Voice of Preaching the Gospel

vopg

الدكتور القس لبيب ميخائيلدخلت إلى السوق آخذًا معي عربة صغيرة لأضع فيها ما يلزم البيت من حاجيات. وسرت في ممرات السوق أضع في العربة كل ما اعتقدت أن البيت في حاجة إليه دون أن أفكّر في ساعة الحساب.

وبعدما ملأت العربة بما أردت وبما اشتهته عيناي وقفت أمام الآلة الحاسبة لأدفع الحساب، وتبيّنت من الرقم الضخم الذي سجلته الآلة الحاسبة أن المبلغ أكثر مما في حافظتي... وخجلت، وارتبكت واضطررت لترك كثير من الحاجيات.
بعد خروجي من السوق خطر في بالي مشهد موقفي أمام كرسي المسيح، أي يوم الحساب والمكافأة. وارتسمت أمام مخيّلتي نصوص من كلمة الله:
"لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «أَنَا حَيٌّ، يَقُولُ الرَّبُّ، إِنَّهُ لِي سَتَجْثُو كُلُّ رُكْبَةٍ، وَكُلُّ لِسَانٍ سَيَحْمَدُ اللهَ». فَإِذًا كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا سَيُعْطِي عَنْ نَفْسِهِ حِسَابًا ِللهِ." (رومية 11:14-12)
"لأَنَّهُ لاَ بُدَّ أَنَّنَا جَمِيعًا نُظْهَرُ أَمَامَ كُرْسِيِّ الْمَسِيحِ، لِيَنَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مَا كَانَ بِالْجَسَدِ بِحَسَبِ مَا صَنَعَ، خَيْرًا كَانَ أَمْ شَرًّا." (2كورنثوس 10:5)
في النص الأول تجد الحقيقة المؤكدة وهي أنك ستعطي عن نفسك حسابًا لله. وفي النص الثاني تجد حقيقة المكافأة التي ستحصل عليها بعد الحساب.
وحقيقة الحساب الشخصي حقيقة خطيرة، لأن الذي سيحاسبك هو الله الذي لا تَخفى عليه خافية، ولا يمكن إقناعه بمنطق الإنسان. فضع في ذهنك أنك ستعطي ذات يوم عن نفسك حسابًا لله.

الحساب

أولاً: ستعطي حسابًا عن نفسك من جرّاء الحياة التي عشتها في شبابك.
"اِفْرَحْ أَيُّهَا الشَّابُّ في حَدَاثَتِكَ، وَلْيَسُرَّكَ قَلْبُكَ فِي أَيَّامِ شَبَابِكَ، وَاسْلُكْ فِي طُرُقِ قَلْبِكَ وَبِمَرْأَى عَيْنَيْكَ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ عَلَى هذِهِ الأُمُورِ كُلِّهَا يَأْتِي بِكَ اللهُ إِلَى الدَّيْنُونَةِ." (جامعة 9:11)
سيسألك الله عن نوع الحياة التي عشتها في شبابك. هل غرقت إلى أذنيك في الخطايا الجنسية؟ هل عشت حياة الاستهتار والإباحية؟ هل سلكت في طرق قلبك الخدّاع؟ هل انجرفت وراء شهوات عينيك؟ ما الذي ستقوله لله يوم الحساب؟
ينصح كاتب الجامعة الشباب قائلاً: "فاذكر خالقك في أيام شبابك." (جامعة 1:12)
وذكر الخالق يعني أن تعيش دائمًا شاعرًا بأنه أمامك. كما يقول داود: "جَعَلْتُ الرَّبَّ أَمَامِي فِي كُلِّ حِينٍ، لأَنَّهُ عَنْ يَمِينِي فَلاَ أَتَزَعْزَعُ." (مزمور 8:16)
وذكر الخالق يعني أن تهرب من كل إغراء نجس هاتفًا مع يوسف: "فَكَيْفَ أَصْنَعُ هذَا الشَّرَّ الْعَظِيمَ وَأُخْطِئُ إِلَى اللهِ؟"
وذكر الخالق يعني أن تجد فيه راحتك وعزاءك ساعة انحناء نفسك كما يقول كاتب المزمور: "يَا إِلهِي، نَفْسِي مُنْحَنِيَةٌ فِيَّ، لِذلِكَ أَذْكُرُكَ ..." (مزمور 6:42)
فهل تذكر خالقك بهذه المعاني؟ كانت نصيحة بولس الرسول لابنه في الإيمان تيموثاوس: "اذكر يسوع المسيح المُقام من الأموات." (2تيموثاوس 8:2) وذكر المسيح المُقام هو ذكر لقوة قيامته، القوة التي تعطيك النصرة على كل الخطايا الشبابية.

