Voice of Preaching the Gospel

vopg

تشرين الثاني November 2011

تكلمنا في العدد الماضي عن السلام الوهمي المبني على أساس غير سليم. فرأينا أن من يبني سلامه على أساس المال أو السلطة، أو القيام بفرائض دينية أو أعمال خيرية، فهو يبنيه على الرمال بدون أساس صحيحDr. Anis Behnam.

وسلامه سلام وهمي. في هذه المرة سنتكلم عن السلام الحقيقي.

أول شرط للسلام الحقيقي هو السلام مع الله، وهو يعني التصالح مع الله. كل إنسان قد أذنب، ولذلك يخاف الإنسان من يوم الحساب، فالخطية هي سبب الخوف وفقدان السلام. إن أول مرة يُذكر فيها الخوف في الكتاب المقدس هي حين عصى آدم الوصية التي أعطاها له الله. فلما ناداه الله وقال: "آدم، أين أنت؟"، أجاب آدم قائلاً: "سمعت صوتك في الجنة فخشيت (أي خفت)، لأني عريان فاختبأت" (تكوين 10:3). فمع أن آدم صنع أقمصة من أوراق التين ليستر عريه، إلا أنه أدرك أنها بلا فائدة أمام ذاك الذي عيناه تخرق أستار الظلام، وأن "كل شيء عريان ومكشوف لعيني ذلك الذي معه أمرنا" (عبرانيين 13:4). ولكن الله الإله المحب كسا آدم وحواء بأقمصة من جلد، أي عن طريق ذبيحة، لكي يستر عارهما ويزيل الخوف منهما. ولا زال الله يدعو الإنسان لكي يتصالح معه. "أَيْ إِنَّ اللهَ كَانَ فِي الْمَسِيحِ مُصَالِحًا الْعَالَمَ لِنَفْسِهِ، غَيْرَ حَاسِبٍ لَهُمْ خَطَايَاهُمْ، وَوَاضِعًا فِينَا كَلِمَةَ الْمُصَالَحَةِ. إِذًا نَسْعَى كَسُفَرَاءَ عَنِ الْمَسِيحِ، كَأَنَّ اللهَ يَعِظُ بِنَا. نَطْلُبُ عَنِ الْمَسِيحِ: تَصَالَحُوا مَعَ اللهِ. لأَنَّهُ جَعَلَ الَّذِي لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً، خَطِيَّةً لأَجْلِنَا، لِنَصِيرَ نَحْنُ بِرَّ اللهِ فِيهِ" (2كورنثوس 19:5-21).

"لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ" (يوحنا 16:3).

 

أساس السلام مع الله

وموت المسيح لا يحصّل لنا على الغفران فقط بل على التبرير أيضًا. أي أن الله لا يسامحنا فقط، بل يجعلنا في نظر الله أبرارًا، أي يحسبنا كأننا لم نخطئ أبدًا. هذا هو أساس السلام الحقيقي، "فَإِذْ قَدْ تَبَرَّرْنَا بِالإِيمَانِ لَنَا سَلاَمٌ مَعَ اللهِ بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ" (رومية 1:5). هذا السلام مع الله لا يتغيّر أبدًا، هو كامل وراسخ، لا يزيد ولا ينقص.

هذا سلام لي شراه          رب الفدا بالصلب

كَاُلنْهرِ يَجْرِي فِي صَفَاهْ    يُرْوِي ظَمَاءَ اُلْقَلْبِ

 

