Voice of Preaching the Gospel

vopg

تشرين الأول (أكتوبر) 2006

الحروف واحدة، ولكن التشكيل مختلف. لذلك جاء المعنى مختلفاً. فالزُّقاق - بضم الزين - هو الشارع الضيق أو ما يُطلق عليه الحارة.

 

قال الرب يسوع لحنانيا في رؤيا: ”قم اذهب إلى الزُّقاق الذي يُقال له المستقيم“ (أعمال 11:9). أما الزِّقاق أو الزِّقّ - بكسر الزين - المذكورة في متى 15:9 ”يجعلون خمراً جديدة في زِقاق جديدة“، فهي ”الوطب“ المذكورة في قضاة 19:4، و”القربة“ الواردة في (تكوين 15:21 و19)، وهي إناء مصنوع من جلد الحيوانات، خاصة الماعز منه، بعد معالجته لإزالة الشعر منه، وكانت تستخدم لحفظ عصير العنب، والخمر، واللبن، والماء للمسافرين في الصحراء.

بعد هذا التوضيح، أود أن نتأمل معاً في جواب الرب يسوع المسيح لتلاميذ يوحنا حينما سألوه قائلين: ”لماذا نصوم نحن والفريسيون كثيراً، وأما تلاميذك فلا يصومون؟ فقال لهم يسوع: هل يستطيع بنو العرس أن ينوحوا ما دام العريس معهم؟ ولكن ستأتي أيام حين يُرفع العريس عنهم فحينئذ يصومون. ليس أحد يجعل رقعة من قطعة جديدة على ثوب عتيق، لأن الملء يأخذ من الثوب، فيصير الخرق أردأ. ولا يجعلون خمراً جديدة في زِقاق عتيقة، لئلا تنشق الزِّقاق، فالخمر تنصب والزِّقاق تَتلف. بل يجعلون خمراً جديدة في زِقاق جديدة فتُحفظ جميعاً“ (متى 14:9-17).

إن السؤال الذي أثاره تلاميذ يوحنا دفع الرب يسوع للإشارة إلى أن يوحنا وضع نهاية لتدبير قديم، معلناً حلول عصر النعمة الجديد، وبالتالي فلا يمكن خلط مبادئ كل من التدبيرين بعضهما مع بعض. فمحاولة خلط الناموس بالنعمة يشبه استخدام قطعة قماش جديدة - لم تنكمش بعد - لترقيع ثوب عتيق. فعند غسل الثوب تنكمش الرقعة وتنشق عن القماش العتيق. وبذلك يصير الخرق أردأ مما كان عليه. كما يشبّه المسيح خلط الناموس بالنعمة، بوضع الخمر الجديدة في زِقاق عتيقة، فإن الضغط الناشئ من تخمّر الخمر الجديدة، يفجّر الزِّقاق العتيقة لأنها قد فقدت مرونتها، فتنصب الخمر وتتلف الزِّقاق.

من هذا المنطلق نرى ما يجب أن تكون عليه الحياة الجديدة في المسيح يسوع، وهنا نذكر بعض الملاحظات:

أولاً: الحياة الجديدة في  المسيح لا تتفق مع الحياة العتيقة

 

بعد أن ترك الابن الضال كورة الخنازير التي عانى فيها الأمرّين، ورجع إلى بيت الأب وأحضانه، فإنه يرفض تماماً أن يعود إلى كورة الخنازير مرة أخرى. فهذا لا يتفق ولا يتناسب مع مقامه الجديد، بعد أن ارتدى الحلة الجديدة، والحذاء في رجليه والخاتم في يده.

