Voice of Preaching the Gospel

vopg

الأخ جوزيف عبدوكانت الساعات الأولى التي تلت دفن جسد المسيح في قبر يوسف الرامي ثقيلة جدًا على التلاميذ، فتفرّقوا هاربين... إلى أن تجمّعوا من جديد في تلك العليّة، حيث كانت أذهانهم الجسدية رازحة تحت ضغط خلفيّتهم اليهودية إذ تعلّموا "أن المسيح يبقى إلى الأبد." وكان ليل القيامة رهيبًا، فقد أفاقوا من وقع الصدمة وعادت فتصوّرت أمامهم المخاوف وهاجت بهم الشكوك وهم خلف الأبواب المغلّقة؛

عيون دامعة، وقلوب يعتصرها الأسى ونفوس مضطربة تتلاعب بها الظنون المختلفة! ولكنّ قيامة المسيح من بين الأموات كانت الركن المتين لبناء الإيمان المسيحي القويم. فقد صدّت كل عواصف الضعف والشك والقنوط ورسّخت جميع دعائم القوة والثبات والرجاء.
وعند اقتراب فجر القيامة، كانت الفئة الوحيدة المصممة على الحركة هي مجموعة صغيرة من النسوة الحزانى، وفي خطة استسلامية، ظننّ أنهنّ يختمن بها الفصل الأخير.
فبعد مضيّ ذلك السبت كنّ قد اشترين الحنوط، وتهيّأنَ للمضي فجرًا إلى بستان الرامي لتحنيط الجسد وإلقاء النظرة الأخيرة عليه. ولعلهنّ لو علمن بالإجراءات التي اتخذها رؤساء الكهنة بعد مغادرتهنّ لمكان القبر، من وضع الحراس الرومان وختم الحجر، لما كانت لديهنّ الجرأة للمخاطرة. أما همّهنّ الوحيد في ذلك الوقت فكان: "من يدحرج لنا الحجر عن باب القبر؟" (مرقس 3:16) ولم يَعلمنَ أن الحجر قد دُحرج وأن الجسد الذي سيحنّطنه قد غادر المكان. إنها قوة القيامة المجيدة!
في تلك اللحظات يستطيع المرء أن يتصوّر عند ذلك القبر وجود ثلاث فئات:

أولاً: فئة الأعداء أو "أبناء الظلمة" ممثلة بوكلاء الفريسيين ورؤساء الكهنة وبجنود الوالي الروماني الذين كانوا بكامل الاستعداد واليقظة لمراقبة كل ما قد يحدث. ولكن بسبب حدوث الزلزلة ارتعدوا جميعًا وصاروا كأموات. فقد نزل الملاك ودحرج الحجر عن باب القبر – بعد قيامة جسد الرب – وجلس على الحجر، وأمام رهبة المشهد اعتراهم الارتياع فولّوا الأدبار جميعًا، وذهبوا لإعلام رؤساء الكهنة بما حدث.

ثانيًا: فئة الأصدقاء "أبناء النور" وقد تمثّلت بأولئك المريمات التقيّات. لقد كنّ خائفات محتارات وباكيات، ولا سيما حين ولجن إلى القبر ولم يجدنَ جسد الرب في الداخل بل "رأين شابًا جالسًا عن اليمين لابسًا حلّة بيضاء، فاندهشن! فقال لهنّ: لا تندهشنَ، أنتنّ تطلبن يسوع الناصري المصلوب، ليس هو ههنا، هوذا الموضع الذي وضعوه فيه." (مرقس 5:16-6). لقد وفّر لهنّ الرب بسبب غيرتهنّ كل ما يقتضيه الموقف لكي يكنّ أول المبشرين بالقيامة.

