Voice of Preaching the Gospel

vopg

الأخ إحسان بطرسعندما كُنتُ أعيش في مدينة الموصل شمال العراق، قبل أربعة عقود من الزمان، كان هناك تقليد قديم في فصل الصيف، حيث يقوم قِلة من أصحاب البيوت بوضع إناء فخاري (زير) محمول على قاعدة ويملؤونه بالماء، ويضعون غطاء وعليه طاس وكل مَن يَمّر مِن هناك يستطيع أن يشرب، وكان البعض يضعون لوحة مكتوب عليها بخط اليد "ماء السبيل". أي الماء المجاني لعابري الطريق.

أما في وسط المدينة فكان يجتمع بعض الأطفال الفقراء ومع كل واحد منهم سطل معدني (دلو) فيه قطع من ثلج وماء، وطاس معدني، وكانوا يطلبون من بعض المارة أن يشتروا هذا الماء لكي يستطيعوا عندئذٍ أن ينادوا للعطاش الذين يَبِس لسانهم من الحر (سبيل وبلاش) أي إن الماء البارد تم دفع ثمنه، فالظمآن يُقبِل ليرتوي مجانًا.
وذات يوم، أثناء الظهيرة، أوقفني طفل قائلًا لي بِاحترام: "عمّو، ما تسبّل هذه السطلة؟" بمعنى، هل يمكنك أن تدفع ثمن هذا الماء (عمل خير) لكي ينادي بصوت عالٍ للعطاش الهالكين من الحر، "سبيل وبلاش"، فأعطيته ثمنًا بسيطًا، وبدأ ينادي للمساكين: "سبيل وبلاش" عدة مرات، وكُنتُ أنظر، فاجتمع كُلّ مَنْ كان يشعُر بالعطش في ذلك اليوم الحار، فشرب الواحد تلو الآخر وهم يقولون "الحمد لله"! فكل واحد كان يشكر النعمة المجّانية، أي الماء البارد مجانًا.
في هذه القصة نرى أيها الأحباء فرح العطاش وانتعاشهم بماء السبيل وبكلمتَي "سبيل وبلاش"، أي ماء يروي الظمأ لفترة مؤقتة.
ولكن ماذا إذا كان المنادي ليس طفلًا بل شخصًا عظيمًا ينادي بماء ينعش النفس ويفرّح الروح والقلب فرحًا أبديًا؟ ماذا لو كان المنادي ملكًا عظيمًا يدعونا، ألا نستجيب لدعوته؟ ماذا عني وعنك إذا سمعنا صوتًا متدفقًا من قلبٍ مُحبٍّ ينادي "ماء الحياة"، الذي يعني "الحياة الأبدية" مجانًا بالنعمة؟ بكل تأكيد إننا نفرح فرحًا عظيمًا بهذا الخبر الطيّب.
ولكن قد يقول لي أحد القرّاء: ألم تسمع أو تقرأ عمّا فعله بعض السلاطين والأمراء والملوك، إذ بنو أماكن لـ "ماء السبيل؟" فجوابي هو نعم، ولكن كان القصد منها هو التكفير عن خطاياهم بعمل الخير هذا، ولكن ماذا عن المساكين والفقراء؟ من سيكّفر عن خطاياهم؟ يُعلّمنا الكتاب المقدس أمرًا مُخالفًا تتعجب له عقولنا. فصاحب السلطان العظيم في السماء والأرض، الملك العظيم البار هو الذي ينادينا لنشرب من مياهه لنحيا بفرح وتغفر خطايانا! ربما تقول كيف؟ أو كما قالت إحدى النساء: "أعطني هذا الماء"، أو تقول بحافز من ضميرها "أريد ماء الحياة"، إذًا علينا أن نعود للماضي القديم ونرى من هو صاحب ماء السبيل الحقيقي.
فقبل حوالي 3400 سنة تقريبًا عندما كان موسى قائدًا للشعب في الصحراء، عطش الشعب في أرض مقفرة، ولم يكن عندهم ماء، وتذمر الشعب على موسى وعلى الرب. فأوصى الرب موسى أن يضرب الصخرة، ففعل ذلك، فخرج منها ماء وارتوى الشعب (راجع خروج 17).
