Voice of Preaching the Gospel

vopg

تموز July 2012

الدكتور أنيس بهنامهذه التعليقات هي لتسهيل دراسة الرسالة إلى العبرانيين، لذلك من المهم جدًا أن يُقرأ ما جاء في الكتاب المقدس مع هذه الملاحظات.
رأينا في المرة الماضية أن المسيح أسمى من الملائكة لأنه ابن الله (أصحاح 1) وهو أيضًا أسمى من الملائكة كابن الإنسان (أصحاح 2)، ورأيناه أعظم من موسى الذي كان كخادم أمين في بيت. أما المسيح فهو الابن القائم على بيته (أصحاح 1:3-6)، كذلك ألقينا نظرة على الإنذار الأول، وهو بخصوص الاستهتار، أي إهمال هذا الخلاص العظيم الذي أتى به المسيح وتثبّت لنا بواسطة الرسل عن طريق الآيات والمعجزات (21:2-4).

والآن سنواصل دراستنا ابتداء من 7:3-13:4 وهو

 

الإنذار الثاني

ينذر الروح القدس في هذا الفصل ضد قساوة القلب، أي عدم الإيمان، كما فعل آباؤهم في البرية، فماتوا في الطريق ولم يدخلوا أرض كنعان، لذلك يقول: "اليوم إن سمعتم صوته فلا تقسوا قلوبكم" ( 7:3-8). وأيضًا "انظروا أيها الإخوة أن لا يكون في أحدكم قلب شرير بعدم إيمان في الارتداد عن الله الحي" (عدد 12). "فنرى أنهم لم يقدروا أن يدخلوا لعدم الإيمان" (عدد 19). "لأننا نحن المؤمنين ندخل الراحة" (3:4). ويشرح في هذا الفصل أن الراحة الحقيقية التي لن يشوبها تغيير هي مستقبلة. فبعد أن استراح الله في اليوم السابع جاءت الخطيئة. كذلك دخول أرض كنعان لم يكن الراحة الحقيقية "لأنه لو كان يشوع قد أراحهم لما تكلم بعد ذلك عن يوم آخر" (8:4). والنتيجة هي "إذًا بقيت راحة لشعب الله" (9:4). فالراحة الحقيقية النهائية للمؤمنين هي حين نكون مع الرب. كل هذه الأدلة مبنية على ما جاء في الكتاب المقدس في الاقتباسات السابق ذكرها، لذلك يقول: "لأَنَّ كَلِمَةَ اللهِ حَيَّةٌ وَفَعَّالَةٌ وَأَمْضَى مِنْ كُلِّ سَيْفٍ ذِي حَدَّيْنِ، وَخَارِقَةٌ إِلَى مَفْرَقِ النَّفْسِ وَالرُّوحِ وَالْمَفَاصِلِ وَالْمِخَاخِ، وَمُمَيِّزَةٌ أَفْكَارَ الْقَلْبِ وَنِيَّاتِهِ. وَلَيْسَتْ خَلِيقَةٌ غَيْرَ ظَاهِرَةٍ قُدَّامَهُ، بَلْ كُلُّ شَيْءٍ عُرْيَانٌ وَمَكْشُوفٌ لِعَيْنَيْ ذلِكَ الَّذِي مَعَهُ أَمْرُنَا" (12:4-13).
بعد ذلك يبدأ الروح القدس كلامه عن كهنوت المسيح،  وهو موضوع أساسي في هذه الرسالة، لذلك يشرح لنا من 14:4-28:7 أن كهنوت المسيح هو أسمى بكثير من كهنوت هارون، أي الكهنوت اللاوي.
عبرانيين 14:4-10:5 يفتتح هذا الجزء بالقول: "فَإِذْ لَنَا رَئِيسُ كَهَنَةٍ عَظِيمٌ قَدِ اجْتَازَ السَّمَاوَاتِ، يَسُوعُ ابْنُ اللهِ، فَلْنَتَمَسَّكْ بِالإِقْرَارِ. لأَنْ لَيْسَ لَنَا رَئِيسُ كَهَنَةٍ غَيْرُ قَادِرٍ أَنْ يَرْثِيَ لِضَعَفَاتِنَا، بَلْ مُجَرَّبٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِثْلُنَا، بِلاَ خَطِيَّةٍ. فَلْنَتَقَدَّمْ بِثِقَةٍ إِلَى عَرْشِ النِّعْمَةِ لِكَيْ نَنَالَ رَحْمَةً وَنَجِدَ نِعْمَةً عَوْنًا فِي حِينِهِ" (14:4-16). هذه عبارات مشجعة تملأ القلب بالفرح واليقين والسلام. ثم يستمر في الأصحاح الخامس في الكلام عن أوجه الشبه وأوجه الاختلاف بين المسيح وهارون (أول رئيس كهنة). فهارون لم يأخذ هذه الوظيفة من تلقاء ذاته بل كان "مدعوًا من الله". وكذلك المسيح الذي قال له الله "أنت كاهن إلى الأبد على رتبة ملكي صادق" (6:5). أما أحد أوجه الفرق فهو أن هارون كان يستوجب عليه أن يقدم ذبائح عن نفسه كما عن الشعب. أما يسوع المسيح القدوس فقد قدم ذبيحة واحدة نيابة عن الآخرين. وإذ ذكر عمل المسيح فهو يذكّرنا أيضًا بما جاز فيه يسوع في بستان جثسيماني، وكذلك على الصليب. ذاك الذي "كل شيء به كان"، والذي "قال فكان وأمر فصار" هو نفسه "مع كونه ابنًا تعلم الطاعة مما تألم به". كلمات نقف أمامها بكل إجلال وخشوع. "وإذ وُجد في الهيئة كإنسان وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب" (فيلبي 8:2)، "وإذ كُمّل صار لجميع الذين يطيعونه سبب خلاص أبدي" (عبرانيين 9:5). وكلمة "كُمِّل" تعني أنه قد تأهّل تمامًا لأن يكون المخلص ورئيس كهنتنا بواسطة تجسده وموته لأجلنا. (قارن ما جاء في لوقا 32:13 "هَا أَنَا أُخْرِجُ شَيَاطِينَ، وَأَشْفِي الْيَوْمَ وَغَدًا، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ أُكَمَّلُ"؛ وكذلك ما جاء في عبرانيين 28:7 إذ يقول عنه "ابنًا مكمّلاً إلى الأبد"). قبل أن يشرح لنا معنى القول "رئيس كهنة على رتبة ملكي صادق" (10:5)، يعطينا الروح القدس.

