Voice of Preaching the Gospel

vopg

John_Haddadنُدرك أنّ طبيعة الجسم الكيميائيّة المكوَّنة من مواد عضوية مُتجانسة إنما تعمل وظائفها في داخل الخلايا بدقّة متناهية، وإن كان التكوين الأصليّ للجسم هو من التراب، فهذا يؤكد أنّ المواد المكوِّنة للتراب من معادن وكيميائيات وعناصر بيولوجيّة هي ذاتها في الجسم وإن بنِسبٍ متفاوتة.

نبدأ من سفر التكوين والإعلان الإلهي المؤكِّد أن الله خلق الإنسان الأول من تراب الأرض. يقول سفر التكوين في هذا الخصوص: "وَجَبَلَ الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ تُرَابًا مِنَ الأَرْضِ، وَنَفَخَ فِي أَنْفِهِ نَسَمَةَ حَيَاةٍ. فَصَارَ آدَمُ نَفْسًا حَيَّةً." (تكوين 7:2) ثم "بِعَرَقِ وَجْهِكَ تَأْكُلُ خُبْزًا حَتَّى تَعُودَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أُخِذْتَ مِنْهَا. لأَنَّكَ تُرَابٌ، وَإِلَى تُرَابٍ تَعُودُ." (تكوين 19:3) وأيضًا "لأَنَّهُ يَعْرِفُ جِبْلَتَنَا. يَذْكُرُ أَنَّنَا تُرَابٌ نَحْنُ." (مزمور 14:103)
يعتقد الكثير من العلماء المتخصّصين بالكيمياء الحيوية، أو Biochemistry، أنّ الحياة أساسها في الكيميائيات العضوية. لا بل هناك نوعٌ من التحدّي بين مَن يؤمن بالخَلق وأولئك الذين يعتقدون بنظرية داروين في النشوء والتطوّر يبرز بين الحين والآخر حول أصل الحياة كما يعرفها العِلم الحديث. ولكي نفهم جسم الإنسان وتكوينه، ينبغي الرجوع إلى عِلم الأحياء الجزيئيّ الحديث – Modern Molecular Biology، الذي يدرس التفاعلات الكيميائية الخلوية (أمثال 20:25)، مما يجعل صورة التكوين واضحة أكثر للعقل والمنطق البشري. هذه الديباجة ربما ابتدأت في القرن السّابع عشر عندما خَلُص العلماء في أحد مؤتمراتهم السنوية عام 1648 إلى القول إن الحياة هي في الكيمياء وإن الكيمياء هي الحياة. هذا الفكر الثوريّ آنذاك إنما ساهم إلى حدٍّ كبير بالتأثير على مختلف جوانب الحياة وأصلها وعلى فلسفة الوجود وكذلك في مختلف حقول الطب والصحّة والدّين والسياسة والمعرفة والعِلم. فما هي حقيقة أو صحّة هذه الفلسفة العلمية من عدمها في ضوء المبدأ الإلهي في الخَلق والفكر المسيحي الذي ينظر إلى أبعاد الحياة النفسية والروحية وليس الخلوية أو الفيزيولوجية فحسب؟
في ضوء هذه الكلمات، رُبَّ سائلٍ يقول: ما هي الأدلّة العلميّة التي تؤكّد أنّ جسم الإنسان إنما هو مصنوعٌ من تراب أو طين الأرض؟ الجدير ذكره أنّ الجسم مكوَّن من مواد ومعادن موجودة على سطح الأرض مثل الأوكسجين المادة الأكثر كثافة 65 %، ثم الكربون 18 %، يليه الهيدروجين 10 %، ومعادن أخرى بنسبٍ متفاوتة أقل. أشير إلى أنّ الجسم يحتوي على أكثر من 60 نوعًا من المعادن والمواد الكيميائية بكثافة متناسقة تحمي الجسم من الأمراض والاختلال الفيزيولوجي. حتى الثقافات اليونانيّة والمصريّة والصينيّة القديمة كانت تعتقد بتكوين الإنسان وأنواع الحياة الأخرى من مواد شبيهة بطبيعة تراب الأرض.
