Voice of Preaching the Gospel

vopg

السعادة لا تُكتسب بالمال أو بالجمال أو بالمركز... ولا بالمتعة والشهوات... ولا بالنجاحات ولا بعلو المقام

ولا بما حقّقناه من أهداف... ولا ننكر أن مثل هذه الأمور فيها شيء من السعادة الوقتيّة. فالملك سليمان الذي اختبر كل أنواع المتع خلص بالقول: "وَمَهْمَا اشْتَهَتْهُ عَيْنَايَ لَمْ أُمْسِكْهُ عَنْهُمَا. لَمْ أَمْنَعْ قَلْبِي مِنْ كُلِّ فَرَحٍ، لأَنَّ قَلْبِي فَرِحَ بِكُلِّ تَعَبِي. وَهذَا كَانَ نَصِيبِي مِنْ كُلِّ تَعَبِي. ثُمَّ الْتَفَتُّ أَنَا إِلَى كُلِّ أَعْمَالِي الَّتِي عَمِلَتْهَا يَدَايَ، وَإِلَى التَّعَبِ الَّذِي تَعِبْتُهُ فِي عَمَلِهِ، فَإِذَا الْكُلُّ بَاطِلٌ وَقَبْضُ الرِّيحِ، وَلاَ مَنْفَعَةَ تَحْتَ الشَّمْسِ." (جامعة 10:2)
أين طريق السعادة في سنة جديدة؟
قال الرسول بولس: "أَيُّهَا الإِخْوَةُ، أَنَا لَسْتُ أَحْسِبُ نَفْسِي أَنِّي قَدْ أَدْرَكْتُ. وَلَكِنِّي أَفْعَلُ شَيْئًا وَاحِدًا: إِذْ أَنَا أَنْسَى مَا هُوَ وَرَاءُ وَأَمْتَدُّ إِلَى مَا هُوَ قُدَّامُ، أَسْعَى نَحْوَ الْغَرَضِ لأَجْلِ جَعَالَةِ دَعْوَةِ اللهِ الْعُلْيَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ." (فيلبى 13:3-14)، تبرز أمامنا ثلاثة أفعال: أنسى، أمتدّ وأسعى. وهي عبارة عن قلادة ثمينة تزيّن السنة الجديدة بالسعادة - إذا استطعنا أن نفهمها ونطبّـقها... ننسى سلبيات الماضي، ونمتدّ إلى المستقبل بتطلّعات إيجابية، ثم نعمل جاهدين لتحقيق الهدف الذي يتضمّن مجد المسيح وعمل إرادته.

الخطوة الأولى في هذه القلادة: "ننسى" التي بدونها لا نستطيع أن نمتدّ أو نسعى. فماذا ننسى من الماضي؟
نقرأ في تكوين 17:19 عن خروج لوط وعائلته من سدوم وعمورة، ولقد حذّرهم الرب قائلًا: "اهرُبْ لحياتك. لا تنظر إلى ورائك، ولا تقف في كل الدائرة." والرب يحذّرنا: لا تنظر إلى الوراء ولا تقف في مكانك، بل تحرّك إلى الأمام وتقدّم، فمن يقف في مكانه ويتطلّع إلى الوراء يصير عمود ملح كما حدث مع امرأة لوط.
فإن كان الرب قد حفظك من شرور سدوم وعمورة وأخرجك منها فلا تنظر إلى الوراء.
ما الذي ننساه من الماضي؟ الجواب، لا ندخل العام الجديد ونحن لابسين ثوب العام القديم المهلهل والمتسخ بأمور كثيرة.
سأل أحد خدام الله سؤالًا لشعبه: من منكم له سيارة، وفي مرة من المرات رفع فرامل اليد في سيارته (Hand Brake) وأدارها، ماذا يحدث؟ طبعًا، السيارة لا تسير إلى الأمام ولا تتحرّك! احذر من أن تدخل العام الجديد وأنت رافع "فرامل اليد" في حياتك، لأنه سيعطّلك عن التقدّم.

