Voice of Preaching the Gospel

vopg

"كفّوا (اهدأوا واستكينوا) واعلموا أني أنا الله." (مزمور 10:46)
ينبغي أن نهدأ ونستكين أمام الله لفترة ما كل يوم وإلا فاليوم كله سيضيع...

فنحن لا نستطيع أن نعرف الله إلا أثناء السكون. هذا ما يعلّمه الكتاب المقدس وما يؤكده اختبار رجال الله في كل العصور، فالمعرفة الحقيقية لله تنشأ من قلب السكون.
لا يوجد عصر في كل التاريخ يحتاج فيه الإنسان إلى السكون أكثر من عصرنا هذا، ولا يوجد عصر أكثر من هذا العصر من الصعب أن تجد فيه لحظة سكون واحدة. فهذا العصر يتّسم بالضوضاء والصخب والسعي الدؤوب الذي لا يهدأ، هياجٌ واندفاعٌ في كل مكان، في البيت، والعمل، والسياسة، والاقتصاد... والإنسان مضطرٌّ أن يتوافق مع عصره ويكتسب طبيعة ومظهر الوقت الذي يعيش فيه ويتعلّم كيف يرقص برشاقة على وقع خطوات زمانه وإلا أصبح شاذًا ومنبوذًا، ولذلك نجد حياتنا قد اصطبغت بروح السرعة والضوضاء والصخب والسعي المجنون الذي لا يهدأ.

بل الضوضاء في داخل الكنيسة!
الكارثة الحقيقية هي أن سمة العصر قد دخلت إلى الكنيسة وصبغت حياتها وخدمتها، وهناك فكر في داخل الكنيسة الآن يقول: "ما دام الزمن قد تغيّر فلا بد أن تتغيّر الكنيسة أيضًا معه، وينبغي أن تطوّر أساليبها بحسب طبيعة العصر الذي تعيشه، لو كان الناس مستعجلون ويريدون عظات لا تتجاوز 10 دقائق فدعونا نقدِّم لهم عظات لا تتجاوز 10 دقائق، ولو كانوا يحبّون الموسيقى الصاخبة فلنقدِّم لهم موسيقى صاخبة، وإذا كانوا يفضِّلون السينما فلنقدِّم لهم السينما، ولو كانوا يحبّون القصص والفكاهات فلنملأ كلامنا بالقصص والفكاهات... دعونا نساير العصر ولنعطي للناس ما يريدون!"
وهكذا امتلأت الكنيسة بالضوضاء والصخب ولم يعد الإنسان يجد لحظات هدوء يستمع فيها إلى الصوت المنخفض الخفيف حتى في داخل الكنيسة! ويلٌ لهؤلاء الذين قاربوا بين أورشليم وسدوم وأوجدوا شبهًا بين رسالة الكنيسة ورسالة هوليوود! أهكذا لم يعد في الإمكان الرجوع إلى المراعي الخضراء ومياه الراحة التي كان الرب يقودنا إليها قديمًا؟ هل نستطيع أن نرغم الله على الحديث إلينا في الريح والزلزلة لأننا فشلنا في أن نستمع إليه في الصوت المنخفض الخفيف؟! قد نعرف أشياء كثيرة في وسط الضوضاء... قد نعرف أشياء كثيرة، قد نعرف الطب والهندسة والمحاسبة... قد نعرف كيف نعظ ونعلّم ونرنّم، ولكننا أبدًا لن نعرف الله!

جوهر الإنسان لم يتغيّر
ما ينبغي أن نعرفه هو أن جوهر الإنسان لم يتغيّر، رغم كل هذا التطوّر الهائل في العلوم والتكنولوجيا إلّا أن أعماق الإنسان ما زالت كما هي في القديم، المدنيّة والحضارة ليستا إلا ظواهر سطحية، طفحًا جلديًّا على جلد الإنسانية! أما نفس الإنسان فلم تتغيّر في أصولها واحتياجاتها الأساسية. في داخل كلٍّ منا إنسان عريان يقف خارج جنة عدن يرتجف خوفًا من القصاص ويتطلّع إلى المخلّص! إن احتياج الإنسان منذ السقوط لم يتغيّر؛ وإن تغيَّر كل شيء حوله... الإنسان البدائي غير المتحضّر وأستاذ الجامعة في أرقى جامعات العالم لهما نفس الاحتياج، ألا وهو الخلاص من سلطان الخطية والحصول على الحياة الأبدية والدخول إلى شركة مع الله الحقيقي.
لقد فشل بعض الخدام العصريين أن يفهموا أن الاختبار المسيحي يحدث في داخل روح الإنسان، هناك في الداخل بعيدًا عن السطح المتغيّر للأشياء. سلوكيات الإنسان السطحية فقط هي التي تتجاوب مع ضوضاء الحضارة المعاصرة، أما روح الإنسان فتقع في منطقة عميقة ساكنة في الداخل تنتظر كلمة حياة من الله تمنحها الحياة الجديدة، ويتعامل الله مع هذه المنطقة العميقة في داخلنا. إنه يخاطب الأبدية فينا، ينادي العمق المغلّف بالسكون في أعماقنا، وإذا أردنا أن نستمع لنداء الحياة هذا فلا بد أن ندخل إلى تلك المنطقة الساكنة في داخلنا... ينبغي أن نستكين ونهدأ في أرواحنا حتى نستطيع أن نستمع إلى صوت الله يخاطب أعماقنا... ينبغي أن ندخل إلى مخادع النفس الداخلية ونغلق أبوابنا أمام ضوضاء الخارج الصاخبة لكي نستطيع أن نميّز الصوت الهادئ الخفيف لذاك الذي قيل عنه: "لا يصيح ولا يرفع ولا يُسمع في الشارع صوته." (إشعياء 2:42) إننا لن نستطيع أن نستمع إلى صوته طالما نحن في "الشارع"! لذلك ينبغي أن ندخل مخادعنا حيث السكون.
ومن المفيد أن نلاحظ أن المزمور الذي ورد فيه الأمر "كفّوا" (اهدأوا واستكينوا) هو المزمور المملوء بالضجيج والهياج: "تزحزحت الأرض... انقلبت الجبال إلى قلب البحار... تعجّ وتجيش مياهها... تتزعزع الجبار بطموِّها... تزعزعت الممالك... عجّت الأمم..." وفي وسط هذا الضجيج يصبح أمر الله ضرورة حتمية وأمرًا ملزمًا لنا جميعًا: "كفّوا واعلموا أني أنا الله!"
معظم الخدام الآن يردّدون كالببغاء تعاليم العهد الجديد لكنهم عمليًّا يعتنقون فكر العالم ويصطبغون بصبغته ويواظبون على تقليد طريقه، لكن ليت الله يجد فينا بقيّة من أمانةٍ تدفعنا للدخول إلى مخادعنا لنسكّن أنفسنا أمامه ونصغي إلى صوته!

المجموعة: أيار (مايو) 2022

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

381 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10632087