Voice of Preaching the Gospel

vopg

القس لبيب ميخائيلفي حديث الرب يسوع الوداعي لتلاميذه وضع أمامهم حقيقتين جوهريتين:
أولًا، طمأنهم على مستقبلهم الأبدي وما ينتظرهم من مجد باهر.
وثانيًا، حدّثهم عمّا يجب أن يستمتعوا به في الزمان الحاضر من سلام غامر.
وقد أكّد الحقيقة الأولى بكلماته الحلوة: "لا تضطرب قلوبكم. أنتم تؤمنون بالله فآمنوا بي. في بيت أبي منازل كثيرة، وإلا فإني كنت قد قلت لكم. أنا أمضي لأعدّ لكم مكانًا، وإن مضيت وأعددت لكم مكانًا آتي أيضًا وآخذكم إليّ، حتى حيث أكون أنا تكونون أنتم أيضًا، وتعلمون حيث أنا أذهب وتعلمون الطريق." (يوحنا 1:14-4)

أما الحقيقة الثانية فقد أعلنها لهم في كلماته المعزية المريحة: "سلامًا أترك لكم. سلامي أعطيكم. ليس كما يعطي العالم أعطيكم أنا. لا تضطرب قلوبكم ولا ترهب." (يوحنا 27:14) والواقع أن مسيحنا يتميز بأنه مصدر السلام الغامر لقلب الإنسان، وأنه بهذا السلام يرتفع بالإنسان فوق مستوى طبيعة الحياة.
ويتميز سلام المسيح بثلاث ميزات:

سلام يحفظ القلب والعقل
ففي الرسالة إلى كنيسة فيلبي نقرأ الكلمات: "لا تهتموا بشيء، بل في كل شيء بالصلاة والدعاء مع الشكر، لتُعلم طلباتكم لدى الله. وسلام الله الذي يفوق كل عقل، يحفظ قلوبكم وأفكاركم في المسيح يسوع." (فيلبي 6:4-7)
هناك تجارب مخيفة يمكن أن يفقد الإنسان بسببها السيطرة على عقله، ولكننا نندهش حين نرى أن أولئك الذين يمرون فيها يرتفعون فوق مستواها.
لقد مرّ أيوب في تجارب محرقة، ففي يوم واحد فقد الأبقار والأتن التي كان يملكها، واحترقت أغنامه، واحترق معها غلمانه، وأخذ الكلدانيون جماله، وسقط البيت على أولاده العشرة فماتوا... ومع كل ذلك لم يفقد الرجل عقله، ولكنه قال: "عريانًا خرجت من بطن أمي، وعريانًا أعود إلى هناك. الرب أعطى والرب أخذ، فليكن اسم الرب مباركًا." (أيوب 21:1)
فما الذي حفظ عقل أيوب، وسيطر على أفكاره؟ لقد حفظه سلام الله الذي يفوق كل عقل، وحفظ قلبه وأفكاره أن تظل متمحورة في المعطي حتى بعد أن فقد عطاياه.

سلام لا يتوقف على الظروف الخارجية
استمع إلى حبقوق وهو يترنم بكلماته العذبة قائلاً: "فمع أنه لا يزهر التين، ولا يكون حمل في الكروم. يكذب عمل الزيتونة، والحقول لا تصنع طعامًا. ينقطع الغنم من الحظيرة، ولا بقر في المذاود، فإني أبتهج بالرب وأفرح بإله خلاصي." (حبقوق 17:3-18)
لقد أحاطت به كل الظروف الداعية إلى الحزن، والأسى، ولكنه ارتفع فوقها بابتهاج وفرح.
وسلام المسيح لا يتوقف على الظروف الخارجية.
إنه من الطبيعي أن يشعر الإنسان بالاستقرار حين تكون موارده المالية مكفولة، وصحته جيدة، وتكون أسرته سعيدة. لكن سلام المسيح الغامر يرتفع بالإنسان حين تكون كل الظروف المحيطة به كئيبة ومربكة وحزينة.
في سفر أعمال الرسل نجد منظرًا رائعًا لبولس وسيلا؛ فبينما هما في السجن الداخلي، وأرجلهما في المقطرة - آلة القيد والتعذيب – نقرأ عنهما: "ونحو نصف الليل كان بولس وسيلا يصليان ويسبحان الله، والمسجونون يسمعونهما." (أعمال 25:16)
وفي سفر الملوك الثاني، نرى المرأة الشونمية وقد وضعت ابنها الوحيد الذي جاء بعد طول انتظار – بعد أن فارق الحياة - على سرير رجل الله، فأرسل أليشع لها جيحزي إذ رآها من بعيد وسألها: "أسلام لك؟ أسلام لزوجك؟ أسلام للولد؟ فقالت: [سلام]." (2ملوك 26:4)
من أين جاءها هذا السلام، والابن الوحيد قد وقع فريسة الموت؟
إن سلام الله، سلام لا يتوقف على الظروف.
أعلنت كنيسة أمريكية غنية عن مسابقة للرسامين جائزتها الأولى "ألف دولار، والثانية 500 دولار"، وكان موضوع المسابقة "رسم صورة تعبّر عن سلام المسيح". فكانت الصورة التي نالت الجائزة الثانية صورة القمر في ليلة هادئة وهو يلقي بأشعته على مياه بحيرة ساكنة والزهور والأشجار تحيط بها في روعة وجمال.
أما الصورة التي نالت الجائزة الأولى فقد رسمها رسام عبقري أدرك معنى سلام المسيح، فرسم محيطًا مضطرب الأمواج، في ليلة ظلماء، مياهه ترتطم على صخور الشاطئ من قسوة الرياح، وعلى شاطئ ذلك المحيط ترتفع بلوطة شامخة، وفوق البلوطة يقف عصفور يغرد، وكتب الرسام تحت الصورة هذا البيت من الترنيمة الشهيرة:
إن تطم حولي النائباتكاللـجّ وسـط البحر
يدمْ سلامــي فـي ثبــاتأساسه في الصخر
إن سلام المسيح لا يتوقف على الظروف التي تحيط بنا في الحياة.

