Voice of Preaching the Gospel

vopg

تموز July 2012

خادم الرب جوزيف عبدوليس غريبًا على فهم كل مؤمن ما قصده الرب يسوع حين علّم تلاميذه كيف يصلّون، مبتدئين بمخاطبة إله السماء بعبارة: "أبانا الذي في السماوات". فلعلّ الكثيرين في أوقات متعددة وفي أماكن كثيرة من هذا العالم يصلون إلى "أبيهم الذي في الأرض" ويعكسون الطلبة القائلة "لتكن مشيئتك كما في السماوات كذلك على الأرض"، لتصبح "لتكن مشيئتك كما على الأرض كذلك في السماوات". فهم يطمحون لسماء مفعمة بمشتهيات الأرض الباطلة وأمجادها الزائلة... التي لم يدركوا وجود ما هو أسمى منها ولا يرجون سواها. كنتيجة طبيعية لسقوط أبوينا الأولين في خطية العصيان، خسارتهما لمزايا عظيمة ذات مصدر سماوي، لأنهما اختارا الاستقلال عن "أبيهما الذي في السماوات" وأورثا هذه الخسائر لجميع أفراد نسلهما فيما بعد.
لقد خسرا مزية البراءة ونعمة البساطة، وفقدا نعمة الاطمئنان والسلام الداخلي، ومزية الاستقامة والصدق المطلق، ونعمة الثقة بالخالق، وجمال الشركة معه، والبركة، والراحة، والاكتفاء، والصحة، والديمومة. وأخيرًا وليس آخرًا فقدا الرجاء وتاها عن طريق العودة والرجوع، ومع ذلك لم يشعرا بدافع للانكسار والتوبة الصادقة فاستمرا بالمكابرة والعناد.
لقد كان مدخلهما إلى ذلك الوضع الميئوس منه، هو اقتراف خطية واحدة صغيرة ولكن ما يجعل أثرها هائلاً هو أنها مرتكبة ضدّ الله!
ونحن أبناء آدم وحواء نكسر وصايا الله بالجملة على مدى مسيرة الحياة التي يسمح لنا بها. إن أفظع وأرهب كارثة ورثناها هي الإحساس بالرغبة بالاستقلال عن الله، والتعبد لآلهة الأرض.
فالذين لا يسيّدون الله على حياتهم بالكامل إنما هم يتعبدون لآلهة غريبة وجميعها في نظر الله أصنام، لا فرق في ذلك إن كانت ماديّة أو معنويّة.

