Voice of Preaching the Gospel

vopg

الدكتور القس لبيب ميخائيلآيتان يجب أن نقف عندهما ونطيل التأمل فيهما:
"فولدت ابنها البكر وقمّطته وأضجعته في المذود، إذ لم يكن لهما موضع في المنزل." (لوقا 7:2)
"ولكن الذي وُضع قليلًا عن الملائكة، يسوع، نراه مكللًا بالمجد والكرامة، من أجل ألم الموت، لكي يذوق بنعمة الله الموت لأجل كل واحد." (عبرانيين 9:2)

يسوع في المذود
من هو هذا الذي نراه في المذود والذي لم يكن له موضع في المنزل في بيت لحم؟!
إنه يسوع المسيح ابن الله الوحيد، الذي نقرأ عنه الكلمات: "في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة الله... والكلمة صار جسدًا وحلّ بيننا، ورأينا مجده، مجدًا كما لوحيد من الآب، مملوءًا نعمة وحقًا... الله لم يره أحد قط. الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب هو خبّر." (يوحنا 1:1 و14 و18) فالله إذ أراد في حكمته أن يعلن لنا عن ذاته أرسل إلينا ابنه الوحيد.
إن مولود بيت لحم هو ابن الله الوحيد، وذلك لأن الملائكة أبناء الله بالخلق، والمؤمنين بالمسيح أبناء الله بالتبني. أما المسيح فهو ابن الله الوحيد الذي وجد مع الآب في الأزل. وأبوّة الآب الأزلية تحتّم وجود بنوّة المسيح الأزلية. وهذا الابن الوحيد الذي كان مع الله في الأزل أرسله الله في الزمان مولودًا من مريم العذراء ليقوم بالعمل العظيم عمل الفداء.
ومولود بيت لحم هو محور نبوات أنبياء العهد القديم. فقد تنبأ إشعياء النبي عن ميلاده من عذراء (إشعياء 14:7)، وعن موته ليسدّد دين خطايا الآثمين (إشعياء 5:53)، وعن دفنه في قبر رجل غني (إشعياء 9:53)، وتنبأ ميخا عن ميلاده. ليس بعجيب أن نسمعه يقول باعتباره "العبد": "لأن أبي أعظم مني." (يوحنا 28:14) فالآب لم يصر عبدًا، أما هو فقد أخلى نفسه آخذًا صورة عبد. وفي إنجيل مرقس - وهو الإنجيل الذي يقدم المسيح العبد - يقول: "وأما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما أحد، ولا الملائكة الذين في السماء، ولا الابن، إلا الآب." (مرقس 32:13) وقد قال المسيح في موضع آخر: "العبد لا يعلم ما يعمل سيده." (يوحنا 15:15) فباعتباره "العبد" قال إنه لا يعلم بذلك اليوم ولا بتلك الساعة.
إلى هذا المستوى وضع المسيح نفسه، وولد في مذود للحيوان، ولم يعرف أحد حقيقته، فلم يرحب به أحد، ولم يكن له موضع في المنزل.
ويقف الإنسان أمام وليد بيت لحم موقف الدهشة! ابن الله الأزلي تحمله امرأة في رحمها؟! ويولد كما يولد كل إنسان؟! ويأكل، ويشرب، ويتعب، وينام؟! ويقوم جسده بكل الأعمال البيولوجية التي يعملها الإنسان؟! هنا لا بد لنا أن نقول: إن كل الدوافع الإنسانية، لا شر فيها ولا خطأ طالما استخدم الإنسان أعضاءه في الغرض الذي من أجله خُلقت. ومن يقول إن دوافع الجسد الإنساني شر، يهين الله خالق هذه الدوافع في الإنسان. ومن يؤمن باعتقاد الغناطسة القائلين بأن المادة شر، ولذا فلا يمكن أن يكون ابن الله قد تجسّد في صورة إنسان، يرد عليه يوحنا الرسول بالكلمات: "الذي كان من البدء، الذي سمعناه، الذي رأيناه بعيوننا، الذي شاهدناه، ولمسته أيدينا، من جهة كلمة الحياة. فإن الحياة أُظهرت، وقد رأينا ونشهد ونخبركم بالحياة الأبدية التي كانت عند الآب وأُظهرت لنا." (1يوحنا 1:1-2) وبهذا يؤكد بشهادة الحواس أن المسيح تجسّد في الزمان.
صار المسيح إنسانًا، وليس في صيرورته هذه ما يوصمه بأي شر أو شبه شر، ففي قدرة الملك أن يرتدي رداء الجندي ويظل ملكًا.

