Voice of Preaching the Gospel

vopg

ما هي قائمة أعمال شابٍ أو شابة ليوم العرس؟ كلّ ما فيها لسعادة صاحب الفرحة ورفاهيّته.

كيف قضى عظماء الأرض أيّام فرحهم وانتصاراتهم؟ هيرودس صنع عشاءً في يوم مولده، وكان جلّ تركيزه على مسرّته إلى درجة أنه أَمَرَ في ذلك اليوم بقطع رأس يوحنا المعمدان مكافأة لراقصةٍ خبيثة أسْعَدَتْهُ. وأحشويرش في يوم وليمته الملكيّة أصدر أمرًا بطرد زوجته وشتي، وعكسة بنت كالب استغلّت فرصة يوم عرسها لتطلب مزيدًا من الإرث من أبيها. أمّا يسوع فيوم دخوله الظافر إلى أورشليم، بكى على المدينة وأهلها، وشفى المرضى، وطهّر الهيكل، ودافع عن الأطفال وتلاميذه المرنّمين.
أمّا قمّة إخلاء الذات في رئيس إيماننا فنراها في يوم قيامته المجيدة. فماذا كانت قائمة أعمال يسوع في يوم انتصاره العظيم؟ ظهر في الفجر للمجدليّة لكي يعزّيها ويمسح دموعها، ثم لبطرس ولا نعلم الحوار بينهما، ولكن يعتقد الشرّاح أنّ بطرس الذي بكى خارجًا بكاءً مرًّا أعطاه يسوعنا الحنون فرصة ليبكي عند قدميه، وفي ختام يومه ظهر لتلاميذه النائحين الخائفين، لكنّ يسوع قضى معظم نهاره مع شخصين كئيبَين عابسَين.
وينفرد الطبيب لوقا في ذكر هذه الرواية عن اثنيْن من تلاميذه اسْوَدّ نهارهما، أحدهما كليوباس، وهو على الأرجح كلوبا، وزوجته مريم أخت مريم أم يسوع التي يذكر الرسول يوحنا أنها بقيت عند الصليب مع مريم أمّه (يوحنا 25:19). أي أنه زوج خالة يسوع. ويعتقد كثيرون أنهما كانا كليوباس وزوجته مريم راجعَين إلى بيتهما في مدينة عمواس شمال شرق القدس، على بعد حوالي 11 كم منها، بعد قضاء الفصح وما صاحبه من آلام يسوع. معنى عمواس ينابيع حارّة، وها هما يسيران نحو الينابيع ولكنهما ظمآنان جدًّا، وكآبة قلبيهما تنعكس على وجهيهما. فماذا فعل يسوع؟ وماذا نتعلّم منه؟

1- المبادرة لمساعدة الكئيب
اقترب إليهما يسوع نفسه في يوم القيامة وأُمسِكَتْ أعينهما عن معرفته، ويقول مرقس: "ظهر بهيئة أخرى." (12:16) ومشى يسوع معهما، والمشي رائعٌ للمكتئبين. وسألهما، "ما هذا الكلامُ الذي تتطارحان به وأنتما ماشيان عابسَيْن؟" وبلغتنا الدارجة "مكشّرين". يُنسب لأحد القدّيسين القدماء قوله، لماذا نجاهد ووجوهنا عابسة؟ ألسْنا ورثةً للحياة الأبدية؟ اتركوا العبوس للوثنيّين! أمّا الأبرار والقدّيسون فحريٌّ بهم أنْ يمرحوا ويبتسموا لأنهم يستمتعون بالرّوحيّات. ويسوع يسألنا بعد قيامته المنتصرة، لماذا أنتم عابسون؟ لنفرح ونبتسم إذا كنّا نرنم،
ربّي معي يسير في المروجِ
نحكي معًا كالخلّ للخليلْ
يضمّني بمرحٍ بهيجِ نمشي معًا بفرحٍ جزيلْ

2. فنّ الاستماع
وسمح لهما يسوع بحكمته أن يكشفا ما في القلب، وهذا ما يفعله طبيب النفس الحكيم. بدأ كليوباس بسؤال، "هل أنتَ متغرّبٌ وحدك...؟" أي هل أنت من خارج البلد؟ سمع يسوع لهما كلّ الكلام الجارح المليء بالشكّ بقولهما، كان إنسانًا مقتدرًا، ولكنه صُلِبَ. تخيّلوا المسيح المُقام وهو يسمع (كان إنسانًا)، أنسيتم معجزاتي؟ ألم أُقم الموتى أمامكم؟ كان إنسانًا فحسب؟! والغريب أنهما يُقرّان بأنهما كانا يرجوان أنه سيفدي. وكيف يفديكم إن لم يمت؟ ثم تحدّثا عن النساء المحيِّرات.
كم من المرّات نقاطع الشاكي لأننا نريد أن نحتجّ أو نعطي العلاج والتعليم المناسبَيْن. ها هو كليوباس كأيّ رجلٍ يهوديّ، لا يعتبر شهادة النساء عن الملائكة، ولا شهادة مريم عن رؤية المسيح، لكنّه يعتبر بطرس وقوله "إنه لم يره"، هل تصدّق بطرس لو رآه ولا تصدّق مريم؟ وما أروع يسوع! يسمع حتى لكلامٍ بلا منطق من شخصين حزينين. ما أحوجنا لنتعلّم منه فنّ الاستماع بل الإصغاء! استمعوا بمحبّة واهتمام لشريك/ــة الحياة، ولأولادكم وللناس عمومًا ولا سيما المتضايقين.