ثانيًا: ستعطي حسابًا عن نفسك من جرّاء موقفك من الكتاب المقدس، كلمة الله، في عقيدتك وسلوكك
كتب بولس الرسول لتيموثاوس: "وَأَمَّا أَنْتَ فَاثْبُتْ عَلَى مَا تَعَلَّمْتَ وَأَيْقَنْتَ، عَارِفًا مِمَّنْ تَعَلَّمْتَ. وَأَنَّكَ مُنْذُ الطُّفُولِيَّةِ تَعْرِفُ الْكُتُبَ الْمُقَدَّسَةَ، الْقَادِرَةَ أَنْ تُحَكِّمَكَ لِلْخَلاَصِ، بِالإِيمَانِ الَّذِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ... لِكَيْ يَكُونَ إِنْسَانُ اللهِ كَامِلاً، مُتَأَهِّبًا لِكُلِّ عَمَل صَالِحٍ."
(2تيموثاوس 14:3-17)
فما هو موقفك من الكتاب المقدس؟ هل تتبع تعاليم الناس أم تعاليمه؟ هل تؤمن قلبيًا بوحيه الإلهي من تكوينه إلى رؤياه؟ هل هو مرجعك في كل قضايا العقيدة والسلوك؟ أم أنك تؤمن بأن ضميرك هو الحكم الأخير فيما تعتقد وتتصرّف؟
إن الضمير كالساعة، وكل ساعة يمكن أن تُصاب بالخلل فتقدّم وتؤخّر، وهو يحتاج إلى الشمس التي تحدد المواقيت بدقة وضبط... والكتاب المقدس هو الشمس التي يجب أن تعيش في نورها.
اذكرْ أنك ستعطي لله حسابًا عن موقفك من الكتاب المقدس، وأن الله سيدينك بما جاء في كلمته. "في اليوم الذي فيه يدين الله سرائر الناس حسب إنجيلي بيسوع المسيح." (رومية 16:2) إياك أن تعتمد على عقيدة طائفتك دون أن تمتحنها في نور الكلمة المقدسة. إياك أن تؤمن بنظريات الناس الفلسفية التي يريدون بها أن يبعدوك عن الحق. "اُنْظُرُوا أَنْ لاَ يَكُونَ أَحَدٌ يَسْبِيكُمْ بِالْفَلْسَفَةِ وَبِغُرُورٍ بَاطِل، حَسَبَ تَقْلِيدِ النَّاسِ، حَسَبَ أَرْكَانِ الْعَالَمِ، وَلَيْسَ حَسَبَ الْمَسِيحِ." (كولوسي 8:2)

ثالثًا: ستعطي حسابًا عن نفسك من جرّاء كيفية تصرّفك بالمال الذي ملكته في حياتك
المال يمثل قدرتك، وإمكانياتك، ووقتك، وعصارة حياتك. ولا يوجد شيء يعلن عن حقيقة نظرتك للحياة أكثر من الأسلوب الذي تنفق به مالك.
سيسألك الله يوم يحاسبك: كيف حصلت على مالك؟ أحصلت عليه بالغش، والرشوة، واغتصاب حقوق الناس؟ أم حصلت عليه بالجدّ، والأمانة، والاجتهاد؟ وسيسألك: كيف نظرت إلى مالك؟ هل نظرت إليه باعتبارك تملكه وأنت صاحب الحق فيه؟ أم نظرت إليه باعتبارك مجرد وكيل عليه وأن الله هو صاحبه؟ هل ارتفع قلبك بسبب كثرة غناك ونسيت الرب إلهك، واعتقدت أنك حصلت على المال الذي تملكه بقدرتك وقوتك. "اِحْتَرِزْ مِنْ أَنْ تَنْسَى الرَّبَّ إِلهَكَ... لِئَلاَّ تَقُولَ فِي قَلْبِكَ: قُوَّتِي وَقُدْرَةُ يَدِيَ اصْطَنَعَتْ لِي هذِهِ الثَّرْوَةَ. بَلِ اذْكُرِ الرَّبَّ إِلهَكَ، أَنَّهُ هُوَ الَّذِي يُعْطِيكَ قُوَّةً لاصْطِنَاعِ الثَّرْوَةِ." (تثنية 11:8، 17-18) وسيسألك الله: كيف تصرفت في المال الذي أعطاك؟ هل صرفت ببذخ على مشتهيات عينيك ومظاهر حياتك، ولم تعطِ إلا أقلّ القليل لعمل الرب ونشر الإنجيل؟ هل كنت أمينًا في دفع عشورك أم سلبت الله حقه في العشور والتقدمة؟ هل أنفقت مالك على الخمر والتدخين وما يضرّ صحتك وجسدك؟ "لِمَاذَا تَزِنُونَ فِضَّةً لِغَيْرِ خُبْزٍ، وَتَعَبَكُمْ لِغَيْرِ شَبَعٍ؟" (إشعياء 2:55)
اذكر أن من يُعطَى كثيرًا يطالبونه بأكثر، وأن الله سيحاسبك عن المال الذي تملكه، فأنفق من هذا المال بسخاء على عمل الرب. "لأَنَّ الْمُعْطِيَ الْمَسْرُورَ يُحِبُّهُ اللهُ." (2كورنثوس 7:9)

