Voice of Preaching the Gospel

vopg

من مميزات البشائر أنها تذكر الحوادث التي جرت في أيام السيد - له المجد – على الأرض، دون تنميق أو تعليق، أو استخدامٍ لألفاظ تضفي على الحادثة روعة خيالية كما يفعل كتَّاب القصص العالمية!

أو تحاول تحليل شخصيات أصحاب هذه الحوادث كما يفعل بعض من يدرسون نفوس الناس! فالإنجيل يقدّم القصة في أسلوب بسيط دقيق، ويترك للقارئ أن يتخيّل كيف حدثت، وأن يحلّل شخصياتها وأن يدور مع حوادثها!
ويذكر لنا لوقا قصة خلاص أحد محصّلي الضرائب في أيامه وهو "متَّى العشّار" وتأتي الحادثة في هذه الكلمات: "وَبَعْدَ هذَا خَرَجَ فَنَظَرَ عَشَّارًا اسْمُهُ لاَوِي جَالِسًا عِنْدَ مَكَانِ الْجِبَايَةِ، فَقَالَ لَهُ: «اتْبَعْنِي». فَتَرَكَ كُلَّ شَيْءٍ وَقَامَ وَتَبِعَهُ. وَصَنَعَ لَهُ لاَوِي ضِيَافَةً كَبِيرَةً فِي بَيْتِهِ. وَالَّذِينَ كَانُوا مُتَّكِئِينَ مَعَهُمْ كَانُوا جَمْعًا كَثِيرًا مِنْ عَشَّارِينَ وَآخَرِينَ." (لوقا 27:5-29)
ونحن نقف أمام [متَّى العشَّار» الذي يسمّيه لوقا «لاوي» لنرى شخصًا اسمه متّى، من سبط لاوي، يترك وظيفته الكهنوتية، أو الدينية، ويذهب للعمل مع المستعمِر الدخيل في تحصيل الضرائب من مواطنيه في سبيل محبّة المال. و"محبة المال أصل لكلّ الشرور، الذي إذ ابتغاه قوم ضلّوا عن الإيمان، وطعنوا أنفسهم بأوجاع كثيرة."
لكن، هل أشبعه المال الذي ذهب يبحث عنه؟
إن القصة تستمرّ فترينا الرب يسوع واقفًا عند مكان الجباية ينادي ذلك اللاوي: [اتبعني!» بعدئذٍ نرى متَّى تاركًا كل شيء وتابعًا للمسيح. وجديرٌ بنا أن نتابع القصة لنرى،

أولاً: مكان دعوة المسيح
لقد دعا الرب يسوع «لاوي» عند مكان الجباية... كان الرجل جالسًا يؤدّي عمله اليومي، ويحسب حسابه، وإذا بالرب يتقابل معه ويدعوه. والرب يدعو الكثيرين من أماكن عملهم، فليس من الضروري أن يتقابل الرب معنا في اجتماع من اجتماعات النهضة، أو في كنيسة... إنه يتقابل معنا مرارًا في غمرة أعمالنا، ويغيّر مجرى حياتنا اليومية والملفوفة برداء المشاغل والمتاعب والمصاعب.
هكذا فعل مع السامرية، قابلها وهي ذاهبة لتأتي بالماء... وهكذا فعل مع التلاميذ الأوّلين؛ قابلهم وهم يصطادون الأسماك. وهكذا فعل مع «مودي»، قابله في دكان عمّه وهو يبيع الأحذية. وهو ما زال يتقابل مع النفوس إلى اليوم بهذه الطريقة! يتقابل مع النساء في زحمة أعمالهنّ المنزلية، ومع الطلبة والطالبات في المدارس والجامعات، وينادي الواحدة منهنّ، أو الواحد منهم بقوله: "اتبعني".