الإنذار الثالث

عبرانيين 11:5-20:6

هذا الجزء هو فقرة اعتراضية بين 10:5 و20:6، ويبدأ بتوبيخ رقيق من قلب محب، وذلك لأن البعض ممن كُتب لهم هذا السفر كانوا لا يزالون في حالة طفولية بالنسبة لفهمهم ونموهم الروحي (11:5-14). لذلك يقول لهم أنه لا بد أن نتقدم إلى معرفة أكمل – كانت عندهم قبل إيمانهم بالمسيح معرفة عن لزوم الإيمان والتوبة (وهي أول خطوة في العلاقة مع الله)، وكذلك كانوا يعرفون عن الطقوس المتعلقة بالاغتسال [كلمة معموديات هنا هي المترجمة "غسلات" في 10:9]، ووضع الأيدي على الذبائح [كما هو وارد مرارًا في سفر اللاويين]، ثم بخصوص المستقبل كانوا يعرفون أنه هناك قيامة وبعدها دينونة.
الآيات 4:6-8 تتكلم عن أشخاص تأثروا سطحيًا بالبشارة، ولكن لم يكن لهم ثمار حقيقية، فهم مثل الأرض التي أتى عليها المطر مرارًا، لكنها لم تنتج إلا  شوكًا وحسكًا، وهذا يذكرنا بمثل الزارع في متى 13 ومرقس 4. بالإضافة إلى ذلك فالكاتب يوجه أيضًا حديثه للمؤمنين الحقيقيين الذين لهم ثمار أكيدة (أعداد 9-11)، راغبًا أن يقوّي إيمانهم (عدد 12). ولذلك يؤكد لهم أن الله صادق في مواعيده وأنه أكّدها بقسم. أرجو أن يتأمل القارئ في الآيات 18:6-20. ما أجمل القول أن يسوع دخل إلى الأقداس "كَسَابِق لأَجْلِنَا، صَائِرًا عَلَى رُتْبَةِ مَلْكِي صَادَقَ، رَئِيسَ كَهَنَةٍ إِلَى الأَبَدِ". وبذلك يربط كلامه في 10:5 مع 1:7.
1:7-22 موضوع الأصحاح السابع هو "كهنوت المسيح على رتبة ملكي صادق"، وهو أسمى جدًا من الكهنوت اللاوي، أي كهنوت هارون وأولاده. أول مرة يُذكر فيها ملكي صادق هي في سفر التكوين 18:14-20. "وَمَلْكِي صَادِقُ... كَانَ كَاهِنًا ِللهِ الْعَلِيِّ. وَبَارَكَهُ وَقَالَ: مُبَارَكٌ أَبْرَامُ مِنَ اللهِ الْعَلِيِّ مَالِكِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، وَمُبَارَكٌ اللهُ الْعَلِيُّ الَّذِي أَسْلَمَ أَعْدَاءَكَ [أي أعداء إبراهيم] فِي يَدِكَ. فَأَعْطَاهُ [إبراهيم أي أبرام] عُشْرًا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ". ولم يرد ذكره بعد ذلك لمدة حوالي ألف سنة، إلى أن تنبأ داود في مزمور 110 عن المسيح فقال: "قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي: اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئًا لِقَدَمَيْكَ... أَقْسَمَ الرَّبُّ وَلَنْ يَنْدَمَ: أَنْتَ كَاهِنٌ إِلَى الأَبَدِ عَلَى رُتْبَةِ مَلْكِي صَادَقَ" (مزمور 1:110، 4). وبعد داود بحوالي ألف سنة جاء ذكره في الرسالة إلى العبرانيين. ومن هذا نرى الوحدة العجيبة في الكتاب المقدس.