تبرهن هذه المعجزة عن سلطان الله وتظهر قدرته على إرواءِ الشعب المتذمر، وبدلًا من معاقبة الشعب المجرّب لله، ضُرِبت الصخرة، فجرت المياه! وقد بقيت هذه الحادثة في قلوب الكثيرين، وذكرها النبي داود في أحد مزامير الشكر (مزمور 41:105)، وبعد ذلك تنبأ إشعياء حوالي سنة 700 ق. م. عن مجيء مُروي العطاش العظيم قائلًا: "فتستقون مياهًا بفرح من ينابيع الخلاص." (إشعياء 3:12) "أيها العطاش جميعًا هلمّوا إلى المياه." (إشعياء 1:55) فهذه النبوة تحققت بمجيء المسيح الحي، الصخرة الروحية الحقيقية (قارن خروج 17 مع 1كورنثوس 4:10). إذ بدأ يسوع ولا يزال ينادي للجميع أن يشربوا مجانًا من نعمة "الحياة الأبدية" لأنه هو مانح الماء الحي!
اسمعه وهو يقول لك الآن: "أنا أعطي العطشان من ينبوع ماء الحياة مجانًا." (رؤيا 6:21) إنها بشارة تدخل البهجة والرجاء والحياة لقلوب السامعين! فقد انتعشت نفوس الملايين وارتوت من يسوع ينبوع الحياة الأبدية. ثم نجد شهادة تلك المرأة التي كانت تعيش في سراب شهواتها، عندما قال لها يسوع: "لو كنتِ تعلمين عطيّة الله ومن هو الذي يُكلِّمُكِ؟ لطلبتِ أنتِ منه فأعطاكِ ماءً حيًّا... من يشرب من الماء الذي أعطيه أنا فلن يعطش إلى الأبد بل الماء الذي أعطيه يصير فيه ينبوع ماءٍ ينبع إلى الحياة الأبدية." (يوحنا 10:4-14) فتغيرت حياتها بالكامل وانتعشت بمياه الحياة الأبدية.
حقًا أنَّ يسوع يهب الحياة الأبدية التي شبهها بـ "ماء الحياة" مجانًا، لماذا؟ لأنه هو صخر الدهور الذي ضُرِب على الصليب، وهو مُعطي الحياة الأبدية... هو الذي دفع الأجرة ليس بثمن مادي، بل بثمن كلفه الموت على الصليب حاملًا خطايانا ودينونتها، نازفًا دمًا وماءً، لكي يُطهرنا ويجعل عطيّة "الحياة الأبدية" مجانًا لكل من يشعر بعطشه لحياة أفضل.
ففي عدة مناسبات كان يسوع يكرر دعوته للعطاش... فبعد أن أدّى اليهود واجباتهم الدينية في العيد، وفي آخر أيام العيد، وقف يسوع ونادى في وسط هيكل سيلمان للجموع قائلًا:
"إن عطش أحد فليقبل إليّ ويشرب." (يوحنا 37:7) فقد عرف أن كل الذين مارسوا طقوس العيد وحاولوا أن يبتهجوا بالعيد وبديانتهم، لم يرتووا بل هم في فراغ وعطش قلبي، فآبار الديانات ناشفة لا تضبط ماء! لذلك فدعوته مقدّمةٌ الآن لكل إنسان يمارس ديانته وطقوسه ولم يرتوِ منها، وهو يقول: "تعال إليّ." أي تعال إلى يسوع. فالمنادي العظيم بمحبته ونعمته يدعوك.
قال يسوع في موعظته: "طوبى (أي هنيئًا) للجياع والعطاش إلى البرّ لأنهم يشبعون." (متى 5) فكل من يقبل دعوة يسوع يسمع كلمات التطويب "هنيئًا لك" لأنك نلت ماء الحياة.
اسمحوا لي، يا أحبائي، أن أقول بأنّ هناك مياهًا أخرى قد يُقنع الإنسان نفسه بكفايتها. إنها مياه الخطيّة، التي نشربها بسهولة ولكنها كريهة كرائحة الكبريت، ومُرّة على أنفسنا، وعاقبتها العطش الأبدي والموت الأبديين في جهنم. ولا يقدر أي إنسان أن يكتشف الفارق الكبير بين الحالتين، إلا عندما يُقبِلُ ويَقبَلَ دعوة المنادي العظيم، الذي عطش على الصليب لكي يروينا!
اسمع دعوته الآن لك: "أنا أعطي العطشان من ينبوع ماء الحياة مجانًا." (رؤيا 6:21)
"ومن يعطش فليأتِ. ومن يُردْ فليأخذ ماء حياةٍ مجانًا." (رؤيا 17:22)

