Voice of Preaching the Gospel

vopg

الأخ سمير الشوملييأتي بنا هذا النصّ إلى السؤالِ التشكيكيِّ الثاني. ألم ينكرِ المسيحُ أنه اللهُ عندما قال مخاطبًا الله الآبَ: "وهذه هي الحياةُ الأبديةُ: أن يعرفوك أنت الإلهَ الحقيقيَّ وحدَكَ ويسوعَ المسيحَ الذي أرسلتَه." (يوحنا 3:17)

لنلاحظْ في بدايةِ كلامِ يسوعَ كيف يخاطبُ اللهَ وكيف يشيرُ إلى نفسِهِ. "أيها الآبُ، قد أتت الساعةُ. مجِّدِ اسمَكَ ليمجّدَك ابنُكَ أيضًا." فاللهُ هو الآبُ، أبو يسوعَ شخصيًا. ويشير يسوعُ إلى أنه ابنُه. والابنُ، بطبيعةِ الحالِ، مولودٌ من جنسِ أبيه. وتخبرُنا كلمةُ اللهِ أن يسوعَ هو "الابنُ الوحيدُ." (يوحنا 18:1) فليست العلاقةُ هنا هي بينَ إلهٍ وعبدٍ، بل علاقةُ مساواةٍ. فحين يقولُ يسوعُ إنه ابنُ اللهِ، فإنه لا يقولُ إنه أدنى من الآبِ. وقد فهِمَ رجالُ اليهودِ دِلالةَ هذا اللقبِ. تخبرُنا كلمةُ اللهِ:
"وَلِهذَا كَانَ الْيَهُودُ يَطْرُدُونَ يَسُوعَ، وَيَطْلُبُونَ أَنْ يَقْتُلُوهُ، لأَنَّهُ عَمِلَ هذَا فِي سَبْتٍ. فَأَجَابَهُمْ يَسُوعُ: «أَبِي يَعْمَلُ حَتَّى الآنَ وَأَنَا أَعْمَلُ». فَمِنْ أَجْلِ هذَا كَانَ الْيَهُودُ يَطْلُبُونَ أَكْثَرَ أَنْ يَقْتُلُوهُ، لأَنَّهُ لَمْ يَنْقُضِ السَّبْتَ فَقَطْ، بَلْ قَالَ أَيْضًا إِنَّ اللهَ أَبُوهُ، مُعَادِلاً نَفْسَهُ بِاللهِ." (يوحنا 16:5-18)

تهمةٌ مرحَّبٌ بها

ومن الجديرِ بالذكرِ أن هذه هي التهمةُ الصحيحةُ التي وجّهها رؤساءُ الدينِ إلى يسوعَ، والتي أوصلتْه إلى الصليبِ. وهي تهمةٌ لم ينفِها يسوعُ: "فَسَأَلَهُ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ أَيْضًا وَقَالَ لَهُ: «أَأَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ الْمُبَارَكِ؟» فَقَالَ يَسُوعُ: «أَنَا هُوَ. وَسَوْفَ تُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ جَالِسًا عَنْ يَمِينِ الْقُوَّةِ، وَآتِيًا فِي سَحَابِ السَّمَاءِ». فَمَزَّقَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ ثِيَابَهُ وَقَالَ: «مَا حَاجَتُنَا بَعْدُ إِلَى شُهُودٍ؟ قَدْ سَمِعْتُمُ التَّجَادِيفَ! مَا رَأْيُكُمْ؟» فَالْجَمِيعُ حَكَمُوا عَلَيْهِ أَنَّهُ مُسْتَوْجِبُ الْمَوْتِ." (مرقس 61:14-64)