تركة المسيح وعطيته
"سلامًا أترك لكم. سلامي أعطيكم. ليس كما يعطي العالم أعطيكم أنا." (يوحنا 27:14)
"قد كلمتكم بهذا ليكون لكم فيّ سلام. في العالم سيكون لكم ضيق، ولكن ثقوا: أنا قد غلبت العالم." (يوحنا 33:16)
أجل، إنه تركة عامة للمؤمنين، وعطية خاصة للمفديين من الرب يسوع المسيح، وقيمة هذه التركة تظهر في ساعات الآلام والأحزان.
منذ حوالي عشرين سنة زارت بلادنا المصرية آنسة مرسلة اسمها مس جالين، كان حقل عملها هو "تانجانيقا"، وكانت لنا فرصة لتناول الغذاء معًا في مطعم عام، وفي أثناء الطعام سألتُ الأختَ المرسلة هذا السؤال: "مس جالين، بما أنك تخدمين الرب في وسط الوثنيين، فما هو الفرق الواضح بين المسيحيين والوثنيين في تانجانيقا؟
وسكتت مس جالين لحظة ثم قالت: يبدو الفرق واضحًا عند الموت.
قلت: ما تعنين؟
قالت: حين يموت شخص في بيت وثني، تسمع من ذلك البيت صرخات مفزعة، وعويل رهيب، ويدقون الطبول على رأس الميت لمدة ثلاثة أيام ليطردوا الروح من البيت... ويضعون التراب والسواد على رؤوسهم... أو في كلمات مختصرة تنتقل جهنم إلى ذلك البيت.
أما حين يموت شخص مسيحي فإنهم يأخذونه إلى بيت الله، وصحيح أنهم يبكون لكنهم لا يصرخون ويتأثرون، لكنهم لا يحزنون كالذين لا رجاء لهم... إن لمعان الرجاء يبدو واضحًا في عيونهم. إنهم يَظهرون في نصرة حقيقية على الموت.
إن سلام المسيح الغامر يطغى على مشاعرنا، ويهذّب أحزاننا، وينقّي عواطفنا. إنه التركة العظمى والعطية الكبرى للقديسين.
بحق قال عنه إشعياء النبي: "ذو الرأي الممكّن تحفظه سالمًا سالمًا، لأنه عليك متوكّل." (إشعياء 3:26)
"سلام سلام للبعيد وللقريب، قال الرب، وسأشفيه." (إشعياء 19:57)
فهل استمتعت بهذا السلام العذب؟ اطلب مرددًا بإيمان:
قـــدّس فـــؤادي بالحلــول فيـــه بــروح القـــدسِ
واجعل سلامي كالسيول يجري ويروي نفسي


اللــه الحـي

"يا دانيآل عبد الله الحي: هل إلهك الذي تعبده دائمًا قدر أن ينجيك؟" (دانيآل 20:6)
نحن نعلم أنه مكتوب عن إلهنا أنه "الله الحي"، ولكن في حياتنا اليومية كثيرًا ما ننسى هذه الحقيقة، وهي أن الله له نفس القوة المُطلقة والمحبة المخلصة نحو الذين يحبونه ويعبدونه، وأنه يعمل من أجلهم كما عمل من أجل غيرهم منذ آلاف السنين. وذلك لأنه الله الحي غير المتغيّر. إذًا كم يجب أن تكون ثقتنا فيه عظيمة، وفي شدائدنا لا ننسى أن إلهنا لا يزال وسوف يكون إلى الأبد الله الحي.
كن متأكدًا أنك إذا سرت معه ونظرت إليه وانتظرت مساعدته فلا يمكن أن يخزيك. إن الناس يأتون ويذهبون؛ الرعاة والمعلمون يتكلمون ويصمتون، أما الله فمقيم ثابت. هم يموتون أما هو فالحي إلى الأبد. هم مصابيح توقد وبعد فترة تنطفئ، أما هو فالنور الحقيقي الذي يستمد منه الجميع ضياءهم... هو النور الذي يضيء إلى الأبد.
إن الذخيرة الروحية العظيمة لكل مؤمن يجب أن تكون الشعور المستمر بحضور الرب يسوع معه. ولا توجد قوة ترفع المؤمن إلى مستوى عال مثل اليقين بأن الرب يسوع حاضر معه كل حين حضورًا فعليًا. وهذا الحضور مستقل عن شعوره الخاص، مستقل عن تقصيراته، مستقل أيضًا عن فكره بخصوص كيفية إعلان الرب لحضوره معه.

المجموعة: تموز (يوليو) 2018

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

174 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10618455