Voice of Preaching the Gospel

vopg

أيار May 2011

"وَلكِنِ الآنَ، يَقُولُ الرَّبُّ، ارْجِعُوا إِلَيَّ بِكُلِّ قُلُوبِكُمْ، وَبِالصَّوْمِ وَالْبُكَاءِ وَالنَّوْحِ. وَمَزِّقُوا قُلُوبَكُمْ لاَ ثِيَابَكُمْ». وَارْجِعُوا إِلَى الرَّبِّ إِلهِكُمْ لأَنَّهُ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ، بَطِيءُ الْغَضَبِ وَكَثِيرُ الرَّأْفَةِ وَيَنْدَمُ عَلَى الشَّرِّ. لَعَلَّهُ يَرْجعُ وَيَنْدَمُ، فَيُبْقِيَ وَرَاءَهُ بَرَكَةَ، تَقْدِمَةٍ وَسَكِيبًا لِلرَّبِّ إِلهِكُمْ" (يوئيل 12:2-14).

عندما يريد الله إخضاع أكثر الشعوب تمرّدًا وعصيانًا تتعدد طرق تعامله معهم. واحدة من هذه الطرق هي إرسال أصغر المخلوقات وأحقرها لإذلالهم وتحطيم كبريائهم وغطرستهم. وهذا ما فعله الله مع شعبه الذي انغمس في الشرور والآثام فأرسل إليهم جيوشًا من أربعة أنواع من الحشرات - وهي القمص والزحاف والغوغاء والطيار؛ التي قضت على الأخضر واليابس وأتلفت الحقول، والجفنة، والتينة، والرمانة، والنخلة، والتفاحة مما أحزن كل فئات الشعب الكهنة والفلاحين والكرامين وغيرهم. المجاعة عمت وشملت كل المخلوقات الحية. لماذا فعل الله ذلك بإسرائيل؟ أليسوا هم شعبه الذي اختاره؟ الجواب: إنه فعل كل ذلك لإيقاظهم من غفلة نومهم ولينبههم إلى ما يجب أن يفعلوه بتقديم النصائح الحبية والتشجيعات القوية... وسأتحدث إليكم عن ثلاثة أمور:

أولاً: إرشادات إلهية

ثانيًا: تشجيعات قوية

ثالثًا: أمنية قلبية

أولاً: إرشادات إلهية

1- انكسار القلب: المجاعة التي وصلت إليهم أدخلتهم في نوبة حزن وبكاء فمزقوا ثيابهم من شدة حزنهم، فأعلن لهم الرب أن تمزيق الثياب ليس هو الحل إذ أنه لا يجدي نفعًا بل بالعكس خسروا ثيابهم، وأرشدهم إلى التصرف الصحيح؛ فإن الذي يجب أن يتمزّق هو القلب... وتمزيق القلب يُقصد به انكساره. في مزمور 17:51 يقول داود: "ذَبَائِحُ اللهِ هِيَ رُوحٌ مُنْكَسِرَةٌ. الْقَلْبُ الْمُنْكَسِرُ وَالْمُنْسَحِقُ يَا اَللهُ لاَ تَحْتَقِرُهُ". وفي إشعياء 15:57 آية في منتهى الروعة تقول: "لأَنَّهُ هكَذَا قَالَ الْعَلِيُّ الْمُرْتَفِعُ، سَاكِنُ الأَبَدِ، الْقُدُّوسُ اسْمُهُ: فِي الْمَوْضِعِ الْمُرْتَفِعِ الْمُقَدَّسِ أَسْكُنُ، وَمَعَ الْمُنْسَحِقِ وَالْمُتَوَاضِعِ الرُّوحِ، لأُحْيِيَ رُوحَ الْمُتَوَاضِعِينَ، وَلأُحْيِيَ قَلْبَ الْمُنْسَحِقِينَ".

إنكسار القلب ناتج عن الحزن الشديد الذي قال عنه الوحي المقدس: "لأَنَّ الْحُزْنَ الَّذِي بِحَسَبِ مَشِيئَةِ اللهِ يُنْشِئُ تَوْبَةً لِخَلاَصٍ بِلاَ نَدَامَةٍ" (2كورنثوس 10:7).

2- الرجوع للرب: هذه هي النصيحة الإلهية الثانية لشعبه ويتطلب إتمامها بعض الشروط:

أ- بالقلب، بالكمال والتمام: بعض الناس يرجعون إلى الرب باللسان والشفتين فقط: "يَقْتَرِبُ إِلَيَّ هذَا الشَّعْبُ بِفَمِهِ، وَيُكْرِمُني بِشَفَتَيْهِ، وَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُبْتَعِدٌ عَنِّي بَعِيدًا". إن الرب لا يريد رجوع الشفتين ولا رجوع القلب المجزّأ لكنه يشترط الرجوع بالقلب كاملاً.