صلاة لكل نفس عطشانة

يا رب، صانع المعجزات العظام، آتي إليك إذ أطيع دعوتك أنا العطشان، فمحبتك لي كينبوع مياهٍ، فاروني من ينابيع نِعمتك واسقنِي بفرحٍ من ينابيع الخلاص، واجعل روحك القدوس يفيض فيّ إلى ملء الحياة الأبدية. أسال هذا باسم المسيح يسوع الذي مات على الصليب وعطش لكي يروني بقوة قيامته.
يا يسوع فاديّ، مروي العطاش العظيم، أقمني أنا الرازح بسبب خطاياي، وفرّح قلبي بمياه روحك القدوس آمين.
بعد أن كنت تائها في اليهماءِ
ونفسي لم تجد غير سراب الصحراءِ
سمعتك تناديني للارتواءِ
فأسرعت كالإيل لينابيع نعمة السماءِ
ففرّحتني وخلّصتني من صحراء تيماءِ
أنت عطشت فوق الصليب
في عمل الفداءِ
فيا لعظم العطاءِ من رب السماءِ!


الراعي الصالح
"أنا هو الراعي الصالح، والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف."

كان الرسول بولس ينظر إلى البشارة التي اؤتمن عليها كقوة الله للخلاص لكل من يؤمن بغض النظر عن حالته الاجتماعية أو أصله العنصري أو الديني. وكان الرسول أيضًا يدعو البشارة بكلمة الصليب لأن الخلاص الذي كسبه لنا يسوع المسيح إنما كان يسكب دمه الزكي على صليب الجلجثة. يحتل الصليب إذن المكان الأسمى في صُلب موضوع البشارة.
أنتعجّب لماذا اتّخذ المسيحيون الصليب شعارًا لهم في مختلف الأزمنة والبلاد؟ إن الصليب يرمز إلى محبة الله العظمى، تلك المحبة التي لم تحجم عن إرسال الابن الوحيد إلى العالم. الصليب يرمز إلى محبة الابن لنا نحن الخطاة، تلك المحبة التي لم تعرف حدودًا بل وصلت إلى ذروة مجدها على الجلجثة. الصليب يذكرنا بأننا لم نُفدَ بمال أو مادة بل بدم يسوع الطاهر. المحبة التي أحبنا بها الله هي محبة بذل وتضحية.
ما هو موقفنا منها؟ أنقبل امتيازات المسيحية ونرفض الواجبات المقرونة بها؟ أهناك سبب معقول يمنعنا من تقديم ذواتنا وأموالنا ومواهبنا في سبيل إنجيل المسيح؟ ليعيننا الرب بواسطة روحه القدوس لكي نقدم ذواتنا له ولخدمته في البشارة.

المجموعة: تموز (يوليو) 2018

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

115 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10617057