سلام لا يتغيّر

هو لا يتغير لأنه ليس مبنيًا على حالتنا الروحية التي قد تكون قوية أحيانًا، وضعيفة أحيانًا أخرى، بل يتوقّف أولاً وآخرًا على قيمة موت المسيح. لهذا أمكن للرسول بولس أن يقول: " فَإِنِّي مُتَيَقِّنٌ أَنَّهُ لاَ مَوْتَ وَلاَ حَيَاةَ، وَلاَ مَلاَئِكَةَ وَلاَ رُؤَسَاءَ وَلاَ قُوَّاتِ، وَلاَ أُمُورَ حَاضِرَةً وَلاَ مُسْتَقْبَلَةً، وَلاَ عُلْوَ وَلاَ عُمْقَ، وَلاَ خَلِيقَةَ أُخْرَى، تَقْدِرُ أَنْ تَفْصِلَنَا عَنْ مَحَبَّةِ اللهِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا" (رومية 38:8-39). إن المؤمن مهما كانت حالته الروحية مرتفعة فإنه لن يحصل على سلام إلا إذا أدرك أولاً هذه الحقيقة الأساسية، وهي أنه "لاَ شَيْءَ مِنَ الدَّيْنُونَةِ الآنَ عَلَى الَّذِينَ هُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ"، وأن الله سوف يوقفنا أمام مجده بلا عيب، في الابتهاج (يهوذا 24). وهناك بعض الآيات التي تملأ قلب المؤمن بالفرح والثقة والسلام الحقيقي:

"أَنَا أَنَا هُوَ الْمَاحِي ذُنُوبَكَ لأَجْلِ نَفْسِي، وَخَطَايَاكَ لاَ أَذْكُرُهَا" (إشعياء 25:43).

"قَدْ مَحَوْتُ كَغَيْمٍ ذُنُوبَكَ وَكَسَحَابَةٍ خَطَايَاكَ. اِرْجِعْ إِلَيَّ لأَنِّي فَدَيْتُكَ" (إشعياء 22:44).

"كَبُعْدِ الْمَشْرِقِ مِنَ الْمَغْرِبِ أَبْعَدَ عَنَّا مَعَاصِيَنَا" (مزمور 12:103).

"وَتُطْرَحُ فِي أَعْمَاقِ الْبَحْرِ جَمِيعُ خَطَايَاهُمْ" (ميخا 19:7).

"وَلاَ أَذْكُرُ خَطَايَاهُمْ وَتَعَدِّيَاتِهِمْ فِي مَا بَعْدُ" (عبرانيين 12:8).

"وَإِذْ كُنْتُمْ أَمْوَاتًا فِي الْخَطَايَا... أَحْيَاكُمْ مَعَهُ [أي مع المسيح]، مُسَامِحًا لَكُمْ بِجَمِيعِ الْخَطَايَا" (كولوسي 13:2).

"أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الأَوْلاَدُ، لأَنَّهُ قَدْ غُفِرَتْ لَكُمُ الْخَطَايَا مِنْ أَجْلِ اسْمِهِ" (1يوحنا 12:2).

هذه اقتباسات قليلة مما جاء في كلمة الله ليؤكد لنا غفران الخطايا والتبرير والمصالحة مع الله. وهذا أول شرط للحصول على السلام، ولكن قد يقول شخص إنني لا أجد نفسي ولا المؤمنين الآخرين يتمتعون بالسلام دائمًا. فأحيانًا لا أشعر بسلام الله يملأ قلبي. وهذا يأتي بنا إلى موضوع آخر.

 

سلام الله

قد تكلمنا عن السلام مع الله، والآن سنتكلم عن سلام الله الذي يفوق كل عقل. فالمؤمن دائمًا في سلام مع الله، أي أنه لا خوف عليه من العقاب الأبدي، إذ قد تبرر بالإيمان (انظر مرة أخرى ما جاء في رومية 1:5). ولكنه لن يتمتع بسلام الله في قلبه يوميًا إلا على أساس الشركة المستمرة مع الله. فالسلام مع الله مضمون على أساس أمانة الله وصدقه، أما التمتع بسلام الله في قلوبنا يوميًا، هذا السلام الذي يفوق الوصف، فهو يتوقف على حياتنا العملية وعلى الشركة مع الرب عن طريق الصلاة وقراءة الكتاب المقدس والتأمل في كلام الله، يتوقف على السلوك المسيحي الذي تعلمنا إياه كلمة الله، السلوك كَمَا يَحِقُّ لِلدَّعْوَةِ الَّتِي دُعِينا بِهَا. بِكُلِّ تَوَاضُعٍ، وَوَدَاعَةٍ، وَبِطُولِ أَنَاةٍ، مُحْتَمِلِينَ بَعْضُنا بَعْضًا فِي الْمَحَبَّةِ (أفسس 1:4-2)، السلوك في المحبة كما أحبنا المسيح أيضًا (أفسس 2:5). السلوك بالتدقيق لا كجهلاء بل كحكماء مفتدين الوقت (أفسس 15:5).

