Voice of Preaching the Gospel

vopg

الدكتور جون حدادفي عالمٍ تتسارعُ فيه الاكتشافات العلميَّة المذهلة، يقفُ المرء مشدوهًا أمام عمق تأثير التكنولوجيا في مُختلف ميادين الحياة. إنَّ مفهوم البيوتكنولوجيا Biotechnology، أو التكنولوجيا الحيويَّة، لعَسِرُ الفهم ولا شك أنَّها إحدى أهم الإنجازات العلميَّة في العصر الحديث.

ماذا يقول العِلم عن دورها وتأثيرها، وهل الكتاب المقدس يواكب هذه التطورات العلميَّة وبالتالي كيف ينظرُ إليها؟
إحدى المجلات العلميَّة المتخصِّصة The Biotech Investor’s Bible ذكرت مؤخرًا بأنَّ التكنولوجيا الحيويَّة لها دورٌ في تحديد أسباب الأمراض وعلاجاتها، ولكنها تؤثِّر أيضًا في الزراعة والأدوية وعِلم النباتات والهندسة الجينية Genetic Engineering. بالرغم من هذا، ثمَّة مخاوف من كيفية إدارة البيوتكنولوجيا دون المساس بالمسلَّمات البيئية والطبيعية وعدم التعرُّض للفيزيولوجيا الخلويَّة أو تغييرها كمن يُغيِّرُ في عملية الخلق الإلهي لما لذلك مِن تبعاتٍ بيولوجيَّة سلبية. لنأخذَ مثالًا على ذلك علوم الخلايا الجذعيَّة Stem Cells إذ أنَّ هذه الخلايا لها دورٌ في إنتاج جميع الخلايا والأعضاء في الجسم. وبالتالي فإن تطويرها في المختبر يُساعد في إنتاج خلايا تُساهم في علاج الأمراض. مكامِن المشكلة إذًا ليست في دور الخلايا الجذعيَّة الطبّي بل عند استخراجها من الأجنَّة المِخبَريَّة ما قد يُعرِّض الجنين للإجهاض. فكيف نتعامل مع هذا الواقع؟
انقسم الرأي المسيحيّ حول هذا الأمر، فهناك مَن يدعم استخدام التكنولوجيا الحيويَّة في علاج الأمراض انسجامًا مع المبدأ الأخلاقي، ومنهم مَن يقول بأنَّ تعريض الأجنَّة للخطر عند استخراج الخلايا الجذعيَّة لأغراضٍ طبيَّة لا ينسجم مع فكر الكتاب في تقديس الحياة. فالكثير مِن اليهود والإنجيليين المتحرِّرين لا يعترضون على استخدام التكنولوجيا الحيويَّة لأغراض طبيَّة، أما الكنيسة الكاثوليكية والإنجيليين المحافظين يمنعون هذا الإجراء ظنًا منهم أنَّ استخراج الخلايا قد يؤذي الجنين وهذا مخالفٌ لإرادة الله. هذا الجدل العقيم حتمًا لا يُفيد الباحث العلمّي الذي يرى دورًا هامًا للتكنولوجيا الحيويَّة في تطوير الحياة وحمايتها من الأمراض. فهذا يقودني لأن أتساءل: هل التكنولوجيا والإجهاض مثلًا، أمران متساويان؟ وهل نستطيع فعلًا أن نجزمَ أنَّ الحياة تبدأ عند تكوين الخلايا وبالتالي استخراج الخلايا الجذعيَّة قد يؤدي إلى إتلاف الجنين؟ أسئلةٌ تدورُ في مُخيَّلتي، إلا أنني موقنٌ وعالمٌ بفوائد التكنولوجيا الحيويَّة ومِن بينها عِلم الخلايا الجذعيَّة في علاج الأمراض ولا سيما أنني أرى فيها دورًا في تحسين وتطوير دورة الحياة.
في هذا السياق أتذكَّر كلمات الكتاب المقدس:
Biotech
"اسمعي لي أيتها الجزائر واصغوا أيها الأمم من بعيد. الرب من البطن دعاني من أحشاء أمي ذكر اسمي." (إشعياء 1:49)
"قبلما صوَّرتك في البطن عرفتك، وقبلما خرجت من الرَّحِم قَدَّستك. جعلتك نبيًّا للشُّعوب." (إرميا 5:1)
ولا أنسى الفكر العلميّ الدقيق لرجل الله أيوب الذي وصفَ بشكل رائع "التكنولوجيا" الإلهية المبدعة في تكوين الإنسان:
"ألم تصبَّني كاللَّبن، وخثَّرتني كالجبن؟ كسوتني جلدًا ولحمًا، فنسجتني بعظامٍ وعصبٍ. منحتني حياةً ورحمةً، وحفظت عنايتك روحي." (أيوب 10:10-12)
ويُعوزني الوقت أيضًا إن أردتُ أن أذكرَ البحث العلميّ الموصوف في نسج جسم الإنسان بكل تعقيداته في مزمور 139. هذه الكلمات إنما تدلُّ على كمال عمل الله وإبداعه في صُنع الإنسان، فهذا الجسم الرائع خُلِقَ خاليًا من أيِّ شوائب وبالتالي استخدام التكنولوجيا الحيويَّة بحكمة ودراية آخذين بعين الاعتبار سلطان الله لا بدَّ إلا وأن يزيد مِن روعته واكتماله ويؤكِّد عظمة الخالق.
لماذا نخشى تأثيرات التكنولوجيا الحيويَّة الأخلاقيَّة ونُهمل فوائدها الطبيَّة؟ هل نُشجِّع استخدامها ضمن ضوابط علميَّة لا تتعارض مع الكلمة الإلهية؟ أثق أنَّ الاكتشافات العلميَّة، ومن بينها التكنولوجيا الحيويَّة، يمكنها علاج الأمراض وهندسة الأدوية والأطعمة المفيدة وحماية البيئة مِن التلوّث وبالتالي تحسين ظروف الحياة وأدائها. على أننا في هذا كلّهُ يجب أن نضع نُصبَ أعيُنِنا أنه ينبغي أن نخضعَ بكل كمال لمشيئة الله وسلطانه المُطلق في الحياة، وكلُّ ما يُساهم في نجاحها إنما نستخدمهُ بحكمة ومسؤولية.

المجموعة: شباط (فبراير) 2018

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

268 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10573798