Voice of Preaching the Gospel

vopg

الأخ سمير الشومليتعال إلى الله كما أنت!

حين نريد أن نأتي إلى الله، ينبغي أن نأتي إليه كما نحن، بكل فسادنا وشرنا. نأتي كما أتى الابن الضال الذي لم يكن يملك شيئًا إلاّ الأسمال البالية القذرة التي تغطي جسده والروائح النتنة التي تفوح منه.

ولكن محبة أبيه ونعمته ورحمته هي التي جذبتْه، وانتظرتْه، واحتملتْه، واستقبلتْه، ونظّفتْه، وجمّلتْه، ورفعتْ من قدْره. ولم يطلب منه أبوه أن يقوم بأي عمل صالح. ولم يستقبله أصلًا على هذا الأساس. لم يكن لدى الابن أي شيء يقدّمه، وكان لدى الأب الشيء الكثير ليعطيه.

أصحاب الأعمال الصالحة يحتاجون إلى المسيح

وقصة كرنيليوس برهان صريح أيضًا على أن التديُّن والبر الذاتي والعمل الصالح لا يمكن أن تكون بديلًا للولادة الجديدة التي تأتي عن طريق الإيمان بيسوع. فالله تَهُمّه الطبيعة الجديدة أكثر بكثير مما تهُمُّه الأخلاق الفردية. يصف الكتاب المقدس هذا الرجل في (أعمال 1:10-5) بأنه "تقي وخائف الله مع جميع بيته يصنع حسنات كثيرة للشعب ويصلي إلى الله في كل حين." وأكد له الملاك في رؤيا بأن صلواته وصدقاته صعدت تذكارًا أمام الله. ولكنه طلب منه أن يرسل في طلب بطرس ليكلمه عن الإيمان بيسوع. "وهو يكلّمك كلامًا به تخلص أنت وكل بيتك." (أعمال 14:11)
تعلّمنا هاتان القصتان أنه لا يوجد إنسان، مهما بلغ من الشر، تعجز نعمة الله عن تخليصه، وأنه لا يوجد إنسان، مهما بلغ من البر والتقوى والتدين (حتى لو كان مشهودًا له بذلك من الله نفسه)، لا يحتاج إلى خلاص المسيح.

الأعمال الصالحة ضرورة كثمر للإيمان

إنّ الأعمال الصالحة المقبولة، في نظر الله، هي تلك التي تكون ثمرة لإيماننا به ومحبتنا له. فإذا كان إيماننا حيًّا قويًا، فلا بد أن يعبّر عن نفسه من خلال الأعمال الصالحة التلقائية التي تعبّر عن الشكر والعرفان لله. وهذا هو ما عناه يعقوب بقوله: "الإيمان بدون أعمال ميت." (يعقوب 20:2) إذ لا يعقل أن نتصور شخصًا مؤمنًا يرفض القيام بأعمال صالحة بحجة أنها غير ضرورية للخلاص، لأن ذلك يبرهن أن علاقته بكل من الله وأخيه الإنسان ليست سليمة. يريدنا الله أن نقوم بأعمال صالحة، ولكننا لسنا أحرارًا في اختيار ما نريد القيام به منها. فقد أعدّ الله للإنسان سلفًا الأعمال الصالحة التي يريده القيام بها. تقول كلمة الله إننا "نحن عمله مخلوقين في المسيح يسوع لأعمال صالحةٍ قد سبق الله فأعدها لكي نسلك فيها." (أفسس 10:2) فهي أعمال لا ننتقيها على مزاجنا، وإنما هي معدَّة لنا. ولهذا علينا أن نصلي إلى الله لكي يهدينا وينوّرنا ويدلنا على الأعمال التي خلقنا حتى نقوم بها، حتى نحقق قصده لحياتنا، ويكون لحياتنا معنى. وهكذا فإن المؤمن بالمسيح لا يدير ظهره للأعمال الصالحة، بل يجعل من إيمانه نقطة الانطلاق نحوها.

ما هي طبيعة الأعمال الصالحة المرفوضة كأساس للخلاص؟

ونأتي الآن إلى الضربة القاضية التي تنسف كلّ أساس لاعتبار الأعمال الصالحة متطلَّبًا أو شرطًا للخلاص. وهنا لا بد أن نضيّق السؤال فنقول: ما هي بالضبط الأعمال الصالحة التي لا يقبلها الكتاب المقدس، وبالتالي لا يقبلها الله، كأساس للخلاص؟

سوء فهم

ينبع سوء الفهم من عدم معرفة دُعاة الأعمال الصالحة كأساس للخلاص بطبيعة هذه الأعمال. ولو عرفوا لتبرّأوا منها وتركوها فورًا. إذْ يتوهم هؤلاء أن الأعمال الصالحة المطلوبة هي الأعمال المتعارف عليها لدى البشر على أنها أعمال خير، وإحسان، وحق، وعدل، وتقوى، ورحمة بشكل عام كما يحددها المجتمع الذي يعيشون فيه، أو الثقافة التي ينتسبون إليها، أو المظلة الدينية التي يقفون تحتها. ولا شك أن هذا يشمل فيما يشمل السلوك الأخلاقي الجيد وحسن التعامل مع الآخرين، لكن ليست هذه الأعمال الصالحة العامة (على الرغم من عدم جرأتي على وصفها بأنها غير صالحة) هي المقصودة في الكتاب المقدس. فالوحي الإلهي لا يتحدث عن الأعمال الصالحة بصورة عامّة غائمة أو مطلقة كما يمكن أن يختارها الناس في أزمنة وأماكن مختلفة، وإنما يتحدث عن الأعمال التي تنص عليها الشريعة اليهودية بالذات، بلا زيادة أو نقصان. فهل يمكن إثبات هذا الأمر؟ وما هو تضمين ذلك؟

