Voice of Preaching the Gospel

vopg

من التعابير متعددة المعاني والمقاصد، والتي وردت في أسفار الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد عبارة "قرعة" وهي تشير إلى ممارسات وتدابير بعضها كان مقبولاً شرعًا وبعضها عرفًا،

وغيرها لا أساس شرعيًا أو عرفيًا لها، ولكنها نشأت بحسب استحسان الناس ومشوراتهم التي لا حدود ولا إحصاء لها، وأصبحت تُستعمل في معظم أنحاء العالم، كاليانصيب، وعن طريقه جاء عدد كبير من الناس إلى الولايات المتحدة، استثناء من الإجراءات القانونية، وبالقرعة يتم اقتسام الغنائم واللقى والأشياء غير المتجانسة، وتحديد أفراد المجموعات المتنافسة في المباريات، وتحديد الجهة وضربة البداية في الملاعب وغيرها كثير...
تقول الكلمة المقدسة: "القرعة تُلقى في الحضن، ومن الرب كل حكمها." (أمثال 33:16) وتقول أيضًا: "القرعة تبطل الخصومات وتفصل بين الأقوياء." (أمثال 18:18)
وباستقراء معاني القرعة واستخدامها كما وردت في أسفار الكتاب المقدس يمكننا أن نميز بين معنيين في كل منهما استخدامات متعددة للقرعة:

أولاً: القرعة للاستدلال على الشخص المراد توليته لمهمة خاصة. أو صاحب الحصة المعنية من الأشياء التي تُقتسم، أو المجرم والمذنب في أمر ما.

أ- للتعيين: فلتعيين أول ملك لبني إسرائيل ألقى صموئيل النبي قرعة: "فقدم صموئيل جميع أسباط إسرائيل، فأُخذ سبط بنيامين. ثم قدّم سبط بنيامين حسب عشائره، فأُخذت عشيرة مطري وأُخذ شاول بن قيس." (1صموئيل 20:10 و21)
وحين خان يهوذا الإسخريوطي سيده وسلّمه لأعداء الصلاح من رؤساء الكهنة وحكام روما، ثم ندم ولكنه مضى وخنق نفسه، كان لا بد لرسل الرب يسوع أن يختاروا بديلاً عنه، "ثم ألقوا قرعتهم، فوقعت القرعة على متيّاس، فحُسب مع الأحد عشر رسولاً." (أعمال 26:1)
- كما أن الخدمات في هيكل أورشليم كانت تنظّم بالقرعة: ومن ذلك ما ذكر عن ولادة يوحنا المعمدان في العهد الجديد. يقول لوقا البشير عن زكريا أبيه: "فَبَيْنَمَا هُوَ يَكْهَنُ فِي نَوْبَةِ فِرْقَتِهِ أَمَامَ اللهِ، حَسَبَ عَادَةِ الْكَهَنُوتِ، أَصَابَتْهُ الْقُرْعَةُ أَنْ يَدْخُلَ إِلَى هَيْكَلِ الرَّبِّ وَيُبَخِّرَ." (لوقا 8:1-9)

ب- لمعرفة الجاني أو المذنب أمام الله في أمر من الأمور
عند دخول بني إسرائيل أرض كنعان بقيادة يشوع، أمر الرب بالطواف حول أسوار أريحا مع الهتاف وتحريم كل ما فيها بعد دخولها. ولما سقطت الأسوار من ذاتها وتم القضاء عليها، سمح الرب بكسرة الشعب أمام قرية صغيرة. وعندما تذلل يشوع أمام الرب لمعرفة سبب الغضب الإلهي: قال له الرب: "في وسطك حرام يا إسرائيل." فأجرى القرعة لمعرفة الجاني "وأسرع يشوع في الغد وقدّم إسرائيل بأسباطه فأُخذ سبط يهوذا... فأُخذ زبدي فقدم بيته برجاله فأُخذ عخان بن كرمي بن زبدي بن زارح من سبط يهوذا." (يشوع 16:7-18) فأُدين وقُتل أمام جميع الشعب.
- وفي سفر يونان نقرأ أن الرب أمر يونان بالذهاب إلى مدينة نينوى شمال العراق اليوم، لإنذارها بسبب كثرة شرورها. فرفض وهرب من وجه الرب حيث صعد إلى سفينة ذاهبة إلى "ترشيش" وهي ميناء كان هامًا جدًا ويقع في جنوب إسبانيا. ولكن الرب أثار عاصفة هوجاء على السفينة فألقى النوتية قرعة فوقعت على يونان بأنه السبب في ذلك الغضب. فاعترف "فقال لهم خذوني واطرحوني في البحر فيسكن البحر عنكم لأني عالم أنه بسببي صار هذا النوء العظيم عليكم." (يونان 12:1) "أما الرب فأعدّ حوتًا عظيمًا ابتلع يونان فكان في جوف الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليالٍ." (يونان 17:1)
وقد استخدم الرب يسوع هذه الحادثة كنبوة لبقائه في القبر ثلاثة أيام وثلاث ليال.