يسوعُ والمجدُ

ثمَّ يتحدثُ يسوعُ عن التمجيدِ المتبادلِ بينَهُ وبين الآبِ. ومرةً أخرى، فإن هذا التمجيدِ يأتي على قدمِ المساواةِ، كما توحي به كلمةُ "أيضًا". ويتطرقُ يسوعُ إلى ثلاثةِ أنواعٍ من المجدِ. فهنالك تمجيد الابنِ للآبِ عن طريقِ إتمامِه المهمَّةَ التي أرسلَهُ الآبُ من أجلِها. يقول: "أنا مجّدتُكَ على الأرضِ. العملَ الذي قد أعطيتني لأعملَ قد أكملتَهُ." والمجدُ الثاني هو المجدُ المستحقُّ ليسوعَ بسببِ إكمالِهِ المهمَّةَ الموكلةَ إليه وتمجيدِهِ للآب. (يوحنا 4:17) وأما المجدُ الثالثُ فهو مجدُ الابنِ الأصيلُ الأزليُّ قبلَ خلقِ العالمِ. (يوحنا 5:17) ويعبّرُ الابنُ هنا عن شوقِهِ إلى العودةِ إلى الآب إلى مواصلةِ التمتعِ بما كان له من مجدٍ مع الآبِ. والأمرُ الجديرُ بالملاحظةِ هنا هو أن هذا المجدَ غيرُ مسبَّبٍ. فهو ليس مجدًا ناتجًا عن أيِّ عملٍ قام به يسوعُ. فنحن نتحدثُ هنا عن مرحلةٍ قبلَ الزمنِ والتاريخِ، قبلَ أيّةِ عمليةِ خلقٍ. فلم يكن ممكنًا أن يكونَ المسيحُ في تلك المرحلةِ أو الحالةِ قد فعلَ شيئًا خارجَ الذاتِ الإلهيةِ يستحقُّ عليه مجدًا. فقد كان مجدًا في حضرةِ الآبِ. إنه مجدُ الألوهةِ الكاملةِ بكلِّ أبعادِها ومظاهرِها، وهو المجدُ الذي سيعودُ إليه يسوعُ بعدَ صعودِهِ في الجسدِ.
وبطبيعةِ الحالِ، فإن كان يسوعُ مع الآبِ في مجدٍ أزليٍّ قبل خلقِ العالمِ، فإن هذا برهانٌ أنه ليس مخلوقًا. وغيرُ المخلوقِ هو بالضرورةِ اللهُ. وفي هذا السياقِ ينبغي أن نفهمَ ذلك التصريحَ الذي أطلقَهُ يسوعُ.