بعد الاستماع إلى عظة مؤثرة عن تكريس القلب للرب، عزم شاب أن يسلم قلبه للرب وصلى قائلاً: "يا رب سأعطيك مفاتيح قلبي كلها إلا مفتاح واحد صغير سأبقيه لنفسي...". وبمرور الوقت لم يشعر بالسلام. فذهب إلى راعي الكنيسة وسأله: أنت قلت في رسالتك أن الإنسان الذي يسلم قلبه للرب سيشعر فورًا بالفرح والسلام. وذلك لم يحدث معي. فسأله الراعي: هل سلمت مفاتيح قلبك كلها للرب؟ فقال: أبقيت لنفسي مفتاحًا صغيرًا. فقال الراعي: يجب أن تسلمه هذا المفتاح أيضًا. ولما تم ذلك شعر الشاب بأفراح غامرة وبسلام إلهي يملأ قلبه... قال داود لابنه سليمان: "وَأَنْتَ يَا سُلَيْمَانُ ابْنِي، اعْرِفْ إِلهَ أَبِيكَ وَاعْبُدْهُ بِقَلْبٍ كَامِل وَنَفْسٍ رَاغِبَةٍ، لأَنَّ الرَّبَّ يَفْحَصُ جَمِيعَ الْقُلُوبِ، وَيَفْهَمُ كُلَّ تَصَوُّرَاتِ الأَفْكَارِ. فَإِذَا طَلَبْتَهُ يُوجَدُ مِنْكَ، وَإِذَا تَرَكْتَهُ يَرْفُضُكَ إِلَى الأَبَدِ" (1أخبار 9:28).

ب- بالتذلل والصيام: "ارْجِعُوا إِلَيَّ بِكُلِّ قُلُوبِكُمْ، وَبِالصَّوْمِ...". الصوم شرط هام يجب أن نتممه ليتحقق رجوعنا للرب. البعض لا يرون أهمية للصوم مستندين على أن الرب لم يلزمنا به. لذلك لم يحدد لنا أوقاتًا للصوم. ونسي هؤلاء أن الكتاب المقدس يتحدث في عهديه القديم والجديد عن الصوم. يهوشافاط نادى بصوم... وعزرا فعل نفس الشيء... ونحميا صام... وفي سفر أستير طلبت أستير من الشعب أن يكرسوا لله صومًا. وفي عظة المسيح تحدث عن الصوم. وقول المسيح لتلاميذه: "وَأَمَّا هذَا الْجِنْسُ فَلاَ يَخْرُجُ إِلاَّ بِالصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ". ولا يفوتني هنا أن أذكر أن الصوم يعني الانقطاع التام عن الطعام وليس بعض الأطعمة.

ج- بالبكاء والنوح والاسترحام: "ارْجِعُوا إِلَيَّ بِكُلِّ قُلُوبِكُمْ، وَبِالصَّوْمِ وَالْبُكَاءِ وَالنَّوْحِ". البكاء والنوح ليستا كلمتين مترادفتين، لكنهما مختلفتان. فالبكاء هو مجرد أن تدمع العين، ولكن النوح هو البكاء المصحوب بجزع وعويل... فما يطلبه الرب هنا ليس مجرد البكاء فقط لكن النوح... انغمس الشعب في شرور وآثام، فأساءوا إلى الله، وإلى أنفسهم، وإلى الآخرين. وعليهم أن يرجعوا للرب بالبكاء والنوح والاسترحام. ونلاحظ أن كلمة النوح الواردة هنا هي نفس الكلمة التي استخدمها يوحنا الرائي للتعبير عن مدى الحزن الذي سيكون عليه الخطاة عند ظهور المسيح النهائي. "هُوَذَا يَأْتِي مَعَ السَّحَابِ، وَسَتَنْظُرُهُ كُلُّ عَيْنٍ، وَالَّذِينَ طَعَنُوهُ، وَيَنُوحُ عَلَيْهِ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ" (رؤيا 7:1).

ثانيًا: مشجعات قوية

ذكرت في النص الكتاب الذي نحن بصدده ثلاث مشجعات:

1- الرأفة القلبية: "ارْجِعُوا إِلَى الرَّبِّ إِلهِكُمْ لأَنَّهُ رَؤُوفٌ...". ولتأكيد هذه الحقيقة، تكررت في نفس النص ولكن بأسلوب مختلف: "كثير الرأفة". تحدث الكتاب المقدس بعهديه عن رأفة الله، وأكثر نص تحدث عنها في العهد القديم هو مزمور 103.

الرَّبُّ رَحِيمٌ وَرَؤُوفٌ، طَوِيلُ الرُّوحِ وَكَثِيرُ الرَّحْمَةِ... مِثْلُ ارْتِفَاعِ السَّمَاوَاتِ فَوْقَ الأَرْضِ قَوِيَتْ رَحْمَتُهُ عَلَى خَائِفِيهِ... كَمَا يَتَرَأَفُ الأَبُ عَلَى الْبَنِينَ يَتَرَأَفُ الرَّبُّ عَلَى خَائِفِيهِ... أَمَّا رَحْمَةُ الرَّبِّ فَإِلَى الدَّهْرِ وَالأَبَدِ".

