Voice of Preaching the Gospel

vopg

كانون الأول December 2010

تحية لكل قراء مجلة صوت الكرازة... تحية لكم في أي أرضٍ تسكنون، ومن أي نبعٍ تستقون، وأيِّ هواءٍ تستنشقون، وإلى أي عقيدة تنتمون، فكلكم نحسبكم لنا إخوةً وأخواتٍ... أصدقاء نحبكُم ونرحبُ بكم.
 
 ويدور الزمن من جديد، وتعود الأيام لتُذكِّرَنا بأعظم وأعجب حدثٍ عرفته البشرية، "ميلاد المسيح"! ونتساءل... ويتساءل معنا الملايين: أيُّ ميلادٍ بهيٍّ كميلاده؟ وأيُّ عظيمٍ نال مجدًا في ميلاده كما نال المسيح؟! ولأيٍّ من عظماء التاريخ ورجال السياسة والأنبياء والأولياء مَنْ تَعَاظَم وتسامى في المجد والجلال في ميلاده كميلاد هذا المولود العجيب، الذي هبط أرضنا من سماء البهاء والجلال فشقَّ بميلاده التاريخ إلى نصفين، ما قبل الميلاد، وما بعد الميلاد!
 
 ونخال اليوم أن الدنيا كلَّها تحتفل بذكرى ميلاده المعجزي الذي فاق العقول، وحيَّر أرباب الفكر، وأذهل العلماء، سيما وأن نبوات الأنبياء الذين سبقوه تحدثوا عن تفاصيل ميلاده من عذراء قبل أن يولد بقرونٍ من الزمن، وها كتبهم بين أيدينا تشكّل وثائق ربانية شاهدة للتاريخ أن لا قدرة لبشرٍ على العبث فيها أو تحريفها. ويبقى ميلاده يحيّر الملايين ممن يجهلونَ: من ترى يكون هذا المولود؟! ولماذا جاء بهذه الصورة الفائقة المذهلة للعقول؟! ولماذا هو بالذات تميّز بهذا؟! وما سرُّ رسالته التي جاء من أجلها؟! وكيف يولد السماويُّ السامي الشأنْ على أرضٍ من تراب؟! ولماذا يولد من كان له وجودٌ قبل ميلاده؟! فالميلاد لم يكن البداية لوجوده، والدليل أنه بعد أن عاش بين ظهرانينا ثلاثة عقودٍ ونيف عاد إلى مسكنه في دائرة عرش الله حيث المكان الذي منه جاء.
 
 فالميلاد لم يكن سوى المهبط الذي عليه حلّ هذا الزائر السماويُّ الفائق المجد والجلال. فهو في مجيئه جاء ليقوم بمهمةٍ واحدةٍ وحيدة. ولما أكمل ما جاء لأجله عاد من حيث جاء، وترك وراءه قبرًا فارغًا لا عظامَ فيه ولا بقايا لجثمانٍ كباقي من حمل رسالةً دينيةً للناس.
 
 علامةُ سؤالٍ كبرى تتراءى أمام أذهان الملايين حول معجزة ميلاده وحول شخصيته التي تحيِّرُ العقول... ويتردد السؤال: من ترى يكون هذا الزائر العجيب؟!
 
 ومع ذلك فهناك ملايين أخرى عرفوا السرَّ، وانتفى الغموضُ من أذهانهم وقلوبهم، فابتهجوا، وسعدوا، وعَلَتْ وجوههم البسمةُ بإشراقةِ الأمل، وارتاح فيهم القلب، واطمأنَّ العقل، بينما ظلَّ غيرهم يتخبط في التفسير والتحليل والتساؤل في سره لفك طلاسم ما يحيط بالمسيح من ألغازٍ على غير جدوى.
 
 قال أحدهم: كيف توصّلتم إلى معرفة حقيقة حدث الميلاد كما وردت في الانجيل؟ كيف اقتنعتم بصحة تفاصيل الميلاد؟ ومن قال أن ما ورد في صحف التوراة والإنجيل هو صحيح؟
 
 فقلنا له: خبرُ الميلاد بتفاصيله الجميلة لم تصلنا من صحفِ ومجلاتِ الناس، فصحفُ الناس تنقل الأخبار كما تشاء ولها من يصدق ولها من يكذّب. أما ميلاد المسيح فقد أنبأت عنه صحف السماء بالنص الحرفي الذي لا يترك مجالاً لمتردّد، وعندما تتكلم السماء يصمت الناس! وكما يقول الوحي في الكتاب المقدس: "أَمَّا الرَّبُّ فَفِي هَيْكَلِ قُدْسِهِ. فَاسْكُتِي قُدَّامَهُ يَا كُلَّ الأَرْضِ". ويقول: "لِيَكُنِ اللهُ صَادِقًا وَكُلُّ إِنْسَانٍ كَاذِبًا".
 
