Voice of Preaching the Gospel

vopg

قد يصمم بعضنا عند ابتداء كل سنة جديدة على اتخاذ قرارات لتحقيق أهداف جديدة ومرامٍ أعلى في حياتنا الروحية. وربما تشعر أنت الآن بنوع من الرضا والاكتفاء بما أنجزته في العام الماضي. لا توجد أية مشكلة على وجه التحديد في أخذ قرارات لتطوير الخدمة والمسعى الروحي، لكن ينبغي أن يتم ذلك حسب توجيه الروح القدس، وفي ضوء كلمة الله، ومتطلبات الملكوت، والإدراك بالاحتياجات الحالية التي طرأت.

غير أن الخطورة تكمن في أن تشعر بالرضا عمّا حققته في السنوات الماضية متغاضيًا عمّا كان ممكنًا تحقيقه. أو ربما تكتفي بمديح الأصدقاء الذين يرضون بأي شيء تقوم به من دون تقييم حقيقي صادق لما أنجزته. فمن شأن هذا أن يفقدك الحماسة إلى إنجاز ما هو أفضل وأعمق وأكثر تأثيرًا.
هل تصارع مثل هذه الأمور؟ دعنا نتفق على شيء: يعمل الاكتفاء الذاتي على إحباط التقدّم والتطوّر وتدميره، ويفقدك التأثير في الخدمة. قال رجل الله أ. و. توزر: “إن الرضا عن الذات عدوٌّ لكل نموّ روحي.” والسؤال المطروح هو: كيف تعرف أن هذه العلّة تعيق التقدم؟ وإليك الإجابة في هذه المؤشرات الستة:

أنت تعتمد على التقليد: ليس التقليد مجرد ممارسة طقوس كنسية معينة مثل ارتداء ملابس معينة أو إنارة الشموع وغيرها. بل هو «قوالب جاهزة» لأساليب الخدمة لا تجرؤ على كسرها مع أنها تحول دون الإبداع. فالقوالب ليست الخدمة. قد يتسلل التقليد إلى أية كنيسة ويقلل فاعليّتها بغض النظر عن مذهبها اللاهوتي، واسمها البرّاق، وهويتها الطائفية. عندما تتمسك بالحرف والتقليد ربما تميل إلى تجاهل ما تعلّمه كلمة الله في الكتاب المقدس وروحها. وعندئذ تبدأ بالانحدار تدريجيًّا في طريق الموت الروحي. وقد تصيب هذه العلّة أكثر الكنائس محافظةً والتزامًا بمواعيد الاجتماع، والشكل الكنسي، والتديّن المظهري الخارجي كالنشاطات والشعارات والتفاخر بأمجاد الماضي. ربما التقليد بحد ذاته لا يمثّل المشكلة، لكن هناك خطورة عظمى على الاتكال على ما ورثناه فصار تقليدًا أعمى قاتلًا للخدمة وبعيدًا عن حياة مسيحية حقة.

أنت تتساهل مع الخطية (الخطايا الصغيرة طبعًا): الخطية خطية مهما حاولت صبغها فلا تراها كما تراها كلمة الله. لا تتساهل معها، فهذه الخطايا تبعدك عن الشركة العميقة مع الرب وتفقدك محبتك الأولى. فلا توجد قيمة كبيرة لخدمتك إذا لم تكن مدفوعة بتلك المحبة الأولى. لا تدع الخطايا تؤثر على قراراتك في الخدمة. إن الكنيسة مكان للشفاء من الخطية. ولا يتساهل الله القدوس مع الخطية، بل دفع ثمنًا باهظًا لكي يحررنا من قبضتها. ولهذا السبب نحن نستقبل كل الخطاة والمجروحين في كنائسنا لنحتضنهم ونظهر لهم محبة الله، لأن المسيح مات من أجلهم أيضًا. ونحن نعجب عندما نرى كنائس ومؤسسات مسيحية لا توبّخ أعضاءها عندما يرتكبون الخطية خوفًا من انزعاجهم وإغضابهم، وتبدأ بالتساهل شيئا فشيئًا حتى تصبح الخطية جزءًا من الكنيسة ومعطلًا لتقدّمها. ومن شأن تساهلك مع الخطية أن يحجب الله البركة عن أعضاء كنيستك. وعندما تغضّ النظر عن تصرفات بعض الأشخاص غير السليمة، وتحابي بالوجوه، فإنك تمنع السماء من أن تمطر بالخير على شعب الله. ولا يمكنك أن تدعو الآخرين بشجاعة وثقة إلى التوبة وأنت ما زلت تغازل خطاياك.

