Voice of Preaching the Gospel

vopg

الأخ إحسان بهنامإن كلمة «إنقاذ" تعني تخليص نفس وتنجيتها من شرٍّ أو هلاكٍ أو عدوّ. ومن أحد معاني الخلاص ومرادفاته في الكتاب المقدس هو الإنقاذ، ويتحدث عن الخلاص الأبدي الذي يهبه الله مجانًا، ويقدمه بنعمته ومحبته لكل خاطئ يشعر بثقل خطاياه ويدرك بأنه هالك وليس له منقذ إلا يسوع المسيح، وبذلك تتعطش روحه لماء الحياة، إذ يقبل بقلب مفتوح إنجيل الله.

أودّ أن أقرّب لك معنى الخلاص أو الإنقاذ بحادثة هزت العالم، وقعت في تشيلي في منجم للذهب بصحراء أتاكاما في الخامس من آب عام 2010 حيث احتجز 33 عاملًا تحت الأرض بعمق 700 متر، عندما حدث انهيار في المنجم وأُغلقت جميع المخارج.

لقد تم احتجازهم في ظلمات تشبه ظلمات القبور، حيث الحرارة العالية والرطوبة الخانقة، وأطبق عليهم كابوس الموت. لقد كانوا في جُبّ الهلاك، ولم يقدروا أن ينجّوا أنفسهم إذ ليس لهم وسيلة للنجاة ولم يستطع أحد من ذويهم أو أحبائهم تقديم أي مساعدة. قال أحد الآباء، وهو عامل منجم سابق، أنّ لديه شابين في المنجم المنكوب، ويشعر بأنه عديم الفائدة إذ لا يقدر أن يفعل شيئًا لمساعدتهما!

وحدث انهيار آخر فتّت قضيب التهوية الذي قلل من احتمال بقائهم على قيد الحياة، وجعل عملية الإنقاذ أكثر صعوبة. ولم يستطع فريق الإنقاذ في البداية أن يفعل أي شيء، وأصبح طريق الوصول إليهم مغلقًا تمامًا. فيا للمأساة! كانت أخبارًا مفجعة تركت عائلات المفقودين منكوبة بالحزن لأيام عديدة!

لقد كانوا كعصافير أطبق عليهم الفخ، أو سقطوا في جبّ عميق فزعين وقاصرين عن فعل أي شيء للخروج من الهاوية السحيقة، مقيدين في سجن أبدي تحت الأرض، وفم الموت ينتظرهم. وكان لسان حال كل واحد منهم يتساءل: «هل سأهلك؟ هل من منقذ؟ هل سأرى نور الحياة من جديد؟"

والآن يا عزيزي القارئ، دعني أضع نفسي في مكانهم محاولًا أن أكتشف مشاعرهم المرتعبة. فإذا تخيّلتُ ما كان يجيش فيهم من هواجس ومخاوف، لأحسست بنفس المشاعر، ونطقتُ بمثل تلك الكلمات، ولكانت خلجات قلبي تُردّدُ: ماذا أفعل؟ ماذا بعد أن أموت؟ كيف أخلص؟ أو هل ستعبر عني الدينونة بعد موتي؟ هل أنا مستعد للقاء الله؟ أسئلة من هذا القبيل لا بد أن تتوارد في ذهن من يدخل في محنة مثل هذه، ليخْلُص بأن الحلّ لا بد أن يأتي من فوق، ويجيء من مُحبٍّ يُثمّن نفوسنا بأننا غالون جدًا جدًا على قلبه!
وما حدث هو رسالة لنا نحن أيضًا، فإذا طبقنا ذلك من الناحية الروحية فيما يقوله الكتاب المقدس لوجدنا أن الإنسان هو خاطئ وفي هوة سحيقة فصلته عن الله، وبسبب الخطية أصبح مسجونًا لا يقدر أن يفك نفسه من قيود الخطية ولا من سجن إبليس. وكما كان أولئك العمال المساكين بحاجة إلى خطة عظيمة للخلاص، هكذا الإنسان الطبيعي أيضًا بحاجة إلى المحرر العظيم لكي يفكه من قيوده، ويصعده من جب الهلاك، ويطلقه حرًا من سلطان إبليس.

ذكرت الأخبار بأن أولئك العمال قد دُفنوا وهم أحياء. وكذلك يذكر الكتاب المقدس عنا نحن الخطاة بأننا "أموات في الذنوب والخطايا." وبما أن الميت لا يقدر أن يعمل شيئًا ليخلص إنما يحتاج إلى حياة من الله ليقوم، هكذا الخاطئ يحتاج إلى من يحييه ويخرجه من قبر خطاياه.

كان أولئك العمال في منجم للذهب والنحاس، ولكن ما فائدة المعادن النفيسة؟ هل تقدر أن تنقذهم؟ يعلمنا الكتاب المقدس أن ثمن فدية الإنسان كريمة جدًا: "وكريمة هي فدية نفوسهم، فغلقت إلى الدهر." (مزمور 8:49) فالإنسان لا يقدر أن يتكل على غناه في موضوع الخلاص، ولا يقدر أن يدفع ثمن فديته من الخطية لأن «أجرة الخطية هي موت." لذلك يحتاج إلى الفادي الذي يستطيع أن يدفع ثمن الخطية ويفكه من أسره.