والعهد الجديد تحدث عن رأفة الله: "أَبُو الرَّأْفَةِ وَإِلهُ كُلِّ تَعْزِيَةٍ"، "فَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ بِرَأْفَةِ اللهِ".

2- طول الأناة الإلهية: "وَارْجِعُوا إِلَى الرَّبِّ إِلهِكُمْ لأَنَّهُ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ، بَطِيءُ الْغَضَبِ". البعض لا يريدون من الله إلا الغضب والانتقام. ولكن الكتاب المقدس يقدم لنا الله الذي يوصف ببطء الغضب. صحيح أن الله يغضب وسيجيء اليوم الذي فيه يصب جامات غضبه على الأشرار، ولكنه الآن بطيء الغضب ليعطي للإنسان فرصة للتوبة والرجوع إلى الرب. لو لم يتعامل الله معنا بطول الأناة لأهلكنا جميعًا ولم ينجُ أحد. يستغل بعض الناس طول أناة الرب في استمرارهم في خطاياهم وشرورهم. لهؤلاء يقول الرسول بولس: "أَمْ تَسْتَهِينُ بِغِنَى لُطْفِهِ وَإِمْهَالِهِ وَطُولِ أَنَاتِهِ، غَيْرَ عَالِمٍ أَنَّ لُطْفَ اللهِ إِنَّمَا يَقْتَادُكَ إِلَى التَّوْبَةِ؟ وَلكِنَّكَ مِنْ أَجْلِ قَسَاوَتِكَ وَقَلْبِكَ غَيْرِ التَّائِبِ، تَذْخَرُ لِنَفْسِكَ غَضَبًا فِي يَوْمِ الْغَضَبِ وَاسْتِعْلاَنِ دَيْنُونَةِ اللهِ الْعَادِلَةِ" (رومية 4:2-5).

3- حقيقة غاية في الأهمية: "وَارْجِعُوا إِلَى الرَّبِّ إِلهِكُمْ لأَنَّهُ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ، بَطِيءُ الْغَضَبِ وَكَثِيرُ الرَّأْفَةِ وَيَنْدَمُ عَلَى الشَّرِّ". هذه الحقيقة هي غاية في الأهمية أن الله يندم على الشر. البعض يعترضون على ذلك لأنهم فهموها فهمًا سطحيًا بأن الله يغيّر فكره، ولكن الحقيقة هي أن فكر الله ثابت لا يتغيّر وهو عقاب المخطئ والغفران للتائب. فإذا غير الإنسان اتجاهه، يتجه فكر الرب إلى الجهة التي توجه إليها الإنسان. فالتغيير هو في فكر الإنسان وليس فكر الله.

والغريب في الأمر أن هذه الثلاثة أمور المشجعة التي يجب أن يفرح الإنسان بها هي نفسها التي أحزنت يونان النبي إذ نقرأ عنه: "فَغَمَّ ذلِكَ يُونَانَ غَمًّا شَدِيدًا، فَاغْتَاظَ. وَصَلَّى إِلَى الرَّبِّ وَقَالَ: آهِ يَا رَبُّ، أَلَيْسَ هذَا كَلاَمِي إِذْ كُنْتُ بَعْدُ فِي أَرْضِي؟ لِذلِكَ بَادَرْتُ إِلَى الْهَرَبِ إِلَى تَرْشِيشَ، لأَنِّي عَلِمْتُ أَنَّكَ إِلهٌ رَؤُوفٌ وَرَحِيمٌ بَطِيءُ الْغَضَبِ وَكَثِيرُ الرَّحْمَةِ وَنَادِمٌ عَلَى الشَّرِّ" (يونان 1:4-2).

إنها أمور تشجّع الإنسان ولا تحبطه.

ثالثًا: أمنية قلبية

"وَارْجِعُوا إِلَى الرَّبِّ إِلهِكُمْ لأَنَّهُ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ، بَطِيءُ الْغَضَبِ وَكَثِيرُ الرَّأْفَةِ وَيَنْدَمُ عَلَى الشَّرِّ. لَعَلَّهُ يَرْجعُ وَيَنْدَمُ، فَيُبْقِيَ وَرَاءَهُ بَرَكَةَ، تَقْدِمَةٍ وَسَكِيبًا لِلرَّبِّ إِلهِكُمْ".

إن عبارة "لَعَلَّهُ يَرْجعُ وَيَنْدَمُ" ذُكرت بلهجة عدم اليقين. ما أعظم الفرق بين الشيء في عصر الناموس ونفس الشيء في عصر النعمة! "ارْجِعُوا إِلَى الرَّبِّ... لَعَلَّهُ"، هذا في عصر الناموس، أما في عصرالنعمة، "فَتُوبُوا وَارْجِعُوا لِتُمْحَى خَطَايَاكُمْ، لِكَيْ تَأْتِيَ أَوْقَاتُ الْفَرَجِ مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ".

أقول بلغة اليقين لكل أخ وأخت: إذا رجعتم إلى الرب بكل قلوبكم سوف يقبلكم ويغدق عليكم بركات لا تعد ولا تُحصى.

فهل تؤمن بذلك؟

المجموعة: 201105

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

158 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10476264