Voice of Preaching the Gospel

vopg

حزيران June 2012

issam_atallaيكتب بولس في غلاطية 7:6  محذِّرًا من الضلال الناجم عن الجهل بقوانين الله الأخلاقية الملخّصة في مبدأ الزرع والحصاد. يؤكد بولس أن الإنسان لا يستطيع تجاهل قوانين الله والسخرية منه ويمضي بلا حساب، لأن الله قد وضع قوانينه في صلب الطبيعة  والحياة. فكما نزرع البذار في التربة ثم يأتي أوان الحصاد، لا بد لنا من حصاد ما زرعنا من نوايا وقرارات وأفعال، مهما طال الأوان، إنه مبدأ حتمي لا مفر منه: "لا تضلوا. الله لا يشمخ عليه. فإن الذي يزرعه الإنسان إياه يحصد أيضًا". ويمتاز هذا القانون بأنه:

قانون عملي

الزرع والحصاد قانون راسخ في الطبيعة وفي الحياة البشرية. وتجاهله لا يغير من حقيقته بل يؤدي إلى كارثة مثلما يؤدي تجاهل قانون الجاذبية إلى السقوط والموت. الكتاب المقدس مليء بتطبيقات هذا القانون على الأفراد والشعوب. أبونا آدم هو أول من اختبر صحة هذا القانون عند مخالفته وصية الله وأكله من شجرة المعرفة، وما زال البشر أفرادًا وشعوبًا يختبرون صدق وفعالية هذا القانون.  تحتوي وصايا الله الأخلاقية مبدأ فحواه: إننا أحرار في اختيار أفعالنا ولكننا لسنا أحرارًا في اختيار نتائجها. قال أحدهم: إزرع فكرة تحصد عملاً، إزرع عملاً تحصد عادة، إزرع عادة تحصد شخصية، إزرع شخصية تحصد مصيرًا. إن شخصياتنا ومصيرنا الأبدي هي حصيلة لما نزرعه اليوم من بذار أفكارنا، وأقوالنا وأعمالنا، وهذا ما يدحض الفكرة القدرية الشائعة بأن: المكتوب على الجبين سوف تراه العين. ففي الواقع، نحن من نحدد بإرادتنا مصيرنا الزمني والأبدي بما نزرعه من أفكار وأقوال وأفعال صالحة أو شريرة. الواضح من تعاليم الكتاب المقدس أن الخطيئة ليس لها مستقبل فهي تحوي سلفًا بذور فنائها ودينونتها (يعقوب 15:1). والملاحظ في عملية الزرع والحصاد في كل من الطبيعة والحياة أننا:

أولاً، نزرع نوعًا من البذار ونحصد نفس النوع.
ثانيًا، نزرع كمية معينة ونحصد أضعافًا منها.
ثالثًا، نزرع في موسم معين ونحصد في موسم مختلف.
رابعًا، نزرع في الخفاء تحت التربة ونحصد في العلن.

ولكن يجب أن نميز أسباب ما نعاني، فليس كل شر يصيبنا أو ألم نعانيه هو بالضرورة عقابًا مباشرًا من الله على ذنوبنا. فقد يكون الألم بقصد الامتحان أو التأديب، وهو ما نتعلمه من نهاية قصة أيوب حيث نرى أن البار كثيرًا ما يتألم بدون سبب أو ذنب ارتكبه. إذاً، فالمقصود بقانون الزرع والحصاد هو أن نوايانا وقراراتنا ذات تأثير على حياتنا وعائلاتنا ومجتمعنا، فهي لا بد أن تؤثر سلبًا أو إيجابًا. الله لا يعاقبنا فورًا، بل غالبًا ما يعطينا فرصة للتوبة والرجوع وأخيرًا ينفذ صبره ويعاقبنا، أي يسمح بأن نحصد ما زرعناه كعقاب جزئي على الأرض، ولكن العقاب التام هو دينونة وهلاك أبدي. (جامعة 11:8).

