Voice of Preaching the Gospel

vopg

أذار March 2012

Brother Shukri Habibiهل تساءلت مرة قارئي عن أهمية العين في جسدك؟ فعن طريق العين تستطيع رؤية الأشخاص والأشياء من حولك. وعن طريق العين تستطيع أن تتمتع بجمال الطبيعة الخلاّب، فترى الأشجار والأزهار، والأنهار والبحار والمحيطات، والشمس والقمر والنجوم، والفضاء الواسع.

لكن عن طريق العين أيضًا تقدر أن ترى الأمور الفاسدة. وأن تؤذي عينيك بمناظر لا يليق بك أن تنظر إليها، لأنها تسبب لك انحرافًا في الفكر والسلوك. والعين عن طريق النظر هي التي تُعجَب، وتشتهي الأمور والأشياء إن كانت إيجابية أم سلبية.

 

إن العين هي في مركز حساس جدًا، فإذا كانت تسعى لترى الأمور الجيدة والحسنة، فستكون النتائج إيجابية على الإنسان. أما إذا اتجهت العين لترى الأمور الفاسدة والقبيحة، فستكون النتائج سلبية ووخيمة على حياته. وهذا ما أكّدته اختبارات البشر جميعًا، وأبحاث العلماء والأطباء.

وحول هذا الموضوع تحدّث الرب يسوع المسيح قائلاً: "سِرَاجُ الْجَسَدِ هُوَ الْعَيْنُ، فَإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ بَسِيطَةً فَجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ نَيِّرًا، وَإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ شِرِّيرَةً فَجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ مُظْلِمًا، فَإِنْ كَانَ النُّورُ الَّذِي فِيكَ ظَلاَمًا فَالظَّلاَمُ كَمْ يَكُونُ!" (متّى 22:6-23). تحدّث الرب يسوع هنا عن حقيقة هامة: وهي أن سراج الجسد، أي مصباحه الذي يعطيه الضوء، كامن في العين. وعندما يعطي هذا السراج، أي العين، الضوء بشكل صحيح وإيجابي، فإن حياتنا كلّها تكون نيّرة أي مضيئة. لكن عندما يكون فاسدًا ومظلمًا، فإن جسدنا كله سيكون مظلمًا.

وتساءل المخلّص المسيح في الختام قائلاً: "فَإِنْ كَانَ النُّورُ الَّذِي فِيكَ ظَلاَمًا فَالظَّلاَمُ كَمْ يَكُونُ!". أي إذا كان الأمر المفروض أن يشع الضوء في حياتك وينيرها، مظلمًا، فلا بد أن تكون النتيجة ظلامًا دامسًا لا نستطيع وصفها.

لعلّ السؤال الآن: ماذا قصد الرب يسوع بهذا الكلام الواقعي المعبّر؟ وهل كان يقصد مجرّد عين الجسد فقط؟ للإجابة نقول: صحيح أن الوصف الذي رسمه لنا هنا المسيح هو واقعي وحقيقي، لكنه كان في نفس الوقت يشير إلى أبعد من هذا الوصف الجسدي، أي إلى المعنى الروحي الكامن وراءه. إن الكثير من الأمور الجسدية الحسيّة لها معانٍ روحية في الكتاب المقدس. وهنا كان المسيح يشير إلى الرؤية الروحية الصحيحة، أو البصيرة الروحية التي يجب أن يتمتع بها الإنسان. فإذا كانت بصيرته الروحية صحيحة تكون حياته منيرة. أما إذا كانت فاسدة وتسعى لما يخدم الذات من رغبات وشهوات، تصبح حياته كلّها مظلمة.

ماذا يعني هذا الكلام بالضبط؟ إنه يؤكد على أهمية سعي الإنسان لكي يتحلّى بالبصيرة الروحية الصحيحة، وذلك من مصدرها الحقيقي. فليست أفكارنا وميولنا هي التي تحدد هذه البصيرة الروحية، حتى ولا ما نسمعه من فلسفات ومذاهب من حولنا. ونستطيع القول أيضًا، حتى ولا ما نتعلّمه منذ الصغر عن طريق أبوينا، إذ قد يكون خاطئاً ولا يقدّم لنا الرؤية الروحية الصحيحة. إذن أين نجد هذه البصيرة الروحية الصحيحة؟ إننا نجدها عند المخلّص المسيح وهو الوحيد الذي قال: "انا هو نور العالم. من يتبعني فلا يمشي في الظلمة بل يكون له نور الحياة" (يوحنّا 12:8). أجل، إن المسيح هو نور العالم الحقيقي الذي أتى من السماء، لكي يهب النور أو البصيرة الروحية الصحيحة لكل من يؤمن به. لهذا تابع قائلاً: أن من يتبعني فلا يمشي في الظلمة، أي تخرج الظلمة من حياته، وتصبح بالتالي منيرة ومضيئة.

قارئي العزيز، لكي يكون سراج جسدك أي عينك بسيطة، ويغدو جسدك كلّه نيّرًا، كما قال المسيح، عليك إذن أن تجعل النور الحقيقي، الذي هو المخلّص المسيح، أن يدخل حياتك. وعندها يطرد الظلمة منها. وليس هذا فحسب بل يصبح هو النور الذي تستمد منه بصيرتك الروحية الصحيحة للأمور. إن الإنسان بطبيعته فاسد، وبتعبير آخر يعيش في الظلمة. ولهذا نقرأ قول المسيح: "وَهذِهِ هِيَ الدَّيْنُونَةُ: إِنَّ النُّورَ قَدْ جَاءَ إِلَى الْعَالَمِ، وَأَحَبَّ النَّاسُ الظُّلْمَةَ أَكْثَرَ مِنَ النُّورِ، لأَنَّ أَعْمَالَهُمْ كَانَتْ شِرِّيرَةً. لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ السَّيِّآتِ يُبْغِضُ النُّورَ، وَلاَ يَأْتِي إِلَى النُّورِ لِئَلاَّ تُوَبَّخَ أَعْمَالُهُ" (يوحنا 19:3-20).

