Voice of Preaching the Gospel

vopg

السؤال: إن حمل خطايا الآخرين ظلم، فكيف توفّقون بين هذه الحقيقة، وقولكم إن المسيح أتى إلى العالم، ليكون كبش الضحية من أجل خطايا الناس؟

الجواب:

ليست الخطية في جوهرها عملاً خارجيًا، بل هي تصدر من القلب، بدليل قول المسيح: "من القلب تخرج أفكار شريرة: قتل، زنى، فسق، سرقة، شهادة زور، تجديف." (متى 19:15) وحينما يكون موقف القلب خاطئًا، تمس الحاجة إلى نوع معين من الغفران. لا الغفران الذي يقول: لا بأس، دعنا من هذا العمل الخاطئ، بل الكفارة التي توفق بين القلب المُسيء وقلب المُساء إليه.

 فنحن نحاول أن نعلّم أولادنا أن يكونوا منصفين عادلين، وأن يقسموا الأشياء فيما بينهم بعدل، وأن يراعوا الإنصاف في عالمهم الصغير. وهذا صواب، غير أنه لا يسير بهم في طريق الحياة إلا مرحلة قصيرة. فإذا ذهب أخوان في رحلة إلى الصحراء، ونسي أحدهما إهمالاً منه قنينة ماء، فإن العدالة المجرّدة تقضي على ذلك المهمِل أن يتحمّل العطش طيلة اليوم. أما نحن فنرجو أن يشركه أخوه في قنينته. وفي تعبير آخر، ننتظر من محبة الأخ، أن يشاطر أخاه الماء، كأنها أرفع وأسمى من عدالة الأخ الذي يشرب نصيبه من الماء كاملاً.

ويرينا يسوع شرعة أرقى وأسمى من شرعة العدالة، في قصة الابن الضال. فلم يكن من العدل في شيء أن يركض الأب لاستقبال ابنه الشارد، الذي استهلك نصيبه من ثروة أبيه على لذّاته، وأن يقبله في البيت، ويلبسه الحلّة الأولى، ويقيم وليمة احتفاء بعودته. بل كان ينبغي أن تقول العدالة له: أما وقد عدت أخيرًا، بعد أن بددت كل أموالك، فعليك أن تعمل أخيرًا في مزرعة العائلة، لتكسب خبزك بعرق وجهك، وتكسو عريك، وتعوّض عن المال الذي أتلفته ضياعًا. في الواقع، إن هذا ما فكر به الابن المسكين أن يطلبه فعلاً. فحين عزم على العودة، قال في نفسه: أقوم وأذهب إلى أبي وأقول له: يا أبي، أخطأت إلى السماء وقدامك ولست مستحقًا بعد أن أُدعى لك ابنًا. اجعلني كأحد أجراك." (لوقا 18:15-19)

وقد تكون هذه تسوية عادلة من ناحية التعويض عن إتلاف المال، لكنها لا تقدر أن تعيد حبل الودّ المنقطع بين الأب وابنه. أما شرعة الكفارة فقد قضت أن يتحمّل الأب المُساء إليه الخسارة المتسبَّبة عن خطية ابنه الحبيب. فهل تكون الكفارة ظالمة وغير عادلة، لأنها عملت على مقتضى أرقى من ناموس العدالة؟ سمّها إن شئت ظلمًا، ولكن ظلمًا فرضته المحبة طائعة مختارة، وسمت به فوق كل الاعتبارات الطبيعية.

في الحقيقة لو أن شخصًا متسلطًا تدخل وفرض على الأب أن يعامل ولده على النحو الذي تقدّم، لكان الموقف كريهًا بشعًا، ولا يمكن للعقل أن يرضى به أو يقبله. ولكن الأب كان مدفوعًا بعامل محبته الخالصة، واختار أن يدفع الثمن. هذا هو موقف الكفارة، وهذا هو حالها.

وهذا ما حدث في الكفارة التي قدّمها الله في المسيح. فإن شخصًا ثالثًا لم يأمر بتحمّل آلام الخطية، ولكن يسوع حملها، بدافع من حبه العجيب. وفي كلمة أخرى إن حمل الله لم يُسق إلى الصحراء سوقًا، وهو لا يدري ولا يريد. بل كان الله في المسيح مصالحًا العالم لنفسه جاعلاً نفسه واحدًا مع الإنسان المذنب، ليرفع خطيته. هكذا تألم البار لأجل الأثمة. وتم القول النبوي: "وعبدي البار بمعرفته يبرر كثيرين، وآثامهم هو يحملها." (إشعياء 12:53)

أتستطيع أن تفكّر في طريق غير هذه، لإتمام الكفارة؟ إذا تصوَّرتَ الله ملكًا سمحًا كريمًا، يقول: "هذه الخطية أعفو عنها، وكأنها لم تكن." فهذا يترك الخاطئ على حاله دون أن يُحدِث العفو أي أثر في حياته. حتى أنه ليظن أن الخطية، ليست بأمر ذي بال. وهكذا يبقى بعيدًا عن أن يكون في توافق مع الآب السماوي القدوس.

أما القول بأن العدالة تتطلب أن يتحمّل الخاطئ عقوبته كاملة، فهذا يحول دون التوبة ويسوق الخاطئ إلى اليأس، ويفصله نهائيًا عن الآب السماوي القدوس إلى الأبد، لأن عقوبة الخطية هي الإقصاء عن كل خير وصلاح وبرّ.

قال المسيح له المجد: "لأنه هكذا أحبّ الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد، لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية." (يوحنا 16:3) فهذه هي الكفارة، التي تتيح للخاطئ أن يسبِّح مع جماعة المفديين: "الذي أحبنا، وقد غسلنا بدمه، وجعلنا ملوكًا وكهنة لله أبيه، له المجد والسلطان إلى أبد الآبدين، آمين." (رؤيا 5:1-6)

وإذ يؤمن بهذا، تأخذ محبته التائبة الصغيرة في التقدُّم، لتلتقي بمحبة الله الغافرة العظمى التي تركض للترحيب به ويكون الاثنان واحدًا. وتبدأ حياة جديدة، ويقول الآب: لأن الكفارة قد تمت لألقي بالخطية في هوة النسيان، وكأنها لم تكن، فلا يوجد ما يفصل بيني وبين ابني.

المجموعة: أذار (مارس) 2020

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

108 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10630752