Voice of Preaching the Gospel

vopg

في مناسبة ضمّت العديد من الأصدقاء... وخلال التواجد بينهم اقترب مني أحدهم وعرّف باسمه وقال: لديّ سؤال حيّرني،

أودّ لو أستوضح رأيك فيه، وعرض ما لديه فقال:
حصلت على نسخة من الكتاب المقدس لأوّل مرة في حياتي قبل بضعة أسابيع، وبينما كنت أتامّل بما ورد فيه لاحظت شيئًا أدهشني، إذ وجدت أن الكتاب المقدس يحتوي على توراة اليهود وإنجيل المسيحيين معًا في كتاب واحد! وبعلمي أن اليهودية تخالف المسيحية منذ نشأتها قبل ألفي عام، فكيف لتوراة اليهود وإنجيل المسيحيين أن ينسجما معًا ويُشكِّلا كتابًا واحدًا؟! فقلت للصديق:
هناك حقيقة غائبة عن أذهان الكثيرين، وهي أن ديانة الله هي ديانة واحدة، ومسيرتها واحدة من يوم آدم إلى أن تنتهي الحياة على وجه الأرض. فالله لا يتعامل مع ديانات متعدّدة يتنقّل بينها... فهو ربٌّ واحد، وجنته واحدة، ومبدأه واحد... هو ربٌّ قدوس يكره الخطية. ولأنه قدوس، يريد من خلائقه أن يعيشوا القداسة ليدخلوا جنته متصالحين معه. فمن بدء الخليقة بعدما سقط آدم وحواء في المعصية وطُرِدا من الجنة، ولأنه إله عادل، ومحبّ، ورحيم، وحنّان، فتح فرصة لنجاة الناس والتصالح معه، فوعد من لحظة السقوط بمجيء ابن المرأة الذي سيسحق رأس الشيطان المتسبِّب بإغواء أبوينا (تكوين 3). وابن المرأة هذا هو المسيح ابن مريم... لاحظ أن كل الناس ينتسبون لآبائهم ما عدا المسيح؛ انتسب بهيأته الجسدية لأمه التي تجسّد في أحشائها.
فالوعد بمجيء المنقذ (المسيح) ابن المرأة ورد في التوراة، وتتميم النبوة ورد في الإنجيل، ولذلك فعلاقة التوراة بالإنجيل علاقة متلاحمة لا يمكن الفصل بينهما. ثم لا تنسى يا صديقي أن التوراة هي توراة الله وليست بالضرورة توراة اليهود. والإنجيل كذلك هو إنجيل الله وليس للمسيحيين وحدهم، وبالإنجيل يُخاطب الله كل الشعوب ليتصالحوا معه.
وعندما جاء (المسيح) ابن المرأة متجسّدًا في أحشاء العذراء الطهور، نادى وعلَّم وصنع ما صنع من معجزات كشفت عن هويّته، ثم اختُتِمت حياته على الأرض بالصلب لفداء البشرية، وبصليبه الكفاري تحقّقت النبوة الواردة في سفر التكوين أصحاح 3، إذ بالصليب انكسرت شوكة العدو فيمن قبلوا فداءه.
فقصة السقوط عرّفتنا بها التوراة، ثم جاء الإنجيل وكشف للبشرية عن خطة الله لخلاص الناس والعودة إلى الجنة التي طُردنا منها... فالعلاقة بين التوراة والإنجيل هي علاقة مسيرة واحدة بخطة متكاملة.
والانسجام حاصل بين كلام الله في التوراة، وكلام الله في الإنجيل - وليس بين اليهودية والمسيحية - فاليهودية على خلاف مع المسيحية والخلاف قاتل، فهم رغم كل النبوءات الواضحة في توراتهم عن المسيح، لم يقبلوه والسبب يكمن في فتاوي كهنتهم، لكن كثيرين منهم على مرّ التاريخ آمنوا بالمسيح وصاروا من شعبه.
ثم لاحظ معي أن الخلاف الديني بيننا وبين اليهود الرافضين للمسيح، لم يدفعنا لتكفير توراتهم واتهامها بالتزوير أو التحريف كما يفعل البعض اليوم في اتهام الإنجيل بالتحريف... فلو فعلنا لدخلنا في حلقة مفرغة من جدل عقيم، وحصرنا أنفسنا في زاوية مغلقة يصعب الخروج منها، وخسرنا هذا التآلف والانسجام بين التوراة والإنجيل، فالتوراة بالنسبة لنا هي حجتنا الدامغة في وجه كل يهودي ناكر للمسيح... فلو انقطعت علاقة الإنجيل بالتوراة بدافع خلافنا الديني معهم كأفراد لأصبح إنجيلنا كطير يُغرد وحده خارج السرب، لكننا نحتفظ بتوراتهم ونقرّ بها، فهي حجتنا عليهم. لاحظ معي ما ورد في نبوات توراتهم التي تشهد للحق:

1- أنبأت التوراة عن ولادة المسيح من عذراء (سفر إشعياء 7) وتحققت النبوة ووُلد المسيح من عذراء طهور. تقول النبوة: "ها العذراء تحبل وتلد ابنًا وتدعو اسمه عمانوئيل." والنبوة حصلت ووُلد المسيح في بيت لحم. وتبنّت شعوب الأرض تاريخ ميلاده بسبب عظمة الحدث ليكون تقويمًا عامًا لكل الأرض.

2- وأنبأت التوراة بوضوح أن المسيح سيُولد في بيت لحم (ميخا 5). تقول النبوة: "أما أنتِ يا بيت لحم... فمنكِ يخرج لي الذي يكون متسلّطًا على إسرائيل، ومخارجه منذ القديم، منذ أيام الأزل." فنبوة ميخا تشهد عن مكان الولادة المنتظرة... وتشهد عن أزلية مولود بيت لحم. وأتساءل: هل من أزلي غير الله؟

3- وأنبأت التوراة بموت المسيح مثقوب اليدين والرجلين، الشيء الذي تمّ بالصليب (مزمور 12:22-19). ثم في سفر إشعياء 53 تفاصيل أخرى تتحدّث عن آلام المسيح المصلوب التي تحمَّلها لفداء كل من يقبل فداءه.

4- وأنبأت التوراة عن تفاصيل هوية مولود بيت لحم في إشعياء 9: "ويُدعى اسمه عجيبًا، مشيرًا، إلهًا قديرًا، أبًا أبديًا، رئيس السلام." والتوراة فيما تقوله هي توراة اليهود، والمسيحيون لا يقدرون أن يعبثوا بها فيحرِّفوها أو يزوِّروها لصالحهم لتنطق بمثل هذه البيانات!

5- وتقول نبوءة دانيال: "كنت أرى في رؤى الليل وإذا مع سحب السماء مثل ابنِ إنسانٍ... فأُعطِيَ سلطانًا ومجدًا وملكوتًا لتتعبَّد له كل الشعوب... سلطانه سلطانٌ أبديٌّ ما لن يزول، وملكوته ما لا ينقرض." (دانيال 13:7-14)
تعبير "ابن الإنسان" هناك، المقصود به المسيح ابن الإنسان... والتعبير ورد في الإنجيل مرات عديدة للتذكير بتجسّده من العذراء الطهور. لم يرد مثل هذا التعبير في كل أسفار الكتاب المقدس سوى عن المسيح!

هنا أقول لقارئي الكريم: عندما تقرأ هذه النبوة، ألا يُدهشُك ما ورد فيها من أوصاف نطق بها الوحي ولا يمكن أن تُنطَق على غير الله؟! مثل قوله: "تتعبّد له كل الشعوب والأمم والألسنة!" فمن الذي تتعبّد له كل الشعوب والأمم والألسنة غير الله؟! ومثل وصفه لسلطانه بالقول: بأن "سلطانُه سلطانٌ أبديٌّ ما لن يزول، وملكوته ما لا ينقرض." فمن في الدنيا يُمكن أن يوصَف بمثل هذا؟! عِلمًا بأن اليهودية والمسيحية تشدّدان على وحدانية الله ولا إله سواه.

المجموعة: أذار (مارس) 2023

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

108 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10628011