Voice of Preaching the Gospel

vopg

حزيران June 2012

Dr. Anis Behnamالهدف من هذه السلسلة القصيرة هو تسهيل دراسة هذه الرسالة الجليلة التي وإن اختلفت الآراء بخصوص كاتبها إلا أن مؤلفها هو الروح القدس. "كل الكتاب هو موحى به من الله، ونافع للتعليم والتوبيخ، للتقويم والتأديب الذي في البر، لكي يكون إنسان الله كاملاً متأهبًا لكل عمل صالح" (2تيموثاوس 16:3). كُتبت هذه الرسالة لفائدة جميع المؤمنين في العهد الجديد، ولكن بصفة خاصة إلى اليهود الذين اعتنقوا المسيحية، بعضهم صاروا مسيحيين حقيقيين، والبعض لم يؤمنوا إيمانًا قلبيًا حقيقيًا. لذلك فإن في  هذه الرسالة تشجيعًا كثيرًا للمؤمنين، وإنذارات خطيرة للمسيحيين الإسميين.
من يقرأ هذه الرسالة بتمعن يجد أن موضوعها هو الرب يسوع المسيح في لاهوته وناسوته، يسوع المسيح الذي مات لأجلنا ليخلصنا، والآن يحيا لأجلنا كرئيس الكهنة الذي يمثّل المؤمنين به أمام الله. والحقيقة أن كهنوت المسيح يشكل جزءًا كبيرًا من الرسالة. فاليهودي المؤمن بالمسيح يجد أنه لم يخسر شيئًا بإيمانه بالمسيح، بل ربح الكثير جدًا. نظرة عامة على الرسالة

في أصحاح 1، تعلن لنا عن سموّ المسيح فوق الملائكة لأنه ابن الله. وفي أصحاح 2 سموّه فوق الملائكة كابن الإنسان. وفي أصحاح 3 هو أعظم من موسى الذي قاد الشعب من مصر إلى أرض كنعان. وفي أصحاح 4 أعظم من يشوع بن نون الذي أدخلهم الأرض قسمها لهم. وفي الأصحاحين 5 و6 هو أعظم من هارون رئيس الكهنة الأول. وفي أصحاح 7 كهنوته على رتبة ملكي صادق أي ككاهن وملك، كهنوته لن يزول، ويستمر الحديث عن كهنوته إلى الفصل العاشر، وبالإضافة، فهناك إنذارات خطيرة تتخلل هذا الجزء التعليمي من الرسالة. ثم يبدأ الجز العملي من أصحاح 11 الذي يشبّه بسحابة شهود لضرورة الإيمان "إذ بدون إيمان لا يمكن إرضاؤه". ويشتمل أصحاح 12 على نصائح عملية مهمة. وهدف الروح القدس هو أن يقود المؤمن العبراني إلى الاعتراف القلبي الصادق بالمسيح، وأن يحوّل قلبه عن التعلّق بأورشليم الأرضية إلى أورشليم السماوية، ومن الكهنوت الأرضي إلى كهنوت ربنا يسوع المسيح "فَلْنَخْرُجْ إِذًا إِلَيْهِ خَارِجَ الْمَحَلَّةِ حَامِلِينَ عَارَهُ. لأَنْ لَيْسَ لَنَا هُنَا مَدِينَةٌ بَاقِيَةٌ، لكِنَّنَا نَطْلُبُ الْعَتِيدَةَ" (عبرانيين 13:13-14).