أنت لا ترى ثمر الخدمة: يجب أن تتعلم درسًا محوريًا في الخدمة من شجرة التين المذكورة في إنجيل مرقس 12:11-14. تجسّد هذه الحادثة التديُّن الشكلي الخالي من الثمر الحقيقي. كانت شجرة مرتفعة يراها الجميع، لكنهم لا يرون فيها ثمرًا. يجوع الناس الذين حولها، لكن المؤسف هو أنهم لا يأكلون منها.
فيما يلي نصيحتي لك: قيّم نفسك. افحص ما حقَّقته للرب في حقل الخدمة واعزم على أن تصنع ثمارًا تليق بالتوبة. هل ما زلت راضيًا ومكتفيًا بما أنت فيه، أم تشعر بأن هناك المزيد الذي ينبغي أن تفعله؟ لو قرأت الأعداد التي تلي حادثة شجرة التين، لوجدت يسوع في الهيكل يُخرج الذين كانوا يبيعون ويشترون. وصَلَ الاكتفاء الروحي عند رجال الدين آنذاك إلى درجة التجارة وممارسة الشر في بيت الله، حيث كانوا يقومون باستغلال الحجاج المسافرين إلى أورشليم لتقديم الذبائح ومحاولة بيعهم حيوانات الذبح لغرض الربح المادي الفاحش. فهل تنظر إلى كنيستك أو خدمتك على أنها تخدم مصالحك الشخصية بصورة أو بأخرى؟ إذا شاهدتَ ثمرًا، فلا تتوهّم أنك كنت قناةً صحيحة لعمل الله. فالله هو في نعمته وسيادته قادر على استخدام خدمتك الميتة. وبيت القصيد هو: ماذا يجد الرب يسوع لو دخل إلى كنيستك اليوم؟ هل سيجد دكانًا رخيصًا ومكتبًا للصيرفة ومقبرة روحية، أم منبرًا ناريًا تنطلق من خلاله الترانيم والتسابيح، وتتلى منه كلمة الله المقروءة والمسموعة والموعوظة، ويُولد أشخاص كثيرون ويكتسبون الجنسية السماوية؟ حذارِ من الاكتفاء الروحي الذي يوقفك عن إعطاء ثمر لملكوت الله.

أنت توقفت عن النمو الروحي: يجب أن يكون النمو الروحي محور اهتمامك اليومي والدائم. عندما تتوقف عن النمو الروحي ولو للحظة، فإنك تدخل منعطفًا يسلب منك فرحك وقوتك وسلامك. متى كانت آخر مرة رفعت فيها قلبك بالصلاة؟ متى كانت آخر مرة قرأت فيها كتابك المقدس؟
ربما تقضي ساعات وأيامًا في ترتيب أجمل المواعظ، لكنها خالية من القوة والتأثير مهما بذلت من جهد في تزيينها وتسمينها. والسبب بسيط. لا يوجد نمو روحي في حياتك. فما تعظه وتعلّمه نابع من معلومات ونظريات وليس من قلب مختبر. إن النمو الروحي هو شركة وطيدة مع المخلص... إنه اتصال مباشر بالسماء. تمسك بوصية الكتاب “بَلْ صَادِقِينَ فِي الْمَحَبَّةِ، نَنْمُو فِي كُلِّ شَيْءٍ إِلَى ذَاكَ الَّذِي هُوَ الرَّأْسُ: الْمَسِيحُ.» (أفسس 15:4) فلا تتوقّف إلى أن تصل إلى قياس قامة ملء المسيح كما ذكر الرسول بولس في الآيات السابقة من نفس الإصحاح. ولن يرتفع مستوى كنيستك أو مخدوميك الروحية أكثر من مستواك الروحي. ولا يمكنك أن تدعو إلى الانتعاش وأنت ممدد في قبرك. ينبغي أن تعظ بحياتك، أي بوزن حياتك الروحية من أجل ترسيخ مصداقيتك. وتذكّر أن توقّفك عن التقدم يعني تراجعًا لك. غير أن كلمة الله تطلب منا أن ننسى ما هو وراء – إنجازاتنا وفشلنا – ونتقدم إلى الأمام في أية ناحية إيجابية ممكنة. فبهذا يتمجد المسيح.