أخذ رئيس جمهورية تشيلي على عاتقه مسؤولية البحث عن العمال إذ قال: "سوف نبحث عنهم كأبنائنا." فيا لها من إرادة سامية وقلب محب!

كانت الخطة الأولية هي أن يحفروا في الصخر لإنزال أنبوب يحمل مجسًّا لمعرفة ما إذا كانوا أحياء أم لا. كان ذلك العمل شاقًا جدًا! فبعد أن وصل المجسّ إلى أسفل المنجم كتب أحد العمال رسالة تقول: "نحن جميعنا أحياء!" وعندما وصلت الرسالة إلى أعلى عمّت الفرحة فريق الإنقاذ وعاد الرجاء إلى أهل الضحايا. بعد ذلك تم توسيع الفتحة لإرسال الطعام والماء وبعض الأدوية لمعالجة أجسادهم. ثم تركزت الخطة بأن يحفروا فتحة قطرها أكبر وإنزال كبسولة معدنية تتسع لشخص واحد متصلة برافعة، وكانت مزودة بأوكسجين، وأيضًا بضوء وخوذة يلبسها كل ناجٍ من المولودين الجدد! ولكي يطمئن العمال المحتجزين بشكل أفضل، قام أحد المنقِذين ونزل أولًا بتلك الكبسولة، وعندما وصل إلى أسفل احتضنه الجميع إذ علموا أنّ نجاتهم باتت وشيكة.

لقد سُميّت هذه العملية بعملية الإنقاذ، وفيها تشبيه بموضوع النجاة من الدينونة الأبدية، وبخطة الله الرائعة والعظيمة التي تظهر محبته وإرادته في إنقاذ الخطاة المحتجزين في الظلمات. "الجلوس في الظلمة وظلال الموت موثقين بالذل والحديد." (مزمور 10:107)

لقد كانت تلك الخطة هي وسيلة النجاة الوحيدة التي نجا بها كل المحتجزين الذين خرجوا أحرارًا فرحين شاكرين النعمة التي وصلت إليهم. قال واحد منهم: لقد كانت معجزة إلهية، لقد وُلدوا من جديد لحياة جديدة! وكذلك أيضًا في موضوع الخلاص إذ يقول الكتاب المقدس: "إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة: الأشياء العتيقة قد مضت، هوذا الكل قد صار جديدًا." (2كورنثوس 17:5)

وكما أنّ خلاص المحتجزين من النفق المظلم جاء من فوق، هكذا أيضًا خلاص الله للإنسان أتى من السماء؛ فالمسيح نزل من السماء وجاء إلينا لكي «يطلب ويخلِّص ما قد هلك."
كان أولئك البؤساء في حالة حزن وكآبة قلب ينتظرون راجين أن يسمعوا عن خطة لإنقاذهم. هكذا أيضًا كل إنسان عندما يدرك في قرارة نفسه بأنه مدان بسبب الخطايا وأنه محتجز في نفق يؤدي إلى الهلاك الأبدي، لا يفرح إلا عندما يسمع الأخبار السارة بأن المسيح يسوع جاء خصيصًا من أجل نجاته. حقًا إنّ يسوع قد جاء لكي يطلب ويخلّص ما قد هلك.

لقد كلفت خطة الإنقاذ حوالي 20 مليون دولار. كان الثمن مكلفًا جدًا! وكذلك نحن أيضًا، المُنقذينَ والمُحرَّرينَ والمُخلَّصين من قيود الخطية ودينونتها، كانت كلفة إنقاذنا باهظة جدًا، لا تعادَل بأموال العالم كله، إذ كلّفت المسيح أن يموت موت صليب العار حاملًا خطايانا، سافِكًا دمه الكريم من أجل تطهيرنا.

لقد وضع كل محتجز ثقته وإيمانه بتلك الكبسولة إذ وقف فيها وآمن بأنه سيصعد وينجو لأن هناك من نزل فيها أولاً. والمسيح ربنا نزل من السماء لكي يحررنا ويصعدنا إلى السماء. وهذا ما يحدث أيضًا مع كل خاطئ يضع ثقته بما صنعه يسوع المسيح على الصليب - الذي حمل عنا كل الدينونة التي نستحقها، وقام من الموت لكي يبررنا، ويهبنا النجاة - يخرجنا إلى حياة جديدة وإلى حياة أبدية.

