Voice of Preaching the Gospel

vopg

تماثيل حجرية وخشبيّة في كل زاوية من زوايا شوارع أورشليم، السياحة الدينية رائجة، الغالبية العظمى تشتري تمثال البعل وتَقبّله، أو ملكة السماوات (عشتروت) ليسجدوا لها، حيث النساء يصنعن كعكة، ويُبخرّن لها، لينالوا بركتها!

حق الفقير والأرملة واليتيم مسحوق... لجشع يملأ القلوب... بيوت الدعارة والشواذ جنسيًا مُرَخصة... وفي أوقات الصلاة والأعياد الكل يصلي ويُعيّد في هيكل سليمان. هذه صورة واقعيّة مُصغّرة للحالة الأخلاقية للمملكة الجنوبية (يهوذا) قبل سبي بابل.
كان الله قد استخدم مَلِكًا تقيًا وهو يوشيا الذي أزال الأرجاس من أورشليم (اقرأ 2أخبار 3:34-33). لم تدم طويلًا نهضة الإصلاح، لذلك أرسل الله إرميا النبي ليحذرهم وينذرهم من القصاص القادم، لأن الناس كانوا يَتَصنّعون أمام بعضهم البعض بصورة خارجية للتقوى والتديّن، وفي البيوت يعبدون التماثيل (أصنام الأمم) ويفعلون أقبح الرذائل.
ذهب إرميا وبدأ يُكلّم الشعب برسالة صادقة من الله الحي الحقيقي لمدة أربعين سنة، وعرّفهم أنّ عبادة الأوثان هي زنى روحي اقرأ (إرميا 3)، ولكنهم لم يسمعوا لصوت الرب. وتتكرّر في هذا الكتاب عبارات تتعلق بالتوبة (ارجعوا إليّ... أبوا الرجوع... ليس أحد يتوب عن شرّه... لم تسمعوا لصوت الرب... رفضوا كلمة الرب... قلب عاصٍ متمرد... إلخ) حوالي مئة مرة! ولم يكن هناك من يتوب إلا قلة قليلة، لأن غالبية الشعب كانت آذانها ترهف لأقوال الأنبياء الكذبة، فَلِمَ لا؟ لأنّ العبادة الوثنية فيها فرصة لكل الإباحيات واللاأخلاقيات، وبنفس الوقت التظاهر الزائف بالدين وخاصة الذهاب للهيكل قائلين "هيكل الرب هو" أي لا يستطيع جيش العدو أن يُدمّر هيكل سليمان لأنه هيكل الرب هو! إنها مسرحية التقوى الدينية!
إرميا النبي رقيق القلب مرهف الأحاسيس، كان يُحبّ الرب ويطيع كلمته، لذلك أحبّ الشعب، وكان يبكي على الانحطاط الروحي - الأدبي وبكى على أورشليم لأنها امتلأت بالأصنام وتحوّل مكان العبادة إلى مغارة لصوص! ولهذا صلى قائلًا: "يا ليت رأسي ماء، وعينيّ ينبوع دموع، فأبكي نهارًا وليلًا قتلى بنت شعبي." (إرميا 1:9)
وقال الرب على فمه "يا أرض يا أرض يا أرض اسمعي كلمة الرب" (إرميا 29:22) ولكنهم لم يسمعوا للرب، لأنّ أرض قلوبهم أصبحت حجرية كأصنامهم.
وكان إرميا طائعًا للرب في كل ما يقوله، حتى انه حمل نيرًا (كالذي تجرّه الثيران) على كتفيه وعنقه ليكون رسالة لكي يخضع الشعب والملك، لملك بابل، فيتجنبوا دمار الحرب، ولكنه صار مثار سخرية وضحك (راجع إرميا 7:20).
فكيف لا يبكي إرميا والرب أنبأه بالقضاء الإلهي الآتي على أورشليم، بيد ملك بابل (إرميا 16:5) لأن الله لا يحابي بالوجوه، ولأنه منتقم على كل شرّ وخطيّة فهو القدوس البار.
وعندما نقرأ نبوّة إرميا نتعجب، لأن الشعب كان يقول لإرميا كلّمنا بكلمة الرب، وعندما كان يُكلّمهم بما يقوله الرب، كانوا يُكذّبون إرميا، ويُصدّقون الأنبياء الكذبة وعرّافيهم.
وحتى بعد أن حلّت الكوارث أثناء السبي، وأصبحت أورشليم منكوبة مهجورة، لجأ البعض إلى مصر، وأخذوا إرميا عنوة معهم. لم يتوبوا بل بكل وقاحة قالوا له: "إننا لا نسمع لك الكلمة التي كلمتنا بها باسم الرب" (إرميا 16:44)، بل استمروا في عبادتهم لملكة السماوات. حقًا كان إرميا نبيًا مُحتقرًا ومرفوضًا من الناس لصدق رسالته التي وبّخت عدم التائبين.
