Voice of Preaching the Gospel

vopg

نبوءة إشعياء الواردة في الأصحاح السابع من سفره في العهد القديم من الكتاب المقدس، نبوءة لها شهرة فائقة تتردد مع مرّ الأزمان على ألسنة مئات الملايين من الناس، لا سيما في مناسبة الميلاد.

تقول النبوءة: "ولكن يعطيكم السيد نفسه آية: ها العذراء تحبل وتلد ابنًا وتدعو اسمه عمانوئيل."
قال بعض اليهود: شيء طبيعي أن عذراء تتزوّج وتحبل وتلد... فكان الرد المفحم أن النبوءة هناك تتحدّث عن معجزة... عن آية لا يمكن أن تتكرّر. فالعذراء هناك لا يمسسها رجل، وهذا ما يجعلها آية بمعنى معجزة.
ثم يدخل على المشهد النبي ميخا، فذاك عاش في زمن غير متباعد عن إشعياء. وأشار في سفره إلى جغرافية الحدث الذي فيه سيلد مولود العذراء، فقال في الأصحاح الخامس:
"أما أنتِ يا بيت لحم أفراتة، وأنتِ صغيرة أن تكوني بين ألوف يهوذا، فمنكِ يخرج لي الذي يكون متسلّطًا على إسرائيل، ومخارجه منذ القديم، منذ أيام الأزل!" إذًا هو كائن أزلي! واليهودية كما المسيحية، كلاهما يؤمنان بأن الأزلية لله وحده ولا أزلية لغير الله. فمن يكون هذا الكائن القادم إن لم يكن هو الله؟!
ونعود مرة أخرى إلى إشعياء الذي عبَّر في الأصحاح التاسع من سفره عن حقيقة هوية مولود العذراء بوضوح لا يحتمل الجدل، فقال في مقدمةٍ رائعةٍ عن حالة المجتمع الذي سيظهر فيه المولود القادم: "لا يكون ظلام للّتي عليها ضيق... الشعب السالك في الظلمة أبصرَ نورًا عظيمًا. الجالسون في أرضِ ظلال الموت أشرق عليهم نور. أكثرتَ (يا رب) الأمة. عظّمتَ لها الفرح. يفرحون أمامك كالفرح في الحصاد. كالذين يبتهجون عندما يقتسمون غنيمة."
هنا نتساءل: لما كل هذا الفرح والابتهاج يا نبيَّ الله إشعياء؟ فيقول: "لأنه يولد لنا ولدٌ ونُعطى ابنًا، وتكون الرياسة على كتفه." ونسأله من جديد: من يكون هذا القادم؟ ما اسمه؟ فيقول:"ويُدعى اسمه عجيبًا، مشيرًا، إلهًا قديرًا، أبًا أبديًا، رئيس السلام. لنموِّ رياسته، وللسلام لا نهاية."
من في الدنيا يمكن أن يقرأ هذه الإيضاحات النبويّة ويهملها بلا تجاوب؟! أو يظلّ مُغلقًا قلبه للمسيح، سواء كان مسيحيًّا تقليديًّا كغيره من ملايين، أو من أي معتقد آخر؟! كل الذي نرجوه لهذا وذاك هو أن يشقّ طريقه باستنارة قلب إلى أبدية سعيدة يضمنها المسيح.
نوجز بعض ما فات على الشكل التالي:
أولًا، عذراء أعلن عنها الوحي ستحبل وتلد ابنًا دون أن يمسسها رجل.
ثانيًا، مولود العذراء سيخرج إلى العالم من بيت لحم، قرية بسيطة في زمانها اكتسبت شهرة عالمية، وبميلاده فيها عمّ التقويم الميلادي لكل شعوب الأرض.
ثالثًا، مولود العذراء كائن أزلي موجود قبل كل الوجود، علمًا أن الأزلية لله وحده لا يشاركه بها أحد.
رابعًا، كشف إشعياء الغطاء عن هوية مولود العذراء في الأصحاح التاسع من سفره وقال:إن اسمه عجيب! وأنه هو الله القدير، وأبًا أبديًّا رئيس السلام. وأن رياسته وللسلام لا نهاية.
ومع كل ما ذكرنا، هناك مفارقات مذهلة تمرّ أمامنا في قصة الميلاد سنتوقّف عند بعضٍ منها ونتساءل. فعندما جاءت العذراء من الناصرة في شمال فلسطين إلى منطقة يهوذا في الجنوب طوعًا لأمر الدولة التي دعت لعمليةٍ إحصائيةٍ شاملةٍ لمواطنيها، فكان على كل مواطن أن يذهب لبلده الأصلي ليُكتتب هناك. ولكون العذراء من منطقة يهوذا وتسكن الناصرة في الشمال بعيدًا عن منطقة يهوذا، اضطرّت للسفر برفقة يوسف إلى موطنها في بيت لحم... ولما لم يجدا مكانًا في فندق ينزلا فيه - لأن المدينة كانت مكتظة بالنزلاء القادمين لنفس الغرض... فنزلا في خان فيه غنم وأبقار ومذاود تبن وأعلاف ورضيا بذلك.وعندما حلت ساعة الولادة بعد يوم أو أكثر وُلد يسوع، وعلى الفور قمّطته أمه وأضجعته في مذود فرَشَتْه بالتبن.
