وصية ربانية وهدفها خير الناس؟" فأجبنا بما يلي:

أولًا، بعدما خلق الله العالم في ستة أيام، استحسن ما قام به وفرغ منه فقال الوحي: "ورأى الله كل ما عمله فإذا هو حسن جدًا... واستراح في اليوم السابع." (تكوين 31:1؛ 2:2) أي فرغ من عملية الخلق وابتهج بما صنعه. هنا قدم الله مثالًا يُحتذى، وأرسى مبدأ كي يعمل الإنسان في ستة أيام من الأسبوع، ثم يُسْبتُ (أي يخلد للراحة) في اليوم التالي.

ثانيًا، أسفار التوراة، ذكرت أكثر من مرة بأن يوم السبت بالذات هو علامة خاصة بين الله واليهود، وليس لغير اليهود، إذ جاء في سفر الخروج قول الوحي: وكلّم الرب موسى قائلًا: "وأنت تكلم بني إسرائيل قائلًا: سبوتي تحفظونها، لأنه علامة بيني وبينكم في أجيالكم لتعلموا أني أنا الرب الذي يقدِّسكم، فتحفظون السبت لأنَّه مُقدَّس لكم... فيحفظ بنو إسرائيل السبت في أجيالهم عهدًا أبديًّا. هو بيني وبين إسرائيل علامة إلى الأبد." (خروج 12:31-18)
ويقول في سفر التثنية: "واذكر أنك كنت عبدًا في أرض مصر، فأخرجك الرب إلهك من هناك بيد شديدة وذراع ممدودة. لأجل ذلك أوصاك الرب إلهك أن تحفظ يوم السبت." (تثنية 15:5)

ثالثًا، لا نجد في كلّ أسفار العهد الجديد ما يشير من قريب أو من بعيد إلى تذكير المسيحيين بإلزامهم أن يحفظوا يوم السبت. والعكس صحيح، إذ نجد في العهد الجديد نفيًا صريحًا لإلزامنا بأعياد أو طقوس أو تقاويم أو سبوت اليهود. فقد فجاء في رسالة كولوسي: "فلا يحكم عليكم أحد في أكل أو شرب، أو من جهة عيد أو هلال أو سبت، التي هي ظل الأمور العتيدة." (كولوسي 16:2-17)

رابعًا، أشار المسيح في مواعظه وخطاباته في أكثر من مناسبة إلى عددٍ من الوصايا العشر وذكرها بالاسم، ولم يذكر الوصية الرابعة ولو مرة واحدة. فإن كان السبت اليهودي ملزمًا للمسيحيين، فهل يُعقل أن يغفل رب المجد عن تحذيرهم من كسر وصية يريد تعميمها على جميع الناس؟