آلهة مصنّعة

من أغرب الأمور وأشدّها تعارضًا مع العقل البشري – الذي هو من أعظم هبات الله للإنسان – أنه يوجد أقوام وشعوب وأفراد كثيرون في هذا العالم ما زالوا حتى عصرنا هذا يتعبّدون لآلهة صنمية، صنعة أيدي الناس. والكتاب المقدس منذ بدايات أسفاره وحتى قبل تدوين الوصايا كان الله وما زال يوصي البشرية من هذا الشر الفظيع. يقول الوحي: "هل بدلت أمة آلهة وهي ليست آلهة؟ أما شعبي فقد بدل مجده بما لا ينفع" (إرميا 11:2). فبعد أن أخرج الله الشعب القديم من مصر – أرض العبودية – بيد قوية وذراع رفيعة، وأراهم مجده بآيات وعجائب باهرة، رجعوا بقلوبهم إلى مصر وعباداتها الصنمية. ففي غياب موسى على جبل سيناء لمقابلة الله واستلام لوحي الشريعة، ثار الشعب على هارون وقالوا له: "قُمِ اصْنَعْ لَنَا آلِهَةً تَسِيرُ أَمَامَنَا، لأَنَّ هذَا مُوسَى الرَّجُلَ الَّذِي أَصْعَدَنَا مِنْ أَرْضِ مِصْرَ، لاَ نَعْلَمُ مَاذَا أَصَابَهُ... فَأَخَذَ (هارون) ذلِكَ مِنْ أَيْدِيهِمْ وَصَوَّرَهُ بِالإِزْمِيلِ، وَصَنَعَهُ عِجْلاً مَسْبُوكًا. فَقَالُوا: هذِهِ آلِهَتُكَ يَا إِسْرَائِيلُ الَّتِي أَصْعَدَتْكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ... فَبَكَّرُوا فِي الْغَدِ وَأَصْعَدُوا مُحْرَقَاتٍ وَقَدَّمُوا ذَبَائِحَ سَلاَمَةٍ. وَجَلَسَ الشَّعْبُ لِلأَكْلِ وَالشُّرْبِ ثُمَّ قَامُوا لِلَّعِبِ" (خروج 1:32-6).
ولك أن تتصوّر مدى ضلال قلوب هؤلاء الذين عاينوا أعمال الله العظيمة لأجلهم ولكنهم قالوا "لا" للإله الحي!
أما عن الشعوب الوثنية في جميع أنحاء الأرض فحدِّث ولا حرج عن الآلهة الوثنية التي صنعوا لها مجسّمات وتعبّدوا لها على مدى العصور... وكلمة الوحي المقدس تشير بكل شجب واستغراب إلى هذه الممارسات.
يقول المرنم: "أَصْنَامُهُمْ فِضَّةٌ وَذَهَبٌ، عَمَلُ أَيْدِي النَّاسِ. لَهَا أَفْوَاهٌ وَلاَ تَتَكَلَّمُ. لَهَا أَعْيُنٌ وَلاَ تُبْصِرُ. لَهَا آذَانٌ وَلاَ تَسْمَعُ. لَهَا مَنَاخِرُ وَلاَ تَشُمُّ. لَهَا أَيْدٍ وَلاَ تَلْمِسُ. لَهَا أَرْجُلٌ وَلاَ تَمْشِي، وَلاَ تَنْطِقُ بِحَنَاجِرِهَا. مِثْلَهَا يَكُونُ صَانِعُوهَا، بَلْ كُلُّ مَنْ يَتَّكِلُ عَلَيْهَا" (مزمور 4:115-8).
ويصف الرسول بولس كثرة الأصنام في أثينا باليونان حين زارها وكأنه أمام معرض للأصنام من جميع الأشكال والأسماء... ويحدثنا التاريخ عن أصنام مصر القديمة، ودولة بابل، وآشور، وفارس، وغيرها... وما زالت شعوب الهند وغيرها في الشرق تتعبّد لأصنام كثيرة لا حصر لها.
دخلت مرة إلى معبد هندوسي مقام في "أتلانتا بجورجيا" فرأيت العجب العجاب! كان البناء فخمًا مشادًا من الرخام، وقد نحتت في جدرانه وسقفه الألوف من الأصنام الصغيرة. أما الحجرات فكان يقبع في كل منها صنم واحد أو أكثر من الذهب الخالص، وكلٌّ يختلف عن الآخر في وضعيته وشكله. أما كلفة ذلك المعبد فكانت كما قيل لنا بمليارات الدولارات، في حين أن الملايين من الشعب الهندي يعيشون في فقر مدقع! كل هذا ناهيك عن حالة الخشوع والانكسار التي كان العابدون يظهرونها أمام تلك الجمادات التي لا قدرة لها على الإحساس بما يفعلون بها!
لقد قلت في نفسي: إن ذلك راجع لفساد أذهان هؤلاء الأشخاص وعدم قدرتهم على التمييز. غير أن ذلك لم يكن هو كل شيء، فالحقيقة هي أن الشيطان استطاع بمكره وخداعه أن يسيطر على تلك العقول سيطرة تامة لئلا تستطيع أن تدرك الحق.
والقليلون هم الذين يشرق عليهم نور المعرفة فتصبح لديهم الجرأة والشجاعة لمجابهة ذلك الزيف.
يُحكى أن إعرابيًا كان خارجًا إلى الحقل وكان طريقه تمر بالقرب من صنم حجري يتعبّد له قومه، فشاهد ثعلبًا يصعد على ذلك الصنم ويبوّل عليه... فما كان منه إلا أن جاء إلى ذلك الصنم وبدأ يحطّمه بفأسه وهو ينشد:
أربٌّ يبول الثعلباتُ برأسه
لقد ذلّ من بالت عليه الثعالب
وقد يقول البعض: إن تلك الأصنام جمادات "لا تضرّ ولا تنفع"... قد يصح هذا القول لو نظرنا إلى المسألة نظرة سطحية فقط. أما في العمق، فمن حيث أنها لا تنفع، فذلك لأنها صماء ليست فيها أية قوة حقيقية وليست لديها أية مصادر للمنفعة. أما بالنسبة للشق الآخر فإن ضررها لهائل جدًا:
1- لأن عباداتها تمثل إهانة لجلال الله وعظمة سلطانه. وقد أوصى في صدر الكتاب المقدس قائلاً: "لاَ تَصْنَعْ لَكَ تِمْثَالاً مَنْحُوتًا، وَلاَ صُورَةً مَا مِمَّا فِي السَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ، وَمَا فِي الأَرْضِ مِنْ تَحْتُ، وَمَا فِي الْمَاءِ مِنْ تَحْتِ الأَرْضِ. لاَ تَسْجُدْ لَهُنَّ وَلاَ تَعْبُدْهُنَّ..." (خروج 4:20-5).
2- لأنها تأخذ شكل التراث الذي له علاقة بالروح القبلية فيصعب على الذين يمارسونها أن يقرّوا بأن آباءهم وأجدادهم وقومهم كانوا على ضلال.
3- لأنها تستعبد أفكار الناس للزيف والبطل فلا يستطيعون التخلّص من أوهامها، بل يغرقون في تلك الأوحال متخبطين عاجزين عن التحرر من مستنقعاتها القذرة، فهم تحت تأثير القوة الشيطانية التي تأسرهم، يخشون أن يكون فيها أسرار غامضة لا يستطيعون إدراكها!
4- إن أعظم ضرر لها هو أنها تؤدي بأصحابها إلى الهلاك الأبدي المحتم.
فليتنا جميعًا نرفع صلواتنا إلى الله لكي يفتقد تلك النفوس المقيدة بربط إبليس ويخرجها من عبوديتها القاسية، وينقلها إلى ملكوت ابن محبته.

المجموعة: تموز July 2012

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

109 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10589164