قانون عادل

القانون عادل لأنه يعكس شخصية الله وقداسته، إذ لا بد لله من معاقبة الشر والخطيئة أينما وجدا في خليقته "الرب بطيء الغضب وعظيم القدرة ولكنه لا يبرىء البتة" (ناحوم 3:1). القانون ينطبق على كل الأفراد والأمم في كل العصور، أشرارًا أم قديسين، أغنياء أم فقراء، كبارًا أم صغارًا. لقد كان الله قاسيا على شعبه القديم أكثر من بقية الشعوب الوثنية المحيطة به، وقد سمح بسبيهم وقتلهم بوحشية نتيجة لعبادتهم آلهة الأمم الوثنية. أما عن باقي الأمم فقد تعاقبت على أرضنا حوالي 22 حضارة وإمبراطورية عظيمة ازدهرت ثم اندثرت نتيجة عوامل داخلية كالانحطاط الأخلاقي، والإباحية، والفساد، والرشوة، والظلم الاجتماعي، وعوامل أخرى خارجية كالحروب والكوارث. لقد زُرعت في أوربا في القرن التاسع عشر مبادىء الإلحاد ممثلة في نظريات دارون ونيتشه وماركس،  فكانت النتيجة اندلاع حربين عالميتين في القرن العشرين، وحروب أهلية أُزهقت فيها أرواح أكثر من مئة مليون إنسان في أوربا، وروسيا، والصين، وكمبوديا. وفي الولايات المتحدة الامريكية، يقول المبشر الشهير دوايت مودي: إن أميركا التي تورّطت في تجارة الرقيق قد نالت نصيبها من عقوبة الله إذ قُتل في الحرب الأهلية عام 1865، حوالي ستمائة ألف إنسان، ولم تبق عائلة أميركية في الشمال أوالجنوب إلا ونكبت بأحد أفرادها. وهذا مطابق تمامًا لقول الكتاب المقدس أن "البر يرفع شأن الأمة وعار الشعوب الخطيئة" (أمثال 34:14). من جهة أخرى، فقد زُرعت مبادىء الإنجيل في بريطانيا في القرن الثامن عشر، فشهدت نهضات روحية في أيام جون وسلي حصّنتها ضد الثورة والحرب الأهلية التي حدثت في جارتها فرنسا - التي زُرعت فيها أفكار فولتير وجان جاك روسو الإلحادية فأنتجت ثورة دموية، وحربًا أهلية راح ضحيتها مئات الآلاف من الفرنسيين.
أما عن تطبيق القانون في حياة الأفراد، فهناك أمثلة عديدة في الكتاب المقدس والتاريخ البشري تؤيد صحة وفعالية هذا القانون، وخير مثال نجده هو في حياة يعقوب ابن اسحاق. فقد خدع أخاه عيسو، وسرق بكوريته، وكذب على أبيه إسحاق متنكّرًا في شخصية عيسو وسرق بركته. ولكن جاء اليوم الذي حصد نتائج أفعاله فوقع ضحية خاله المحتال لابان الذي سخّره عشرين سنة لأجل ابنتيه وغنمه، وعاش سنين طويلة حزينًا نائحًا بسبب كذبة أبنائه بأن يوسف افترسه وحش (تكوين 33:37). وكذلك نجد تطبيقًا لذلك في قصة داود الملك الذي قتل أوريا الحثي واغتصب زوجته، فأخبره ناثان النبي أن السيف لن يفارق بيته إلى الأبد (2صموئيل 7:12).
وفي المقابل هناك أشخاص أكرموا الرب بزرع جيد كموسى وإبراهيم ويوسف وغيرهم. وفي تاريخ أميركا هناك دراسة مقارنة حول نسل عائلة المبشر جوناثان إدواردز ونسل عائلة ماكس جوكس أحد مجرمي أميركا المعاصرين لجوناثان إدواردز:
ماكس جوكس كان مجرمًا، ملحدًا وُلد سنة 1700 م، وتزوج من امرأة سلوكها غير أخلاقي وتمارس عبادة شيطانية، فكان مستقبل نسلهم البالغ 1200 شخصًا كالتالي:
310 متشردًا كانوا عالة على صناديق الإعانة. 440 منهم دمّروا حياتهم بالانغماس في الدعارة. 130 زج بهم في السجون، 7 بجرائم قتل معدل عقوبتها 13 سنة. أكثر من 600  من نسل جوكس صاروا مدمني كحول. 60 كانوا لصوصًا. 190 أصبحن بنات هوى. و20 أصبحوا تجارًا، 10 منهم تعلّموا تجارتهم داخل السجن، وقد كلّفوا ولاية نيويورك مليون ومائتين وخمسين ألف دولار.
أما جوناثان إدواردز الذي وُلد سنة 1703 م فقد كان رجلاً تقيًا وتزوج امرأة فاضلة، وعند زواجهما كان عمره 24 سنة،  بينما كان عمر زوجته 17 سنة وكرّسا حياتهما للرب في ليلة زواجهما فجاء نسلهم كالتالي:
300 قسيسًا (البعض منهم مرسلين وأساتذة لاهوت). 100 أستاذًا جامعيًا، 100 محاميًا، 30 قاضيًا، عميدًا لكلية الحقوق، 60 طبيبًا، عميدًا لكلية الطب، 3 رؤساء بلدية في مدن كبرى، 60 كاتبًا وأديبًا، 14 رئيسًا جامعيًا، 3 حكام ولايات، رئيسا للخزانة الأمريكية، نائبًا لرئيس أميركا، ولم يكلفوا الولاية سنتًا واحدًا.
وفي الختام ينبغي أن ننتبه إلى نوعية زرعنا ونتشجع على عمل الخير وزراعة البذار الصالحة التي نحصدها في الوقت المناسب ويدوم ثمرها للحياة الابدية.

المجموعة: حزيران June 2012

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

159 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10573250