Voice of Preaching the Gospel

vopg

الأخ رائد حناموضوع في غاية الأهمية نفتقر لوجوده في عالمنا اليوم.
نجد أن كلمة "محبة" في لغتنا صارت كلمة دارجة ومستهلكة فقدت في الواقع كل معنى لها. أمور كثيرة مفقودة في عالمنا ولكن أهمها هي المحبة. وحيث توجد المحبة هناك السلام والرحمة!

وبفقدان المحبة يُفقد السلام والرحمة والعدالة والاطمئنان... ويمكن القول: لو كانت المحبة موجودة في عالمنا لكان عالمنا بخير ويعيش بسلام.
لا شك أن أعظم صفة يمكن أن يتصف بها أي إنسان مهما كان مركزه ودرجة ثقافته هي المحبة. يحتاج إليها رئيس الدولة، والوزراء، والخدام، والفقراء. يحتاج إليها القساوسة، والرعاة، والأطباء، والمحامون، والآباء، والأمهات، والأزواج، والزوجات، والأبناء، والبنات.
إن المحبة هي من أكثر الكلمات التي يشعر المرء بحاجته إليها. لأن غيابها عن حياتنا يضعنا في لحظات صعبة جدًا. فقد الإنسان معنى المحبة عندما أصبح يفكر في نفسه فقط، وصار كالوحوش الكاسرة يريد أن يبتلع الجميع؛ القوي يأكل الضعيف ويسحقه. فقد كل معاني المحبة والرحمة تجاه إخوانه وهم بذلك فقدوا إنسانيتهم. عالمنا اليوم يعاني من نقص المحبة ويعاني من فقدانها في معظم تعاملاته ومسالكه وسياساته. والبشرية اليوم في حاجة ملحة بل مدعوّة بإلحاح لأن تسلك طريق المحبة؛ بل أصبحت ظاهرة وواضحة في الحياة المعاشة والتعامل البشري اليوم مع كل الأحداث، إذ لا يترك الإنسان مسيرة طاهرة، وسيرة حسنة، وقدوة مشرفة. وهذا واضح من خلال التعامل وآداب العلاقات. لذلك نجد الحروب، والمعارك، وويلات الحروب التي لا تخفى، ونتائجها الهلاك!
المحبة هي كلمة سامية جدًا، تضع البشر جميعًا في نفس المستوى. هي من تحقق الإنسانية الجديدة التي تطمح إليها جميع شعوب العالم. المحبة هي تطور الفرد وبالتالي تطور المجتمع الإنساني بأسره. بوجودها نشعر بقيمة كل إنسان وأهميته على هذه الأرض... نشعر بالسلام والحرية والاطمئنان. المحبة هي مصدر الفرح والسعادة للجميع.
عندما نودّ أن نستعرض الحالات التي تفككت وتهدمت والتي نراها في عالمنا صورًا من خلافات، وخصومات، وانشقاقات، وفشل، وتمزّق؛ نأمل ألا تعيش البشرية وتستمر في مثل هذه الحالات.
هناك عائلات وأصدقاء وجيران بعضها تمزقت، وتفككت، والبعض الآخر نمت، وامتدت فروعها، وكلها استمرت على ما نشأت عليه. وذلك يعود إلى أكثر من سبب وأهمها فقدان المحبة. فعندما تكون المحبة رقمًا منسيًا في العائلة أو في الروابط الاجتماعية، تتفكك. فالبيوت والعلاقات والمجتمع بأكمله تتوقف على هذه الكلمة المفقودة. وحين تكون مبنية على المحبة ستكون مغمورة وملؤها السلام، وعندما نعتصرها نحصل على منتجاتها.
فالمحبة تؤدي دورها بفاعلية، ويجب المحافظة عليها وعلى نموها وإلا فقد نصل إلى نقطة انهيار في العلاقات. يجب أيضًا أن ندرك ما الذي قادنا إلى هذه النقطة المأساوية. ولعلنا نجد الكثير من التفسيرات لهذا الموضوع لأن الحقيقة هي أن معظم مشاكلنا وتفككاتنا تنبع أساسًا من عدم وجود المحبة في العلاقات التي تقود إلى مشاكل زوجية وعائلية، ومشاكل في التواصل وفي العمل، ومشاكل اجتماعية، ودينية، وعرقية، ومشاكل خاصة بالنزاع. والنتيجة النهائية هي ما يسميه علم النفس بالتنافر والتباعد – أي الانفصال عن الآخرين وعدم التفاعل معهم من خلال علاقات مميزة. وسيدفع العالم ثمنًا غاليًا إذا استمر يمارس منهج التفكك.
لماذا تفوق المحبة كل الصفات الحسنة؟
يقدم الرسول بولس أفضل إجابة: "إِنْ كُنْتُ أَتَكَلَّمُ بِأَلْسِنَةِ النَّاسِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَلكِنْ لَيْسَ لِي مَحَبَّةٌ، فَقَدْ صِرْتُ نُحَاسًا يَطِنُّ أَوْ صَنْجًا يَرِنُّ. وَإِنْ كَانَتْ لِي نُبُوَّةٌ، وَأَعْلَمُ جَمِيعَ الأَسْرَارِ وَكُلَّ عِلْمٍ، وَإِنْ كَانَ لِي كُلُّ الإِيمَانِ حَتَّى أَنْقُلَ الْجِبَالَ، وَلكِنْ لَيْسَ لِي مَحَبَّةٌ، فَلَسْتُ شَيْئًا. وَإِنْ أَطْعَمْتُ كُلَّ أَمْوَالِي، وَإِنْ سَلَّمْتُ جَسَدِي حَتَّى أَحْتَرِقَ، وَلكِنْ لَيْسَ لِي مَحَبَّةٌ، فَلاَ أَنْتَفِعُ شَيْئًا." (1كورنثوس 1:13-3)