والرسول بولس في تعليمه يشدد على هذا الأمر، فيكتب لكنيسة رومية قائلاً: ”لا تشاكلوا هذا الدهر“ (رومية 2:12). كما يكتب لكنيسة كورنثوس قائلاً: ”لا تكونوا تحت نير مع غير المؤمنين، لأنه أية خلطة للبر مع الإثم؟ وأية شركة للنور مع الظلمة؟ وأي اتفاق للمسيح مع بليعال؟ وأي نصيب للمؤمن مع غير المؤمن؟ وأية موافقة لهيكل الله مع الأوثان؟ فإنكم أنتم هيكل الله الحي“ (2كورنثوس 14:6-16). وكأن الرسول بولس يقول للمؤمنين: أنتم الذين متم وقمتم مع المسيح، وخلعتم الإنسان العتيق ولبستم الجديد، لا يليق بكم ولا يتوافق معكم أن تعيشوا حياة الإنسان القديم مرة أخرى. لا يناسبكم أن تشاكلوا هذا الدهر، أي تتشبهوا به. لا يليق بكم أن تخلطوا القداسة بالنجاسة. فإنكم لم تتعلموا المسيح هكذا. بل اسلكوا وعيشوا حياة القداسة. فلا نخلط الأوراق، فالحياة الجديدة في المسيح لا تتفق مع الحياة القديمة.

ثانياً: الحياة الجديدة لا بد أن تلبس ثوباً جديداً

كما توضع الخمر الجديدة في زِقاق جديدة، هكذا الحياة الجديدة في المسيح، توضع في قالب جديد، لها صفات ومقومات جديدة، تختلف كلية عن الحياة القديمة، لها طبيعة جديدة مكتسبة من طبيعة الله القدوس، ”شركاء الطبيعة الإلهية“ (1بطرس 4:1). يتزين ثوبها الجديد بثمر الروح الذي هو محبة فرح سلام طول أناة لطف صلاح إيمان وداعة تعفف (غلاطية 22:5).

نلاحظ أن الرسول بولس في أفسس 4 وكولوسي 3 بعد أن قال: ”أميتوا... اطرحوا... اخلعوا... استخدم كلمة ”البسوا كمختاري الله القديسين المحبوبين أحشاء رأفات، ولطفاً، وتواضعاً، ووداعة، وطول أناة، محتملين بعضكم بعضاً... إن كان لأحد على أحد شكوى. كما غفر لكم المسيح هكذا أنتم أيضاً. وعلى جميع هذه البسوا المحبة التي هي رباط الكمال“ (كولوسي 12:3-14).

يقول إشعياء النبي: ”فرحاً أفرح بالرب. تبتهج نفسي بإلهي لأنه قد ألبسني ثياب الخلاص. كساني رداء البر...“ (إشعياء 10:61). لقد ظهر هذا الثوب، ثوب الخلاص، ثوب البر، ثوب الحياة الجديدة في حياة زكا العشار الذي نال الخلاص فطرح الرداء القديم، رداء الظلم ومحبة المال والقسوة، وارتدى ثوب البر، والصلاح، والحق، والمحبة، والشفقة. والرأفة على الفقراء والمساكين. الحياة الجديدة في المسيح قد طرحت ثوب العالم والخطية ولبست الثوب الجديد، ثوب الخلاص والبر الذي يتجدد للمعرفة حسب صورة خالقه.

قارئي العزيز، هل لبست الثوب الجديد؟

ثالثاً: الحياة الجديدة في المسيح لا تخلط الجديد بالقديم

وضع رقعة جديدة على ثوب قديم يجعل الخرق يتسع والثوب يتمزّق، وأيضاً وضع الخمر الجديدة في زِقاق عتيق تتلف الزقاق وتمزقها. يعلق جابلين Gaebelein على هذا فيقول: إن المسيحية المتهوّدة التي تحاول أن تحفظ الناموس وتعزز بره، مع اعترافها بالنعمة والإنجيل، لهي أقبح في نظر الله من شعب إسرائيل عندما كان يعبد الأوثان في القديم.

ويوضح بتنجل Pettingel في هذا الصدد قائلاً: وبهذا الشكل يحذر الملك تلاميذه من خلط القديم بالجديد... ومع ذلك فهذا ما حصل في المسيحية على مدى العصور، فقد ترقّعت المسيحية باليهودية، واعتـُمدت هذه الأخيرة في الكنائس، والثوب العتيق أصبح يمثل المسيحية التقليدية، والنتيجة كانت خليطاً يسوده التشويش، ليس هو اليهودية ولا هو المسيحية، لكنه استبدال الأعمال الميتة بالثقة في الله الحي. فإن الخمر الجديدة التي تمثل الخلاص المجاني، قد وُضعت في الزقاق العتيقة الناموسية، وماذا كانت النتيجة؟ انشقت الزقاق وتلفت، والخمر انصبت وضاع المشروب الثمين المعطي الحياة، وفقدت النعمة جمالها وميزتها كنعمة لأنها اختلطت بأعمال الناموس.