 

سر السلام الحقيقي

في رسالة فيلبي 4 نتعلم كيف يملك سلام الله في قلوبنا: "اِفْرَحُوا فِي الرَّبِّ كُلَّ حِينٍ، وَأَقُولُ أَيْضًا: افْرَحُوا [كلمات كتبها الرسول بولس وهو في السجن]. لِيَكُنْ حِلْمُكُمْ مَعْرُوفًا عِنْدَ جَمِيعِ النَّاسِ. اَلرَّبُّ قَرِيبٌ. لاَ تَهْتَمُّوا [أي لا تقلقوا] بِشَيْءٍ، بَلْ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِالصَّلاَةِ وَالدُّعَاءِ مَعَ الشُّكْرِ، لِتُعْلَمْ طِلْبَاتُكُمْ لَدَى اللهِ. وَسَلاَمُ اللهِ الَّذِي يَفُوقُ كُلَّ عَقْل، يَحْفَظُ قُلُوبَكُمْ وَأَفْكَارَكُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ" (فيلبي 4:4-7). هذه الآيات الجميلة تعلمنا سر السلام القلبي الحقيقي، وهو الفرح في الرب، والثقة فيه، والاتكال عليه.

 

كيفية التمتّع بسلام الله

ويستمر الرسول بوحي من الروح القدس فيقول: "أَخِيرًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ كُلُّ مَا هُوَ حَقٌّ، كُلُّ مَا هُوَ جَلِيلٌ، كُلُّ مَا هُوَ عَادِلٌ، كُلُّ مَا هُوَ طَاهِرٌ، كُلُّ مَا هُوَ مُسِرٌّ، كُلُّ مَا صِيتُهُ حَسَنٌ، إِنْ كَانَتْ فَضِيلَةٌ وَإِنْ كَانَ مَدْحٌ، فَفِي هذِهِ افْتَكِرُوا" (عدد 8). وفي هذا درس مهم جدًا يتعلّق بالأفكار اللائقة لمن يريد أن يتمتّع بسلام الله الذي يفوق كل عقل.

 

معطلات التمتّع بالسلام

أما المؤمن، وأقصد المؤمن الحقيقي الذي وُلد ولادة ثانية، إذا كان يهمل الصلاة والدراسة والتأمل في كلام الله، ولا يواظب على حضور اجتماعات المؤمنين، والذي يسمح لذهنه أن ينشغل بأفكار باطلة، أو بانتقاد الآخرين، فهو وإن كان في سلام مع الله، أي أنه نجا من الدينونة، إلا أنه لن يتمتع بالسلام في حياته اليومية. إنه أمر مؤلم أن نجد مؤمنين يقضون الساعات الطويلة في حديث لا ينفع أو في مراقبة برامج غير روحية، ولا يقضون إلا الدقائق القليلة في الصلاة وقراءة كلام الله، والبعض يجدون أعذارًا واهية لعدم حضور اجتماعات الكنيسة للعبادة ودراسة الكلمة. ليتنا جميعًا نستيقظ لأن الوقت قد اقترب لنكون مع الرب الذي أحبنا وأسلم نفسه للموت لأجلنا.

أيها القارئ العزيز، هل أنت في سلام مع الله؟ هل تأكدت من غفران خطاياك؟ هذا أمر خطير لا يحتمل التأجيل. اسمع الرب يسوع المسيح يقول: "اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ يَسْمَعُ كَلاَمِي وَيُؤْمِنُ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَلاَ يَأْتِي إِلَى دَيْنُونَةٍ، بَلْ قَدِ انْتَقَلَ مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْحَيَاةِ" (يوحنا 24:5). أما إن كنت مؤمنًا وقد تبررت بالإيمان ولك سلام مع الله، هل أنت تتمتع بسلام الله الذي يفوق كل عقل؟ هل سلام الله يملك قلبك؟ إن هذا هو ما يريده الله لأولاده. وهو قد أرانا الطريق في كتابه المقدس، فله الشكر والسجود في كل حين.

 

المجموعة: تشرين الثاني November 2011

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

177 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10557765