يسوع في المجد
وليد المذود في بيت لحم، نراه مكللًا بالمجد. لكنه قبل أن يصل إلى المجد "وإذ وُجد في الهيئة كإنسان، وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب." (فيلبي 8:2)
عندما مات المسيح على الصليب مات المسيح الإنسان الذي وُلد في بيت لحم (ميخا 2:5)، وتنبأ النبي داود عن موته مصلوبًا (مزمور 16:22)، وقال عنه بطرس الرسول: "له يشهد جميع الأنبياء أن كل من يؤمن به ينال باسمه غفران الخطايا." (أعمال 43:10)
ومولود بيت لحم هو خالق كل شيء: "كل شيء به كان، وبغيره لم يكن شيء مما كان." (يوحنا 3:1) "فإنه فيه خُلق الكل: ما في السماوات وما على الأرض، ما يُرى وما لا يُرى، سواء كان عروشًا أم سيادات أم رياسات أم سلاطين. الكل به وله قد خُلق." (كولوسي 16:1) فالمسيح خالق الكل، وله خُلق الكل.
كيف وصل هذا الوليد المجيد إلى المذود وهو نفسه "رب المجد" الذي قال في حديثه مع الآب: "والآن مجّدني أنت أيها الآب عند ذاتك بالمجد الذي كان لي عندك قبل كون العالم." (يوحنا 5:17) لقد سار يسوع المسيح في طريق الاتضاع حتى وصل إلى الدرك الأسفل - الدرك الذي وصلت إليه البشرية ليمسك بيدها ويرفعها من الوهدة التي تردّت فيها.
ويصوّر بولس الرسول الخطوات التي سار فيها المسيح حين جاء إلى أرضنا ليوفي عدالة الله حقها، ويفتح باب الرحمة للتائبين المؤمنين به، ليكون الله بارًا، ويبرر الذين يؤمنون بابنه يسوع المسيح. فيقول عن المسيح: "الذي إذ كان في صورة الله، لم يحسب خلسة أن يكون معادلًا لله. لكنه أخلى نفسه، آخذًا صورة عبد، صائرًا في شبه الناس." (فيلبي 6:2-7)
كانت أول خطوة في اتضاع يسوع المسيح أنه أخلى نفسه. هو بالقطع لم يخلِ نفسه من لاهوته، ففي تجسده كان هو الإله الكامل، والإنسان الكامل في ذات الوقت. وبينما كان على الأرض كان أيضًا في السماء كما قال لنيقوديموس: "وليس أحد صعد إلى السماء إلا الذي نزل من السماء، ابن الإنسان الذي هو في السماء." (يوحنا 13:3) لكنه أخلى نفسه من المجد الذي كان له، أي ترك رداء مجده في السماء، ليأخذ صورة عبد على الأرض. لذلك فإن اللاهوت لا يموت، والذي يقول عن جهل: كيف تقولون إن المسيح هو ابن الله، والخالق العظيم أزلي الوجود، وتقولون إنه مات؟! ومن كان يحكم الوجود خلال وجوده في القبر ثلاثة أيام وثلاث ليال؟! يجب أن يعرف هذا الإنسان أن الذي مات هو المسيح "ابن الإنسان"، ومات نائبًا عن الإنسان. أما لاهوته فهو منزّه عن الموت. وبعد أن مات المسيح على الصليب ارتفع إلى السماء التي نزل منها. لأنه هو الذي قال لتلاميذه: "فإن رأيتم ابن الإنسان صاعدًا إلى حيث كان أولًا!" (يوحنا 62:6) كان المسيح في السماء، ونزل من السماء، وصعد إلى السماء! لذلك قال عنه كاتب الرسالة إلى العبرانيين: "ولكن الذي وُضع قليلًا عن الملائكة، يسوع، نراه مكللًا بالمجد والكرامة، من أجل ألم الموت، لكي يذوق بنعمة الله الموت لأجل كل واحد." (عبرانيين 9:2)
فعلى الصليب ذاق المسيح الموت لأجل كل واحد من الذين يؤمنون به. كانت خطايا كل واحد معروفة عنده قبل ولادة ذلك الإنسان، فالزمن عند الله كله "حاضر". وحمل هو بعلمه السابق خطايا الذين سيؤمنون به على الصليب كما يقول بطرس الرسول: "الذي حمل هو نفسه خطايانا في جسده على الخشبة، لكي نموت عن الخطايا فنحيا للبر." (1بطرس 24:2)
لهذا وُلد المسيح في بيت لحم. ولهذا نزل من مجده الأسنى ليولد في مذود للحيوان لكي يقبله كل من يسمع عنه. وبقبوله ينال الحياة الأبدية، ويعيش الحياة المقدسة التي تمجد اسم فاديه العظيم. "وهو مات لأجل الجميع كي يعيش الأحياء فيما بعد لا لأنفسهم، بل للذي مات لأجلهم وقام." (2 كورنثوس 15:5)
فلمن تعيش؟
هل تعيش لنفسك، ولشهواتك، ومطامعك، ولذّاتك؟ أم تعيش للمسيح الذي من أجلك أخذ صورة عبد ووُلد في بيت لحم، ومات على الصليب وقام؟!
سؤال أنت وحدك تستطيع الإجابة عليه!

المجموعة: كانون الأول (ديسمبر) 2018

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

104 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10607984