ج- لأجل قسمة الأراضي والأملاك والأموال غير المتجانسة أو المتماثلة
- فبالقرعة تمت قسمة أرض كنعان بين الأسباط حسب أمر الرب:
"ثُمَّ كَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلاً: «لِهؤُلاَءِ تُقْسَمُ الأَرْضُ نَصِيبًا عَلَى عَدَدِ الأَسْمَاءِ. اَلْكَثِيرُ تُكَثِّرُ لَهُ نَصِيبَهُ، وَالْقَلِيلُ تُقَلِّلُ لَهُ نَصِيبَهُ. كُلُّ وَاحِدٍ حَسَبَ الْمَعْدُودِينَ مِنْهُ يُعْطَى نَصِيبَهُ. إِنَّمَا بِالْقُرْعَةِ تُقْسَمُ الأَرْضُ. حَسَبَ أَسْمَاءِ أَسْبَاطِ آبَائِهِمْ يَمْلِكُونَ."
كان رداء المسيح وهو على الصليب موضوعًا لأغرب قرعة عرفها التاريخ حيث كان يقاسي الآلام المروّعة والظلم البشري الرهيب، وبالرغم من كل ما عاينه عساكر الرومان هناك من نزول الظلام في رابعة النهار وحدوث الزلزلة. فقد كانوا بكل قلوبهم القاسية وأحاسيسهم المتجمّدة يقترعون على رداء الرب لمن يكون. وكان ذلك تأكيد لنبوّة الكتاب: "يقسمون ثيابي بينهم، وعلى لباسي يقترعون." (مزمور 18:22) لقد حرص هؤلاء الجنود على امتلاك الثوب المادي الذي يستر الجسد إلى حين. وكان الأولى بهم أن يطلبوا ثوب البرّ الذي يعطيه المصلوب لأنه يستر عورات النفس وآثامها أمام الله.

ثانيًا: يوجد معنى آخر للقرعة، عبّر عنه الكتاب بطريقة أكثر عمقًا وأهمّ أثرًا وهو: "النصيب"

بهذا المعنى يقول داود: "الرب نصيب قسمتي وكأسي. أنت قابض قرعتي." (مزمور 5:16)
- وحين بشّر فيلبس في السامرة وقبل كثيرون الإيمان، كان بينهم ساحر اسمه سيمون، وقد أرسلت الكنيسة في أورشليم الرسولين بطرس ويوحنا لتثبيت المؤمنين الجدد. "حِينَئِذٍ وَضَعَا الأَيَادِيَ عَلَيْهِمْ فَقَبِلُوا الرُّوحَ الْقُدُسَ. وَلَمَّا رَأَى سِيمُونُ أَنَّهُ بِوَضْعِ أَيْدِي الرُّسُلِ يُعْطَى الرُّوحُ الْقُدُسُ قَدَّمَ لَهُمَا دَرَاهِمَ." (أعمال 17:8-18) وذلك لكي يحصل على هذا السلطان... "فَقَالَ لَهُ بُطْرُسُ: «لِتَكُنْ فِضَّتُكَ مَعَكَ لِلْهَلاَكِ، لأَنَّكَ ظَنَنْتَ أَنْ تَقْتَنِيَ مَوْهِبَةَ اللهِ بِدَرَاهِمَ! لَيْسَ لَكَ نَصِيبٌ وَلاَ قُرْعَةٌ فِي هذَا الأَمْرِ، لأَنَّ قَلْبَكَ لَيْسَ مُسْتَقِيمًا أَمَامَ اللهِ." (أعمال 20:8-21)
- وفي خاتمة سفر دانيآل نقرأ هذه العبارة التي قالها له ملاك الرب: " (دانيآل 13:12)
وبنفس هذا المعنى ما كتبه لوقا البشير عن مريم أخت لعازر التي جلست عند قدمي يسوع وكانت تسمع كلامه: "فاختارت مريم النصيب الصالح الذي لن يُنزع منها." (لوقا 42:10)

فما هي مزايا هذه القرعة المجيدة أو ذلك النصيب الصالح؟
جدها في هذه السباعيات:

1- هذه القرعة هي من يد الله، ونحن نحصل عليها بالإيمان بكفارة دم المسيح، وليست استحقاقًا لأحد من بني البشر.
2- إن أنصبة المؤمنين في الحياة الأرضية وكذلك في الأبدية خاصة، هي غير متماثلة أو متجانسة، ولكن لكل واحد نصيبه المخصص له من الله، وهي متنوّعة، "كما أن نجمًا يختلف عن نجم في المجد."
3- لا تستطيع قوة في الكون أن تنتزع نصيب المؤمن لأنه محفوظ بيد الله القوية.
4- إن نصيب كل مؤمن مرتّب بدقة وحكمة فائقتين من الله تفوقان كل إدراك بشري.
5- إن نصيب المؤمن الذي يبدأ من هنا ليس له نهاية ولا انقضاء، لأنه يبقى إلى الأبد مع المسيح في مجد الله الآب.
6- بالرغم من اختلاف أنصبة المؤمنين وتنوّعها، فهي مُرضية للتقوى ومسرّة للقلوب.
7- هذا النصيب مآلة الحياة الأبدية بمحضر الله بل هو الله نفسه الذي تتوق إليه قلوب جميع الذين يحبون اسمه المبارك، له المجد إلى الأبد، آمين.

المجموعة: كانون الثاني (يناير) 2020

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

118 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10624039