عبرانيين 1:1 – 4:2

تفتتح هذه الرسالة باسم الجلالة، لذلك لم يكن من اللائق أن يأتي اسم الكاتب قبله. وأول ما يخبرنا إياه، أن الله في العهد الجديد كلّمنا في الابن. فرسالة العهد الجديد لها هذه الأهمية وهذا الجلال. إنها أتتنا لا عن طريق الأنبياء بل تكلم الله في ابنه. ثم يذكر سبعة أمجاد لهذا الابن هي كسبعة تيجان تكلل رأسه المجيد. فهو بهاء مجد الله، ورسم جوهره، وكلها تعلن لنا أنه أعظم من الملائكة. ليتنا نتأمل كثيرًا في أمجاد المسيح لأننا إذ نكون "وَنَحْنُ جَمِيعًا نَاظِرِينَ مَجْدَ الرَّبِّ بِوَجْهٍ مَكْشُوفٍ، كَمَا في مِرْآةٍ، نَتَغَيَّرُ إِلَى تِلْكَ الصُّورَةِ عَيْنِهَا، مِنْ مَجْدٍ إِلَى مَجْدٍ، كَمَا مِنَ الرَّبِّ الرُّوحِ" (2كورنثوس 18:3). تأمل في قوله: "صنع بنفسه تطهيرًا لخطايانا"، وافرح وابتهج لأن أساس تطهيرك ليس دم ثيران وتيوس وذبائح... التي كان لا بد أن تتكرر، لأنها لا يمكن أن تزيل الخطايا، كما سنرى في الدراسات القادمة. إن جلوس المسيح في يمين العظمة في الأعالي هو دليل على إتمام عمل الفداء والتطهير. فلم يكن لرئيس الكهنة في خيمة الاجتماع أو الهيكل كرسي للجلوس، لأن العمل لم يكن كاملاً بل كان مجرد رموز.
من عدد 5 إلى 14 يعطي أدلة قوية على أنه أعظم من الملائكة. إقرأها واحدة واحدة بتأمل، فهي اقتباسات من العهد القديم تجدها في مزمور 7:2؛ ومزمور 26:89؛ و2صموئيل 14:7؛ ومزمور7:97؛ ومزمور 4:104؛ ومزمور 6:45-7؛ ومزمور 25:102-27؛ ومزمور 1:110.
والآن إذ أعلن عظمة هذا الذي تكلم الله فيه، ينذر من خطورة الإهمال والاستهتار.
هذا أول إنذار في هذه الرسالة (1:2-4)
خلاصة الإنذار هي هذه: إن كان الاستهتار بالشريعة التي أُعطيت على يد موسى كان يُعاقَب عليها عقابًا صارمًا — كما هو واضح في العهد القديم — فكم بالأحرى من يستهين بهذا الخلاص العظيم الذي أتى به يسوع المسيح، وتثبّت لنا بواسطة المعجزات التي صنعها رسل المسيح الذين نادوا بهذه البشارة، بشارة الخلاص. وقوله "تكلم بها ملائكة" يعلمنا أن الله كان يعطي التعليمات لموسى بواسطة ملائكة (انظر غلاطية 19:3؛ وأعمال 53:7). وسوف تلي إنذارات أخرى سنتكلم عنها في موضعها.

عبرانيين 5:2-18

بعد الإنذار السابق يتكلم الروح القدس عن أمجاد المسيح كإنسان كما تكلم في الأصحاح الأول عن أمجاده كابن الله، فيقول "فَإِنَّهُ لِمَلاَئِكَةٍ لَمْ يُخْضِعِ الْعَالَمَ الْعَتِيدَ (أي المستقبل) الَّذِي نَتَكَلَّمُ عَنْهُ" (عدد 5). والمقصود بالعالم العتيد هو حين يأتي المسيح ويملك على هذه الأرض. كان هناك العالم السابق الذي "فاض عليه الماء فهلك" (2بطرس 6:3) — أي ما قبل الطوفان — والآن نحن نعيش في "العالم الحاضر الشرير" (غلاطية 4:1). حين خلق الله الإنسان أخضع الكائنات الأخرى تحته، كما جاء في تكوين 28:1 "وَبَارَكَهُمُ اللهُ وَقَالَ لَهُمْ: أَثْمِرُوا وَاكْثُرُوا وَامْلأُوا الأَرْضَ، وَأَخْضِعُوهَا، وَتَسَلَّطُوا عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى كُلِّ حَيَوَانٍ يَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ". ولكن إذ دخلت الخطيئة إلى العالم فقد الإنسان هذا الامتياز (تكوين 17:3-19). لذلك يقول: "الآن لسنا نرى الكل مخضعًا له"، ولكن هذا سيعود في العالم المستقبل، والدليل هو أننا الآن بالإيمان نرى يسوع "الإنسان الثاني، الرب من السماء" (1كورنثوس 47:15). نراه "مكللاً بالمجد والكرامة". فهو رأس الجنس الجديد، وهو ضمان تتميم مقاصد الله نحو الإنسان، وبذلك يتحقق ما جاء في مزمور 8 "فمن هو الإنسان حتى تذكره، وابن آدم حتى تفتقده، وتنقصه قليلاً عن الملائكة وبمجد وبهاء تكلله. تسلطه على أعمال يديك. جعلت كل شيء تحت قدميه" (4:8-6). وفي قوله "تنقصه قليلاً عن الملائكة" يشير إلى تواضعه واستعداده للموت. ثم نرى بعد ذلك فوائد تجسد المسيح:
أولاً: "لكي يذوق بنعمة الله الموت لأجل كل واحد" (عدد 9). فلو لم يتجسد لما كان ممكنًا أن يموت لأجلنا.
ثانيًا: لكي يصبح واحدًا معنا، ولا يستحي أن يدعونا إخوة (عدد 11).
ثالثًا: لكي يبيد سلطة إبليس الذي كان يطالب بموت الإنسان على أساس قداسة وعدالة الله. فبموت المسيح نيابة عنا، لم يبق لإبليس هذا الحق.
رابعًا: لكي ينقذنا من عبودية الخوف من الموت، إذ يمكننا أن نقول: "أين شوكتك يا موت؟ أين غلبتكِ يا هاوية". حتى الذي كان يضطهد المؤمنين، أي الرسول بولس بعد إيمانه، أمكنه أن يقول: "والموت هو ربح".
خامسًا: بتجسده أمكن أن يجوز في الآلام والصعوبات، فهو اختبر الجوع والعطش، اختبر الاتهامات الباطلة، اختبر الفقر المادي، إذ لم لكن له أين يسند رأسه، ولا يسعنا المجال أن نتكلم عن كل ما احتمله المسيح كإنسان من آلام وأحزان، لذلك يختتم هذا الجزء بالقول "لأنه فيما هو قد تألم مجرّبًا يقدر أن يعين المجربين". إذًا رأينا أمجاده كابن الله (أصحاح 1) وكابن الإنسان (أصحاح 2).