يسوع معطي الحياةِ الأبديةِ

لقد أرادَ اللهُ الآبُ أن يعلنَ اللهَ الابنَ للبشرِ إعلانًا كاملًا، ويعلنَ أن لدى ابنِهِ هذا سلطانًا "على كلِّ جسدٍ (إنسانٍ) ليعطي حياةً أبديةً لكلِّ من أعطيتَهُ." فالمسيحُ هنا هو الذي يعطي الحياةَ الأبديةَ." ولن يكونَ صاحبُ هذا السلطانِ أقلَّ من اللهِ الآبِ. فهو الذي يقرّرُ مصائرَ البشرِ، ويعطي المؤمنين به حياةً أبديةً كامنةً فيه. ولنلاحِظْ أيضًا أن الآبَ أعطى المؤمنين ليسوعَ. وهم له. فهم شعبُه وهو إلهُهم شخصيًا. (رؤيا 3:21)
وبعد ذلك يطلقُ يسوعُ من فمِهِ المبارَك تصريحَهُ: "وهذه هي الحياةُ الأبديةُ: أن يعرفوك أنت الإلهَ الحقيقيَّ وحدَك ويسوعَ المسيحَ الذي أرسلتَهُ." يعرّفُ يسوعُ الحياةَ الأبديةَ على أنها لا معرفةُ البشرِ بالآبِ وحدَه، لكن بمعرفةِ الآبِ والابنِ، يسوعَ المسيحِ، معًا معرفةً اختباريّةً، لا ذهنيّةً فحسب. فهذا شيءٌ جوهريٌّ يجمعُ الاثنين. فالحياةُ الأبديةُ هما من الآبِ والابنِ. وأمّا قولُهُ "أنت الإلهُ الحقيقيُّ وحدَك"، فلا يُقصَدُ به استثناءُ يسوعَ في ضوءِ كلِّ ما سبق، بل تمييزُ الآبِ من كلِّ إلهٍ زائفٍ مزعومٍ آخرَ. يوضحُ بولسُ هذه الحقيقةَ في نصٍّ جميلٍ.
"فَمِنْ جِهَةِ أَكْلِ مَا ذُبحَ لِلأَوْثَانِ: نَعْلَمُ أَنْ لَيْسَ وَثَنٌ فِي الْعَالَمِ، وَأَنْ لَيْسَ إِلهٌ آخَرُ إِلاَّ وَاحِدًا. لأَنَّهُ وَإِنْ وُجِدَ مَا يُسَمَّى آلِهَةً، سِوَاءٌ كَانَ فِي السَّمَاءِ أَوْ عَلَى الأَرْضِ، كَمَا يُوجَدُ آلِهَةٌ كَثِيرُونَ وَأَرْبَابٌ كَثِيرُونَ. لكِنْ لَنَا إِلهٌ وَاحِدٌ: الآبُ الَّذِي مِنْهُ جَمِيعُ الأَشْيَاءِ، وَنَحْنُ لَهُ. وَرَبٌّ وَاحِدٌ: يَسُوعُ الْمَسِيحُ، الَّذِي بِهِ جَمِيعُ الأَشْيَاءِ، وَنَحْنُ بِهِ." (1كورنثوس 4:8-6)
إلهٌ لا شريكَ له
نلاحظُ هنا أنه يؤكّدُ أن الآبَ إلهٌ واحدٌ لا شريكَ له مستثنيًا الآلهةَ المزعومةَ، أي الأوثانَ بشكلٍ رئيسيٍّ، وهو مصدرُ كلِّ شيءٍ. وهو في الوقتِ نفسِهِ يقولُ: "وربٌّ واحدٌ: يسوعُ المسيح الذي به جميعُ الأشياءِ ونحن به." فالآبُ هو إلهٌ واحدٌ، لكنه لا يستثني يسوعَ، لأنه من جوهرِهِ نفسِهِ. فالمسيحُ ليسَ إلهًا مختلفًا. ويسوعُ ربٌّ واحدٌ لا شريكَ له، وهو خالقُ كلِّ شيءٍ، "الَّذِي بِهِ جَمِيعُ الأَشْيَاءِ، وَنَحْنُ بِهِ". ولا يستثني هذا الآبَ، للسببِ نفسِهِ. ولو كان الاثنانِ من جوهرين مختلفينِ، لكان هذا الأمرُ مستحيلًا.
الإلهُ الحقيقيُّ والحياةُ الأبديةُ
ونحن نجدُ نصًّا كتابيًّا يوضحُ علاقةَ يسوعَ بالحياةِ الأبديةِ المذكورةِ في 1يوحنا 17. يقولُ يوحنا بوحيِ اللهِ: "وَنَعْلَمُ أَنَّ ابْنَ اللهِ قَدْ جَاءَ وَأَعْطَانَا بَصِيرَةً لِنَعْرِفَ الْحَقَّ. وَنَحْنُ فِي الْحَقِّ فِي ابْنِهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ. هذَا هُوَ الإِلهُ الْحَقُّ وَالْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ." (1يوحنا 20:1) فالمسيحُ هو الإلهُ الحقيقيُّ، وهو الحياةُ الأبديةُ نفسُها. ومرةً أخرى، فإنّ هذا لا يستثني الآبَ.
الخلاصة: هذا نصٌّ من أقوى النصوصِ التي تُستخدمُ للتدليلِ على ألوهةِ يسوع، ومن الغريبِ جدًّا أن يكونَ موضعَ شُبهةٍ.

 

المجموعة: كانون الأول (ديسمبر) 2015

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

112 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10579298