Voice of Preaching the Gospel

vopg

تُطلق تسمية "الهيكل" على أيِّ بناءٍ يُستخدم لعبادةِ الله أو الآلهة الوثنيّة، وكلامي اليوم عن هيكل الله الذي بناه الملك سليمان

في أورشليم في القرن العاشر قبل الميلاد. عند خروج الشعب القديم من مصر بقيادة موسى، عبَدَ الناس الله في بيتٍ متنقّل كان اسمه "خيمة الاجتماع"، وكانت الخيمة مصنوعة من خشب وقماش قابلة للفكّ والنقل من مكان لآخر.
عندما استقرّ الشعب في الأرض، أراد الملك داود أن يبني هيكلًا للرّب، ولكن الله منعه. وجاء سليمان بعد أبيه داود وبنى الهيكل في أورشليم، ولكن هذا الهيكل دُمِّر على أيدي البابليين سنة 587 ق.م. أيام السبي البابلي. وبعد العودة من السبي البابلي، تمَّ بناء الهيكل الثاني سنة 515 ق.م. في نفس مكان الهيكل الأول، ولكنه كان بناءً صغيرًا، إلى أن جاء هيرودس الكبير وعمل على توسيع الهيكل بشكلٍ كبير جدًا، حيث استمرّت عملية البناء 46 سنة (يوحنا 20:2)، وقد سُمِّي هيكل هيرودس بالهيكل الثالث، وهو البناء الذي زاره الرّب يسوع المسيح كثيرًا، وعلّم في ساحاته.
تنبأ الرب يسوع بدمار الهيكل كما نقرأ في مرقس 1:13-2: "وَفِيمَا هُوَ خَارِجٌ مِنَ الْهَيْكَلِ، قَالَ لَهُ وَاحِدٌ مِنْ تَلاَمِيذِهِ: يَا مُعَلِّمُ، انْظُرْ! مَا هذِهِ الْحِجَارَةُ! وَهذِهِ الأَبْنِيَةُ! فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: أَتَنْظُرُ هذِهِ الأَبْنِيَةَ الْعَظِيمَةَ؟ لاَ يُتْرَكُ حَجَرٌ عَلَى حَجَرٍ لاَ يُنْقَضُ." وفعلًا تمّت كلمات الرب يسوع سنة 70م عندما جاء الرومان بقيادة الجنرال تيطس ودمروا أورشليم والهيكل تدميرًا تامًا.
في زيارته الأخيرة لأورشليم، أي قبل صلبه بعدّة أيّام، رأى الرّب يسوع هيكل أورشليم بحالة تثير الغضب المقدَّس. فالمكان الذي كان من المفترض أن يكون مقدسًا ومخصَّصًا لعبادة الله بخشوع وورع وتقوى، أصبح مغارة لصوص، ممّا حرَّك مشاعر ربِّ المجد ليعمل على تطهيره. "وَدَخَلَ يَسُوعُ إِلَى هَيْكَلِ اللهِ وَأَخْرَجَ جَمِيعَ الَّذِينَ كَانُوا يَبِيعُونَ وَيَشْتَرُونَ فِي الْهَيْكَلِ، وَقَلَبَ مَوَائِدَ الصَّيَارِفَةِ وَكَرَاسِيَّ بَاعَةِ الْحَمَامِ وَقَالَ لَهُمْ: مَكْتُوبٌ: بَيْتِي بَيْتَ الصَّلاَةِ يُدْعَى. وَأَنْتُمْ جَعَلْتُمُوهُ مَغَارَةَ لُصُوصٍ." (متى 12:21-13) عند وصول الرب يسوع إلى الهيكل دخل أولًا الساحة العامة الأولى، والتي كانت تسمى ساحة الأمم. هناك رأت عيناه منظرًا غريبًا كان سببه بالتّأكيد التدهور الأخلاقي والانحطاط الرّوحي، وما رافقه من ممارسات شريرة خلال الاحتفال بعيد الفصح.
كان على كل إنسان في عيد الفصح أن يقدِّم ذبيحة للرب. لذلك فلا بد من توفّر الغنم لهذه الذبيحة، وكانت العادة أيضًا أن تقدّم ذبائح شكر لله، وكان البقر يُستخدم لهذه الذبائح. أما الحمام فكان يقدَّم لله من قِبَلِ الفقراء. وهكذا كان على كل المحتفلين بعيد الفصح أن يُحْضِروا معهم حيوانات معيّنة لتقدَّم ذبائح لله في الهيكل. وَوَلَّدت الحاجة إلى الغنم والبقر والحمام فرصة الإثراء للكهنة الجشعين الذين كانوا يُشرفون على الهيكل. أي أن رجال الدين استغلّوا حاجة الناس لشراء الحيوانات، إلى تحويل ساحة من ساحات الهيكل إلى سوق للتجارة.
