Voice of Preaching the Gospel

vopg

الدكتور أنيس بهنامإن الصورة التي يضعها أمامنا الوحي المقدس بخصوص مجنون كورة (أي بلدة) الجدريين المدوّنة لنا في إنجيل متى 8 ومرقس 5 ولوقا 8. هي في الحقيقة صورة لما تعمله الخطيئة في الإنسان. ولنا فيها دروس يجب أن تؤثر على مشاعرنا، وتقودنا إلى الشفقة على الإنسان العائش في الخطيئة، الذي جعلته الخطيئة عبدًا أسيرًا لها بدون أن يدرك ذلك.

والآن لنلاحظ بعض ما جاء عن هذا الإنسان المسكين في كلام الله لكي نمتلئ بالغيرة على خلاص النفوس.

أولاً: الخطيئة تؤدي إلى الجنون
والحقيقة أنه ليس هناك جنون أفظع من الجنون الذي تسبّبه الخطية. كم من شاب عزيز على والديه، حطّمت الخطيئة حياته، وسببت له الفشل في الدراسة، وفي الزواج. وربما أدّت به إلى السجون؟ لقد سمعنا في هذه الأيام عن رجال مشاهير ذوي مراكز عالية، سقطوا في الشهوات الجنسية فأفسدت سيرتهم التي أصبحت موضوع وسائل الإعلام. فقاسوا من فقدان مراكزهم، كما أفقدتهم جزءًا كبيرًا من ثروتهم. ألم يقل سليمان الحكيم أنه بسبب امرأة زانية قد يفتقر الإنسان إلى رغيف خبز (أمثال 26:6).

ثانيًا: العار
كان مجنون الجدريين لا يلبس ثوبًا. هناك علاقة بين العري والعار. لذلك ترد في الكتاب المقدس عبارة "خزي عريتك." (رؤيا 18:3) فكما أن عار الشعوب هو الخطيئة، كذلك هي عار الأسرة وعار الأفراد. حين اقتحم أمنون أخته ثامار قالت له: "يا أخي لا تذلّني... لا تعمل هذه القباحة. أما أنا فأين أذهب بعاري وأما أنت فتكون كواحد من السفهاء في إسرائيل." (انظر 2صموئيل 12:13-13) كان أمنون الابن البكر للملك داود. ولكن الخطيئة تجلب العار على الملوك وعلى الفقراء على حد سواء. لا يسعنا المجال أن نطيل الكلام في هذا الأمر. فهو حقيقة خطيرة ومعروفة لنا جميعًا.

ثالثًا: تقيّد الإنسان بسلاسل
ولكن السلاسل لا تنجح في علاج مرض الخطيئة. هذا المرض الذي أصاب جنسنا البشري. كم من السلاسل استخدمت لتمنع الإنسان من السقوط في الخطايا والجرائم، ولكنها كلها قد فشلت. فلا العلاج النفساني ولا السجون ولا الجلد وأنواع التعذيب نجحت في تحرير الإنسان من سلطة الخطيئة وعواقبها الفظيعة. كل القوانين لم تستطع أن تشفي الإنسان أو تحرره من عبودية الخطيئة.

رابعًا: يجرّح نفسه
حين يرتكب الإنسان الخطايا فهو يسبب ضررًا لنفسه كما للآخرين أيضًا. قال الرب: "ومن يخطئ عني يضرّ نفسه. كل مبغضيّ يحبون الموت." (أمثال 36:8)
إن العدوّ (إبليس أي الشيطان) يخيِّل للإنسان أنه إذا أطاع الله سيحرم نفسه من السعادة. ولكن الحقيقة هي عكس ذلك تمامًا. فالسعادة تبدأ بمعرفة الرب وطاعته. ما أكثر وما أقسى الجروح التي تصيب الإنسان بسبب الخطيئة. جروح نفسية وجروح جسدية وجروح مادية. لنستمع إلى ما قاله إشعياء النبي: "كل الرأس مريض، وكل القلب سقيم. من أسفل القدم إلى الرأس ليس فيه صحة، بل جرح وأحباط." (إشعياء 5:1-6) كم من إنسان فقد أمواله وكرامته ومحبة الناس له بسبب خطاياه؟

خامسًا: يسكن في القبور
فهو ميت روحيًا، ميت بالذنوب والخطايا. ربما يسكن في قصر ولكن نفسه بين الأموات – الأموات روحيًا وأدبيًا. هناك الظلام الدامس، هناك الروائح الرديئة التي تظهر في أحاديث هؤلاء الأموات. هناك الخوف! "لا سلام قال إلهي للأشرار."

