هل فكرت يومًا ماذا تكون حالة الكنيسة بدون بشارة؟
هل تساءلت يومًا ماذا يحصل لو سكت المؤمنون عن الكرازة؟
هل تأملت يومًا كيف يمكن أن تمتدّ المسيحية من جيل إلى جيل بدون الشهادة؟
البشارة جزء لا يتجزّأ من المسيحية.
فالمسيحية ليست مجموعة تقاليد تتداولها الأجيال،
وليست سلسلة قوانين تنتقل من يد إلى يد،
وليست حياة تناسلية يتوارثها الابن من الأب،
بل هي أعمق من هذا... هي أكثر من هذا...
هي عمل الله في الحياة...
هي جعل عمل المسيح على الصليب جزءًا من الكيان البشري...
ولذا فهي تحتاج إلى كرازة...
تحتاج إلى رسائل حية...
إلى شهادات واقعية...
وإلا لاستطاع الملاك أن يبشر كرنيليوس...
وروح الرب الذي خطف فيلبس كان بإمكانه أن يبشر وزير الحبشة...
ولكن الحاجة كانت ماسة إلى كلام بطرس...
وإلى خدمة فيلبّس.
الخدمة ذات خطورة على الكيان المسيحي بجملته.
العالم ينمو ويزداد، ومتطلبات المدنية تكثر...
والناس في رواح ومجيء... في كدٍّ وجهاد...
في سرعة وانضباط...
أين التفكير بالأمور الروحية؟
أين التوجّه إلى الإيمان المسيحي؟
لا يوجد وقت...
فالأمور المادية دعايتها أقوى...
المبادئ البشرية انتشارها أوسع...
أين البشارة المسيحية؟
أين الخدمة التبشيرية لتوقظ الشخص من سباته؟
لتوقفه عن السير في تياره...
لتعيد إلى المسيحية مجدها وقوتها؟
ألم يصر الكيان المسيحي هذه الأيام منظمة عادية لا يفرقها عن غيرها إلا الاسم؟
من يُعيد إليها أيام قوتها الأولى؟
من يُرجِع إليها سمتها الروحية الخاصة؟
من يملكها من جديد طابع التميّز عن بقية المبادئ والديانات؟
الخدمة... نعم الخدمة، فما أهمّها؟
وهذه الآلاف المؤلفة التي تتهاوى بين أنياب الأساليب العالمية، وتتداعى تحت مطرقة الإلحاد القوية، وتنحني تحت أغلال الكفر، وتسير في مهاوي الرذيلة والفساد...
من ينقذها؟ من ينتشلها؟ من يربحها لملكوت المسيح؟
الخدمة... نعم، الخدمة... فما أهمّها؟
وهذه النفوس التي اختارت المسيح مخلصها وتحتار في اختيار غرضها، تحوم حول أهداف الحياة، تتساءل أيّها تتبع...
تتطلّع إلى مشاغل الحياة لتصرف أوقاتها...
وهذه من يحلّ معضلتها؟
من يملأ أوقاتها؟
من يعطيها غرضًا في الحياة؟
وهدفًا في العمل؟
الخدمة... نعم الخدمة؟ فما أهمّها...
هل نريد في هذه الأيام أن نوقف ما سلَّمَنا إيَّاه مؤمنو الأجيال الماضية؟
هل نريد أن نهمل الأمر الذي توارثته الكنيسة على ممر العصور "اذهبوا إلى العالم أجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها؟"
هل نريد أن نوقف امتداد الإيمان المسيحي من شخص إلى شخص، ومن جيل إلى جيل لكي يصحّ تساؤل المسيح: "متى جاء ابن الإنسان ألعلّه يجد الإيمان على الأرض؟"
نحن اليوم في سباق...
مسيحيتنا في جهاد...
المقاومون كثيرون...
المزاحمون عديدون...
ولن ينقذ الوضع إلا الخدمة... الخدمة الممسوحة... المؤيَّدة بقوة الله...
الخدمة لِأهميَّتها خطيرة... فلنقدّرها.