ثانياً: تجاوب متى لدعوة السيد
«ترك كل شيء وقام وتبعه.» لم يُشبِع المال قلب متّى، ولذا فإنه ما كاد يرى الرب الذي فيه الشبع، ويتملّى بجمال وجهه حتى "ترك كل شيء وتبعه."
وهو لم يوازن الأمور بمقياس العقل الإنساني ولو أنه فعل، لمَا ترك كل شيء، ولمَا تبع الرب... فأي عقل هذا الذي يجعل "متى" يترك ماله، ووظيفته، ويتبع ذلك النجار الفقير الآتي من الناصرة؟ لكن متّى رأى في المسيح جاذبيةً، وحنانًا، ومحبةً، وقوةً... رأى أنه يستطيع أن يثق فيه، وأن يضع بين يديه ماضيه، وحاضره، ومستقبله... فترك كل شيء لأجله.
إنه شبع بالرب واكتفى به! سألتني سيدة كريمة: "لماذا سمح الله لسليمان أن يتصرّف التصرّفات التي فعلها؟"
قلت: "إن الله جعل سليمان مثالاً حيًا للبشر. قال لهم: أنتم تقولون إن السعادة في أن يصبح الإنسان ملكًا، هذا هو سليمان الملك... وأنتم تقولون إن السعادة في المال. هذا ملك كانت الفضة في أيامه كالحجارة. وأنتم تقولون إن السعادة في الزواج وكثرة النساء. هذا ملك عرف ألف امرأة! وأنتم تقولون إن السعادة هي في العلم والحكمة، [هذا ملك حكيم] اسمعوه يقص اختباره، إنه يبكي قائلاً: "كرهت الحياة". فالشبع والسعادة ليستا في المال، أو الجمال، أو النساء، أو المركز الرفيع بل في شخص المسيح الوديع! وهذه الحقيقة التي عرفها متى، فلم يوازن الأمور بمقياس العقل المادي، بل بمقياس الإحساس القلبي... وتبع يسوع. وموسى أيضًا فعل هكذا، فكان أعظم من الفراعنة، فالفراعنة أصبحوا "فرجة" في المتحف المصري القائم في شارع مريت، تتفرّج عليهم بقرش صاغ... أما موسى فجاء على جبل التجلّي مع الرب وقبل ذلك دفنه الرب بيده في الجواء.
يقول مودي إن بعض الناس مرضى بطول النظر، وبعضهم مرضى بقصر النظر. النوع الأول هم أولئك المؤمنين الذين يرون ما وراء الحياة فيحيون للسماء، والنوع الثاني هم الخطاة الذين يقولون: "لنأكل ونشرب لأننا غدًا نموت"، فمن أي نوع أنت؟

ثالثًا: نتائج قبول دعوة الرب
1- اتِّباع السيد: «قام وتبعه».
نحن نرنّم قائلين:
"ولو قادني للصلب
أمشي معه دومًا كل حين."
فلمّا يأخذنا إلى جثسيماني نبكي ونتذمّر... أما متّى فتبع الرب «تاركًا لنا مثالاً لكي تتبعوا خطواته.» حاول أعضاء كنيسة أن يتبعوا الرب تمامًا، فحدثت ثورة في تلك الكنيسة، وتغيّرت البيئة والمجتمع إلى أفضل. فصاحب المال كرّس ماله للرب، وصاحبة الصوت الذهبي رنّمت للفقراء... لقد تبعوا الرب في الطريق.

2- صنع ضيافة لإعلان اختياره
لقد صنع ضيافة كبيرة في بيته، كلّفته مالاً، لكنه صنعها لكي يعطي فرصة لأصدقائه أن يقابلوا الرب! ولا شك أن أصدقاءه طلبوا "خمرًا" كعادتهم، لكنه أشار إلى المسيح رئيس الحفل يستأذنه في الأمر، وتغيّر الجو بوجود المسيح ولم يسكر أحد، ولم يشرب أحد خمرًا. إن السيد لا يحرمنا من المسرّات المشروعة لكنه يحفظنا من المتع النجسة الممنوعة.
وفي هذا الحفل، وروح الصداقة الجميل يشيع في الجو، كانت هناك فرصة للشهادة والتعرّف بيسوع المخلص الحنون! لقد قال متّى لرفاقه أن أساس صداقته بهم هو أساس صداقتهم بيسوع... وهكذا شهد لمخلّصه.
كتب إنجيلًا: عندما يخلّصنا الرب لا يغطي مواهبنا، بل يستخدمها لمجده فصاحب القلم الملهم يكتب، لكنه يكتب لمجد الله، وصاحب الشخصية الجذابة يستخدمها لإعلان حب المسيح، وصاحبة الصوت الجميل تستخدمه لأجل الترنيم... المواهب كلها تتقدّس وتتكرّس لمجده. ويسوع لما استلم متّى استلم [قلمه] فكتب به الإنجيل المعروف باسمه وهو أوّل إنجيل في عدد أصحاحاته.
فهل أتتك دعوة السيد «اتبعني»؟
وهل تركت الكلّ لتتبعه؟

المجموعة: حزيران (يونيو) 2022

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

102 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10628359