Voice of Preaching the Gospel

vopg

كانون الأول December 2010

هوذا يُسمع وقع خطواتٍ عبر رواق الأزل، ومعها يقترب منّا القدوس، ساكن الأبد، قربًا لم يعهده جنسنا البشريّ من ذي قبل. فناشر السماوات يلج عالمنا هذا، لا ملكًا عظيمًا ثريًّا، بل شخصًا فقيرًا مغمورًا؛ ومؤسس جميع أطراف الأرض يتسلّل إلى كوكبنا هنا، لا قائدًا جبّارًا منتصرًا، إنما طفلاً وادعًا في مذود الدّواب حيث الفقر المدقع الشّديد يُلوِّن جوانب الإسطبل الذي ضمّه وأمه العذراء النقيّة، التي ولدته من الروح القدس الذي حلّ عليها وظلّلها.
لقد بزغ فجر جديد لازورديّ في كشف الله عن ألغاز فكره، وسرائر طرقه، وعن محبته الفائقة من نحونا - نحن جبلته التي تمرّدت عليه في شخص آدم في واقعة شجرة المعرفة. هناك في عدن فردوسنا المفقود!

لكن حبَّه العُجاب أبى عليه إلاّ أن يرسل إلينا وحيده ورجل رفقته: آدم الأخير، وفي هكذا اتضاع غريب حتى يتسنى له أن يزيل معاصي غدرنا ويرفع خطية العالم الساقط برمته. فنعود لا إلى فردوس أرضي خسرناه بسقطة رأسنا الأول آدم، بل إلى فردوس محضر الله نفسه في الأقداس السماويّة، وذلك بإطاعة نائبنا الرّب يسوع المسيح لإرسالية الله أبيه إلى كوكبنا الآثم في سبيل صنع الفداء. على أن حقيقة فرحنا العظيم بالميلاد تصير وهمًا وسرابًا مخادعَين، على الرغم مما رافق التّجسّد من رونق أحداثٍ مشوِّقة وظروفٍ مثيرة غير مألوفة، لو أن المسيح القدوس لم يتقدّم طواعيةً إلى الصليب ليحمل خطايانا. فبواسطة موته البديلي الكفاري هناك، أصبح التبرير، والسلام مع الله، والحياة الأبدية، والسّماء في متناول نفوس كل أولئك الذين يثقون بشخص ابن الله وصنيع موته وقيامته لأجل تبريرنا ونجاتنا. لكنه ما كان في وسعه إظهار إحسانه المذهل هذا، لو أنه لم يتجسّد صائرًا إنسانًا مثلنا بكل ما في الكلمة من مطلق المعنى، مع خلوِّه التّام من أيّة خطية أو شائبة. هو بديلنا، كما أنه بات رأسنا الجديد الماجد الذي لا يعرف السقوط أبدًا؛ فهو ينوب عنا ويمثلنا نحن مَن نؤلِّف خليقته الروحية الجديدة والمفديّة بدماء صليبه، حيث هو على رأس الهرم في المجد الأسمى. ومن هناك ننتظره - نحن شعبه السّماويّ- باعتباره الإنسان الثّاني الّرب من السماء، لنصير مثله تمامًا في صورة طباعه السّماويّة، كذلك نظهر متسربلين بأجسامنا في مجد وخلود.
 
دخل النور الحقيقي إلى دنيانا.. وقد سئم الناس بهتان الوثنية وأصنامها، ولم تعد فلسفات العالم مع أساطير الإغريق تروق لفكر البشر، لا بل حتى النّاموس الموسوي أوقع معتنقيه تحت دينونة الموت. فقد أظهر فساد الإنسان وعجزه، منشئًا غضب الله الحق. أمّا الآن فقد جاءنا عِمّانوئيل بذاته: الله معنا!

أمّا التّوقّف عند اعتبار المسيح يسوع أنه فقط مجرّد المُتَقدِّم على الجميع في ميدان الفضيلة والدين والأخلاق، لهو بمثابة انتقاص خطير من عظمة شخصه اللاّمتناهي. وما دام الوحي الإلهي يدعو اسمه عجيبًا، فهذا يعني أنه: كائن أعجوبي، بديع ومذهل، شخص مدهش، فريد لا نظير له، رائع وإعجازي، فائق لا يوصف! ها هذه كلها بالكاد تلقي شعاعًا ضئيلاً على ألغاز شخصه الفائقة الإدراك. "... وليس أحد يعرف الابن إلاّ الآب..." (متى11:27). فإن أعظم تاريخ مشرق لأعظم شعوب الأرض، وألمع حياة من بين سِيَر العظماء، وأرفع إنجاز للحضارات البشرية، هذه كلها مجتمعة معًا، لا يمكن أن ُتقاس بشيء إزاء روعة حياة مَنْ عاش بين مذود وصليب، مع أنه لم يكن له أين يسند رأسه!

ها إننا نقترب من اللّحظة الحاسمة حين ينقلب كليًّا مشهد الأحداث على مسرح التّاريخ البشري، فيتراءى ساكن المذود راكبًا سُحب السّماء بالقوّة والبهاء؛ والنّجار الفقير الذي من ناصرة الجليل يُرى وعلى رأسه تيجان كثيرة ليملك على الكون بأسره؛ وحمل الله الذي رفع بموته خطيئة العالم يثبُ من السّموات أسدًا غالبًا إلى الأبد.

إنه الحب، واليقين، والدفء، والمعرفة، والحياة، والنجاة، والسعادة، والمجد... فهلاَّ نرحب به بسعة في مذاود صدورنا ليحلّ بالإيمان فيها، فيملأها بكل كنوزه الحيّة هذه. ومن ثَمَّ هو سيجعل فقرَ أرواحنا غنًى، وجفاف حياتنا ينبوعًا، وتعاسة نفوسنا سرورًا، وروتين أيّامنا عيدًا مجيدًا لا ينتهي بتاتًا.

يا طفلَ بيتَ لحمِ يا مبدعَ الأكـوان ِ
في أزلٍ سـحيقٍ كنتَ بلا زمــانِ
صرتَ دمًا ولحمًا في مذودِ الحملانِ
لُـغزُكَ أسمى لُغزٍ حلُّّهُ بالإيمــانِ

يا طفلَ بيتَ لحمٍِ يا مُنــية الأماني
لِـمَ افتقرتَ فقرًا، يا صاحبَ السلطانِ؟
مَنْ حاملُ الخطايا سِـواكَ والأَحزانِ؟
هناكَ في صـليبٍ يا مـانحَ الغُفرانِ
متَّ وقمـتَ حيًّا مُمَجَّدَ الكـــيانِ
عصا الجَلالِ تُعطى أعظمَ صَوْلجَــانِ
عَرشُكَ يــا اَلله إلى مَدى الأزْمـانِ

المجموعة: 201012

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

251 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10476309