Voice of Preaching the Gospel

vopg

شباط (فبراير) 2006

بحثنا حتى الآن في بعض الألقاب الواردة في سلسلة ألقاب المسيح، وغطّينا منها بأقصى ما يمكن من تبسيط أربعة من ألقابه وهي:

المسيح ابن الله

المسيح ابن الإنسان

والمسيح كلمة الله

وأخيراً المسيح عمانوئيل الذي معناه "الله معنا".

 

حقيقة إن كلّ لقب منها يعطي دلالة واضحة على هوية المسيح، من هو ولماذا جاء بالطريقة التي جاء فيها، وأين استقرّ به المشوار أخيراً.

في هذه الحلقة، اخترت لقباً آخر للمسيح يُعبّر عن هدف مجيء المسيح إلى العالم بالصورة التي جاء بها.

الكلمة التي نشير إليها هي كلمة نطق بها الملاك حين ظهر للعذراء وبشّرها بأنها اختيرت من الله لتحمل بالمسيح وهي عذراء، فقال لها: "وتسمّينه يسوع". وقبلت العذراء ما أُبلغت به بعد أن اطمأنت أن شرفها مصون، وأن سمعتها لن تكون في موضع تساؤل. ولم تخبر خطيبها يوسف بالأمر لأن الموضوع يخصّها مباشرة واعتبرته سراً بينها وبين الرب، والرب كفيل بالنتائج.

بعد ثلاثة أشهر أو أربعة، ظهرت علامات الحبل على خطيبة يوسف فأقلقه الأمر، وهو رجل بارّ مؤمن يثق بخطيبته ويدرك أنها إنسانة مؤمنة، لكن رغم ذلك ازداد شكّه، فاتخّذ قراره بإخلائها سراً بدون ضجيج أو تشهير. عندها ظهر له ملاك الرب في حلم الليل وقال له: "يا يوسف ابن داود، لا تخف أن تأخذ مريم امرأتك، لأن الذي حُبل به فيها هو من الروح القدس. فستلد ابناً وتدعو اسمه يسوع. لأنه يخلّص شعبه من خطاياهم".

ما يهمّنا هنا أن اسم "يسوع" جاء من السماء على لسان الملاك لمريم أولاً ثم ليوسف خطيبها ثانياً. ويؤكد لنا لوقا البشير في إنجيله في الأصحاح الثاني منه التزام العذراء ويوسف عند ولادة المسيح بأن سمياه "يسوع". يقول: "ولما تمّت ثمانية أيام ليختنوا الصبيّ سُمِّي يسوع كما تسمَّى من الملاك قبل أن حُبل به في البطن".

فكلمة "يسوع" كما نفهم من معناها تعني مخلّص. والملاك أكّد هذا ليوسف خطيب العذراء قائلاً: "وتدعو اسمه يسوع لأنه يخلّص شعبه من خطاياهم". فهو اسمٌ على مسمّى. والمعنى يتعلّق بالمهمّة التي جاء المسيح لأجلها وهي الخلاص. قرّاء الإنجيل يلاحظون أنه في جميع أسفار العهد الجديد تمرّ كلمة الخلاص بمشتقاتها عشرات المرّات، وكلّها يؤكد على أن الخلاص موقوف على المسيح لا غيره، وسأختار اثنتين منها:

الأولى في سفر أعمال الرسل الأصحاح الرابع، يقول والحديث هنا عن المسيح: "وليس بأحد غيره الخلاص. لأن ليس اسم آخر تحت السماء، قد أُعطيَ بين الناس، به ينبغي أن نخلص".

والثانية في 1تيموثاوس 15:1، يقول الرسول بولس: "صادقة هي الكلمة ومستحقة كلّ قبول: أن المسيح يسوع جاء إلى العالم ليخلّص الخطاة الذين أولهم أنا".

نفهم من كلّ هذا، أن المسيح في مجيئه قبل ألفَي عام، جاء لأجل غايةٍ واحدةٍ مركزية، وكلّ ما قام به كان يصبّ في ذات الغرض وهو خلاص البشرية من متاعب الخطية، ومؤثراتها وعقابها. فهو جاء ليصنع تغييراً في عمق النفس البشرية للفرد الذي يتقبّل خلاصه. فبولس، كان يشهد عن نفسه بأن المسيح خلّصه. قال: "صادقة هي الكلمة – أي كلمة الله في الإنجيل - ومستحقة كلّ قبول: أن المسيح يسوع جاء إلى العالم ليخلّص الخطاة الذين أوّلهم أنا". علماً بأن بولس كان متديِّناً قبل إيمانه بالمسيح، وكان على مبدأ الفريسيين، يؤمن بالله ويمارس العبادة والولاء للمبدأ الديني الذي له كيهودي. لكنه بعد أن صعقته الحقيقة وأدرك هوية المسيح، علمَ أن رصيده الروحي فاشل، فانحنى عندها أمام جلال المسيح المخلّص الذي ناداه بالصوت وعاتبه على أفعاله.