أثبتَ العِلم الحديث أنّ أنواع الحياة المختلفة ترجعُ في أساسها إلى تكوين التراب (الطين/الغبار/العفر) الذي في الأرض وذلك بحسب دراسةٍ أجراها عددٌ من المهندسين البيولوجييّن في جامعة كورنيل Cornell Univ. في الولايات المتحدة الأمريكية. يذكُر العِلم أيضًا أنّه في الحقبات الجيولوجيّة التاريخيّة ثمّة تكوين لمادة ترابية لَزِجة تُسمّى Hydrogel، وهي مادة شبيهة بالوحل أو الطين (التراب الممزوج بالماء) كان يُعتقد أنها تُشكّل نواة تكوين المواد العضويّة في الخلايا. إنّ الربّ يسوع المسيح نفسه استخدم الطين في تكوين العين وإعادة البصر للأعمى منذ ولادته: "قَالَ هذَا وَتَفَلَ عَلَى الأَرْضِ وَصَنَعَ مِنَ التُّفْلِ طِينًا وَطَلَى بِالطِّينِ عَيْنَيِ الأَعْمَى." (يوحنا 6:9) وبالحقّ أقول كم أنّ الكتاب المقدّس دقيقٌ في إبداعه العلميّ: "اُذْكُرْ أَنَّكَ جَبَلْتَنِي كَالطِّينِ، أَفَتُعِيدُنِي إِلَى التُّرَابِ؟" (أيوب 9:10) ثم "وَالآنَ يَا رَبُّ أَنْتَ أَبُونَا. نَحْنُ الطِّينُ وَأَنْتَ جَابِلُنَا، وَكُلُّنَا عَمَلُ يَدَيْكَ." (إشعياء 8:64) بذلك ينبغي على الإنسان أن يهابَ الله ويخضع له: "بَلْ مَنْ أَنْتَ أَيُّهَا الإِنْسَانُ الَّذِي تُجَاوِبُ اللهَ؟ أَلَعَلَّ الْجِبْلَةَ تَقُولُ لِجَابِلِهَا: لِمَاذَا صَنَعْتَنِي هكَذَا؟ أَمْ لَيْسَ لِلْخَزَّافِ سُلْطَانٌ عَلَى الطِّينِ، أَنْ يَصْنَعَ مِنْ كُتْلَةٍ وَاحِدَةٍ إِنَاءً لِلْكَرَامَةِ وَآخَرَ لِلْهَوَانِ؟" (رومية 21-20:9) هذا ويؤكّد سفر الجامعة في هذا السياق فكر عودة الإنسان كما أنواع الحياة الأخرى المختلفة إلى أصل التراب عند الموت، فيقول: "يَذْهَبُ كِلاَهُمَا إِلَى مَكَانٍ وَاحِدٍ. كَانَ كِلاَهُمَا مِنَ التُّرَابِ، وَإِلَى التُّرَابِ يَعُودُ كِلاَهُمَا." (جامعة 20:3)
نرى مما تقدّم إذًا أنّ جسم الإنسان إنما هو مصنوعٌ من الكيميائيات الموجودة في التراب. لكنّ السؤال البديهي الذي يطرح نفسه بقوّةٍ ومنطق هو: هل الإنسان هو فقط هذا التراب أم له بعدٌ آخر؟ هل خلق الله الطبيعة بكيميائياتها أم تكوّنت من تلقاء ذاتها؟ يؤكّد الفكر الكتابيّ وجود الله الأزلي قبل المادة، أي إنّ الله هو مصدر المادة والطاقة – "كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ، وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ." (يوحنا 3:1) أما الفكر العالمي المدعّم بالعِلم الحديث فيؤكّد وجود المادّة بحدّ ذاتها باستقلالية كاملة عن الله – أي أن لا لزوم لتدخُّلٍ إلهي في المادّة. للإجابة عن هذه التساؤلات، لا بدّ من الرجوع إلى تعريف ما معنى الحياة؟ هناك مظاهر مختلفة للحياة مثل النمو والتكاثر والتأقلم والحركة، ولكنها – أي هذه المظاهر الحياتية – تشير إلى ما تفعله الكائنات الحيّة وليست بالضرورة هي تعريف للحياة بحدّ ذاتها. هل يستطيع العِلم الحديث تفسير التفاعلات وردود الفعل التي يقوم بها الإنسان الحيّ وتصرفاته في مختلف جوانب الحياة، وهل يمكن إنتاج الحياة في المختبرات من مجموعة من الكيميائيات المتناثرة؟ هل نستطيع أن نقيس الحياة وكميتها بميزان الكيمياء وتفاعلاتها؟ وهل يمكن نسخ الحياة بمختلف تعقيداتها مثل الاستنساخ الخلويّ والبشريّ، أو Cloning؟
إن البحث العلمي ضروري في عالم الاكتشاف، لكنه لا يستطيع الإجابة عن أسئلة الحياة كلها ولا أن يبرهن أن الحياة هي فقط في الكيمياء. لا بدّ من وجود قوة إلهية خارقة والتي هي من دون أدنى شك مصدر الحياة وعلّة وجودها، فإذا انتفت هذه القوة توقّفت الحياة – إذًا، الحياة ليست في الكيمياء بل لها بعدٌ روحيٌّ سامٍ مصدره الله الخالق. نستطيع أن نجزم واثقين بأن الكيمياء وإن كانت جزءًا من حياة الإنسان، فإن مُعطي الحياة وحافظها له القدرة والسلطان في أخذها أيضًا (تكوين 7:2). ذلك أن التعقيدات الكيميائية لا يمكن لها أن تُفسّر مفهوم الحياة بل ربما تكون إحدى مظاهرها. إن الاعتقاد بوجود بعدٍ للحياة خارج النطاق الكيميائي إنما يشير إلى عظمة الله الخالق الذي هو مصدر الحياة وأساسها.
إذا تأملنا في تنوّع الأعضاء في الجسم البشري، نرى وجود إحدى عشر نظامًا أو جهازًا فيزيولوجيًا تُحاكي وتتفاعل مع بعضها البعض لتأدية الوظائف البيولوجيّة بدقّة متناهية، وهي على الشكل التالي:
الجهاز الغِلافي Integumentary System، ويحتوي على الجِلد والغُدد المتصّلة به.
جهاز الهيكل العظميّ Skeletal System، ويحتوي على العظام والمفاصل.
الجهاز العضليّ Muscular System، ويحتوي على العضلات بمختلف أنواعها.
الجهاز العصبيّ Nervous System، ويحتوي على الدماغ والنخاع الشوكي والأعصاب.
جهاز الغُدد الصمّاء Endocrine System، ويحتوي على الغُدد التي تفرز الهرمونات.
جهاز القلب والأوعية الدمويّة Cardiovascular System، ويحتوي على الدم والقلب والشرايين.
الجهاز اللمفاوي المناعي Lymphatic & Immune System، ويحتوي على شرايين وغُددٍ مختلفة بالإضافة إلى المصل.
الجهاز التنفسّي Respiratory System، ويحتوي على الرئتين وأنابيب الهواء.
الجهاز الهضميّ Digestive System، ويحتوي على الغُدد والمعدة والأمعاء.
الجهاز البوليّ Urinary System، ويحتوي على الكليتين والأنابيب المتّصلة بهما بالإضافة إلى عددٍ من الغُدد.
والجهاز التناسليّ Reproductive System، ويحتوي على الغُدد والأعضاء الذكورية والأنثوية.

المجموعة: نيسان (إبريل) 2019

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

162 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10623911