أذار March 2014
مريم... فتاة عراقية كانت تحاول أن تخفي نسب عائلتها دائمًا في وسط العراقيين، فالجد مسلم والجدة يهودية، ولكنها درست الإٍسلام في المدارس لكونها مسلمة حسب ديانة والدها، وعاشت في هذه العائلة غير المتدينة والشاذة في التكوين والتي كوّنت نوعًا من الصراع الداخلي الأولي لها.
كانت هناك أسئلة تراودها بين الحين والآخر... لماذا يقولون لي بأن المسيحية دين غلط والمسيحيون يعبدون ثلاثة آلهة رغم أن القرآن يعترف بعيسى وبولادته الإعجازية وصعوده للسماء، كما ذكر عنه الكثير عن أعماله وصلاحه وخلوه من الخطيئة وعن معجزاته الكثيرة والتي تفوق كل عقل أو علم .
من هو هذا النبي الذي يعيش الآن في السماء، وسيأتي ليدين العالم، ولا نعرف عنه إلا القليل، ولا نعطيه المكانة العالية فوق كل المخلوقات والرسل والأنبياء، ونهدر حقه، وهو الأولى بالتمجيد؟
صراعها الثاني... كان مع سماعها للقرآن. فقد كانت تشعر بنوع من الاختناق والضيق بما تسمعه بأن الله مخيف، ومقيت، ومتكبر، وخير الماكرين... إله ليس له أمان سواء في الدنيا ولا في الآخرة... فقد تكون صالحًا، وعلى أبواب الجنة، ولكنه يتنكر لك ويلقيك في النار.
قررتْ الخروج من العراق، واللجوء إلى أمريكا، وهي شابة صغيرة العمر... لا تملك جواز سفر ولا نقود، كيف حدث هذا وكيف تم؟ تذكر هنا بأن إجراءات هجرتها قد تمت بمعجزة إلهية، وقبل أن يبطش بها وبغيرها ويقتلهم صدام حسين ورجاله، حيث قامت الحكومة الأمريكية بتهجير الأكراد سنة 1996 بدون جوازات سفر لإنقاذ أرواحهم.
تعرفت في المهجر على أخت مسيحية، وبدأت تستفسر منها عن عيسى وعن الكتاب المقدس الذي يقولون لها بأنه محرف. وهل الكنيسة تمنع دخول المسلمين إليها أم لا؟ وأسئلة كثيرة كانت تدور في مخيلتها... عرفت كل شيء من صديقتها وذهبت معها للكنيسة كنوع من حب الاستطلاع، ولكن كان هناك شيء داخلي لا تعرف ما هو كان يبكتها على خطاياها وأفعالها غير السليمة، ويجذبها بشدة لمعرفة المزيد والمزيد عن المسيحية والمسيح، وكانت شغوفة للذهاب إلى الكنيسة لتدرس الكتاب المقدس، وتسأل وتجادل لتعرف أكثر وأكثر من القساوسة وخدام الرب.
عرفت بعد ذلك بأن المسيحيين يعبدون إله واحد ذو ثلاث أقانيم أو طبائع أو صفات... الآب في السماء، والابن وهو الله الظاهر في الجسد، كما سبق أن ظهر من قبل كإنسان لسيدنا إبراهيم وسارة زوجته، وظهر في الجبل وفي العليقة أو الشجرة المشتعلة لموسى النبي، وثالثهم الروح القدس الذي يبكتنا على خطايانا وأفعالنا الخاطئة ويحرسنا من الوقوع فيها... فكما أن الإنسان هو جسد وروح ونفس والثلاثة واحد فهكذا إله المسيحيين وليس كما ينظر المسلم على أنها علاقة جنسية زوجوا فيها الله وأنجب ابنًا، وهذا هو الخطأ الشائع بينهم.
الصراع الثالث... أحيانًا كانت تشعر بتعب وتدهور في صحتها وكانت تعتقد بأنه مجرد شيء وقتي ويزول. ولكن صحتها بدأت في التدهور والانهيار السريع مما اضطروا لنقلها للمستشفى، وكانت الصدمة الكبرى عندما علمت بأنها مصابة بالسرطان وتحتاج لعملية فورية خوفًا على حياتها، وتحدد لها ميعاد.
عادت إلى بيتها وبكيت كثيرًا وطلبت من الله أن يشفيها... لكنها احتارت في طلبها، هل تطلب من إله الإٍسلام أم من إله المسيحية؟ وقفت عند الغروب أمام نافذتها رافعة وجهها للسماء لتصلي والدموع منهمرة على خديها، وفجأة ظهر لها ضوء في هيئة دوائر صغيرة وكبيرة في السماء، وبعد وقت قصير اختفت، ووقتها شعرت بسلام وطمأنينة وبشعور قوي بأنها شفيت تمامًا من السرطان. عندها اتصلت بالأخصائي وأخبرته بأنها شعرت بأنها قد شفيت تمامًا، ولكنه أصر على إجراء العملية في الميعاد المحدد وإلا سينتشر السرطان في كل أجزاء الجسم مبينًا لها بأن هذا مجرد وهم ونوع من التخيلات نظرًا لمرضها وصدمتها المفاجئة.