أنت تقوم بواجباتك فحسب: ربما لم تعد إلى خدمتك على أنها دعوة من الله. فمع مرور الزمن، انحطت الخدمة إلى وظيفة روتينية، حيث ينبغي لك أن تحضر عظة أو عظتين أسبوعيًا للمحافظة على رضا الجمهور (المتفرجين) واستحسانهم. لم تعد تتوق إلى إعلان جديد من كلمة الله الحية لتقدم وجبة روحية طازجة، بل ترضى بالعودة إلى الطعام البائت في الثلاجة، إلى عظاتك القديمة أو إلى اقتراض عظات الآخرين كاملةً آملًا ألّا يكتشف الآخرون فعلتك. فإن فعلت هذا، تكون قد حكمت على نفسك بعدم فاعليتك وتوقُّف دورك. ربما تبذل جهدك لتمليح رسالتك وتلميعها، لكن رسالة الله لا تحتاج إلى ذلك. فهي كاملة. لكنك تحاول أن تثير إعجاب جمهورك. وفي هذا المسعى، فإن بلاغتك أو الأدوات المصطنعة المستخدمة لتقديم رسالتك فإنما تعوقها، لأنها فاقدة للحياة. وهي لا تسد مسدّ المضمون الكتابي أو الحياة التي يبثها الروح القدس فيها.

أنت تنظر إلى الداخل ولا تبالي بالخارج: يجب أن تضع المأمورية العظمى التي أوصى بها الرب يسوع نصب عينيك. انظر حولك وإلى خارج أسوار كنيستك لتستدل على عمق الاحتياج للمسيح. فالعالم خارج الكنيسة يحتاج إلى يسوع... يحتاج إلى من يقدم المسيح ليس بالكلمة المنطوقة فحسب، بل بالمحبة والمساعدة والتشجيع. تنشغل كنائس كثيرة بأمورها الإدارية وترتيب خدماتها، أو بحل بعض أزماتها، ناسيةً أنها موجودة لتعلن عن محبة الله للعالم كله. لقد أوصانا الرب يسوع أن نكرز بالإنجيل للخليقة كلها (مرقس 15:16)، فكيف تنسى هذه الرسالة؟ يجب أن تضع نصب عينيك أن يسوع المسيح يستحق الأفضل. ولهذا ينبغي أن تكون خدمتك ذبيحة مقدسة مرْضية لديه. فكن على أفضل حالة روحيًا وستكون خدمتك حية مقبولة ومؤثرة في الملكوت.
صلاتي هي ألّا أكون مكتفيًا روحيًا بل رافضًا لكل تقليد لا يقربني من الله، وألّا أتساهل مع الخطية. أصلي أيضًا أن تفيض حياتي بثمر يليق بملكوت الله، وألّا أتوقف عن النمو الروحي، وألا أقوم بواجباتي فحسب بل أنظر إلى المأمورية العظمى والرسالة التي أخذتها من الرب يسوع المسيح. له كل المجد.

المجموعة: 2016

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

320 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10608551