1- إنسَ نجاحات الماضي
قد يكون نجاح الماضي محفّزًا لنجاحات أخرى في حالة التواضع والاتّكال على الرب - مصدر كل نجاح - ولكن في ذات الوقت قد يكون معطّلًا ومفشِّلًا في حالة الكبرياء والافتخار والاتّكال على الذات... وهذا يعطّل السعي إلى الأمام، لذلك يقول الرسول بولس: "أنا لست أحسب نفسي أني قد أدركت." وكأنه يقول: مهما كانت نجاحاتي في الخدمة، وفي كتابة الأسفار المقدّسة، وزرع الكنائس العديدة، وتلمذة العديد من الأتباع، فإنني أظلّ غير مدركٍ بعد، لم أصل إلى الهدف والغرض الذي جعلني الرب خادمًا له. فكم بالحري نحن، مهما كانت نجاحات الماضي، فهي ليست منّا بل من الله. "إله السماء يعطينا النجاح ونحن عبيده نقوم ونبني." "وكان الرب مع يوسف فكان رجلًا ناجحًا." فلا نتكبّر ونتّكل على الذات أو نتوقّف عن السعي والجهاد.

2- لننسى الأخطاء والخطايا التي ارتكبناها حتى لا نشعر بالذنب
ويجب أن نفهم أن أمام الله، لا توجد خطايا كبيرة وخطايا صغيرة، فالخطية هي خطية سواء كانت كبيرة أم صغيرة لأنها كسر للوصية، لذلك وضع الله قائمة الخطايا المدانة الكبيرة ومعها، ما نظنّ أنها صغيرة في قائمة واحدة في رؤيا 8:21 "وَأَمَّا الْخَائِفُونَ وَغَيْرُ الْمُؤْمِنِينَ وَالرَّجِسُونَ وَالْقَاتِلُونَ وَالزُّنَاةُ وَالسَّحَرَةُ وَعَبَدَةُ الأَوْثَانِ وَجَمِيعُ الْكَذَبَةِ، فَنَصِيبُهُمْ فِي الْبُحَيْرَةِ الْمُتَّقِدَةِ بِنَارٍ وَكِبْرِيتٍ، الَّذِي هُوَ الْمَوْتُ الثَّانِي."
هذه الخطايا هي فرامل اليد التي تعطّل تقدّمك وامتدادك للأمام.
بولس، الذي اضطهد الكنيسة وسجَنَ وقتلَ العديد من المؤمنين، اعترف قائلًا: "أنا الذي كنت قبلًا مجدِّفًا ومضطهدًا ومفتريًا. ولكنّني رُحمتُ، لأني فعلت بجهلٍ في عدم إيمان." (1تيموثاوس 13:1) ولكنه يقول: "أنسى ما هو وراء وأمتدّ إلى ما هو قدّام."
بطرس، الذي أنكر الرب يسوع المسيح نسي ماضيه فحوّله المسيح إلى شاهدٍ أمين له... وتوما الذي شكّ نسى ماضيه، فاستخدمه الرب في التبشير... كلّ هؤلاء وغيرهم، نسوا ما وراء وامتدّوا إلى ما هو قدّام.
ربما كان العام الماضي مملوءًا بالسقطات والضعفات والخطايا سواء كبيرة أو صغيرة... تعال الآن أمام الرب واعترف بها وقدِّم توبة صادقة فيمحوها الرب من حياتك ويطرحها في بحر النسيان، نزِّلْ من فضلك "فرامل اليد" ودعْ حياتك تتقدّم للأمام، اخلَعْ الثوب القديم والبَسْ الجديد. "أَنْ تَخْلَعُوا مِنْ جِهَةِ التَّصَرُّفِ السَّابِقِ الإِنْسَانَ الْعَتِيقَ الْفَاسِدَ بِحَسَبِ شَهَوَاتِ الْغُرُورِ، وَتَتَجَدَّدُوا بِرُوحِ ذِهْنِكُمْ، وَتَلْبَسُوا الإِنْسَانَ الْجَدِيدَ الْمَخْلُوقَ بِحَسَبِ اللهِ فِي الْبِرِّ وَقَدَاسَةِ الْحَقِّ."