وفي نفس ليلة الميلاد كان مشهد آخر في أطراف بيت لحم: مجموعة من رعاة بدو - بينما كانوا يسهرون على حراسة أغنامهم في تلك الليلة، أبرق حولهم نور سماوي فاضطربوا وخافوا، ثم ظهر لهم ملاك وقال: "[لا تخافوا! فها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب: أنه وُلد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب. وهذه لكم العلامة: تجدون طفلًا مقمّطًا مضجعًا في مذود.] وظهر بغتةً مع الملاك جمهورٌ من الجندِ السّماويّ مسبِّحين الله وقائلين: [المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة.]"
فتشاور الرعاة بعضهم مع بعض وانطلقوا على الفور إلى بيت لحم "ووجدوا مريم ويوسف والطفل مضجعًا في المذود." كما قيل لهم وأخبروا بالكلام الذي سمعوه عن الصبي، والذين سمعوا تعجبوا مما قيل لهم. "أما مريم فكانت تحفظ جميع هذا الكلام متفكّرة به في قلبها."
فالعجب هنا في: كيف امتزجت العظمة مع التواضع... فيسوع القدوس الذي أعلن عنه الأنبياء بكل تكريم، مُضطجع في كهفٍ للماشية... بينما كانت جوقة من الملائكة في مكان آخر قريب تحتفل بقدومه مع رعاة بسطاء في سهول بيت لحم!
كيف التقى النقيضان معًا في لوحة واحدة؟ وكيف التقى الجلال مع التواضع في مشهد واحد؟! وكما تقول الترنيمة: "أمور الله عجيبة تسمو فوق الخيال."
وفي مشهد آخر كان يسوع مع تلاميذه في منطقة الأغوار، وكان له صديق يحبه هو لعازر فيما يسمى اليوم بالعيزرية - شرق القدس بحوالي كيلومترين - ومرض لعازر في غياب المسيح، واشتدّ عليه المرض ومات ودفنوه... ومرّ يومان فتأخّر يسوع عن المجيء، وأخيرًا حضر يسوع! وجاءت أختا لعازر مرثا ومريم تبكيان أمامه، وحضر معهن جمع من المعزّين... ووقف يسوع مقابل المغارة التي دُفن فيها لعازر وبكى! فقال اليهود لبعضهم: أنظروا كم كان يحبه، ألم يقدر هذا الذي فتح عينَيْ الأعمى أن يجعل هذا أيضًا لا يموت؟!
ثم قال يسوع للحضور: ارفعوا الحجر! فقالت أخت الميت: يا سيد قد أنتن. فقال لها: ألم أقل لكِ إن آمنت ترين مجد الله؟! ولما دحرجوا الحجر عن باب القبر، رفع يسوع رأسه باتجاه القبر ونادى بصوت عظيم: "لعازر هلُمّ خارجًا."فسادَ صمتٌ رهيبٌ على الحضور. إذ كيف ينادي من لا حياة له؟!وبعد ثوانٍ والجميع صامتون مذهولون... بدا يُسْمع صوت خفيف لحركة في داخل القبر تبعه شبح أبيض لاح بين ثنايا عتمة القبر، وما أن وصل الشبح إلى باب القبر الخارجي وظهر في ضوء الشمس، وقد خرج ملفوفًا بأربطة حسب عادة اليهود، فعرفوه أنه هو لعازر الذي شاركوا في دفنه قبل أربعة أيام. ثم قال يسوع للجموع: "حلّوه ودعوه يذهب!"
يا للعجب! فقبل قليل بكى يسوع أمام قبر صديقه - والبكاء علامة ضعف أمام ملمة مؤلمة يتصاغر أمامها الباكي - هناك تمثّلت إنسانية المسيح (ناسوته)، أما عندما نادى الميت والميت سمعه وقام، فهناك تمثل لاهوت المسيح!
فاللاهوت والناسوت في شخصه علامة فارقة تؤكد بكل وضوح أن المسيح هو الله متجسّدًا بهيئة إنسان ليخلّص الإنسان... فهو نزل أرضنا ليرفعنا إليه وليسكننا معه في ديار مجده. هذا هو الرب يسوع المسيح الذي نحتفل كل عام بذكرى ميلاده، وسيأتي ثانية... فالطريق بين الأرض والسماء مفتوحة أمامه لا يعيقها شيء... وطوبى لمنتظريه!

المجموعة: كانون الثاني (يناير) 2021

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

111 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10630469