ثالثًا: فئة الجند الأوفياء "ملائكة النور"، وهؤلاء قد جاءوا لحراسة القبر بعد هرب حراس بيلاطس البنطي، لإتاحة الفرصة لأحباء المسيح كي يتحرّكوا بأمان فيدخلوا القبر، ويروا الأكفان الفارغة، والمنديل الذي رفعه الرب عن رأسه الكريم، ووضعه في موضع وحده كأحد إثباتات قيامة جسده المبارك. وكذلك لكي يزفّوا بشرى السماء بإتمام عمل الفداء، لأولئك التلاميذ البسطاء، لكي يفتنوا المسكونة بصدى قيامة الرب يسوع من بين الأموات.
ولنعد إلى لحظة القيامة المجيدة التي هي قدس أقداس حياة المسيح الأرضية. فحين دقّت ساعة العرش الإلهي معلنة تلك اللحظة الحاسمة في التدبير الأزلي لإلهنا العظيم، ودون أن يعلم بها أحد من مخلوقات الله من الملائكة أو البشر، عادت روح المسيح التي استودعها في يدي الآب إلى الجسد المسجّى في القبر، فدبّت فيه الحرارة من جديد، وقام الرب تاركًا أكفانه في مكانها، ووضع المنديل الذي كان على رأسه في مكان آخر، وانسلّ من القبر المغلق بهدوء وسكون ولم يشعر به أحد. أما تلك اللحظة القدسية فلم تسجّل في تاريخ الأرض لأنها أعظم وأسمى من أن تدوّن في كتاب يلمسه بشر. فقد سُجّلت في تاريخ السماء وحده.
ومن ثمّ جاء دور الملائكة ودور الطبيعة في إعلان هذا الحق العظيم، فوقعت الزلزلة على الفور بعد قيامة الرب يسوع، ولهذا ارتعد الحراس الرومان ارتعادًا عظيمًا، وزاد في خوفهم منظر الملاك الذي دحرج الحجر الكبير وجلس عليه. فذلك المنظر لم يخطر لهم على بال.
قد يسأل أحدهم قائلاً: "ما دام الرب قد قام من الموت وخرج من القبر المغلق، فلماذا حدثت تلك الزلزلة؟ ولماذا دُحرج الحجر بيد الملاك، ألا يُعتبر ذلك العمل بدون جدوى؟
والجواب هو: إن أمورًا كثيرة ذات أهمية قصوى قصدها الرب من ذلك العمل الذي أعقب لحظة القيامة وهي:
1. حدثت الزلزلة وظهر الملاك لكي يطرد الرب أولئك الحراس من المكان فيذهبوا إلى أسيادهم من رؤساء الكهنة والفريسيين فيعلنوا لهم كشهود عيان لقيامة الرب بقوة، لعلهم يرجعوا إلى رشدهم فيؤمنوا، لأن الرب لا يحرم أحدًا من فرصة الخلاص.
2. لكي يفسح المجال لأولئك النسوة اللواتي جئن بكل إخلاص لأداء واجب إكرام جسد الرب، كي يكنّ أول من يرين القبر الفارغ والمبشرات بالقيامة المجيدة من بني الناس، لأنهنّ كنّ آخر من غادرنه بعد الدفن.
3. لكي تظهر الأكفان الفارغة لكثيرين ولكي يبقى القبر الفارغ شهادة حية ناطقة للكثيرين على مدى التاريخ بأن الرب قد قام بقوة لاهوته كما وعد تلاميذه قبل صلبه ودفنه. وذلك على عكس ادعاء رؤساء الكهنة الكاذب الذين دفعوا الرشوة للحراس الوثنيين كي يقولوا: "إن تلاميذه أتوا ليلاً وسرقوه ونحن نيام." (متى 13:28) إن جميع مجريات الأمور تكشف عن كذبة رؤساء الكهنة المتعصّبين الخسيسة، فهم لم يهلكوا نفوسهم فقط بل تسبّبوا في هلاك الكثيرين.
إن تلاميذ المسيح، في ذلك الوقت، كانوا ضعفاء خائفين ومرتبكين وقابعين خلف أبواب العلية المغلّقة خوفًا من اليهود، وحتى زعيمهم بطرس انتابه الخوف من كلام جارية وعراه التوبيخ من صياح ديك! فكيف لهم أن يجرؤوا على مجابهة جنود مدجّجين بالسلاح ومدعومين بقوة روما فضلاً عن رؤساء الكهنة؟
إن ادعاء الحراس بالنوم هو أدهى وأكثر احتقارًا لعقول السامعين، لأن القانون الروماني كان يقضي بعقاب الجندي الذي ينام في نوبة حراسته بالموت.
بل كيف استطاع هؤلاء الحراس أن يصفوا سرقة التلاميذ لجسد المسيح طالما كانوا نيامًا؟ فكيف عرفوا ما حدث؟
إن كل هذه الترهات لم تستطع إقناع شخص عاقل ذي إرادة حرة، حيث أن قيامة الرب يسوع قد انتشر خبرها بكل قوة وسلطان إلهي-لا يستطيع بنو الأرض مقاومته. لقد كان الرب عظيمًا في احتماله الصلب وغفرانه للمجرمين، وكان عظيمًا في قيامته الظافرة المجيدة.
قال جبران خليل جبران في كتابه النبي: "وأنت أيها الناصري بين أيدي صالبيك، كنت حرًّا أكثر من الذين صلبوك، بل أكثر حرّية من ضوء الشمس. وأنت... أنت كنت أقوى من ألف ملكٍ على ألف عرشٍ في ألف مملكة."
نعم، إن قيامة الرب يسوع من بين الأموات ما زال صداها يتردّد بكل قوة وحتى يوم مجيئه القريب. وإن تأثيرها لقويٌّ عجيب.
1. فقد قام الرب لكي يعطي المؤمنين به نعمة التبرير.
2. لقد قام الرب من قبر الأرض وصعد إلى السماء لكي يرفع نفوسنا من الأرضيات ويعطينا رجاء الحياة في السماء.
3. قام الرب منتصرًا لكي يعطينا النصرة على الموت ويملأنا بأفراح الحياة الحقيقية وسلامها العجيب.
المسيح قام، حقًّا قام!
والرب معكم حتى مجيئه على السحاب.

المجموعة: نيسان (إبريل) 2016

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

117 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10541230