يبدو هذا أشبه بلغز غامض، لكنه ليس كذلك. فإننا كمؤمنين حقيقيين بالمسيح نحمل مسؤولية مزدوجة:
الأولى أن ننادي بإنجيل يسوع المسيح كالجواب الوحيد لأعمق حاجات الإنسان. والثانية أن نطبق بأفضل ما نستطيع مبادئ المسيحية على الظروف الاجتماعية حولنا.
علّمنا الرب يسوع أننا نحن كمسيحيين "ملح الأرض" (متى 13:5). واستخدم يسوع الملح لأنه يعطي طعمًا ونكهة للطعام، ولأنه حافظٌ وواقٍ، وبدونه يتلف بعض الطعام. لولا الملح المسيحي لفسد مجتمعنا القومي، وقلَبَ الطمع والشهوة والبغضة أمّتَنا إلى جحيم. خذ كل المسيحيين الحقيقيين من أميركا، تجد الخراب قد عمّها بين ليلة وضحاها. والسبب هو في انتشار انحلال خلقي وازدياد الحاجات الاجتماعية، ويعود جزئيًا إلى أن الكنيسة قد فقدت ملوحتها. إن كمية قليلة من الملح تؤثّر بشكل أكثر كثيرًا من حجمها.
قال الرب يسوع أيضًا: "أنتم نور العالم." (متى 14:5) إن ظلمة عالمنا تزداد حلكة وسوادًا باستمرار. ولا يوجد سوى نور حقيقي واحد يضيء، وهو نور يسوع المسيح، الذي ينعكس في حياة الذين يثقون فيه ويؤمنون به. وقد جاء يسوع نفسه ليشرق هذا النور، حتى يرى الناس الله فيه. وعلى تابعيه أن يضيئوا وأن يشعّوا ضوؤه. "فليضئ نوركم هكذا قدّام جميع الناس." (متى 16:5)
أظهر المسيح أن العالم هو الدائرة التي يظهر فيها عمل النور والملح. لا شك أن المشاكل الحاضرة في حياتنا القومية خطيرة، وعلى كل مسيحي حقيقي مسؤولية محدّدة، لأنه مواطن في عالمَيْن. وفي ضوء رعويته المزدوجة يخبره الكتاب المقدس ليس فقط أن يصلي لأجل القائمين على السلطة، بل أيضًا أن يشارك حكومته ويخدمها ويتحمّل معها المسؤولية. المسيحي الحقيقي هو حامل النور الوحيد في العالم. وكما أن هناك خطرًا في أن يفقد ملوحته، هناك خطر أيضًا في أن يختفي النور في الظلام، إذا لم يراعِ ويصلح ويعطَ فرصة للإشراق. كانت حياة المسيحيين الأولين شهادة واضحة. والعالم قد يجادل ضدّ عقيدة، لكنه لا يستطيع أن يجادل ضدّ الحياة المتغيّرة.
هذا ما يفعله إنجيل الرب يسوع المسيح، حين يُكرز به بقوة الروح القدس وسلطانه.
ليس على المسيحي أن يتبع المسيح فقط ويتعلم منه، لكن عليه أيضًا أن يعمل. إن العالم يحكم على المسيحي الحقيقي بحياته، لا بمعتقداته. وأعماله هي برهان إيمانه.
