Voice of Preaching the Gospel

vopg

الدكتور أنيس بهنامأولاً: العالم

كلمة العالم ترد في الكتاب المقدس في ثلاثة معاني:

1. العالم بمعنى الكون: أي الخليقة، كما جاء في عبرانيين 2:1 "الذي به (أي المسيح) أيضًا عمل العالمين." وأيضًا في أعمال 24:17 "الإله الذي خلق العالم وكل ما فيه." من الواضح أن هذا العالم ليس عدوًا لنا.

2. العالم بمعنى الجنس البشري: "لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد، لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية." هذا العالم علينا نحن أيضًا أن نحبه ونرغب في قيادته لمعرفة الرب يسوع المسيح المخلص الوحيد.

3. العالم بمعنى شهوات العالم ومغرياته: كما جاء في رسالة يوحنا الأولى 15:2-16 "لا تحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم. إن أحب أحد العالم فليست فيه محبة الآب. لأن كل ما في العالم: شهوة الجسد، وشهوة العيون، وتعظم المعيشة، ليس من الآب بل من العالم. والعالم يمضي وشهوته، وأما الذي يصنع مشيئة الله فيثبت إلى الأبد."
كلما انجذب المؤمن إلى محبة العالم حرم نفسه من التمتع بمحبة الله، الآب السماوي الذي أحبنا ويحبنا وسيحبنا إلى الأبد. محبة الله تمنحنا قوة روحية تلزمنا في حياتنا على هذه الأرض. أما محبة العالم فهي تحرمنا من التمتع بمحبته. فيصبح المؤمن ضعيفًا، ويجده إبليس فريسة سهلة له. قال الرسول بولس: "فإنّي متيقّنٌ أنّه لا موْت ولا حياة، ولا ملائكة ولا رؤساء ولا قوّات، ولا أمور حاضرةً ولا مسْتقْبلةً، ولا علْو ولا عمْق، ولا خليقة أخْرى، تقْدر أنْ تفْصلنا عنْ محبّة الله الّتي في الْمسيح يسوع ربّنا." (رومية 38:8-39) فإن كانت محبة الله لنا ثابتة ولا تتغيّر أبدًا، هل يليق بنا أن نسمح لأي شيء من شهوات العالم أن يعطل محبتنا له؟ كل شهوات العالم هي زائلة وباطلة وخدّاعة. ويستخدمها الشيطان – إذا سمحنا له – لكي يغلبنا في حربنا الروحية. إن الله أعطانا بصيرة روحية، وهذه البصيرة الروحية ترى ما لا يُرى. "ونحن غير ناظرين إلى الأشياء التي تُرى، بل إلى التي لا تُرى. لأن التي تُرى وقتية، وأما التي لا تُرى فأبدية." (2كورنثوس 18:4) لقد سقط الجنس البشري في الخطيئة حين رأت حواء أن الشجرة جيدة للأكل (شهوة الجسد)، وأنها بهجة للعيون وشهية للنظر (شهوة العيون)، وصدّقت كلام الحية، أي الشيطان، إذ قال إنه يوم تأكلان منها تكونان كالله (تعظّم المعيشة) انظر تكوين 4:3-7.
محبة العالم تشمل محبة المال التي هي أصل لكل الشرور (راجع 1تيموثاوس 9:6-10). ومحبة الشهرة وهي تدل على أن المؤمن المغلوب منها قد نسي الامتيازات الروحية الثمينة التي له.

ثانيًا: إبليس

ويُدعى الشيطان لأنه المقاوم لله ولأولاد الله. كما يُسمّى الحية (تكوين 3)، والحية القديمة (رؤيا 12) بسبب مكره وخداعه، والتنين (رؤيا 12) لقوته في عمل الشر. ويوصف أيضًا كأسد يجول ويزأر ويريد أن يبتلع المؤمن "اصحوا واسهروا. لأن إبليس خصمكم كأسد زائر، يجول ملتمسًا من يبتلعه هو. فقاوموه، راسخين في الإيمان." (1بطرس 8:5-9) من كل هذا نرى أنه عدو لا يستهان به، فهو "رئيس هذا العالم." (يوحنا 31:12؛ 11:16) ولكن ربنا وفادينا يسوع المسيح بموته على الصليب انتصر عليه أباد "بالموت ذاك الذي له سلطان الموت، أي إبليس." (انظر عبرانيين 14:2) وأيضًا انتصر على أعوان إبليس "إذ جرّد الرياسات والسلاطين أشهرهم جهارًا، ظافرًا بهم فيه (أي في الصليب)." (كولوسي 15:2) ولنا هذا الوعد في الكتاب المقدس: "وإله السلام سيسحق الشيطان تحت أرجلكم سريعًا." (رومية 20:16) ولكن مع أن مصيره الطرح في البحيرة المتقدة بنار وكبريت، ومع أنه الآن عدو مهزوم، إلا أنه يحاول أن يوقع المؤمن في الخطيئة. فهو الذي وضع في قلب حنانيا أن يكذب على الروح القدس، مما أدى إلى موته وموت سفيرة زوجته (أعمال 1:5-11). وهو لا زال يعمل هو وجنوده الأشرار، ويزداد نشاطه الآن إذ يعلم أن له زمانًا قصيرًا. يستخدم الشيطان أحيانًا مكره وخداعه ليوقع الإنسان في الخطيئة. وأحيانًا قسوته وبطشه إذ يحرك الأشرار لاضطهاد المؤمنين. كل هذا يقوم به إبليس لأنه عدوّ الرب يسوع المسيح وبالتالي عدوّ أتباع المسيح. فمحبة العالم ضد محبة الآب، وإبليس ضدّ الابن، الرب يسوع المسيح. ولكن إن كنا نلبس سلاح الله الكامل (انظر أفسس 10:6-20) فإننا سننتصر عليه. وهذا سيكون موضوعنا في مرة قادمة، إن شاء الرب وعشنا. لنا أن نثق بأنه ما دمنا في شركة حية مع الرب يسوع المسيح، فإننا بكل تأكيد سنحيا حياة الانتصار على هذا العدو.

