Voice of Preaching the Gospel

vopg

تساءلت مع نفسي كثيرًا: "إن كان التباعد الاجتماعي ضرورة ملحّة للوقاية من الإصابة بفيروس الكورونا الذي اجتاح العالم، فلماذا سمح الله بهذا الفيروس

مما ترتّب عليه إغلاق الكنائس، واضطرار قادة الطوائف المسيحية والرعاة إصدار بيانات بتعليق صلاة عيد القيامة بالكنائس حرصًا على صحة الشعب؟
هل الله لا يريدنا أن نعبده ونمجّد اسمه بالأسلوب ذاته؟ أي داخل مباني الكنائس الذي أصبح حضورها عادة وفرضًا، فأصبحت العبادة روتينية، عبادة الشفاه فقط، بدون تواصل حقيقي مع الله وينطبق عليها قول الرب: "هذا الشعب يكرمني بشفتيه، وأما قلبه فمبتعد عنى بعيدًا." (مرقس 6:7) وأيضًا يقول:
"... لست أطيق الإثم والاعتكاف. رؤوس شهوركم وأعيادكم بغضتها نفسي. صارت عليَّ ثقلًا. مللت حملها. فحين تبسطون أيديكم أستر عينيَّ عنكم، وإن كثّرتم الصلاة لا أسمع." (إشعياء 13:1-15) هل لدى الله أجندة أخرى، غير معلنة في كونه سمح بهذا الفيروس، مما ترتب عليه غلق الكنائس وهذا أمر سنفهمه فيما بعد؟!
وفي عمق تفكيري المحدود، قلت لنفسي:

1– قد يكون الله أراد أن يذكِّرنا ويلمَع أمامنا حقيقة كتابيّة مباركة، طمستها التقاليد والطقوس والمعتقدات غير الكتابية والتفاسير المغلوطة للنصوص الكتابية لخدمة معتقداتنا وطوائفنا. هذه الحقيقية هي:
إن الكنيسة ليست مبنًى من طين وحجر وخشب، بل هي جماعة المؤمنين الحقيقيين المغسولين بدم المسيح من كل شعب وأمة وقبيلة ولسان.
وهذا ما يدلّ عليه معنى كلمة كنيسة في الأصل، حيث تأتي كلمة كنيسة في الأصل من الكلمة اليونانية إكليسيا Ekklesia، واستخدمت في اللغة السريانية كنيسة. وهي تعني: الجماعة أو المدعوّين، والكلمة الأصلية لا تشير إلى المبنى بل إلى الناس. فهي جسد المسيح، وهذا واضح في قول الرسول بولس:
"... وأخضع كل شيء تحت قدميه، وإياه جعل رأسًا فوق كل شيء للكنيسة، التي هي جسده، ملء الذي يملأ الكلّ في الكلّ." (أفسس 22:1-23) وهذه بعض الشواهد الأخرى التي توضّح وتؤكِّد المعنى الحقيقي للكنيسة:
"فإننا نحن عاملان مع الله، وأنتم فلاحة الله، بناء الله." (1كورنثوس 9:3)
"فَلَسْتُمْ إِذًا بَعْدُ غُرَبَاءَ وَنُزُلًا، بَلْ رَعِيَّةٌ مَعَ الْقِدِّيسِينَ وَأَهْلِ بَيْتِ اللهِ، مَبْنِيِّينَ عَلَى أَسَاسِ الرُّسُلِ وَالأَنْبِيَاءِ، وَيَسُوعُ الْمَسِيحُ نَفْسُهُ حَجَرُ الزَّاوِيَةِ، الَّذِي فِيهِ كُلُّ الْبِنَاءِ مُرَكَّبًا مَعًا، يَنْمُو هَيْكَلًا مُقَدَّسًا فِي الرَّبِّ. الَّذِي فِيهِ أَنْتُمْ أَيْضًا مَبْنِيُّونَ مَعًا، مَسْكَنًا لِلَّهِ فِي الرُّوح."
(أفسس 19:2–22)
"كونوا أنتم أيضًا مبنيّين كحجارة حية بيتًا روحيًّا، كهنوتًا مقدّسًا، لتقديم ذبائح روحية مقبولة عند الله بيسوع المسيح."
(1بطرس 5:2)
"أما تعلمون أنكم هيكل الله، وروح الله يسكن فيكم؟" (1كورنثوس 16:3)
بالإضافة إلى هذا، فإن الكنيسة الأولى، الذي كان لها تأثير عظيم في العالم في نشر رسالة المسيح، لم يكن لها مبانٍ خاصة للعبادة، تعلوها القباب والمنارات، بل كان المؤمنون يجتمعون في البيوت كما يذكر سفر الأعمال الذي يدوّن لنا تاريخ الكنيسة من البداية. فقد وردت فيه وفي بعض الرسائل عبارة [الكنيسة التي في بيتك] عدة مرات ولم يُشرْ من بعيد أو قريب إلى الكنيسة كمبنى، وأذكر هنا على سبيل المثال بعضها:
الكنيسة التي في بيت مريم أم يوحنا مرقس فيقول: "ثم جاء (أي بطرس،) وهو منتبه إلى بيت مريم أم يوحنا الملقّب مرقس، حيث كان كثيرون مجتمعين وهم يصلّون." (أعمال 12:12) ويذكر الوحي عن هذه الجماعة قوله: "وأما الكنيسة فكانت تصير منها صلاة بلجاجة إلى الله من أجله (أي من أجل بطرس)." (أعمال 5:12) وقد استجاب الرب للكنيسة وخرج بطرس من السجن.
وفي أعمال 19:16 نقرأ عن الكنيسة التي في بيت أكيلا وبريسكلا.
ونقرأ في رسالة كولوسي 15:4 عن الكنيسة التي في بيت نمفاس.
ونقرأ أيضًا عن الكنيسة التي في بيت فليمون (فليمون 2:1).
كل هذا يؤكد أن الكنيسة هي جماعة المؤمنين الذين يجتمعون في أي مكان وفي أي زمان للعبادة والشركة وتمجيد اسم المسيح. فليكن إذًا بيتك كنيسة. وكأن الرب يوجه رسالة للمسيحيين والقادة منهم بصفة خاصة، أن يكفّوا عن تشييد وتأسيس دور عبادة فخمة المباني والأثاث التي تكلف ملايين الدولارات، بينما يوجد ملايين الفقراء المحتاجين إلى القوت والدواء والكساء والاحتياجات اليومية الضرورية للحياة. وبسبب هذه المفاهيم المغلوطة والثقافات الطقسية والموروثات، لا بدّ لي أن أعترف، أنني في وقت من الأوقات، اقترفت هذا الخطأ. ليس المهم أين نتعبَّد للرب بل كيف نتعبّد له. إن الله يذكّرنا بأنه ليس محتاجًا إلى مبانٍ مزيّنة وفخمة يسكنها بل إلى قلوب طاهرة مقدسة ومتواضعة منكسرة يملكها. يقول في سفر الأمثال: "يا ابني أعطني قلبك، ولتلاحظ عيناك طرقي." لقد رأيت مؤمنين يجتمعون في حرارة الروح للعبادة، مصلّين ومرنّمين، فرحين ومهلِّلين، وهم يجلسون على الأرض مفترشين الحُصر البسيطة المصنوعة من القشّ. ورأيت العديد من الكنائس في أفريقيا يجتمعون للعبادة تحت الأشجار في شركة حقيقيّة، ومحبة غامرة للرب، وفرح وتهليل في محضره.

