Voice of Preaching the Gospel

vopg

أذار March 2014

الدكتور أنيس بهنام"يجب عليكم أن يغسل بعضكم أرجل بعض" (اقرأ يوحنا 1:13-17)
من يقرأ إنجيل يوحنا لا بد أن يلاحظ أنه في الأصحاحات 1-12 يتكلم الرب يسوع المسيح مع كثيرين من الناس، ولكن من أصحاح 13-17 وبداءة أصحاح 18 نراه يتكلم مع تلاميذه فقط.
فنراه مثلاً في أصحاح 2 في عرس قانا الجليل، وفي أصحاح 3 يتكلم مع نيقوديموس. وفي أصحاح 4 مع المرأة السامرية ثم مع السامريين حتى أن كثيرين آمنوا به. ثم في أصحاح 5 نراه عند بركة بيت حسدا حيث شفى رجلاً مريضًا منذ 38 سنة مما أدى إلى حوار مع كثيرين من اليهود. وفي أصحاح 6 أشبع الجموع بخمسة أرغفة خبز وسمكتين وكان عددهم نحو 5000 رجلًا ما عدا النساء والأطفال، وبعد ذلك تبعته جموع كثيرة فتحدث معهم. وفي أصحاح 7 "في اليوم الأخير العظيم من العيد وقف يسوع ونادى قائلاً: إن عطش أحد فليقبل إليّ ويشرب" (37:7). في أصحاح 8 قدم إليه الكتبة والفريسيون امرأة أُمسكت وهي تزني. ودار بينه وبين اليهود حديث طويل لنا فيه دروس ثمينة: إذ قال لهم: "قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن" (عدد 58). ثم في أصحاح 9 فتح عيني المولود أعمى. وفي أصحاح 10 أعلن عن نفسه قائلاً: "أنا هو الراعي الصالح والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف" (11:10). أما في أصحاح 11 فقد أقام لعازر من بين الأموات فآمن به كثيرون وتشاور اليهود ليقتلوه. وأخيرًا في أصحاح 12 نراه في بيت عنيا حيث صنعوا له عشاء، وسكبت مريم قارورة طيب كثيرة الثمن على قدميه.
ولكن ابتدأ من أصحاح 13 وإلى أن قُبض عليه في البستان في أصحاح 18 – في كل هذه الأصحاحات كان حديثه مع تلاميذه فقط، إذ كان هدفه أن يجهّز تلاميذه إلى حقيقة فراقه لهم – الأمر الذي كان صعبًا عليهم أن يقبلوه، لذلك كان من اللازم أن يعزي قلوبهم، فقال لهم في أصحاح 14 أنه سيمضي ليعدّ لهم مكانًا ثم سيأتي ليأخذهم ليكونوا معه (3:14)، كما وعدهم بأن يرسل المعزي الآخر الذي هو الروح القدس، وأوصاهم مرارًا بأن يحبوا بعضهم بعضًا كما أحبهم هو. كما علّمهم في أصحاح 15 عن سر الحياة المثمرة إذ قال: "الذي يثبت فيّ وأنا فيه، هذا يأتي بثمر كثير، لأنكم بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئًا" (عدد 5). أما في أصحاح 16 فقد عرّفهم مقدَّمًا عن الاضطهاد الذي سيجوزون فيه، وأن الذين يضطهدونهم، إنما يفعلون ذلك لأنهم لا يعرفونه ولا يعرفون الذي أرسله. وينتهي الأصحاح السادس عشر بالقول: "في العالم سيكون لكم ضيق ولكن ثقوا. أنا قد غلبت العالم". ولما انتهى من حديثه مع تلاميذه رفع عينيه نحو السماء وصلّى من أجل تلاميذه صلاة نقف أمامها بخشوع وشكر جزيل. وإذ ذهب معهم بعد ذلك إلى بستان جثسيماني هناك قبضوا عليه وانتهى حديثه مع تلاميذه إلى أن قام من الأموات.