وخلاصة ما جاء في عبرانيين 7 هي:

1- ملكي صادق معناها ملك البر.
2- ملك ساليم معناها ملك السلام. فهو كان شخصًا حقيقيًا، ملكًا على مدينة ساليم [والأرجح أنها أورشليم].
3- هو كاهن وملك، وهذا لم يكن ممكنًا في الكهنوت اللاوي، لأن المُلك كان لسبط يهوذا والكهنوت لسبط لاوي.
4- لم يذكر له الوحي المقدس اسم أب أو أم أو نسب – مع أن سفر التكوين يحتوي على الأنساب بكثرة.
5- لا يُذكر له بداءة أيام أو نهاية، لكي يكون رمزًا مناسبًا للمسيح الذي هو من البدء ولا نهاية أيام له.
6- هو أعظم من إبراهيم الذي أعطاه العشور اعترافًا بفضله عليه.
7- هو بارك إبراهيم، "وبدون كل مشاجرة الأصغر يُبارَك من الأكبر". هذه خلاصة 1:7-10.
بعد هذا يعلّق الكاتب على الفرق بين كهنوت هارون وكهنوت المسيح فيقول: "فَلَوْ كَانَ بِالْكَهَنُوتِ الّلاَوِيِّ [أي كهنوت هارون وأولاده] كَمَالٌ... مَاذَا كَانَتِ الْحَاجَةُ بَعْدُ إِلَى أَنْ يَقُومَ كَاهِنٌ آخَرُ عَلَى رُتْبَةِ مَلْكِي صَادَقَ؟ وَلاَ يُقَالُ عَلَى رُتْبَةِ هَارُونَ" (11:7). من الواضح إذًا أن الكهنوت اللاوي كان مؤقتًا إلى أن جاء المسيح الذي كهنوته ليس بحسب ناموس وصية جسدية بل بحسب قوة حياة لا تزول، أي كهنوت أبدي. "لأَنَّهُ يَشْهَدُ أَنَّكَ: كَاهِنٌ إِلَى الأَبَدِ عَلَى رُتْبَةِ مَلْكِي صَادَقَ" (عدد 17).
نتيجة لذلك، أولاً: "يَصِيرُ إِبْطَالُ الْوَصِيَّةِ السَّابِقَةِ مِنْ أَجْلِ ضَعْفِهَا وَعَدَمِ نَفْعِهَا" (عدد 18). من المعروف أن الكهنوت اللاوي تدهور جدًا حتى أن الكهنة، في زمن المسيح على هذه الأرض كانوا من طائفة الصدوقيين "لأَنَّ الصَّدُّوقِيِّينَ يَقُولُونَ إِنَّهُ لَيْسَ قِيَامَةٌ وَلاَ مَلاَكٌ وَلاَ رُوحٌ" (أعمال 8:23).
ثانيًا: "إِدْخَالُ رَجَاءٍ أَفْضَلَ بِهِ نَقْتَرِبُ إِلَى اللهِ". هذا امتيازنا كمسيحيين، إذ لنا حق الاقتراب إلى الله، حق الدخول إلى الأقداس على أساس عمل المسيح على الصليب، "على قدر ذلك قد صار يسوع ضامنًا لعهد أفضل" (عدد 22).
بهذا قد وصلنا إلى قلب هذه الرسالة الجليلة، وسوف نواصل دراستنا هذه في المرة القادمة إن شاء الرب وعشنا.

المجموعة: تموز July 2012

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

100 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10570549