رابعًا: ستعطي حسابًا عن نفسك من جرّاء معاملتك لإخوتك
كم من إشاعة اخترعتها كذبًا على خادم أمين للرب وكل غرضك أن تهدم تأثير رسالته؟ كم من مذمّة نقلتها بلسانك وهدفك تحقير الآخرين لترفِّع نفسك؟ كم من أخ ازدريت به لأنه أفقر منك مالاً أو أقلّ علمًا أو مركزًا؟
"وَأَمَّا أَنْتَ، فَلِمَاذَا تَدِينُ أَخَاكَ؟ أَوْ أَنْتَ أَيْضًا، لِمَاذَا تَزْدَرِي بِأَخِيكَ؟ لأَنَّنَا جَمِيعًا سَوْفَ نَقِفُ أَمَامَ كُرْسِيِّ الْمَسِيحِ... فَلاَ نُحَاكِمْ أَيْضًا بَعْضُنَا بَعْضًا، بَلْ بِالْحَرِيِّ احْكُمُوا بِهذَا: أَنْ لاَ يُوضَعَ لِلأَخِ مَصْدَمَةٌ أَوْ مَعْثَرَةٌ." (رومية 10:14 و13)
لقد قال ربنا بفمه المبارك: "ويل للعالم من العثرات! فلا بدّ أن تأتي العثرات، ولكن ويل لذلك الإنسان الذي به تأتي العثرة!" (متى 7:18)
اذكر أنك ستعطي حسابًا عن نفسك لله لسوء معاملتك لإخوتك. فلتكن معاملتك بقانون المحبة الذي تحدث عنه بولس بكلماته: "الْمَحَبَّةُ تَتَأَنَّى وَتَرْفُقُ. الْمَحَبَّةُ لاَ تَحْسِدُ. الْمَحَبَّةُ لاَ تَتَفَاخَرُ، وَلاَ تَنْتَفِخُ، وَلاَ تُقَبِّحُ، وَلاَ تَطْلُبُ مَا لِنَفْسِهَا، وَلاَ تَحْتَدُّ، وَلاَ تَظُنُّ السُّوءَ، وَلاَ تَفْرَحُ بِالإِثْمِ بَلْ تَفْرَحُ بِالْحَقِّ..." (1كورنثوس 13)

خامسًا: ستعطي حسابًا عن نفسك لسوء تصرفك في وقتك ومواهبك ووزناتك
كيف قضيت وقتك؟ في دور السينما؟ أمام شاشة التلفزيون؟ في الكلام التافه والموضوعات غير البناءة؟ كتب بولس الرسول للقديسين في أفسس قائلاً: "فَانْظُرُوا كَيْفَ تَسْلُكُونَ بِالتَّدْقِيقِ، لاَ كَجُهَلاَءَ بَلْ كَحُكَمَاءَ، مُفْتَدِينَ الْوَقْتَ لأَنَّ الأَيَّامَ شِرِّيرَةٌ." (أفسس 15:5-16)
وماذا بخصوص مواهبك التي منحك الله إياها؟ كتب بطرس الرسول يقول: "ليكن كل واحد بحسب ما أخذ موهبة، يخدم بها بعضكم بعضًا، كوكلاء صالحين على نعمة الله المتنوّعة." (1بطرس 10:4) فهل تخدم القديسين بمواهبك؟ هل ترنم بصوتك؟ هل تكتب بقلمك؟ هل تعطي من مالك؟ هل تبني القديسين بتعاليم كلمة الله؟
وماذا عن الوزنات التي سلّمها الرب لك؟
هل ستقول له يوم يحاسبك: "يا سيد، خمس وزنات سلّمتني. هوذا خمس وزنات أخر ربحتها فوقها." (متى 20:25) أم ستقول له أنك أخفيت وزنتك في الأرض؟

المكافأة
"لأَنَّهُ لاَ بُدَّ أَنَّنَا جَمِيعًا نُظْهَرُ أَمَامَ كُرْسِيِّ الْمَسِيحِ، لِيَنَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مَا كَانَ بِالْجَسَدِ بِحَسَبِ مَا صَنَعَ، خَيْرًا كَانَ أَمْ شَرًّا." (2كورنثوس 10:5)
المكافأة ستكون بحسب ما صنعت! فبينما الخلاص بالإيمان، فالمكافأة بالأعمال!
بعض المؤمنين سينالون أكاليل المجد، والبر، والفرح، والحياة، وبعض المؤمنين ستكون رؤوسهم عارية من التيجان. المؤمنون المتوّجون سيكونون ملوكًا. المؤمنون غير المتوّجين سيكونون من شعوب المخلصين. المؤمن الذي صنع شرًا سيخجل. والمؤمن الذي صنع خيرًا سيكلّل.
هل فكرت في يوم الحساب الآتي؟
وهل قررت أن تحيا الحياة التي تؤهلك لنوال إكليل؟

المجموعة: أيار (مايو) 2019

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

158 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10624115