Voice of Preaching the Gospel

vopg

SamuelShahidأود أن أعرض بإيجاز إلى بعض أهم ما يميّز المسيحية من خصائص بالمقارنة مع بقية الأديان الأخرى. وأستهدف من هذه العجالة أن ألقي بعض الأضواء على هذه الخصائص لكي يستنير ذهن المسيحي المؤمن ويدرك أصالة إيمانه، ليس على أساس عاطفي، إنما بفعل المعطيات الواقعية التي تجسّدت فعلاً حيًا في حياة ملايين المسيحيين على مرور السنين.

وأشير هنا، أن المقصود من لفظة "مسيحيين"، الفئة التي التزمت بإيمانها، واختبرت قوة خلاص المسيح، وعاشت طبقًا لتعاليمه. لهذا أستثني من هذه الفئة دعاة المسيحية الظاهرية التي هي اسم على غير مسمّى. إن أهم خاصة تتميّز بها المسيحية أنها:

1- إيمان "بشخص"

إن المسيح هو محور المسيحية، إذ لا مسيحية بدون المسيح. لم يحدث في تاريخ الكنيسة أن المسيحية نشأت بتأثير العقائد. إن الحجر الأساسي في كيان المسيحية هو "المسيح الحي" الذي كان في البدء وسيبقى إلى الأبد؛ يخطئ من يظن أن المسيحية هي مجموعة عقائد. إن العقائد هي نتيجة حتمية للإيمان بالمسيح، ولكن العقائد من غير الإيمان الفعلي بالمسيح لا قيمة لها. قد يبدو للبعض أن مثل هذا القول فيه شطط وخروج عن سياق المسيحية. لكن الحقيقة التي يعلنها الكتاب المقدس تؤكد على أن المسيح هو المحور، هو الكل وفي الكل "لأن به كان كل شيء وبغيره لم يكن شيء مما كان".
وهذا "الكائن" هو حي أبدي، يتجاوب مع صلواتنا ويُصغي إلى تضرّعاتنا، يتعامل معنا على مختلف المستويات، ويغمرنا بمحبته وعطفه. وأكثر من ذلك فإنه ضحّى بحياته في سبيل خلاصنا وفدائنا، وإذا ما قارنّا هذه الخاصة ببقية ديانات العالم، لا نجد سوى المسيحية وحدها هي التي تدور حول شخص وليس عقائد. العقائد تتحجّر، وأحيانًا تموت كما حدث في أنظمة العالم السياسية والعقائدية من نازية وشيوعية وسواها. بطبيعة الحال، لكي يظلّ هذا الكائن عاملاً في حياتنا وفي التاريخ لا بدّ أن يتمتّع بالحضور الخالد أي الحضور السرمدي.

2- خاصة المحبة

ولا تعني المحبة هنا تلك المحبة التي لا تتعدّى حدود الذات أو التي تعبّر عن رغبات جسدية، إنما أقصد بها المحبة التي تتفوّق على كل التوقّعات البشرية والتي من شأنها أن تكون انعكاسًا حيًا عن الطبيعة الجديدة التي اكتسبناها بإيماننا بالمسيح. وبمعنى آخر، تكون تطبيقًا عمليًا لوصية المسيح "أحبوا أعداءكم".
غير أن هذه المحبة لا يمكن أن تنبع من قلب الإنسان إن لم يكن حب المسيح قد ملأ عليه حياته، لأن مصدر هذه المحبة هو المسيح بالذات.
إن محبة المسيح التي فينا هي المحبة العمودية النازلة من المسيح، والتي عليها أن تشعّ منا نحو الآخرين من غير استثناء لأحد. مرة أخرى، نقول إن العقائد عاجزة عن مثل هذا الحب بل يتعذّر عليها أن تفيض بهذا الحب. يجب أن يكون مصدرَ هذا الحبّ "كائنٌ حيٌ" سرمدي.
وهذا ما لا نجده في أي دين أو عقيدة أو نظام سياسي أو اجتماعي.