 ونحن عندما نقول إن نبوات التوراة تحدثت عن المسيح قبل مجيئه بمئات السنين، لا نحاول أن نُلْبس آيات التوراة ثوبًا ليس لها فنلوّنه باللون الذي يروق لنا، فنبدّل ونغيّر في حروفه ليتلاءم مع شبه ما نريد؛ فآيات التوراة التي تتنبأ عن المسيح واضحة كوضوح الشمس في رابعة النهار. فهي أشارت مسبقًا إلى ميلاده من عذراء، وإلى تعاليمه، وإلى صلبه، وآلامه كذبحٍ عظيمٍ يموتُ للتكفير عن خطايا البشرية. والتوراة كتابٌ بين أيدي اليهود مترجمٌ إلى لغات كلِّ شعوبِ الأرض. واليهود عادوا المسيحية وقاوموها بعنفٍ منذ نشأتها، ومع ذلك ليس لهم أن يجادلونا في حقيقة أنَّ تلك النبوات تخصّ المسيح. الجدال الديني القائم بيننا وبينهم يتعلّق في كونهم ينكرون أن هذا المسيح الذي جاء قبل ألفي عام هو المسيح الذي ينتظرون. فالمسيح بالنسبة لهم لم يأتِ وأن المسيح الذي جاء هو شخص محتال، ولكن من اقتنع من اليهود وآمن بالمسيح صار مسيحيًا وانسلخ عن يهوديته كدين واضْطُهِدَ منهم. ومن لم يؤمن منهم بقي على حاله؛ ما زال ينتظر مسيحًا آخر لا وجود له. ثم إن خلافنا الديني مع اليهود لم يدفعنا لمعاداة الله بتكفير توراتهم واتهامهم بتحريفها، فنحن نؤمن أن الوحي مصون لا قدرة لأحد على تحريفه، فالتحريف يمكن أن يكون بالقول - باللسان - وبالتفسير الخاطىء. أما أن نتَّهم كتب الوحي بالتحريف فنحن بهذا نعادي الله ونكذّبه، لأنه يقول: "لأَنِّي أَنَا سَاهِرٌ عَلَى كَلِمَتِي لأُجْرِيَهَا". فلا تبديل لكلماته ولا تغيير في نصوص وحيه.
 
 ونقولها بصراحة، إن من اتهم كتب الوحي بالتحريف سيجد نفسه في يوم الدين في مأزق خطر لا نجاة منه للأسباب التالية:
 
 أولاً: لأنَّ من يدّعي أمرًا، يقع عليه تقديم الدليل القاطع، والدليل غير موجود! والادعاء هو مجرد كلام يطلق في الهواء يفتقر إلى دليل.
 
 ثانيًا: المُتَّهَمُ في هذا المقام هو الكتاب المقدس. وصاحب الكتاب المقدس هو من أوحى به، فهو خالق الأكوان. فالمدّعون بالتحريف هم إذًا في مواجهةٍ مباشرة مع الله، كمن يتهمونه بالضعف وعدم القدرة على حماية وحيه من العبث.
 
 ثالثًا: ماذا نقول في عشرات الألوف من نسخ المخطوطات الأثرية القديمة والتي ترجع إلى ما بين القرن الأول والقرن الثالث بعد الميلاد، وكلها تتطابق تمامًا مع ما بين أيدينا اليوم من الإنجيل المقدس.
 
 رابعًا: عندما انتشرت المسيحية في القرن الأول والثاني للميلاد تغلغلت بين شعوب متعددة. وهؤلاء قُدِّمَ لهم الإنجيل مكتوبًا بلغاتهم المتعددة. فلو شاء أحدهم أن يحرّف المكتوب، كيف يُوَفَّقُ في تنفيذ ما رغب، ونُسخ الإنجيل منتشرة بلغات متعددة؟ ثم لو حصل وحرَّف أحدهم نسخةً أو أكثر فالنسخ الأخرى من ذات اللغة أو غيرها ستكشف المتلاعب والتحريف الملعوب. وهل للمسيحي الغيور على دينه والذي يقدس إنجيله أن يقبل أن يعبث به ويزوّره؟!
 
 فإن كان الملايين من المسيحيين قد استشهدوا في سبيل دينهم وعقيدتهم وإنجيلهم على مر التاريخ، فكيف يقبل أحدهم أن يحرّف ما بذل حياته استشهادًا لأجله؟!
 
 يمكن للعدو أن يحرّف أو يزوّر شيئًا ثمينًا امتلكه أنا... أما أن أُزوِّرَ أنا... وأُفسدَ أنا... ما أحبه وأكرّمه، فهذا ما لا يقبله عقل الفهيم!
 
 أيها الأصدقاء جميعًا، كل عام وأنتم بخير.

المجموعة: 201012

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

223 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10557015