الأعمال الصالحة هي أعمال الشريعة اليهودية

كانت المصيبة التي ابتُليتْ بها الكنيسة الأولى هي وجود أشخاص من اليهود دخلوا الإيمان (أو هكذا بدا الأمر)، وأرادوا أن يفرضوا على المؤمنين بالمسيح من غير اليهود (الأمم) أن يخضعوا لشريعة موسى، أو الناموس اليهودي، لكي يصيروا يهودًا أولًا وبعد ذلك يمكنهم أن يصيروا مؤمنين بالمسيح. فقد اعتقدوا أن حفظ الشريعة شرط حتمي للخلاص. وكان حفظهم للناموس يوفّر لهم سببًا للافتخار بأنفسهم. ولهذا شرح الوحي الإلهي:
"إذ الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله. متبررين مجّانًا بنعمته بالفداء الذي بيسوع المسيح، الذي قدّمه الله كفّارة بالإيمان بدمه لإظهار بره من أجل الصفح عن الخطايا السالفة بإمهال الله، لإظهار بره في الزمان الحاضر ليكون بارًّا ويبرّر من هو من الإيمان بيسوع. فأين الافتخار؟ قد انتفى. بأي ناموسٍ؟ بناموس الأعمال؟ كلا. بل بناموس الإيمان. إذًا نحسب أن الإنسان يتبرر بالإيمان بدون أعمال الناموس. أم الله لليهود فقط؟ أليس للأمم أيضًا؟ بلى، للأمم أيضًا. لأن الله واحد هو الذي سيبرر الختان (اليهود) بالإيمان والغرلة (غير اليهود) بالإيمان." (رومية 24:3-30)

هل تريدوننا أن نصبح يهودا؟

من الواضح هنا أن الوحي يحدد أن ناموس الأعمال (أو الأعمال المطلوبة) هو الناموس اليهودي، أو الشريعة اليهودية، ولا شيء غير ذلك. ودليلُ ذلك أنه يصرّح أن القول بأن الخلاص هو بالشريعة اليهودية، شريعة أعمال الناموس، هو بمنزلة القول إن الله هو إله اليهود فقط ولا يجوز أن يكون إله غيرهم، وأنه إذا أراد المرء أن يعرف الله، فلا بد له من أن يصبح يهوديًا. ويرفض الوحي الإلهي هذه الفكرة بإصرار ويقول إن الله هو للأمم أيضًا. وقد وضع الله مبدأ واحدًا لكل من اليهود والأمم للخلاص، ألا وهو الإيمان. ولا شك أن الرسول بولس تناول هذه المسألة في معظم رسائله، مبيّنًا خطورتها.
وهكذا فإن من يصرُّ على أنه يريد أن يحصل على الخلاص بالأعمال الصالحة إنما يُصرُّ من دون أن يدري (والله أعلم!) أنه يريد أن يصير يهوديًا ويريد أن يهوّد غيره. ولا يوجد تفسير آخر معقول. وليس معقولًا أن يكون الحل هو أن يصبح كل البشر يهودًا ليخلصوا. فلا شك أن الله خلق البشر ليكونوا أعراقًا أو أجناسًا مختلفة متنوعي الثقافة والخلفيات.

حادثة كتابية توضح المشكلة

يخبرنا الوحي الإلهي عن أشخاص يهود كانت لهم تلك العقلية الضيّقة. "وانحدر قوم من اليهودية وجعلوا يعلّمون الإخوة (من الأمم) أنه إن لم تختتنوا حسب عادة موسى لا يمكنكم أن تخلصوا." (أعمال 1:15)
جواب إلهي
ونحن نجد رد فعل بطرس، تلميذ المسيح ورسوله، بالروح القدس، رافضًا لهذا المنطق. فقد لام هؤلاء الداعين إلى ممارسة أعمال الناموس اليهودية كأساس للخلاص. فوجّه إليهم كلامه بالروح القدس: "لماذا تجرّبون الله بوضع نِير على عنق التلاميذ (المؤمنين من الأمم) لم يستطعْ آباؤنا ولا نحن أن نحمله. لكن بنعمة الرب يسوع نؤمن أن نخلص كما أولئك أيضًا." (أعمال 10:15-11)
وهكذا يعترف الرسول بطرس بأنه ما من أحد من اليهود احتمل نير الشريعة اليهودية، وأنهم لم ينجحوا في حفظه تمامًا. ومن الجدير بالذكر أن علماء الشريعة اليهودية حسبوا أنها تتضمن ما لا يقل عن 613 وصية تغطي مجالات مختلفة ومعقدة من الحياة. فهل من عاقل يريد بعد هذا أن يضع هذا النير في أعناقنا؟

لا تعمل من أجل الخلاص، فهو موجود!

وملخص القول هو أن الخلاص ليس بأعمال صالحة كثيرة، وإنما بعملٍ صالح واحد أكمله المسيح على الصليب. ونحن لا نعمل حتى يصنع كل واحد منا خلاصه بنفسه، فالخلاص موجود. وهو خلاص المسيح لا يحتاج إلى تكميل أو تعديل أو تبديل. وكل ما علينا هو أن نقبله عطيةً مجانية من الله. ومن غير المطلوب أو اللائق أن يدفع المرء ثمن الهدية.
استجابـة: أشكر الله لأنه لم يتركك لفخ مبدأ الأعمال الصالحة، بل صنع لك خلاصًا حقيقيًا ثمينًا. واطلب من المسيح أن يدخل قلبك وحياتك، وأن يعينك على عمل ما يرضيه، وأن يرشدك في حياتك الجديدة معه.

المجموعة: حزيران (يونيو) 2016

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

247 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10473684