سادسًا: "لجئون"
فالخطيئة لا تقتصر على روح واحد نجس. قد يعترف الإنسان بخطيئة معينة، ولكنه حين يتقابل مع الرب يسوع يكتشف أنه عبد لخطايا كثيرة بدون أن يدرك ذلك قبلاً. فهو قد يدرك أنه خاطئ لأنه عبد للخمور. ولكن حين تصله نعمة الله للخلاص يدرك أن خطاياه لا تُحصى ولا تُعدّ.
إذًا أنقول: "ألا يوجد حلّ لهذه المشكلة الخطيرة؟" بلى، هناك علاج أكيد، وهو في شخص ربنا يسوع المسيح. المسيح الذي جاء لكي يطلب ويخلص ما قد هلك. إنه أمر عجيب أن الرب يسوع ذهب خصيصًا لمقابلة هذا المجنون المخيف. قام برحلة مع تلاميذه – رحلة بحسب الظاهر خطيرة جدًا، مدوّنة لنا في مرقس 35:4-41. لاحظ أن المسيح كان قد تعب وذهب إلى مؤخّر السفينة ليستريح. لكن، لا هذا التعب، ولا خطورة الرحلة منعته عن الذهاب ليشفي هذا المجنون المخيف، الذي كان الناس لا يجتازون من الطريق خوفًا منه. ذهب يسوع مع تلاميذه إلى هناك ليشفي هذا المسكين، وليعلّم تلاميذه وإيانا دروسًا نافعة في خدمة الرب. وهذا هو الهدف الأساسي من هذا المقال.
أيها القراء الأعزاء، المؤمنين بالرب يسوع المسيح. إنه قال لنا: "كما أرسلني الآب أرسلكم أنا." (يوحنا 21:20) يجب أن نعلم ونتيقن في أعماق قلوبنا أن الرب يسوع قادر أن يخلص أشرّ الخطاة. فكم مجرم إرهابي في أيامنا هذه أصبح إنسانًا جديدًا بعد أن تقابل مع الرب. مكتوب عن مجنون كورة الجدريين أنه بعد أن شفاه الرب يسوع المسيح، رآه الناس "جالسًا ولابسًا وعاقلاً."
جالسًا، أي هادئًا لا يحتاج إلى قيود، ولا يسبب خوفًا لأحد.
لابسًا، أي أصبح إنسانًا محترمًا محتشمًا.
وعاقلاً، فهو ليس مجنونًا كما كان قبلاً. يا لها من قوة إلهية! ويا لها من نعمة فوق نعمة! فالذي كان يرعب الناس أصبح موضوع إعجابهم. وازدادت النعمة جدًا إذ أصبحت عنده رغبة في أن يصحب الرب يسوع في تنقلاته. ولكن الرب أعطاه مسؤولية أخرى، "اذهب إلى بيتك وإلى أهلك وأخبرهم كم صنع الرب بك ورحمك." (مرقس 19:4) وهو فعل ذلك ليس لأهله فقط بل "ابتدأ ينادي في العشر المدن كم صنع به يسوع، فتعجّب الجميع." (مرقس 20:5)
أيها الأحباء، ليتنا نثق في قدرة إلهنا، فلا نتكاسل ولا نتردد في توصيل بشارة الخلاص حتى لأشرّ الناس. فربنا وفادينا قد أتى خصيصًا لكي يدعو الخطاة إلى التوبة. وهو الآن يعمل نفس هذه المعجزات، وأكثر منها، بواسطة من يطيعون أمره ويذيعون البشارة لجميع الناس.

المجموعة: تشرين الأول (أكتوبر) 2018

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

91 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10619074