2– والأمر الثاني الذي لفت الرب نظري إليه، ونحن نمكث في بيوتنا بسبب أزمة الكورونا، أن الرب يريد أن يذكّرنا ويُلمع حقيقة كتابية أخرى أمامنا، هي:
إن العبادة الحقيقية لله لا ترتبط بالمكان أو الزمان، بل ترتبط بالروح والحق، كما أوضحها السيد المسيح للمرأة السامرية حينما قال: "يَا امْرَأَةُ صَدِّقِينِي أَنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ لاَ فِي هَذَا الْجَبَلِ وَلاَ فِي أُورُشَلِيمَ تَسْجُدُونَ لِلآبِ. أَنْتُمْ تَسْجُدُونَ لِمَا لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَمَّا نَحْنُ فَنَسْجُدُ لِمَا نَعْلَمُ - لأَنَّ الْخلاَصَ هُوَ مِنَ الْيَهُودِ. وَلَكِنْ تَأْتِي سَاعَةٌ وَهِيَ الآنَ حِينَ السَّاجِدُونَ الْحَقِيقِيُّونَ يَسْجُدُونَ لِلآبِ بِالرُّوحِ وَالْحَقِّ لأَنَّ الآبَ طَالِبٌ مِثْلَ هَؤُلاَءِ السَّاجِدِينَ لَهُ. اَللَّهُ رُوحٌ. وَالَّذِينَ يَسْجُدُونَ لَهُ فَبِالرُّوحِ وَالْحَقِّ يَنْبَغِي أَنْ يَسْجُدُوا." (يوحنا 21:4–24) وقال أيضًا: "لأنه حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمى فهناك أكون في وسطهم." (متى 20:18) لقد صلّى إيليا على جبل الكرمل، وصلّى يونان من جوف الحوت، وصلّى دانيآل في بيته والكوّة مفتوحة، وصلّى بولس وهو في السجن. فالعبادة المقبولة ترتبط بالروح والحق وليس بالمكان أو الزمان.

3– والأمر الثالث الذي أراه، والمهم بمكان أن الرب قد سمح بفيروس الكورونا، مما ترتّب عليه البقاء في البيوت، ليشدِّد ويُلمِع حقيقة أهمية ترابط الأسرة، ويحذّر من خطورة التفكُّك الأسري، وأهمية المذبح العائلي، لحماية الأسرة من التمزّق وتشرُّد الأبناء وضياعهم، كما نلمسه اليوم، من الواقع المُعاش من تزايد حالات الطلاق في العالم بسبب الخيانات الزوجية والمشاكل الأسرية. من الإحصائيات المخيفة والمزعجة لعام 2015، أن نسبة الطلاق وصلت في بعض البلدان مثل بلجيكا إلى 71٪، وفي أمريكا إلى 53%، وفي مصر إلى حوالي 48٪. والنتائج المُرَّة لهذه الحالات، تشرُّد الأولاد وفشلهم في الدراسة، وإصابتهم بالأمراض النفسيّة واللجوء إلى العنف والتطرُّف والمخدِّرات والإجرام، إلخ... وكأن الله، إن جاز ليَ هذا التعبير، يدقّ ناقوس الخطر، للعودة إلى المذبح العائلي وتقوية الروابط العائلية الحميمة بين الأزواج وبين الوالدين والأبناء. وليكن هدفنا وشعارنا قول يشوع:
"وأما أنا وبيتي فنعبد الرب." (يشوع 15:24)
أصلي أن تكون هذه الحقائق لامعة أمام عيوننا لتصحيح المفاهيم الكتابيّة المغلوطة والمغروسة في قلوبنا وليكن لها التطبيق العملي في حياتنا، آمين.

المجموعة: آب (أغسطس) 2020

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

136 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10627880