3- خاصة القوة

والقوة هنا هي تلك القوة القادرة على التغيير والتبديل بل الخلق الجديد.
من شأن الديانات الأخرى أن تطالب معتنقيها أن يلجأوا إلى الأعمال أولاً لكي يحظوا برحمة الله وغفرانه، هذا إذا شاء ربك أن يغفر أو يرحم، ولكن المسيحية لا تشترط على معتنقيها أو من يريد أن يعتنقها سوى شرط واحد وهو أن يُقبِل إلى المسيح بكل خطاياه وآثامه فيُحدث المسيح فيه كل تغيير، ولأضرب على ذلك مثلاً: لو كنتَ من أصحاب الملايين ومررتَ بفقير معدم وقلتَ له: يا صديقي، أنت في حاجة إلى منزل جميل، وسيارة، وثياب دافئة. أنت في حاجة إلى أن ترسل أبناءك إلى الجامعة وتوفّر لهم الطعام المغذّي. ثم أدرتَ ظهرك ومضيتَ في طريقك من غير أن تقدّم له شيئًا من مالك. فأي تغيير تُحدثه في حياته؟ إن هذا المتسوّل سيبقى متسوّلاً لأنه لم يحصل على قوة المال التي تساعده على تبديل نمط حياته. فكل ما قلت له وطالبته أن يفعل أمور مستحسنة. ولكن لم يحصل على القوة لتحقيق أهدافه... هذا ما تفعله الأديان الأخرى. أما المسيحية المتمثّلة بشخص المسيح فهي تقول: "تعالوا إليّ يا جميع المتعبين والثقيليّ الأحمال وأنا أريحكم"، أي إن المسيح الكائن الحيّ القادر هو الذي يمدّنا بالقوة الداخلية. إننا عاجزون عن إجراء أي تغيير في حياتنا، لهذا نحن بحاجة إليه لكي يغيّر ما فينا. شرطُه الوحيد أن نفتح أبواب قلوبنا لكي يحيا بالإيمان في داخلنا، ومنه نستمدّ كل قوة.
إن السجين المصفّد بالأغلال يعجز عن تحرير نفسه، ويحتاج إلى قوة خارجة عن ذاته لتفكّ عنه قيوده. وهذا حقًا ما يفعله المسيح إذ يحررنا من أغلال عبوديتنا.

4- تأكيد الخلاص

لقد وعد المسيح، ووعده صادق أمين، أن كل من يؤمن به فله حياة أبدية. أي إن الحياة الأبدية هي من نصيب كل مؤمن حقيقي بالمسيح كما تجلّى في الأناجيل. هذا اليقين المطلق هو سرّ راحة المؤمن المسيحي. لا يوجد في المسيحية، بما يختص بالخلاص، عبارات "إن شاء الله"، و"ذلك يتوقف على رحمته تعالى"، إلخ... إن الإيمان الخالص بالمسيح هو الشرط الوحيد لتأكيد الخلاص. ومتى توافر هذا الشرط يتمّ الوعد الإلهي. عندما آمن اللص على الصليب قال له المسيح: "الحق أقول لك إنك اليوم تكون معي في الفردوس". تأكيد مطلق بتحقيق وعد. إن الأعمال والعقائد تقصر على بلوغ هذا اليقين. أما الكائن الحي السرمدي، أي المسيح، الذي تحققت فيه كل النبوءات، والذي كان في تجسّده صورة الله على الأرض، فهو وحده يتمّم كل وعد نطقت به شفتاه المقدستان.
هذه أبرز ما يميّز المسيحية من خصائص، ولكنها كلها تصدر عن شخص حي سرمدي، أكبر من كل عقيدة أو نظام، بل أكبر من كل دين. فلا مسيحية من دون المسيح، ولا عقيدة من دون المسيح، ولا كنيسة من دون المسيح، وفوق الكل، لا خلاص من دون المسيح.

المجموعة: شباط (فبراير) 2015

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

204 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10477051