Voice of Preaching the Gospel

vopg

Ammariفي مقال سابق ورد تحت عنوان "حوار مفتوح"، طرحنا ثمانية من التساؤلات بخصوص من ترى يكون المسيح، أملًا بأن تُسعفَ البعض في التعرّف على الحقيقة المنشودة. فكان التساؤل الأول:
"لماذا وُلد المسيح من عذراء لم يدانيها رجل؟"

وماذا يعني ذلك طالما أن معجزة الولادة من عذراء لم يعلم بها عامة الشعب عبر الخمسين سنة الأولى بعد ميلاده، ولم يتسرّب إلى ذهن أحد من معارف العذراء أي شك أو ريبة في طهرها أو في شرعية مولودها. والمجتمعات الشرقية عادة لا ترحم في أحوال كهذه... فما تفسير ذلك؟
نشير بادئ ذي بدء إلى أن وجود يوسف في حياة العذراء كان بتدبير رباني لدرء الشك عن سمعتها، إذ بوجوده مع مريم كان مشهد العائلة طبيعي، فها الطفل يسوع في حضن أمه، ويوسف بجانبها، ففي نظر معارفهم هو أبوه. ثم بعد أن تخطّى يسوع الثانية عشر من العمر لم نعد نسمع شيئًا عن يوسف، إذ يبدو أن مهمته قد اكتملت. وربما توفّي مبكرًا في وقت لا نعلمه، فرحل وغاب عن ساحة الأحداث كالجندي المجهول.
ونعود ونتساءل: ما الحكمة من تميّز ولادة المسيح من عذراء؟
هناك حقيقة خفيت عن أذهان الكثيرين وهي أن ولادة المسيح من عذراء لها أبعاد لاهوتية بحتة. لم يكن غرضها أن تثير إعجاب الناس بقدرة الله على عمل ما يشاء كما يمكن أن يتبادر للبعض، ولم تكن لتأييد رسالة المسيح بين الجموع كما قد يحسبها بعض آخر، لأن المعجزة بقيت مكتومة عن الناس طيلة حياة المسيح على الأرض. إنما الولادة بهذا الأسلوب الفريد يتمثّل في أن المسيح لم ينبت من زرع آدم... آدم سقط بالمعصية فأورث ذريته طبيعة الخطية وطُرد من الجنة، والمسيح لم ينبت من زرعه، ولم يتلوّث بسقطته كغيره من بني آدم.
المسيح قدوس نقي أنقى من قرص الشمس. سقطة آدم لم تشمله! وبهذه القدسية صار بإمكانه أن يكون الأضحية الخالية من كل عيب لكي يفدي ويكفِّر عن خطايا الناس، ولذلك صُلب، وصار دمه نبع غفران لكل من يلجأ إليه. فقال فيه الكتاب:" وليس بأحد غيره الخلاص، لأن ليس اسم آخر تحت السماء قد أعطي بين الناس به ينبغي أن نخلص." (أعمال 12:4) فمن فاته دم المسيح (ما يحلمش) بغفران خطاياه! لأن دم يسوع هو الوحيد الذي يكفِّر عن الخطايا للحصول على الغفران ونيل الحياة الأبدية للدخول إلى جنة الفردوس.
منذ ألفي عام ونحن ننادي بهذه الحقيقة... ملايين قبلوها وتمتعوا بغفران المسيح، والذين رحلوا منهم للأبدية ينعمون بحضرته هناك، وملايين غيرهم لم يقبلوا، ورفضوا صليبه وجراحه الكفارية ودمه وغفرانه، ومنهم يهود وغير يهود فخسروا، وفاتتهم فرصة النجاة!
كثيرون من هؤلاء يتعبّدون ويُصلّون ويقومون بواجبات وفرائض دينية يؤمنون بها ويؤدّونها بدقّة واطمئنان، على أمل أن ما يقومون به يشقّ الطريق أمامهم للوصول إلى جنة الفردوس. وفي الأبدية يفاجَأون بأن باب الجنة مُغلق رغم كل ما قاموا به، ذلك لأن ما اتّكلوا عليه ينقصه "ختم دم المسيح" الذي به وحده يفتح باب الجنة (الفردوس)! هذا الباب فُتح أمام لصٍّ تائب كان قد صُلب مع المسيح وكان أول من استفاد من دم صليب المسيح حين ندم وطلب رحمته فغُفرت خطاياه وقال له المسيح: "الحق أقول لك: إنك اليوم تكون معي في الفردوس." (لوقا 42:23-43)
تعود بي الذاكرة إلى 40 سنه خلت: حين زارني بمناسبة عيد من أعيادنا صديق، رجل فاضل أحترم ذكراه، هو الشيخ سفيان مفتي المحافظة، وكان برفقته رجال أفاضل من أصحابه، وصرفنا وقتًا طيِّبًا بأحاديث ودّية، ومرّ الحديث خلال الجلسة على قصة كبش إبراهيم حين قدّمه أضحية بدل ابنه. وتجادلنا بطيبٍ وبودٍّ فيما إن كان ولده هو إسحاق أم إسماعيل ... وكلٌّ أدلى بدلوه.
وخلال الحديث سألتُ فضيلته: ما تفسيرك في جواز إطلاق صفة العظمة على حيوان في قول القرآن "وافتديناه بذبح عظيم" ؟!
فكان جوابه الفوري بأن ذاك الكبش لم يؤخذ من قطعان الناس، بل نزل على سيدنا إبراهيم من السماء، وما نزل من السماء فهو عظيم.
أعجبني ردّه بما اتّصف به من دقة وحكمة.
وتواصل الحديث فقلت:
- نحن كمسيحيين نؤمن بأن ذلك الكبش يرمز للمسيح، فالكبش قام بنفس المهمة التي قام بها المسيح فيما بعد.
فقال الشيخ: كيف ذلك؟
قلت: تعلم أن المسيح لم يولد من زرع بشر. فآدم ليس أبوه، وآدم لم يكن مصدر وجوده... والدليل أن المسيح هبط من السماء إلى أحشاء العذراء، وبميلاده سكن أرضنا، وعاش بيننا لفترة من الزمن، وقدّم جسده فدية عن كل من يُقبِل إليه. وعندما أكمل المهمة التي جاء من أجلها، عاد إلى السماء التي منها جاء... فالمسيح كائن سماوي، من السماء جاء وإلى السماء عاد... من هنا تأتي حُجّتنا بأن المسيح بموته على الصليب صار "ذبحنا العظيم" النازل من السماء بما يشبه كبش إبراهيم... فابتسم الشيخ بكل كياسة، وتواصلنا بالحديث، كلٌّ أدلى بما عنده بحوار لطيف يحترم الرأي والرأي الآخر...
وفي ختام الزيارة شكرت ضيوفي على مبادرتهم الطيبة وودعتهم بكل احترام.

المجموعة: تشرين الثاني (نوفمبر) 2019

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

94 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10627759