3. كلمات الحكمة بعد الاستماع
وبّخهما يسوع بقوله، "أيها الغبيّان والبطيئا القلوب في الإيمان"، و "أمينة هي جروح المحبّ." المجد يسبقه ألم، هذا مبدأ وضعه الله حتى لابنه المبارك، "أما كان ينبغي أنّ المسيح يتألّمُ بهذا ويدخلُ إلى مجده؟". استمرّت هذه السفرة التعليمية حوالي 4 ساعات للوصول إلى عمواس. وبينما هم يمشون معًا، كان يسوع يشرح لهما الأمور المختصّة به في جميع الكتب. والله يتكلّم معنا في كل يوم، يعلّمنا ويرشدنا من كلمته. ربما تحدّث لهما عن حَمَلِ الفصح في سفر الخروج، وكيف رشّ الشعب دمه على أبواب بيوتهم كيلا يهلكوا، وربما عبر على المزمور 22 وما فيه من نبوّات عن آلام المسيح، ووصل إلى إشعياء 53 الذي يصف آلام المسيّا وصفًا دقيقًا، "وهو مجروحٌ لأجل معاصينا، مسحوقٌ لأجل آثامنا، تأديبُ سلامِنا عليه وبِحُبُرِهِ شُفينا، كلُّنا كغنمٍ ضلَلْنا، مِلْنا كلُّ واحدٍ إلى طريقِهِ، والربُّ وضعَ عليهِ إثمَ جميعِنا. ظُلِمَ أمّا هو فتذلّلَ ولمْ يفتحُ فاه، كشاةٍ تُساقُ إلى الذبح، وكَنَعجةٍ صامتة أمام جازّيها فلمْ يفتحْ فاه." وألهب يسوع قلبيهما وهو يكلّمهما حسبما شهدا لاحقًا. لم يسألا يسوع إلى أين أنت مسافر، فالكئيب يركّز على الذات. قد يتّصل بك صديقك، ويتحدّث عن مشاكله ومعاناته، وبعد نصف ساعة يودّعك دون أنْ يسأل عن حالك، ولعلّ يومك كان أصعب من يومه بكثير! مرّت الساعات برفقة المسيح بسرعة كما تقول الترنيمة:
في خَلوتي مع الحبيب يطولُ بيننا الكلامْ
تمضي الساعاتُ وقلبي في ملء السلامْ
فصوتُهُ شدوٌ رقيقْ وشخصُهُ نِعمَ الصديقْ

4. الصلاة تفتح العيون
وصلوا إلى مدخل عمواس، وقال يسوع لهما إنه سيكمل الطريق. خفيف الظلّ، ما ألطفه وما أحلاه! تظاهر أنه ذاهب إلى مكان أبعد. يقرع البابَ لنفتح له، ولا يدخل البيت دون عزيمة. ولكنهما ألزماه، امكث معنا. وفي الوقت نفسه، يسوع يقبل الدعوة، ويصلّي عندما يكسر الخبز. لنتعلّمْ منه أن نكون بركة للناس عندما نزورهم في بيوتهم، ونصلّي معهم. وكلمة "انفتحت" تأتي بمعنى انفتحت واسعًا، وعرفاه عندما صلّى وكسر الخبز، ربّما تذكّرا كيف كان يفعل ذلك من قبل، وربّما رأيا يديه المثقوبتين.

5. تبديد الحزن والردّ للشركة
ماذا فعل التلميذان في الحال؟ قاما في تلك الساعة ورجعا الطريق كلّه إلى أورشليم ليكونا مع باقي التلاميذ. والطريق الذي مشياه في حوالي 4 ساعات ربما قطعاه راكضَين في ساعتين، والرب كافأهما، وظهر لهما مرة ثانية مع باقي التلاميذ. وبينما هما يكلّمانَهم عن يسوع، اختبرا ما اختبرته النساء، فالتلاميذ لم يصدّقوهما (مرقس 13:16).

6. تعزية التلاميذ
في أفراح أيامنا، غالبًا ما يجتمع ذوو الناجح أو صاحب العيد في مكانٍ جميل مزيّن، ويحضّرون الأطعمة اللذيذة ليفاجئوا صديقهم. أما التلاميذ فكانوا ينوحون ويبكون خائفين في غرفة مغلقة، فما أضعفنا وأشقانا دون راعينا! وكانت المفاجأة الرائعة من يسوع، فقد وقف هو نفسه في وسطهم ظهورًا مجيدًا لم يَعبُرْ فيه الباب، وقال لهم سلام لكم! ثمّ أراهم آثار المسامير، وأراهم جنبه. يا لها من عبارة مؤثرة، فنحن لا نُري تشوّهات أجسامنا إلّا لعائلتنا والصديق المقرّب. وعوضًا عن الأطعمة الفاخرة التي تُعَدّ للاحتفالات، قدّموا لمليكهم المنتصر سمكًا مشويًّا وشهد عسل، وهو طعامهم العاديّ اليوميّ. وأكلَ يسوعنا اللطيف قدّامهم ليؤكّد لهم أنه ليس روحًا فحسب، وهكذا فرّح قلوبهم، ورفع أرواحهم. هذا ما يستطيع يسوع أن يفعله في حياتك وحياتي، يقترب إلينا، ويمشي معنا، يفسّر لنا كلامه، ويفتح ذهننا، ويغيّر الداخل ثم الخارج أيضًا، فالقلب الفرحان يجعل الوجه طلقًا. فهل نسمح له بأن يرافقنا في رحلة الحياة؟ وهل نسمح لكلمته بأن تلهب قلوبنا؟ ستنفتح العينان، وتزول الكآبة والأحزان، فيبتسم الوجه وينطلق اللسان بالشكر والعرفان، هللويا قد قام! وهو معنا إلى مدى الأزمان!

المجموعة: نيسان (إبريل) 2024

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

109 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10582789