كان العمال غارقين في الظلام ثم خرجوا إلى النور. وقد قال الرب يسوع: «أنا قد جئت نورًا إلى العالم، حتى كل من يؤمن بي فلا يمكث في الظلمة." (يوحنا 46:12)

كانوا في عداد الموتى مدفونين تحت عمق 700 متر تقريبًا ومسدودًا عليهم طريق الخروج، لكنهم خرجوا أحياء بعملية إنقاذ! قال الرب يسوع: "من يؤمن بي فله حياة أبدية ولا يأتي إلى دينونة بل قد انتقل من الموت إلى الحياة." (يوحنا 24:5)

كانوا محبوسين في تلك الهوة السحيقة ولكنهم خرجوا منها بحرية. إن يسوع المسيح هو المحرر الوحيد الذي قال: "وتعرفون الحق والحق يحرركم... فإن حرركم الابن فبالحقيقة تكونون أحرارًا." (يوحنا 32:8 و36)

كانوا في حالة غم وحزن وخرجوا بفرح وهتاف. والرب يسوع يهب الذين يخلصهم فرحًا لا ينطق به ومجيد. كانوا في حالة من الخوف وخرجوا بسلام. والرب يسوع يمنح السلام "فإذ قد تبررنا بالإيمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح." (رومية 1:5)

عندما وصل كل ناجٍ إلى أعلى كان بين جمهور الحاضرين رئيس تشيلي الذي قام باحتضان كل واحد منهم، قائلًا لهم: «مرحبًا بكم في الحياة." فيا لها من مشاعر أبوية تُظهر تواضع ومحبّة الرئيس لخلاص المساكين. وهذا العمل يذكرنا بالمثل الذي قاله الرب يسوع عن الابن الضال إذ ركض الآب ليحتضن ابنه الراجع إلى بهجة الحياة.

والسؤال الذي طرحه الله قديمًا لا يزال يطرح نفسه: "هل قصرت يدي عن الفداء؟"

حاشا يا رب، لقد صنعت بنفسك خلاصًا وفداءً عظيمًا. وكأن الله يقول لكل من لم ينجُ: لماذا لا تزال محتجزًا في خطاياك في عبودية إبليس المريرة؟ والسؤال الآخر الذي طرحه: أليست لديّ قوة للإنقاذ؟ فقد شهد أحد ملوك فارس قائلًا: «هو ينجي وينقذ ويعمل الآيات والعجائب." إنه القادر على كل شيء، والمنقذ الوحيد من الهلاك الأبدي.

فإذا كان الرب يسوع ينجي وينقذ ويصنع العجائب إذ ينزع القلوب الحجرية ويستبدلها بقلوب جديدة، فلماذا يعيش الكثيرون في معسكر الشيطان؟

لقد نجا جميعهم، ثلاثة وثلاثون عاملًا. كان كل واحد يشتاق أن يصعد أولًا في الكبسولة. كان كل واحد منهم يريد الخروج، ويثق بأن هذه هي الوسيلة الوحيدة للنجاة، ورفْضُ تلك الوسيلة يعني الهلاك المحتم.

إن شعور المحتجزين بأنه ليس هناك سبيل آخر للإنقاذ، وَلّدَ في قلوبهم ثقة اليقين الذي دفع كل واحد أن يعتمد على الخطة النازلة من فوق، أي على الكبسولة المعدنية. وكذلك فيما يتعلق بالخلاص والنجاة من الدينونة. فإذا شعر أي إنسان بثقل خطاياه وأدرك أن المسيح يسوع هو المخلص الوحيد الذي صنع الخلاص العظيم فوق الصليب، ووضع ثقته أي إيمانه بيسوع، وأظهر في قلبه شغفًا للحرية من الخطية المالكة على قلبه، فإن الرب يسوع يخلصه في الحال.
ولا بد لي من أن أشير إلى نقطة خطيرة وهي أن كثيرين يقرأون هذا الكلام ويقولون نحن نؤمن به، ونؤمن بأن يسوع هو المخلص الوحيد، وهذا كلام رائع وجميل ولكن لنحذر من أن يكون هذا الكلام مجرد ترديد لسان فقط بينما رغبات قلبه الجسدية تتناقض مع ما يدّعيه؛ مثل هذا الإنسان يخدع نفسه. فلتكن أقوالنا متطابقة مع دوافع قلوبنا، ولكي أوضح ذلك بأكثر تفصيل، أقول لك: تصوّر أنّ أحد أولئك العمال قال وهو في المنجم: نعم، أنا أثق بأن تلك الكبسولة المعدنية هي الطريقة الوحيدة للنجاة ولكنه بقي خارجها واكتفى بترديد الكلام عينه عشرات المرات دون أن يدخل فيها، فهل سينجو؟ أعتقد إنّ الكل يتفق على الجواب الصحيح وهو «كلّا"، بل سيهلك حتمًا.
فالإيمان العقلي لا يكفي للخلاص إذ يحتاج الإنسان أن يؤمن ويقبل المسيح مخلصًا شخصيًا. وهذا يتم حين تأتي إلى الرب يسوع وتصلي بصدق طالبًا خلاص الله وغفرانه قائلاً:
يا رب، ارحمني أنا الخاطئ. اغفر لي خطاياي وسامحني وغيّر حياتي باسم الفادي يسوع، آمين.

المجموعة: تشرين الأول (أكتوبر) 2016

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

205 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10572106