وهل تغيّر الحال بعد ستة مئة سنة عندما جاء إله الأنبياء ربنا يسوع المسيح؟ كلّا، فقد تكرر مشهد خراب الإنسان مما أحزن قلب الرب "وفيما هو يقترب نظر إلى المدينة وبكى عليها." (لوقا 41:19) ولهذا عندما سأل المسيح تلاميذه ماذا يقول الناس إني أنا؟ البعض قالوا: إرميا. لأن يسوع بكى كثيرًا، ورافضوا التوبة احتقروا رسالته وشخصه وتمت هذه النبوة "مُحتقر ومخذول من الناس رجل أوجاع ومختبر الحزن." (إشعياء 3:53)
ورغم أنّ العهد الجديد يذكر ثلاث مناسبات بكى فيها يسوع كرجل الأحزان، ولكن من الواضح إنه كان يذرف الدموع كُلّما رأى الدمار الذي أحدثته الخطية في الإنسان، لقد جاء إلى خاصته وخاصته لم تقبله.
بكى يسوع عند قبر لعازر (يوحنا 35:11) ليعبّر عن تعاطفه مع المتفجّعين، وليبيِّن أن الموت هو عدوّ دخل إلى العالم بالخطيّة.
وبكى على أورشليم (قاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين) لأنهم كانوا يريدون حرية سياسية وطنية ولكنهم كانوا عبيدًا للشيطان، ورغم انه جال وصنع الخير والمعجزات، لكنهم غمّضوا عيونهم وسدوا آذانهم ولم يعرفوا زمان افتقادهم.
وبكى في بستان جثسيماني لأنه عرف مقدار كأس الغضب والدينونة التي سيتجرعها نيابة عنا فوق الصليب لأجل خلاصنا، كم كان ذلك صعبًا! القدوس البار يصير ذبيحة خطية لأجلنا؟
وبكى فوق الصليب (مزمور 9:102) وصلى لكيلا يُسلّم روحه إلا وقد أكمل الكفارة ليضمن خلاصنا وقد استجيب له، لذا قال "قد اكمِل" وبكى بدم قلبه عندما اخترقته طعنة الكراهية بالحربة، فجرى دم وماء من قلبه غفرانًا وحُبًّا لنا.
لو جاء الرب يسوع المسيح الآن إلى بيوتنا، إلى كنائسنا، إلى حياتنا السرّية، لبكى على حالتنا المزرية والانحطاط الأخلاقي الذي وصلنا إليه، ربما يعاتبني أحدكم قائلا، لا تكن سلبيًا الرب لا يزال يخلّص النفوس من قبور خطاياها، نعم آمين، ولكن عندما أرى العوائل مفككة واسمع عن الخيانات الزوجية والذين يشاهدون الأفلام الإباحية، وكأنّ الرب لا يراهم! ثم يذهبون إلى دور العبادة وكأنهم ملائكة ألا نبكي على هذه الحالة؟
آه يا أحبائي، ليتنا لا نكف عن أن ننذر الناس مثلما فعل إرميا ونذرف الدموع بالصلاة مثل بولس "لذلك اسهروا متذكرين أنّي ثلاث سنين ليلًا ونهارًا لم أفتر عن أن أنذر بدموع كل واحدٍ." (أعمال 21:20)
نعم نقول للخاطئ: الله يحبك، ويسوع مات من أجلك، وحمل خطاياك فوق الصليب ويريد أن يُخلّصك. ارجع إلى الرب، واقبله ولا تُقسّي قلبك، ولكن إن رفضت فالدينونة قادمة، دينونة أبدية.
إن كنت لا تزال مُتعبًا من ثقل الخطايا، تعال إلى الرب يسوع لكي يُريحك، لأنه يحبك محبة أبدية. "ومحّبةً أبدية أحببتك من أجل ذلك أدمت لك الرحمة." (إرميا 3:31) وحتى وان أفسدتك الخطايا، تعال إليه فهو الفخاري الأعظم الذي يريد أن يصنعك وعاء جديدًا لأنه يريد أن يقطع معك عهدًا جديدًا بدمه لغفران الخطايا، فتكون وصايا محبته مكتوبة على الواح قلبك ويسير معك في نير الحب الإلهي بدلا من نير الخطيّة القاسي.
وكمؤمنين حقيقيين لِنَسجد بخضوع وبكل إجلال لرجل الأحزان والدموع الذي بآلامه الكفاريّة وضع فرح الخلاص في قلوبنا.

المجموعة: كانون الثاني (يناير) 2020

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

91 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10627296