المحبة هي من المفاهيم الأساسية التي تحتل مكان الصدارة في تعاليم الرب يسوع المسيح. من هنا نلاحظ أن المحبة ترتبط بتعاليم المسيح أشد الارتباط بالبذل والعطاء والتضحية. وإذا تأملنا مليًا في هذا المفهوم وجدناه يمثل طاقة التحوّل الأولى التي لا يستقيم بغيرها عمل أو موهبة أو صفة من الصفات. فالعلم والمعرفة بلا محبة لا يعنيان شيئًا. والعطاء بلا محبة لا يعني شيئًا. والتضحية بلا محبة لا تعني شيئًا. والطاعة، والصدق، والوفاء، والكمال، والشجاعة، وكل الصفات الأخرى لا تعني شيئًا بلا محبة. ولأن جميعها بلا محبة تكون نتيجتها الزوال. وهذه هي الفكرة التي تقوم عليها الآية 13:13 "أَمَّا الآنَ فَيَثْبُتُ: الإِيمَانُ وَالرَّجَاءُ وَالْمَحَبَّةُ، هذِهِ الثَّلاَثَةُ وَلكِنَّ أَعْظَمَهُنَّ الْمَحَبَّةُ."
هل تتميز أنت بصفة المحبة؟ إن الإنسان مهما كان غنيًّا أو مشهورًا، أو مهما كان منصبه مرموقًا ولكن ليس له محبة لا ينفع شيئًا.
الإنسان في علاقاته وأعماله اليومية - إن لم تكن بدافع المحبة- فلا نفع لها. كلها تكون باطلة! لذلك يقول الكتاب في 1كورنثوس 14:16 "لِتَصِرْ كُلُّ أُمُورِكُمْ فِي مَحَبَّةٍ."
أدعوك عزيزي القارئ أن تبحث عن مصدر المحبة وتتحلى بها وتعيشها وتطبقها عمليًا في حياتك ومع الآخرين "لان المحبة هي من الله." إذًا "لِنُحِبَّ بَعْضُنَا بَعْضًا، لأَنَّ الْمَحَبَّةَ هِيَ مِنَ اللهِ، وَكُلُّ مَنْ يُحِبُّ فَقَدْ وُلِدَ مِنَ اللهِ وَيَعْرِفُ اللهَ. وَمَنْ لاَ يُحِبُّ لَمْ يَعْرِفِ اللهَ، لأَنَّ اللهَ مَحَبَّةٌ... وَنَحْنُ قَدْ عَرَفْنَا وَصَدَّقْنَا الْمَحَبَّةَ الَّتِي ِللهِ فِينَا. اَللهُ مَحَبَّةٌ، وَمَنْ يَثْبُتْ فِي الْمَحَبَّةِ، يَثْبُتْ فِي اللهِ وَاللهُ فِيهِ." (1يوحنا 7:4-8 و16)
يدعونا الله أن نتمسك بمحبته، ونحب بعضنا بعضًا، ونتعلم منها كيف نحب البشر من حولنا.
هل سألت يومًا هذا السؤال: لماذا تفشل العلاقات وتتفكك بين الناس وبين الأزواج؟ وما الذي يسبب تحطيم تلك العلاقات؟ أدعوك لتفكر بهذا السؤال.
تتحطم العلاقات البشرية وتنفصل، وتؤدي إلى نزاعات وتمزق الروابط بكافة تسمياتها، وتتهدّم بيوت كثيرة وتنهار عروش ملوك عديدين... كل هذه بسبب عدم وجود المحبة. فمهما تكن درجة العلاقة - إن لم تكن تربطهم المحبة، ستتحطم العلاقة وتفشل. وعندما نفقد المحبة نفقد العلاقات.
يبين ذلك البشير متى 12:24 "وَلِكَثْرَةِ الإِثْمِ تَبْرُدُ مَحَبَّةُ الْكَثِيرِينَ."
في حياتنا اليومية، نرى ونسمع الكثير عن العلاقات التي تتفكك وتنفصل عن بعضها البعض بانقسامات وتنافر وعداوة... ما أعظم حاجة عالمنا إلى التكافل؟ ما أحوجنا إلى ترابط يجمعنا فيه رباط المحبة في علاقاتنا. ما أحوج عالمنا لرؤية نماذج للفضائل في حياة الناس من خلال المحبة. لقد تعب العالم من سماع الكلام والدروس النظرية عن الفضائل وهو يحتاج إلى درس عملي يرى فيه هذا الثمر معاشًا عمليًا في حياة الناس كل يوم.
المحبة سواء استخدمت في علاقتنا بالله أو الإنسان، هي الرغبة الحارة المتلهفة لأجل خير المحبوب، والاهتمام العظيم برفاهته. والمحبة لله وللإنسان أساسية للديانة الحقيقية، وأساسية في جميع معاملات الله مع الإنسان ومعاملات الإنسان مع الله. وكما أن المحبة هي أسمى تعبير عن الله وعلاقته بالجنس البشري، كذلك يجب أن تكون أسمى تعبير عن علاقة الإنسان بخالقه وبأخيه الإنسان.

المجموعة: تشرين الأول (أكتوبر) 2018

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

937 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10618276