ولدينا شهادة قوية أخرى من الطبيب لوقا، وهو يوناني مؤمن بالمسيح، كتب إنجيل لوقا وسفر أعمال الرسل، وكان رفيقاً لمجموعة من خدّام الإنجيل في جولاتهم التبشيرية في آسيا الصغرى وأوروبا الوثنيتين آنذاك، فقال الوحي على لسانه بخصوص المسيح: "وليس بأحد غيره الخلاص". لماذا أيها الطبيب لوقا؟ لماذا تحصر الخلاص في المسيح وحده؟ يقول: "وليس بأحد غيره الخلاص لأن ليس اسمٌ آخر تحت السماء قد أُعطي بين الناس به ينبغي أن نخلص". هذه كلمات قوية، وهذا كلام وحيٍ مقدّسٍ لا يُنقض، يقول: لا يوجد اسم آخر تحت السماء بين الناس يقدر أن يخلص النفس الخاطئة غير يسوع. فذاك جاء خصيصاً لخلاص البشرية، ويحق له أن يكون مخلّصاً، لأنه هو من قدّم ثمن خلاصنا وارتضى طوعاً أن يكون بديلاً عنّا في تحمّل قصاص خطايانا فصار فدية لأجلنا. فَمَنْ قَبِلَه استفاد من فدائه، ومن تهاون، أو رفض، أو أجّل خسر، وبعد الخسارة الندامة. لكن بعدها لا ينفع الندم، لأن يوم الدين هو يوم النطق بالحكم، فلا شفاعة هناك، ولا فرصة لإعادة النظر في مواقف أسدل عليها الستار عند لحظة الوفاة.

لاحظ معي: إن كلمة "الخلاص" مصطلح غير مألوف في الديانات الأخرى. ويأتي السؤال: الخلاص من ماذا؟

فنجيب: معلوم لدينا جميعاً أن البشرية تعاني من مشكلة تتوارثها الأجيال منذ سقطة آدم. فآدم سقط، والبشرية سقطت معه لأنها كانت في صلبه، وآدم طُرد من حضرة الله وغادر الجنة، وطُردت البشرية معه، ومن حينها تعيش البشرية في أرض المنفى.

أما المعاناة، فأول تشخيص لها في التاريخ يعلنه الكتاب المقدّس في ما حصل بين الأخوين من أبناء آدم، قايين وهابيل، حين قام قايين وقتل أخاه هابيل. فكان هابيل أول من شربت الأرض دمه ظلماً، ومن يومها المعاناة متواصلة في نزاعاتٍ، وخصوماتٍ، ومحاسداتٍ، وحروب، ودمارٍ، واغتصاب، ومظالم عبر كلّ الأجيال وفوق كلّ أرض. وها هي القبور، والسجون، والمحاكم، وأجهزة الأمن كلّها تؤكّد أن حالة مشتركة بين كلّ أفراد البشرية تقف وراء المتاعب، والمظالم، والمآسي، والتحايل التي يعاني منها الناس. أيُعقل أن الله خلق الإنسان للمعاناة؟ ألم يخلقه ليعيش معه في جنته؟ ألم يميّزه عن باقي مخلوقاتنا من حيوان البرّ، وسمك البحر، وطيور السماء، والزحافات، وكلّ نبات الأرض؟ لماذا إذاً طرده من جنته؟ فالإجابة عن هذا تشخّص المشكلة وتبيّن أين ومتى غُرست بؤرة الفساد فلوثت قلوبنا، وعوّجت أخلاقنا، وحفزتنا للدفاع عن أنفسنا ولو على حساب ظلم الآخرين، وغرست فينا جذور الحسد والطمع والبغض والنميمة والكراهية والميل للانتقام.

هذه هي التشوهات في نفوسنا كأبناء آدم. فلا الصوم، ولا الصلاة لها القدرة على نزع أصل المرارة التي في أعماق الإنسان... الحالة التي نغلفها أحياناً بالنفاق، وصور التديّن المزيّف. هنا احتاجت البشرية إلى مخلّص يرصد أصل الداء، ويوجّه سهامه إلى قلب المشكلة. ولهذا جاء المسيح لا ليقول للناس: صوموا، أو صلّوا، أو اعملوا حسنات - مع أنه نادى بهذا وذاك على هامش خدمته - لكنه جاء ليدخل قلب من يفتح له الباب، وحيث يدخل المسيح تخرج الخطية، وتُشفى النفس، ويطهَّر القلب، وتنتزع العلّة التي شوّهها كيان الإنسان.

لذلك نسمعه يقول في إنجيله: "تعالوا إليّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال، وأنا أريحكم" (متى 28:11).

وفي مكان آخر يقول: "هئنذا واقف على الباب وأقرع. إن سمع أحدٌ صوتي وفتح الباب، أدخل إليه وأتعشى معه وهو معي" (رؤيا 20:3).

هذا هو المسيح الذي خلصني، وسكن قلبي قبل سنين طويلة، وغيَّرني، ومن يومها سكنت في قلبي سعادة لا يُعبَّر عنها. فهل تعرفه صديقي القارئ؟

هنيئاً لك لو عرفته!

المجموعة: 200602

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

362 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10541404