خامسًا، وماذا عن أجيال البشرية التي عاشت ما بين زمن آدم وزمن موسى الذي وردت فيه وصية السبت! فتلك فترة امتدت لآلاف السنين، وظهر فيها أنبياء عظام كأخنوخ ونوح وإبراهيم وإسحاق ويعقوب ويوسف، وكلمهم الله بإعلانات ورسائل وتوصيات وتشريعات شفوية لا نجد فيها أية إشارة لحفظ يوم السبت.
ولأن كلمة "سبت" تعني "راحة" فالمسيحيون وجدوا "سبتهم" أو "يوم راحتهم الأسبوعي" في يوم الأحد، وهو اليوم الذي قام فيه المسيح من الموت ظافرًا، وكنائسهم في كل يوم أحد تعجّ بالمصلّين احتفالًا بذكرى قيامة المسيح من الموت في هذا اليوم. فهم يعملون ستة أيام ويستريحون في اليوم الذي يليها وهو الأحد.
ولأن يوم الأحد يوم حافل بالخدمات الروحية، ورعاة الكنائس ينشغلون فيه بخدمة الوعظ ومراسيم العبادة والتواصل مع جماهير المصلين، ولا فرصة لهم للراحة، اتّخذ الكثيرون منهم اليوم التالي كيوم راحة. فمن حقهم أن يكون لهم يوم في الأسبوع، يستريحون فيه كغيرهم من روتين العمل، فيستجمع الواحد قواه الجسدية والفكرية قبل أن ينطلق لأسبوع جديد حافلٍ بالعمل. فمبدأ العمل في ستة أيام والاستراحة في اليوم السابع وارد لدى المسيحيين ويمارسونه.
أضف إلى ما تقدَّم ملاحظة هامة نشير فيها إلى ظهور عبارة في الإنجيل برزت مباشرة بعد قيامة المسيح من القبر لم يكن لها وجود من قبل، وهي عبارة "أول الأسبوع" وتعني يوم الأحد. والعبارة تكررت ثماني مرات في أسفار العهد الجديد على النحو التالي:
1. "وبعد السبت عند فجر أول الأسبوع جاءت مريم المجدلية ومريم الأخرى لتنظرا القبر." (متى 1:28)
2. "وباكرًا جدًا في أول الأسبوع أتين إلى القبر." (مرقس 2:16)
3. "وبعدما قام باكرًا في أول الأسبوع ظهر أولا لمريم المجدلية." (مرقس 9:16)
4. "ثم في أول الأسبوع أول الفجر أتين إلى القبر حاملات الحنوط الذي أعددنه ومعهن أناس." (لوقا 1:24)
5. "وفي أول الأسبوع جاءت مريم المجدلية إلى القبر باكرًا والظلام باقٍ فنظرت الحجر مرفوعًا عن القبر." (يوحنا 1:20)
6. "ولما كانت عشية ذلك اليوم وهو أول الأسبوع، وكانت الأبواب مغلقة، حيث كان التلاميذ مجتمعين لسبب الخوف من اليهود، جاء يسوع ووقف في الوسط وقال لهم: [سلام لكم.]" (يوحنا 10:20)
7. "وفي أول الأسبوع إذ كان التلاميذ مجتمعين ليكسروا خبزًا خاطبهم بولس." (أعمال 7:20)
8. وأخيرًا في 1كورنثوس 2:16 يخاطب الرسول بولس الكنيسة ناصحًا بقوله:
"في كل أول أسبوع ليضع كل واحد منكم عنده خازنًا ما تيسّر حتى إذا جئت لا يكون جمع حينئذٍ."
ففي المرات الخمس الأولى وردت العبارة في وصف زيارة مريم المجدلية ومن رافقها من النسوة للقبر في فجر الأحد، اليوم الذي قام فيه المسيح من القبر.
أما في المرّة السادسة فيتحدث الرسول يوحنا عن ظهور المسيح للتلاميذ وهم مجتمعون في مساء يوم الأحد، وقد أغلقوا الأبواب بإحكام خوفًا من اليهود المعادين لهم. وفي لحظة مفاجئة ظهر الرب في وسطهم بمعجزة مع أن الأبواب كانت مُقفلة بإحكام، ولم يفتحها له أحد، فظهر بينهم وحيّاهم بقوله: "سلام لكم،" ولكي يطمئنهم أنه هو، أراهم آثار المسامير في يديه ورجليه، وكشف عن جنبه المطعون بحربة جند الرومان أثناء الصلب.
وفي المرة السابعة وردت عبارة "أول الأسبوع" في وصف التلاميذ وهم مجتمعون في يوم أحدٍ آخر للعبادة وممارسة فريضة العشاء الرباني المعروفة بـ "كسر الخبز"، وهذه فريضة تبنَّتها الكنيسة المسيحية بكل طوائفها تسمّى فريضة العشاء الرباني حفظتْها في أيام الآحاد أثناء العبادة عبر القرون منذ ألفي عام.
أما المرّة الأخيرة التي ذُكِرت فيها عبارة "أول الأسبوع" فوردت في مطلع الأصحاح السادس عشر من الرسالة الأولى إلى أهل كورنثوس. ولنا فيها وقفة تأملية.
فالكلام هناك جاء بعد أكثر من عشرين سنة من قيامة المسيح من القبر، وكانت الكنيسة المسيحية قد امتدّت وتوسَّعت وانتشرت في بلدان ومناطق عديدة، في الشرق الأوسط وأسيا الصغرى وأوروبا وشمال أفريقيا، وكان المسيحيون خلالها قد اعتادوا على الاجتماع معًا للعبادة في أيام الأحد، ويمارسون فريضة كسر الخبز خلال فترة العبادة.
ثم مع الوقت برزت الحاجة في الكنيسة لجمع المال للإنفاق على الخدمة ومنها مساعدة الفقراء. ولم يكن لديهم نظام معتمد في هذا، فخضعت العملية لمبادرات فردية خلال السنوات الماضية (أعمال 42:2-46). ولهذا اقترح بولس على الكنيسة أن يكون جمع العطايا أثناء وجود المؤمنين في فترة العبادة وهم مجتمعون. ومن يومها التزمت الكنيسة بذلك في جميع فروعها في العالم كإجراء كنسي يُمارَس في أيام الآحاد منذ ألفي عام، فيضع المصلّون خلال مراسيم العبادة ما تيسَّر من تقدمة مالية في خزينة الكنيسة، كجزء من العبادة. ويوصي الكتاب بأن ما يُقدَّم لبيت الله يُقدَّم برضا النفس فيقول: "المعطي المسرور يحبه الرب." (2كورنثوس 7:9)
إنَّما السؤال هنا: لماذا يوصي بولس الرسول أن تُجمعَ هذه التقدمات المالية تحديدًا في "كل أول أسبوع"؟ لماذا حدّد أن يحصل هذا في كل يوم أحد بالذات، وليس في غيره من أيام؟
ألا تستوقفنا هذه العبارة لنتساءل؟ فالكنيسة كانت خلال السنوات الماضية بعد القيامة قد اعتادت على تخصيص يوم الأحد للعبادة. فكان رأي بولس أنه طالما هم مجتمعون للعبادة في أيام الآحاد فالأولى أن يكون الجمع أثناء فترة العبادة الأسبوعية.
نخلُص إلى القول بأنّ يوم السبت هو يوم يخصّ اليهود دون غيرهم من الشعوب.
أما مبدأ الراحة الأسبوعية، فالمسيحيون يمارسونه في كل يوم أحد، تاركين السبت اليهودي لأتباعه. في هذا قال الشاعر:
لقد مضى السبتُ وفي فجر الأحدْ
أجرى إله المجد ما به وعدْ
فاندكّ صـرح المـوت والقبـر ارتعد
وقام رب المجد والحق استند
لقد مضـى سبت النواهــي والقيــودْ
سبـت الدخان والبروق والرعود
لقد مضى سبت الظـلام لن يعـود
وقـام رب المجد في صبح الأحد

المجموعة: تشرين الثاني (نوفمبر) 2015

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

134 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10561519