Voice of Preaching the Gospel

vopg

الأخت أدما حبيبي لفتت نظري مؤخرًا صورة كاريكاتورية نُشرت يومًا على صفحة التواصل الاجتماعي يسأل فيها المتكلم من على المنبر مجموعة من الناس الحاضرين في القاعة: هل تريدون التغيير؟ فرفع الجميع أيديهم في الهواء إعلانًا على مدى رغبتهم في التغيير.

لكن حين عاد القائد وسألهم: من منكم يا ترى مستعد بأن يتغير؟ ساد الصمت القاعة ولم يعترف أحد قطُّ بحاجته إلى ذلك.

 

 التغيير مطمح الأكثرية والكل يُظهر ذلك أو يتظاهر بذلك. لكن لنسأل بصدق وإخلاص: هل حقًا نحن مستعدون لهذا الاختراق الحقيقي Breakthrough في أعماقنا؟ فالتغيير الصحيح لا بدَّ أن يحدث في داخلنا ويخترق كياننا الداخلي فيقلبه رأسًا على عقب! أو ربما سيقوم هذا الاختراق بهدم كل ما بنيناه من أسوار حول أنفسنا، ويقتلع كل ما تراكم عبر السنين من رواسب وعادات وممارسات اعتدنا عليها حتى صارت جزءًا من كياننا وشخصيتنا! هذا هو التغيير المطلوب، تغيير الداخل وليس الظاهر، التغيير الذي يخترق القلب فيهزّ فيه المشاعر والأحاسيس والأفكار والمواقف والتصرفات والعلاقات وإلى ما هنالك من جوانب في حياة كل واحد منا. والمعني بهذا التغيير هو أنا وأنت وكل من صار له باعٌ طويل ومديد في الإيمان، أجل الإيمان بشخص الفادي المسيح الذي منحه الخلاص المجاني وجعله ابنًا أو ابنةً لله الآب المحب. نعم، نحن (المؤمنين) نحتاج إلى نفحة جديدة من روح الله لتخترق أعماقنا وأرواحنا فتجري فيها المعجزة من جديد. وإلا، فإننا سنظلُّ قابعين في أماكننا دون أن نُحرز أيَّ تقدم في حياتنا أو نمو في أرواحنا.  لقد ذكَّرني هذا التعبير (المراوحة) بمدربة الفتوة في الصف الثاني عشر (البكالوريا) في المدرسة في دمشق. إذ كانت تقوم بتدريبنا تدريبًا جديًا في عرض الباحة ، وأحيانًا كانت توعز لنا بأن نراوح في أمكنتنا، فنقوم نحن الطالبات بالمراوحة في أماكننا دون أن نتقدم ولا قيد أُنملة. وإذا حدث وتركتنا نراوح هكذا لمدة من الوقت، كان التعب يأخذ منا كل مأخذ وسرعان ما تُنهك قوانا. فأن نبقى هكذا نراوح في أماكننا دون أن نحرز أيَّ تقدُّم كان لا بدَّ أن تكون نتيجته الحتمية تراجعًا بالفعل، بسبب التعب الذي حلّ فينا. 

هذه أفكار تزاحمت في رأسي مؤخرًا، خاصة أنَّ موضوع الاختراق أو Breakthrough هو عنوان تأملاتنا في اجتماع السيدات في الكنيسة هنا في غلنديل في هذه السنة الدراسية. وحين خلوت إلى نفسي بعيدًا عن ضوضاء وضجيج الحياة ومشاغلها اليومية، أحسست بأهمية التغيير اليومي فيَّ أنا. ففاضت عندها روحي بأشواق حقيقية لهذا التغيير الذي لا يجريه إلا الروح القدس في الكيان والأحاسيس والذهن. وتذكرت عندها كلمة الله المقدسة التي جاءت على فم إشعياء النبي حين نصح الشعب في القديم قائلًا: "بالرجوع والسكون تخلصون، بالهدوء والطمأنينة تكون قوتكم." (إشعياء 15:30) إذن لن نحظى بهذا التغيير في الداخل ما دمنا اعتدنا على حالتنا وراوحنا مكاننا ولا زلنا منخرطين في خضم الحياة ومأخوذين بمتطلباتها الكثيرة. عندها خلوت فعلًا إلى نفسي، بعيدًا عن الناس، ودوَّنت هذه الكلمات عن أهمية النأي بالنفس وكتبت:

"النأي بالنفس تعبير سمعناه ولا زلنا نسمعه يتردد على لسان السياسيين والزعماء. ولقد أخذ هذا التعبير هالة خاصة حين صار يستخدمه الكثيرون في جلساتهم وحواراتهم ونقاشاتهم عبر وسائل الإعلام. لكن هل ترانا ننأى نحن حقًا بأنفسنا حين نشعر في أعماقنا أننا نغوص في معترك الحياة ومشاغلها الكثيرة؟ هل ننأى بأنفسنا بعيدًا عن ضوضاء الحياة فنختلي هناك في غرفة خاصة تسمَّى غرفة الصلاة؟ وهناك نسلِّط الضوء عليها ونفحص دواخلنا؟ هناك في غرفة الصلاة نبث شؤوننا وشجوننا لأبينا السماوي المحب، الذي وحده يعلم كل شيء ولا يخفى عليه شيء! نعم، نفحص أفكارنا ونمتحن سلوكنا وتصرفاتنا وكذا مواقفنا وكلَّ ما يصدر عنا؟ هل ننأى بأنفسنا ونطلب بكل انكسار وتواضع من الله ونقول: "اختبرني يا اَلله واعرف قلبي، امتحني واعرف أفكاري وانظر إن كان فيَّ طريق باطل واهدني طريقا أبديَّا." (مزمور 23:139-24) 

"النأي بالنفس بحاجة إلى قرار شخصي هناك في غرفتك المنعزلة عن الناس، عسانا عندها نُفرغ أنفسنا مما فيها من مياه آسنة راكدة، ونعود لنملأها من جديد بماء الحياة الفياض الذي هو كلمة الله المقدسة والمنقية والممحِّصة والحية. عندها نكون على استعداد لمواجهة يوم جديد بغضِّ النظر عمَّا يحمله إلينا من مفاجآت سارة أو مؤلمة. فنتصرف بشكل صحيح، وننطق الكلمات المناسبة اللطيفة، ونتبنَّى المواقف المشرّفة التي تعكس صورة الرب يسوع المسيح فينا. فلننأَى إذن بأنفسنا ولا نتقاعس لأننا إذا فعلنا ذلك نكون من الرابحين." 

 

المجموعة: تموز (يوليو) 2016

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

484 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10476764