3- إنسَ الذكريات المؤلمة وإساءات الآخرين
في حياة كلّ واحدٍ ذكريات مُفرحة أو مؤلمة... جروح من الناس، سواء من الأقرباء أو الأصدقاء... أو غدر من أشخاص لم نتوقّعه منهم، كما حدث ليوسف الذي غدر إخوته به؛ ولكنّه نسي ما فعلوه معه إذ رموه في البئر وباعوه كعبد. ونسي افتراء امرأة فوطيفار عليه، والظلم الذي وقع عليه ونسِيَ آلام السجن. ثم قال أخيرًا لإخوته: "فَالْآنَ لَيْسَ أَنْتُمْ أَرْسَلْتُمُونِي إِلَى هُنَا بَلِ اللهُ. وَهُوَ قَدْ جَعَلَنِي أَبًا لِفِرْعَوْنَ وَسَيِّدًا لِكُلِّ بَيْتِهِ وَمُتَسَلِّطًا عَلَى كُلِّ أَرْضِ مِصْرَ." (تكوين 8:45)
إنسَ الذكريات المؤلمة، واغفر ليغفر الرب لك، ويستجيب صلواتك، فيستريح ضميرك.

4- إنس الآلام والأحزان والخسائر الماضية
نسي بولس آلام الشوكة في جسده، وآلام السجن والجلد والضرب والاحتقار والمتاعب التي قاساها من إخوة كذبة واتّكل على نعمة المسيح التي كانت تقوّيه.
ربما تألّمت في الماضي لأنك فقدت بعض الأحباء الذين رحلوا عنك فجأة، أو بسبب خسارة مادّية، أو فقدت عملًا أو وظيفة، أو مالًا... أو ربّما تألّمت بسبب إهانة أو جُرِحَتْ سمعتك... أو بسبب خسارة صديق أو شريك في العمل، أو قريب... اخلَعْ عنك ثوب الحزن والندم والبَسْ ثوب الفرح، أنزِل فرامل اليد، لكي تمتدّ إلى ما هو قدّام.

س: كيف أنسى والذكريات محفورة في أعماقي؟ وهي تقفز من وقت إلى آخر إلى ذهني، وقد تركت آثارها العميقة في داخلي، فما هو العلاج؟

1- ركّز على يسوع المتألّم من الأحباء ومن خاصته، ومن الذين صنع بينهم ولهم المعجزات، وصلّى لأجلهم قائلًا: "يا أبتاه، اغفر لهم، لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون."
2- ركّز على نعمة يسوع التي تعلّمك أن تنسى الذكريات المؤلمة: يقول بولس: "وَأَنَا أَشْكُرُ الْمَسِيحَ يَسُوعَ رَبَّنَا الَّذِي قَوَّانِي، أَنَّهُ حَسِبَنِي أَمِينًا، إِذْ جَعَلَنِي لِلْخِدْمَةِ." (1تيموثاوس 12:1)
3- انظر إلى المستقبل وتعلَّم دروسًا من الماضي تفيدك في المستقبل
أنزِل فرامل اليد - فرامل الخطايا - فاعترف بها وتب عنها... فرامل الذكريات المؤلمة – فرامل الحزن والألم والخسارة والفشل وقل: "لا تشمتي بي يا عدوّتي، إذا سقطت أقوم..."
اتّكل على نعمة المسيح فتمتدّ إلى الأمام، وإن كان النسيان بركة كما ذكرنا، لكنّه لعنة إن كنا ننسى إحسانات الرب. يقول داود في مزمور 103 "بَارِكِي يَا نَفْسِي الرَّبَّ، وَكُلُّ مَا فِي بَاطِنِي لِيُبَارِكِ اسْمَهُ الْقُدُّوسَ. بَارِكِي يَا نَفْسِي الرَّبَّ، وَلاَ تَنْسَيْ كُلَّ حَسَنَاتِهِ."
"إنه من إحسانات الرب أننا لم نفن..." لا ننسى معيّة الله لنا كلّ الأيام، ونعمة الله التي تعطينا ما لا نستحقّه، ورحمة الله التي ترفع عنّا العقاب الذي نستحقّه بل نشكره ونمجّده.
ونحن في بداية عام 2024 لنقف وقفة جادّة مع النفس وأمام الله ونصفّي حساباتنا مع أنفسنا ومع الآخرين ومع الله، فنتمسّك بطريق السعادة.

المجموعة: شباط (فبراير) 2024

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

219 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10628514