ذهبت إلى المستشفى في اليوم المحدد للعملية وأدخلوها غرفة العمليات وتم تخديرها كليًا... بعد نصف ساعة أخرجوها من غرفة العمليات مع ذهول وتعجب الأخصائي والطاقم المساعد له. فماذا قال لها؟ قال: لقد حاولت أن أعمل العملية ولكني لم أستطع كأنما هناك قوة خفية منعتني من إجراء العملية واستعمال المشارط... وصرح لها بمغادرة المستشفى بعد التأكد من شفائها التام من السرطان.
كانت فرحتها لا تقدر بأي شيء لخبر خلوها التام من السرطان وعادت لبيتها وهي في منتهى الصحة والنشاط والحيوية. أسرعت لفتح القرآن قائلة في نفسها يمكن إله الإسلام هو الذي شفاني. فكانت المفاجأة التي لم تتوقعها! انفتح القرآن على آيات الشفاء التي أجراها عيسى أو مسيح النصارى.
وكان الصراع الرابع... فقد انتابتها الحيرة الشديدة والصراع الداخلي العنيف... فصلت وركعت وبكت كثيرًا طالبة من الله إنقاذها من الحيرة التي وقعت فيها ومن الذي شفاها بالضبط، وفجأة جاءها صوت داخلي كأن هناك من يهمس في أذنيها بلطف ومحبة وتسامح وتكلم معها: المسيح! بلغتها العراقية الخاصة، الكردية. عرّفها ما هو الطريق الصحيح والذي يجب أن تفكر فيه، وقال لها: "أنا هو الطريق والحق والحياة"... من لم يعمّد بالماء والروح القدس ولا يأتي عن طريقي فلن يرى ملكوت السماوات.
لقد صار عندها عطش وجوع للكتاب المقدس وصار عندها علاقة شخصية مع الرب يسوع المسيح، وتعمدت كما هو مذكور في الكتاب المقدس.
لقد طلبت من الرب أن يشفي أختها، ويعرّف والديها وعائلتها بطريق الحياة الأبدية، وفعلًا شُفيت أختها وأصبحت مسيحية، وهذا ما حدث أيضًا مع بعض الأشخاص من عائلتها وأصدقائها بفضل صلواتها الروحانية المقبولة.
ولكن الشيطان بدأ في التجوال والجولان في الأرض ووجد هذه الفتاة، وقد تعرفت على الإله الحقيقي وتبشر به... فما كان منه إلا أن هيج عليها أحد زملاء العمل المسلمين، والذي كان يقول لها دائمًا بأنها كافرة وملحدة وهذا ما يقولونه عنك الجميع أيضًا... بدأ هذا الصديق يذكر لها آيات من القرآن وهي تذكر له آيات من الكتاب المقدس... تقول وهي صادقة في قولها بأنه جاءها في نهاية الأسبوع الثاني والدموع تذرف من عينيه طالبًا منها أن يعرف الحقيقة؛ فقد أصبح مشوشًا وفي صراع داخلي رهيب، وكان هذا في أحد الأماكن العامة وفي وجود أحد إخوة الرب، فصلوا معه صلاة حارة طالبين أن يلمس الرب قلبه لأنه يريد أن يعرف ويتعرف على الإله الحقيقي. بعد هذه الصلاة وبعد عدة أيام قال لها: ما هذا الذي حدث لي؟ أشعر بأني إنسان مولود من جديد، وعندي سلام وهدوء واطمئنان داخلي تام لم أشعر به من قبل، وأرى الدنيا جميلة، وزادت محبتي للناس، وحتى لمن كنت أكرههم وأحقد عليهم، وذهب معها للكنيسة وأعلن إيمانه بالمسيحية وقال اختباره أمام الجميع.
رسالتها هي لكل شخص سواء أكان مسلمًا أو مسيحيًا أو يهوديًا: اقرأوا الكتاب المقدس، ولا تصدّقوا البدعة الشيطانية القائلة بأنه كتاب محرّف، وليس هناك أي دليل على صحة ذلك تمامًا، علمًا بأن هناك آلاف المخطوطات، والأدلة القاطعة، والتي تثبت بأنه غير محرف نهائيًا، فمن الذي يقبل أن تصيبه الضربات واللعنات والحرمان من دخول الجنة والمكتوبة به؟ وهل الله غير قادر على حفظ كتابه من العبث به وتحريفه؟ ابحثوا عن هذا الإله المُحب وسوف يُظهر لكم الحقيقة، ويرشدكم إلى طريق الحياة الأبدية، وينقذكم من براثن الشيطان ومن نار جهنم والعذاب الأبدي.