من الطبيعي أن الإنسان الذي يفعل الشر لا يحبّ أن يرى النور لئلا تُفضح أعماله الشريرة. ولهذا نجد الناس أجمعين يحبّون الظلمة لأنهم بالطبيعة أناس خطاة. لكن المخلّص المسيح تابع قائلاً: "وَأَمَّا مَنْ يَفْعَلُ الْحَقَّ فَيُقْبِلُ إِلَى النُّورِ، لِكَيْ تَظْهَرَ أَعْمَالُهُ أَنَّهَا بِاللهِ مَعْمُولَةٌ" (يوحنّا 21:3). إذن إن الذي يريد أن يسلك في طريق الحق، وأن يكون عنده النور، وبالتالي البصيرة الروحية الصحيحة، عليه أن يُقبِل إلى النور الحقيقي، أي إلى المخلّص المسيح، الذي قال عن نفسه: "أنا هو نور العالم". وعندها يزيل الله الظلمة أي الفساد من حياته، ويحرره من عبوديّة الخطيّة. ويصبح المسيح بالتالي هو النور الحقيقي الذي يقتبس منه البصيرة الروحية الصحيحة في مسيرة حياته. لا بل أكثر من ذلك يصبح هو نفسه نورًا للآخرين، أي مرشدًا ومنبهًا لهم. ألم يقل المسيح أيضًا لتلاميذه ولكل الذين سيؤمنون به: "أَنْتُمْ نُورُ الْعَالَمِ" (متّى 14:5)، أي أنتم الذين تضيئون للآخرين بنور المسيح.

لكن ماذا عن المؤمن بالمسيح نفسه؟ وهل تكون لديه دائمًا البصيرة الروحية الصحيحة؟ مع الأسف نقول: كلاّ. إذ عليه أن يعمل باستمرار حتى تكون بصيرته الروحية سليمة، ومستمدة من كلمة الله الحيّة. إن ما يقدّمه نظام العالم من إغراءات مادية ومعنوية متعددة، ومن مفاهيم خاطئة وأفكار مغلوطة قد يبعدنا قليلاً أو كثيرًا عن البصيرة الروحية الصحيحة. ولقد فوجئت مرات عديدة بالبعض يردد مفاهيم العالم ويدافع عنها، لأن هذا هو الأمر الذي تربّى عليه، أو لأنه الواقع السائد، وليس لكونه مستمدًا من الكتاب المقدّس. وها هو الرسول بولس يحذّرنا قائلاً: "وَلاَ تُشَاكِلُوا هذَا الدَّهْرَ، بَلْ تَغَيَّرُوا عَنْ شَكْلِكُمْ بِتَجْدِيدِ أَذْهَانِكُمْ، لِتَخْتَبِرُوا مَا هِيَ إِرَادَةُ اللهِ: الصَّالِحَةُ الْمَرْضِيَّةُ الْكَامِلَةُ" (رومية 2:12). لهذا كتب إلى المؤمنين في كورنثوس أيضًا: "لَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أُكَلِّمَكُمْ كَرُوحِيِّينَ، بَلْ كَجَسَدِيِّينَ كَأَطْفَال فِي الْمَسِيحِ"، وتابع قائلاً: "... فَإِنَّهُ إِذْ فِيكُمْ حَسَدٌ وَخِصَامٌ وَانْشِقَاقٌ، أَلَسْتُمْ جَسَدِيِّينَ وَتَسْلُكُونَ بِحَسَبِ الْبَشَرِ؟" (1كورنثوس 1:3 و3)، ولنلاحظ قوله: "وَتَسْلُكُونَ بِحَسَبِ الْبَشَرِ؟".

أما الرسول بطرس فقد دعانا قائلاً: "فَاطْرَحُوا كُلَّ خُبْثٍ وَكُلَّ مَكْرٍ وَالرِّيَاءَ وَالْحَسَدَ وَكُلَّ مَذَمَّةٍ، وَكَأَطْفَال مَوْلُودِينَ الآنَ، اشْتَهُوا اللَّبَنَ الْعَقْلِيَّ الْعَدِيمَ الْغِشِّ لِكَيْ تَنْمُوا بِهِ، إِنْ كُنْتُمْ قَدْ ذُقْتُمْ أَنَّ الرَّبَّ صَالِحٌ" (1بطرس 1:1-3). إن الخبث، والمكر، والرياء، والحسد، والمذمّة هي من نتائج نظام هذا العالم الشرير، والرؤية غير الصحيحة للأمور.

ولنلاحظ أن الرب يسوع عندما تكلّم عن العين الشريرة والظلام فيها، كان بمعرض الحديث عن موضوع محبّة المال، وأهمية الكنز في السماء. أي كان يتكلّم عن أمر رئيسي يشوّهه نظام العالم الشرير. فلنسعَ إذن كمؤمنين لكي تكون عندنا دائمًا البصيرة الروحية الصحيحة المستمدّة من كلمة الله الحيّة. ولنتذكّر دائمًا قول الرب يسوع المسيح أن "سِرَاجُ الْجَسَدِ هُوَ الْعَيْنُ، فَإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ بَسِيطَةً فَجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ نَيِّرًا، وَإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ شِرِّيرَةً فَجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ مُظْلِمًا، فَإِنْ كَانَ النُّورُ الَّذِي فِيكَ ظَلاَمًا فَالظَّلاَمُ كَمْ يَكُونُ!".

المجموعة: أذار March 2012

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

104 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10575289