عبرانيين 1:3-6

في هذا الفصل يخاطب الكاتب المؤمنين بثلاثة ألقاب جميلة تستحق التأمل:
أولاً: إخوة. ثانيًا: قديسين، أي منفصلين عن العالم الشرير ومخصصين لله.
ثالثًا: شركاء الدعوة السماوية، فدعوتنا ليست أرضية كدعوة إسرائيل قديمًا، بل سماوية. وهي أيضًا دعوة مقدسة (2تيموثاوس 9:1)، كما أنها دعوة عليا (فيلبي 14:3). وكل هذا يملأ قلوبنا بالشكر لله ويدفعنا للتفكير في هذه الدعوة والسلوك بحسب قيمتها العظيمة. ثم يحرضنا الروح القدس قائلاً: "لاحظوا" أي فكّروا جديًا وتأملوا في هذا الشخص الذي هو "رسول اعترافنا ورئيس كهنته". واعترافنا يعني الحقائق الجوهرية التي هي موضوع إيماننا، ولا سيما المتعلقة بشخص ربنا يسوع المسيح. والمسيح هو نفسه رسول هذا الاعتراف، أي هو الذي أتى به من الله وهو أيضًا رئيس الكهنة الذي يمثّلنا أمام الله. فكرسول هو من الله لنا، وكرئيس كهنة هو منّا إلى الله، كما قلنا سابقًا أنه هو الذي يمكنه أن يضع يديه على كِلَينا. وفي هذين الأمرين هو الأمين والصادق الذي نبني إيماننا عليه. هو أمين نحو الله الذي أرسله. قال الله عن موسى في سفر العدد 7:12 "هو أمين في كل بيتي". يقتبس كاتب الرسالة هذه العبارة، ثم يعمل مقارنة بين موسى والمسيح فيقول: "فَإِنَّ هذَا "أي المسيح" قَدْ حُسِبَ أَهْلاً لِمَجْدٍ أَكْثَرَ مِنْ مُوسَى، بِمِقْدَارِ مَا لِبَانِي الْبَيْتِ مِنْ كَرَامَةٍ أَكْثَرَ مِنَ الْبَيْتِ" (3:3). فموسى كان أمينًا كخادم في البيت. قد يشير البيت إلى خيمة الاجتماع، كما يشير إلى شعب إسرائيل. أما المسيح فكابنٍ على بيته. ما أعظم الفرق بين "خادم" في البيت، "وابن" على البيت، أي له سلطة للتصرّف على بيته. وهذه المقارنة مهمة جدًا بالنسبة لليهود. فهم كانوا يعظمون موسى ويفتخرون به "مع أن آباءهم أتعبوه كثيرًا". قالوا للرجل المولود أعمى الذي فتح المسيح عينيه: "أنت تلميذ ذاك "أي المسيح" وأما نحن فإننا تلاميذ موسى. نحن نعلم أن موسى كلّمه الله. وأما هذا فما نعلم من أين هو" (يوحنا 28:9-29). قال المسيح لهم موبّخًا: "موسى الذي عليه رجاؤكم" (يوحنا 45:5). للأسف، وضعوا رجاءهم على موسى لا على المسيح، على الشريعة لا على النعمة "لأن الناموس بموسى أُعطي، أما النعمة والحق فبيسوع المسيح صارا" (يوحنا 27:1).
ويختتم هذا الجزء بالقول: "وبيته نحن إن تمسكنا بثقة الرجاء وافتخاره ثابتة إلى النهاية".
كان كثيرون من الفريسيين والكتبة والكهنة قد انضموا إلى المؤمنين (كما نتعلم من سفر أعمال الرسل)، ولكن بعضهم كانوا "يعرجون بين الفرقتين". ولذلك أعلن أن التمسك إلى النهاية هو دليل الإيمان الحقيقي. وهذه العبارة الأخيرة هي بمثابة مقدمة للإنذار الذي يليها الوارد في 7:3-13:4، إذ يستأنف موضوعه في عبرانيين 14:4، وهذا سنتكلم عنه في المرة القادمة إن شاء الرب وعشنا.

المجموعة: حزيران June 2012

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

119 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10473454