Voice of Preaching the Gospel

vopg

في إحدى تأملاتي الشخصية اليومية، وبينما أنا أقرأ كلام الرسول بولس لأهل تسالونيكي في (١تسالونيكي ٩:٤-١٢)، استوقفتني كلمات لم يكن الرسول بولس بحاجة لأن يكتب للمؤمنين في تسالونيكي عنها، وهي "المحبّة الأخويّة".

وصارت تجول في رأسي أسئلةٌ كثيرة عن هذا الموضوع. هل كان أهل تسالونيكي يجسّدون في حياتهم هذه الميِّزة الرائعة والإلهيّة في تصرّفاتهم؟ وما هي "المحبّة الأخوية"؟ هل ما زال المؤمنون اليوم في القرن الحادي والعشرين يعيشون هذا النوع من المحبّة، وهم الذين فلسفوا الإيمان والحياة المسيحيّة لتتناسب مع حياتهم ويومياتهم؟ سامحني عزيزي القارئ إن سألت هذا السؤال التشاؤمي، إلا أنه سؤال عبر في ذهني ويستحقّ أن نستوضحه. وإذ تراكمت هذه الأسئلة في ذهني، ابتدأت بالبحث والتنقيب في كلمة الله عن هذا الموضوع. ولدهشتي فإن لفظة "المحبّة الأخويّة" مذكورة مرّات قليلة في العهد الجديد، مع أن كل العهد الجديد يتكلّم عنها ضمنيًا.
ما هي المحبّة الأخويّة؟
المحبة الأخويّة صفة مميّزة في الإيمان المسيحي وحده دون سائر الديانات والفلسفات. ربما بعض الديانات تتكلّم عن محبّة الإنسان لأخيه الإنسان، لكن ببعد المعنى وعمق المغزى لم تتكلّم أيّة ديانة أو فلسفة عن المحبة الأخويّة كما نقرأها في العهد الجديد. هي صفة لا تجدها في كل أنظمة العالم، والمؤسّسات، والأحزاب، والجمعيّات المختلفة. هي نسيج من المسيح نفسه الذي أحبّ بلا حدودٍ، وأعطى بدون قيدٍ أو شرطٍ حتى بذل نفسه لأجل أحبّائه. فالمسيح هو من أسّس هذه الميزة الفريدة في العالم، ودعى تلاميذه قائلًا: "وَصِيَّةً جَدِيدَةً أَنَا أُعْطِيكُمْ: أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا. كَمَا أَحْبَبْتُكُمْ أَنَا تُحِبُّونَ أَنْتُمْ أَيْضًا بَعْضُكُمْ بَعْضًا. بِهذَا يَعْرِفُ الْجَمِيعُ أَنَّكُمْ تَلاَمِيذِي: إِنْ كَانَ لَكُمْ حُبٌّ بَعْضًا لِبَعْضٍ." (يوحنّا ٣٤:١٣-٣٥) وعندما قال المسيح هذا الكلام فإنّه بذلك قد ميّز بين محبّة الناس لبعضهم البعض ومحبّة تلاميذه لبعضهم البعض. فالمحبّة التي زوّد بها المسيح تلاميذه غير موجودة في العالم، والأصدق إن العالم لا يعرفها.
عندما يتكلّم العهد الجديد عن المحبّة الأخويّة، فإنّه لا يتحدّث عن محبّة الأخ لأخيه في العائلة الواحدة، من أبٍ وأمٍّ Biological، إنما يتحدّث عن المؤمنين أولاد الله (يوحنّا ١٢:١)، الذين ولدوا وتربّوا جسديًّا كل واحد منهم في بيت مختلف، من أب وأم مختلفين، بطبائع مختلفة، بتوجّهات مختلفة، بفوارق عرقيّة وطبيعيّة واجتماعيّة، ولكنهم جميعهم دخلوا في عائلة الله ورعيّته وأصبحوا الآن جسدًا واحدًا روحيًّا في المسيح يسوع. والفارق الأبعد والأعمق في محبّة العهد الجديد الأخويّة أنها محبّة من نوع سماويٍّ إلهيٍّ غير موجود بين البشر، بل هي عطيّة ونعمة خاصّة من الله لكل ولد من أولاده.
