"وطلبت من بينهم رجلاً يبني جدارًا ويقف في الثغر أمامي عن الأرض لكيلا أخربها، فلم أجد." (حزقيال 30:22)
لاحظ الراعي الكثرة الهائلة للحضور والتعزيات الرائعة في الاجتماع على غير عادة، فقد كان الحضور في المكان فيما مضى لا يتعدّى أصابع اليد، وكان الاجتماع فاترًا كأنه فرض ثقيل، ولم يعرف الراعي السبب. وبعد الاجتماع تقدّم حدّاد أمّي بسيط وقال للراعي أنه أغلق محلّه اليوم كله وقضى ذلك اليوم في الصلاة لأجل الاجتماع بدموع سخينة، ثم ظهرت ثمار هذه الدموع في نتائج الاجتماع.
في هذه الآية نرى نتائج خدمة فرد واحد من الشعب، وليس بالضرورة أن يكون من المسؤولين، فما هي الصفات المطلوبة في رجل الساعة المنشود؟
إن واجب رجل الساعة هو أن يقف في الثغر ويتشفع لأجل الخطاة، وأن يبني جدارًا أي يشهد للمسيح ويجاهد لبنيان ملكوت الله. وهذه هي الصفات المطلوبة فيه:
1. أن يكون نقيًا صدّيقًا مشهودًا له من الداخل والخارج بحياته الطاهرة. "فَإِنْ طَهَّرَ أَحَدٌ نَفْسَهُ مِنْ هذِهِ، يَكُونُ إِنَاءً لِلْكَرَامَةِ، مُقَدَّسًا، نَافِعًا لِلسَّيِّدِ، مُسْتَعَدًّا لِكُلِّ عَمَل صَالِحٍ."
عندما عُقدت اجتماعات انتعاشية في إحدى المدن كان الفتور يسودها؛ ثم اعترف المترجم بخطاياه واصطلح مع من اختلف معه، فبدأت حرارة الروح تسري في الاجتماعات وسالت دموع التوبة من عيون كثيرين.
2. أن يكون ممتلئًا بقوة من الأعالي. "فَأَقِيمُوا فِي مَدِينَةِ أُورُشَلِيمَ إِلَى أَنْ تُلْبَسُوا قُوَّةً مِنَ الأَعَالِي." إن السيد المسيح الذي أمر التلاميذ أن يذهبوا إلى العالم أجمع، أمرهم أيضًا أن يخدموا بعد أن يأخذوا مسحة علويّة. وقد صدق بوندز الذي قال: إن العظة غير الممسوحة، من إنسان غير ممسوح بالروح، تزيد السامعين قساوة وتحجرًا. وقال مودي: أعطوني أناسًا ممسوحين بقوة من الأعالي ونحن بقوة الله نغيّر خطاة إلى صالحين.
3. أن يكون سائرًا دائمًا بإرشاد الروح القدس. لقد منع الروح القدس التلاميذ أن يذهبوا إلى بعض الأماكن، وأمرهم أن يذهبوا إلى أماكن أخرى – لم يكن قتل موسى للمصري بإرشاد من الروح ولهذا فشل. كثيرًا ما نتسرع ونتهوّر في غيرة جسدية فتنتهي الخدمة بالفشل وقد تجلب ضررًا على ملكوت الله.
4. أن يكون منتصرًا في الصلاة. صام وصلّى إدوارد جوناثان قبل عظته الشهيرة "خطاة بين يدي إله غاضب"، فربح الآلاف للمسيح في عظة واحدة! وصام النبي موسى مرتين لأجل الشعب، وفي كل مرة ظل أربعين يومًا لا يأكل ولا يشرب – بل إن السيد المسيح مرة قضى الليل كله في الصلاة. إن أردنا انتعاشًا فعلينا بدلاً من أن نتكلم بمرارة وننتقد المسؤولين والرعاة والخدام، أن نقضي ليالي كثيرة في الصلاة بدموع لأجل الاجتماعات والخطاة ونصرف أيامًا في الصوم لأجل عمل الله، خاصة لأجل عائلاتنا ولأجل كل من هم حولنا ولأجل الجميع.
5. أن يكون ناكرًا لذاته. "إذا تواضع شعبي..." إن التواضع وإنكار الذات هما طريقان إلى النهضة، والذات أكبر معطل للنهضة. ألقى سبرجن عظة رائعة وبعد الاجتماع قال له أحد الأشخاص: ما أروع هذه العظة أيها الواعظ الشهير! فأجاب سبرجن: صدقني إن الشيطان قال لي نفس هذا الكلام!
كثيرًا ما ننتظر تقديرًا من الناس وننسى أن المسيح هو الذي يعمل فينا. فلننكر أنفسنا كي يتمجد المسيح وحده.
6. ألّا يستسلم للفشل. "عالمين أننا سنحصد في وقته إن كنا لا نكلّ." فالله لم يعطنا روح الفشل. لم يفشل نحميا في خدمته رغم الصعوبات. ولم يفشل الرسول بولس رغم الاضطهادات. ذهب مودي في أول خدمته فاشلاً إلى أحد القديسين، فقال له: اقرأ تكوين الأصحاح السادس كيف أن نوحًا عمل ما عليه، فنحن لسنا مسؤولين عن النتائج ولكننا مسؤولين عن الأمانة في خدمتنا.
علينا أن ننتهز الفرص للخدمة في وقت مناسب وغير مناسب وتوجد أوقات كثيرة يمكن أن نقدم فيها رسالة الله كالزيارات والعزاء والتهنئة.
لنتوقع دائمًا نتائج مباركة، فالصلاة بعدم إيمان هي صلاة فاشلة بينما الصلاة بإيمان هي كحبة خردل تنقل الجبال.
7. أن يكون تلميذًا للكتاب المقدس. نحن نكرز بالإنجيل، وكيف نكرز بإنجيل لا نحفظه ولا نفهمه؟ كان القديسون الأوائل متعمقين في الكتاب المقدس، وكلما دخلنا إلى العمق في دراسة الكلمة وتشبّعنا بها حصلنا على نتائج أفضل.
فكن أنت رجل الساعة المنشود.