أما الرسول بولس فيوبخ الغلاطيين الذين خلطوا الجديد بالقديم قائلاً: ”أيها الغلاطيون الأغبياء من رقاكم [أي سحركم وضللكم] حتى لا تذعنوا للحق؟ أنتم الذين أمام عيونكم قد رُسم يسوع المسيح بينكم مصلوباً، أريد أن أتعلم منكم هذا فقط: أبأعمال الناموس أخذتم الروح أم بخبر الإيمان؟ أهكذا أنتم أغبياء؟ أبعد ما ابتدأتم بالروح تكملون بالجسد؟“ (غلاطية 1:3-4). ويضيف قائلاً في غلاطية 4:5-6) ”قد تبطلتم عن المسيح أيها الذين تتبررون بالناموس. سقطتم من النعمة. فإننا بالروح من الإيمان نتوقع رجاء بر. لأنه في المسيح يسوع لا الختان ينفع شيئاً ولا الغرلة بل الإيمان العامل بالمحبة“.

وفي رسالة كولوسي 8:2 يقول: ”انظروا أن لا يكون أحد يسبيكم بالفلسفة وبغرور باطل، حسب تقليد الناس، حسب أركان العالم، وليس حسب المسيح“.

ومن الملاحظ أن الكنيسة في القرن الحادي والعشرين، وبعد مرور ألفَي عام على نشأتها، تتخبط في نفس المشكلة وربما بصورة أبشع وأوسع نطاقاً. فما زالت الطقوس، والفرائض الناموسية، وأعمال الجسد والتقاليد الموروثة، والحضارات والثقافات التي لا تتفق مع المبادئ الكتابية، تدخل جدران كنائسنا، وتغزو حياة الكثيرين، وتصبغها بالصبغة المسيحية، بل قد تختمها بالخاتم المسيحي. فشوّهت جمال التعاليم الكتابية وأثّرت على السلوكيات في وسط المجتمعات المسيحية، مما أضعف الرسالة المسيحية المباركة. وللتوضيح، على سبيل المثال وليس الحصر، ما الذي يجري في المجتمع الأمريكي والمجتمعات الأوروبية التي يُقال عنها أنها مجتمعات مسيحية، والتي خرج منها مئات بل آلاف المبشرين والوعاظ المقتدرين والمرسلين ورجال النهضات، الذين جالوا في كل العالم؟ فتَحْتَ شعار الحرية، والديمقراطية، وحقوق الإنسان، وحرية العقيدة، أقرت هذه الدول زواج المثل الذي يخالف مبادئ الكتاب المقدس الذي ينص على أن الزواج يتم بين ذكر وأنثى، وسمحت برسامة قساوسة من الشواذ جنسياً لرعايتهم وتعميق المبادئ الشاذة أخلاقياً بينهم، إلخ...

آه، لقد اختلط الحابل بالنابل وتشوّهت الصورة الناصعة للمسيحية.

إن الحياة الجديدة في المسيح تختلف تماماً عن الواقع الذي يعيشه أكثر الذين يُطلق عليهم اسم المسيحية. فالمسيحي الحقيقي هو الذي سلم حياته للمسيح، وقبله بالنعمة بالإيمان رباً ومخلصاً، ويحيا ويسلك حياة القداسة التي بدونها لن يرى أحد الرب.

فهل لنا أن نرجع إلى كلمة الله التي هي سراج لأرجلنا ونور لسبيلنا، ونخبئها في قلوبنا فلا نخطئ إليه؟ وهل نسلك بما يتفق وحياتنا الجديدة في المسيح لابسين ثوب الخلاص الجديد؟

المجموعة: تشرين الأول October 2006

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

267 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10558787