طلب المسيح من المؤمنين نوعًا خاصًا من المحبّة الأخويّة التي ينبغي أن تسود جميع العلاقات في الجسد الواحد. وهذه المحبّة يشبّهها الرسول بولس بمحبّة أعضاء الجسد الواحد لبعضه البعض (١كورنثوس ١٢:١٢-٣١). ولكن قبل أن نتكلّم عن هذه الآيات، لنلقِ نظرة على تلاميذ المسيح الاثني عشر، هؤلاء الذين وجّه المسيح كلامه إليهم مباشرة. بطرس متهوّرٌ وعاطفي، إندراوس أخوه خجول ولا يحبّ أن يكون شخصية بارزة، يعقوب ويوحنا "ابنَيْ الرَّعد" أي أصحاب طبعٍ ناريّ، فيلبُّس يحب أن الجميع يأخذون ما أخذ، برثلماوس (نثنائيل) متهكّم ولكنه أصيل، متَّى جابي ضرائب غير محبوب، توما مشكّك، يعقوب بن حلفى وتدّاوس وسمعان القانوي لا يُعرف عنهم الكثير لكنهم كانوا من جماعة الغيّورين للناموس بالإرهاب والقوّة وهذه الجماعة مرفوضة من رؤساء اليهود والرومان إذ كانوا يعيشون في الجبال والصحاري، يهوذا الإسخريوطي خائن. وتأمل معي بهذه المجموعة التي طلب المسيح من كلّ واحد منهم أن يحبّ الآخر محبّة أخويّة سماويّة إلهيّة. فكيف لهذه المجموعة أن تعيش مع بعضها البعض بهذا النوع من المحبّة؟
إن أردنا أن نتعلّم عن هذا النوع من المحبّة الأخويّة، فإن ١كورنثوس ١٢:١٢-٣١ تعطينا تصوُّرًا معيّنًا للمحبة الأخويّة مؤلّفًا من خمس حالات أو قيم يتمتّع بها كل أخ بمفرده وتبرز في هذه الحالات والقيم المحبّة الأخوية على صورة اهتمام أعضاء الجسد الواحد بعضها لبعض. في الحالة الأولى، نرى أن المحبّة الأخوية لا تفرز نفسها عن إخوتها (الأعداد ١٥-١٧). في الحالة الثانية، نرى أن المحبّة الأخوية تفرح بمركزها الذي وضعها الله فيه (الأعداد ١٨-١٩). في الحالة الثالثة، نرى أن المحبّة الأخويّة لا تتخلّى عن إخوتها وتكتفي بنفسها (الأعداد ٢٠-٢١). في الحالة الرابعة، نرى أن المحبّة الأخويّة تقدّم غيرها مهما كان ضعيفًا (الأعداد ٢٢-٢٤). وأخيرًا في الحالة الخامسة، نرى أن المحبّة الأخويّة لها اهتمام واحد (الأعداد ٢٥-٢٦). والكلام يطول إن كنّا سنتكلّم عن كل حالة من هذه الحالات بالتفصيل.
لننظر الآن إلى تصوّر آخر وضعه الرسول بولس في شكل توصيات إلى أهل تسالونيكي. في ١تسالونيكي ١٤:٥-٢٢ هناك اثنتي عشرة وصيّة كتبها لكنيسة تسالونيكي تعطينا صورة عمليّة عن المحبّة الأخويّة. في هذه الأعداد يأتي الرسول على ذكر اثنيّ عشر عملٍ يقوم به المؤمنون تجاه بعضهم البعض لتتميم المحبّة الأخويّة كما طلبها المسيح منهم:
١- أنذروا الذين بلا ترتيب (كما رسم خطوطه المسيح في متى ١٥:١٨-١٨.)
شرط أن لا يؤثّر الإنذار على العلاقة الأخويّة؟ إذ لا شك أن مشاعر الأخ الآخر ستتأثّر ولن يعود بإمكانه أن يعيش في سلام مع إخوته، أو على الأقل مع الأخ الذي أنذره. بالرجوع إلى كلمة الله، فإن الإنذار له طرقه التي رسم خطوطها العريضة المسيح نفسه.
٢- شجّعوا صغار النفوس.
٣- أسندوا الضعفاء
٤- تأنّوا على الجميع.
٥- انْظُرُوا أَنْ لاَ يُجَازِيَ أَحَدٌ أَحَدًا عَنْ شَرّ بِشَرّ، بَلْ كُلَّ حِينٍ اتَّبِعُوا الْخَيْرَ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ.
٦- افرحوا كل حين.
٧- صلّوا بلا انقطاع.
٨- اشكروا في كل شيء...
٩- لا تطفئوا الروح.
١٠- لا تحتقروا النبوّات.
١١- امتحنوا كل شيء. تمسّكوا بالحسن.
١٢- امتنعوا عن كل شبه شرّ.

المجموعة: آب (أغسطس) 2022

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

156 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10627799