من جهة القادمين إلى العيد من المناطق المختلفة، فإن وجود الذبائح قرب المذبح في الهيكل كان مصدرَ راحةٍ لهم، غير مدركين أن رجال الدين هم الذين كانوا أصحاب هذه الحيوانات، وأنهم بالتالي يتحكَّمون بأسعارها كما يريدون. كذلك فإن الذبائح المقدّمة محرقات للرب، كانت في النّهاية تعود إلى رجال الدين أنفسهم، حيث كان يتمّ حرق أجزاء محدَّدة من الذبيحة للرب، أما الجزء الباقي فكان طعامًا لرجال الدين وعائلاتهم.
كذلك أنشأ رجال الدين من كهنة الهيكل سوقًا لصرافة النقود. فبحسب تقاليد رجال الدين، كان ممنوعٌ على الناس أن يشتروا الذبائح المقدّمة لله بنقودٍ غريبة، أي كان على المصلّي أن يشتري الذبيحة المقدّمة لله بنقودٍ خاصّةٍ بالهيكل، والتي وحدها تُعتَبَر طاهرة في نظر اللّصوص من رجال الدّين، في حين أن الدينار الروماني أو الدراخما اليونانية، أو غيرها من عملات الدول الأخرى التي كان يستخدمها رجال الدّين أنفسهم في حياتهم اليوميّة، فكانت تُعتَبَر نجسة. وهكذا كان على الناس عند الوصول إلى الهيكل أن يقوموا بشراء عملة الهيكل أوَّلًا قبل شراء الذبائح. وكانت هذه التجارة بالمال مصدر ثراء فاحش للكهنة وأحزابهم الدينية، وما تزال كذلك حتّى أيامنا، فتجارة المال والبنوك هي التّجارة الأكبر في العالم. زِدْ على ذلك أنه كان على كل إنسانٍ بالغ من الشّعب القديم أن يقدِّم ضريبة سنويّة للهيكل بقيمة نصف شاقل، وبالتالي فالحاجة للصرافة كانت مستمرّة في الهيكل.
إن ما كان يقوم به الكهنة يُحزِنُ قلب الله، خاصة وأن الفقراء كانوا يُسْلَبون من أجل ثراء رجالِ الدين وترفهم الزائد. ومما زاد من شرِّ هذه الممارسات هو أنها كانت تتمُّ في الهيكل الذي كان من المفترض أن يكون مكان لقاءٍ بين الله وشعبه، ولكنه تحوَّل إلى مغارة لصوص بقيادة رعاة الشعب الذين رعوا أنفسهم ومناصبهم ومكاسبهم وامتيازاتهم، مستغلِّين ذات الشعب الذي كان عليهم رعايته.
كان التديُّن الخارجي الزائف، مصدرًا لشرور كثيرة، وكان رجال الدين يعرفون تمامًا كيف يستغلّون طيبة قلوب الفقراء وتقواهم وسعيهم لإرضاء الله. أي أن دوافع الإنسان العادي كانت عبادة الله، في حين أن دوافع كهنة الهيكل كانت المال والمنصب والسلطة.
وللأسف الشديد، لم يتغيَّر هذا الوضع في أيّامنا، فالتّديُّن الخارجي المزيَّف ما يزال سائدًا، وما تزال التجارة تُمارَس في أماكن العبادة، وإن أخذت صورًا مختلفة وأكثر دهاءً وحيلة.
لقد كانت حالة هيكل أورشليم بحاجة إلى تطهير من شرِّ محبة المال واستغلال الفقراء والناس الطيِّبين. كان لا بدَّ من وجود من لديه القدرة والسلطة والشجاعة ليقوم بهذا العمل، قبل أن تأتي دينونة الله على المكان، وكان الرب يسوع هو الوحيد القادر على ذلك، فهو الوحيد الّذي يطهر كلّ شيء، وخصوصًا قلوبنا في حالة توبتنا وعودتنا إلى الله. نقرأ في رسالة يوحنّا الأولى 9:1 "ِإنِ اعْتَرَفْنَا بِخَطَايَانَا فَهُوَ أَمِينٌ وَعَادِلٌ، حَتَّى يَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَيُطَهِّرَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ."

المجموعة: أيلول/ سبتمبر 2023

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

416 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10630236