ثالثًا: الجسد

فكما أن كلمة "العالم" لها معاني مختلفة في الكتاب المقدس، كذلك كلمة "الجسد". فهي أحيانًا تشير إلى جسم الإنسان الذي هو عطية من الله، يقول عنها الكتاب المقدس: "مجدوا الله في أجسادكم." (1كورنثوس 20:6) وفي أفسس 29:5 "فإنه لم يبغض أحد جسده قط، بل يقوته ويربّيه." ولكن كلمة "الجسد" تشير أحيانًا إلى الطبيعة القديمة الساكنة فينا التي تسمّى أيضًا "الإنسان العتيق". وإذا صحّ لي أن أبدي رأيًا فإنني أقول إن هذا أخطر عدو للمؤمن. وكلما تقدّم المؤمن في نموّه الروحي وفي تمييزه للأمور، فإنه سيختبر خطورة هذا العدو. رأينا فيما سبق أن العلاج ضد محبة العالم هو محبة الآب، وأن الانتصار على إبليس هو أن نقاومه فيهرب منا. أما العلاج الوحيد لهذا العدو الساكن فينا هو أن يوضع دائمًا على الصليب. فهو الحكم على الذات بالموت. "مع المسيح صُلبت، فأحيا لا أنا، بل المسيح يحيا فيّ." (غلاطية 20:2) هذا الإنسان العتيق يبقى فينا ما دمنا على هذه الأرض، ولكننا نستطيع أن نُبطل عمله. يقول الروح القدس في غلاطية 24:5 "ولكن الذين هم للمسيح قد صلبوا الجسد مع الأهواء والشهوات." هذا الإنسان العتيق - أي الطبيعة القديمة الساقطة - يحبّ الافتخار ويُعجب بمديح الناس. فبدل أن يكون المجد كله للرب، يريد أن يمجّد ذاته. لقد أنذر الرسول بولس المؤمنين في كورنثوس بهذا الخصوص، مذكّرًا إياهم أن المواهب الروحية هي عطايا من الله. فقال: "لأنه من يميّزك؟ وأي شيء لك لم تأخذه؟ (أي إنه عطية من الله ولست أنت مصدره). وإن كنت قد أخذت، فلماذا تفتخر كأنك لم تأخذ (أي كأنك أنت مصدره)؟" (1كورنثوس 7:4) هذا الافتخار بالمواهب، والرغبة في مديح الناس وإعجابهم هو معطِّل كبير في عمل الرب، ولكنه للأسف الشديد منتشر بين المؤمنين. وعلاجه الوحيد هو أن توضع الذات على الصليب. وهو أمر ليس هيِّنًا على طبيعتنا. قال الرسول بولس: "وأما من جهتي، فحاشا لي أن أفتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح." (غلاطية 14:6) هذا العدو ساكن فينا ويحاول أن يفسد عمل الرب. وهو يختلف عن العدوين الأولين في كونه لا يفارقنا. فالشيطان يحاربنا ولكن إذا قاومناه يهرب. والعالم يفقد تأثيره إذا أذعنّا لما جاء في رسالة يوحنا الأولى 1:3 "انظروا أية محبة أعطانا الآب حتى نُدعى أولاد الله!" وأما الجسد فهو كامن فينا. ولكن شكرًا لله لأنه أعطانا الروح القدس. وإذا سلكنا بالروح لن نكمّل شهوة الجسد (غلاطية 16:5). "إن كنا نعيش بالروح، فلنسلك أيضًا بحسب الروح. لا نكن معجبين نغاضب بعضنا بعضًا، ونحسد بعضنا بعضًا." (غلاطية 25:5-26)
كلمة ختامية: تعلمنا كلمة الله أن المسيح مات لكي ينقذنا من هذا العالم الشرير (غلاطية 4:1) وتعلمنا أيضًا أن عدونا إبليس سوف يُطرح في البحيرة المتقدة بنار وكبريت. وأن الجسد، أي الطبيعة الساقطة لن يكون لها وجود متى جاء المسيح ليأخذنا لكي نكون معه في المجد إلى الأبد. فلنبتهج ونفرح ونقول مع المرنم: "حرب قصيرة الزمن فاغلب ولا تجزع."
في المرة القادمة، إن شاءت مشيئة الرب سنتكلم عن سلاح المؤمن.

المجموعة: تشرين الأول (أكتوبر) 2016

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

134 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10474241