والآن نأتي إلى الهدف الأساسي من هذه المقالة والمقالة القادمة بإذن الله. وهو موضوع غسل أرجل التلاميذ. لقد كان أمام الرب يسوع المسيح أمر في غاية الأهمية، لأنه كانت هناك مشكلة خطيرة عند التلاميذ كان لا بد من علاجها قبل أن يصبحوا قادرين على القيام بالمهمة التي أراد أن يقوم بها تلاميذه بعد أن يفارقهم ويصعد إلى السماء. هذه المشكلة هي بالاختصار الرغبة الكامنة في الطبيعة البشرية بأن يأخذ الإنسان المكان الأول، أي الكبرياء وحب الظهور. لذلك نقرأ مرارًا في الأناجيل أنهم كانوا يتحاورون بخصوص هذا الأمر.
في متى 1:18 "تقدم التلاميذ إلى يسوع قائلين من هو أعظم في ملكوت السماوات". وفي متى 20:20-21 قالت أم يوحنا ويعقوب للرب: "قل أن يجلس ابناي هذان واحد عن يمينك والآخر عن اليسار في ملكوتك". فاغتاظ التلاميذ الآخرون، ولكن الرب يسوع قال: "من أراد أن يكون فيكم عظيمًا فليكن لكم خادمًا، ومن أراد أن يكون فيكم أولاً فليكن لكم عبدًا. كما أن ابن الإنسان لم يأت ليُخدَم بل ليَخدم وليبذل نفسه فدية عن كثيرين" (متى 26:20-28). هذه المشكلة تكررت بينهم مرارًا، ولذلك أراد السيد أن يعالج هذه المشكلة الخطيرة علاجًا حاسمًا. فمع أنه نصحهم مرارًا، إلا أنه قبل مفارقتهم قرّر أن يعطيهم درسًا عمليًا، ولذلك إذ كان العشاء، أي أثناء العشاء، بدلاً من أن يعظهم وهو جالس معهم على المائدة جلس على الأرض ليغسل أقدامهم.
عجبًا كل العجب!
المعلم يغسل أقدام التلاميذ!
السيد يغسل أقدام خدامه!
قال كاتب الترنيمة:
قد كنتَ مخدومًامن الأملاك والجنود
نراك قد خدمتنايا ربنا المعبود
الدرس الذي أراد المسيح أن يعلّمه لتلاميذه هو أولاً وقبل كل شيء درس في التواضع، وهو الدرس الذي يريد منا أن نتعلمه. نعم، هناك دروس أخرى سنتكلم عنها بخصوص غسل الأقدام، ولكنها تبدأ بالتواضع. قال المسيح قبل ذلك لتلاميذه وللمستمعين: "احملوا نيري عليكم وتعلموا مني، لأني وديع ومتواضع القلب، فتجدوا راحة لنفوسكم" (متى 29:11). والحقيقة هي أننا إن لم نتعلم هذا سنجد تعبًا لنفوسنا، ونكون سبب تعب للآخرين.

ما معنى أن نحمل نيره؟

الفلاح الذي يحرث الحقل ويستخدم ثورين ليجرّوا المحراث، يضع النير على عنقيهما، وبذلك يسيران في نفس الاتجاه وبنفس السرعة. وهذا معنى أن نحمل نير المسيح. فنسير في إثر خطواته. لا نسبقه ولا نتخلف عنه في سيرنا. وبذلك نحيا حياة التواضع وحياة الخدمة المقبولة عنده. هذه الحقائق هي في غاية الأهمية لمن يريد أن يحيا الحياة المرضية عند الرب ويكون مؤهلاً لخدمته وخدمة المؤمنين وغسل أقدامهم.
في المرة القادمة بإذن الرب سنتأمل في الدروس الثمينة التي لنا فيما عمله الرب يسوع المسيح حين غسل أرجل تلاميذه.
البقية في العدد القادم

المجموعة: أذار March 2014

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

194 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10572101