Voice of Preaching the Gospel

vopg

ما أجمل أقوال الله الصادقة إنها حقًّا الخبز الذي يسند قلب الإنسان. لقد أرسل الرب المنّ من السماء للشعب الأرضي وأكل منه طوال أربعين سنة في الصحراء، ونقرأ ذلك في سفر الخروج 16.

وعندما جاء ملء الزمان وحلّ بيننا ابن الله – ابن الإنسان وديعًا متواضعًا الذي قال عن نفسه: "أنا هو الخبز الحيّ الذي نزل من السماء" وبهذا أكمل تحقيق تلك الكلمات التي قالها الشعب قديمًا متسائلًا عن المن "من هو؟ لأنهم لم يعرفوا ما هو؟" (خروج 15:16).
يقول الرب يسوع المسيح عن نفسه: "أنا هو خبز الحياة من يُقبل إليّ فلا يجوع" وقال أيضًا: "هذا هو الخبز النازل من السماء لكي يأكل منه الإنسان ولا يموت"، أي لا يموت روحيًا ولا يموت موتًا أبديًا بل تكون له الحياة الأبدية. ومع ذلك نرى في كلمة الله أن الناس تعاني من جوع روحي ونستطيع أن نقسمهم إلى ثلاثة أقسام:

1- الجياع الذين لم يعرفوا الخبز النازل من السماء: هؤلاء بسبب الخطايا التي يعيشون فيها يشتهون أن يملأوا بطونهم من خرنوب الخنازير مثل الابن الضال (لوقا ١٥). فالخطية تجذبهم لشهواتٍ وخطايا أخرى، لكن الخبر الطيّب يجد الفرصة مفتوحة أمامهم وأجراس نعمة الله ترّن مقدمة لهم الحياة الأبدية ليشبعوا من خبز الحياة. ومثلما قال الابن الضال: "كم أجير لأبي يفضل عنه الخبز وأنا أهلك جوعًا. أقوم وأذهب إلى أبي." هكذا الآن كل من يقرّ في قلبه أنه في حالة الموت بسبب الخطيّة فإنّ صوت يسوع المحب يرنّ في القلب ويجيبه "ارجع إليّ لأني فديتك"، "أنا هو خبز الحياة".

2- الجياع لمعرفة الله وبره: هؤلاء الخطاة يشعرون بقرارة قلوبهم أن هناك شيء مفقود في حياتهم ويتشوَّقون لمعرفته وفي نفوسهم شغف حقيقي للخلاص من سطوة الخطية، وما أن يسمعوا بالأخبار السارة: يسوع يحبكّ، يسوع هو المخلص، يسوع هو خبز الحياة، يسوع بذل نفسه من أجلك... حتى تجدهم يسرعون لقبول يسوع مُخلصًا لهم فيجدون فيه كل الشبع والسرور. نحن فعلًا نستطيع أن نقول لربنا يسوع "أمامك شبع سرور، في يمينك نعم إلى الأبد." "كما من شحم ودسم تشبع نفسي وبشفتي الابتهاج يسبِّحكَ فمي." وهنا سؤال لا بد أن أسأله لقرائي الكرام، قد تكون حتى الآن لم تتغذَّ في قلبك بالخبز الحيّ، فهل نفسك مشتهيَة لخلاصك من الجوع الروحي؟ إنّ يسوع هو الخبز النازل من السماء وهو على استعداد أن يشبعك. تهانينا لك، ويسوع نفسه يهنئك لأنه يقول: "طوبى للجياع والعطاش إلى البرّ لأنهم يشبعون."

3- الجياع الشاعرون بالاكتفاء الذاتي: هؤلاء يشكلون شريحة كبيرة من المجتمع، فإما أن يكونوا مُلحدين يظنون أنهم إذا توافرت لديهم كل مستلزمات العيش والرفاهية فلا حاجة لله في حياتهم. وما أردأ هذا الفكر، إنه فكر مُظلم يعود إلى أيام سدوم وعمورة ولأمثال هؤلاء نقول: الباب ما زال مفتوحًا ويسوع ما زال ينادي "تعالوا إليّ".
وهناك المتديّنون بمظاهر خارجية - ديانة تمثيليّات أمام الناس - ويظنون خطأً أنهم يستطيعون أن يمثِّلوا على الله بتقواهم الزائفة. لذلك وبّخ الله أمثال هؤلاء قائلًا: "ويل لكم أيها الشباعى لأنكم ستجوعون." فالكبرياء الدينية تُعتبر مانعًا كبيرًا للخلاص، يمنع الإنسان من شعوره بحاجته لخبز الحياة. لذلك، فالتواضع هو أول خطوة لاستقبال نعمة الله، وفي الأصحاح السادس من إنجيل يوحنا يكرر الرب هذه الكلمات "نزلت... النازل" دلالة أنه جاء إلينا وديعًا ومتواضعًا. وكما يقول المثل "اللبيب من الإشارة يفهم". كان يسوع يقول لسامعين سابقًا والآن أيضًا، تواضعوا بقلوبكم واقبلوا نعمتي وخلاصي وتغذّوا بأقوالي بدل المجاعة الروحية التي أنتم عائشون فيها. آمنوا أني أنا يسوع وحده هو خبز الحياة الواهب الحياة الأبدية.

الخبز النازل من السماء وشخصيات ميلادية

في شخصيات الميلاد نرى العديد كيف شبعوا بمجيء الخبز الحقيقي. فقد قالت المطوَّبة مريم في نشيدها "أشبع الجياع خيرات." نعم، لقد شبعت نفسها وابتهجت روحها بالمخلص الوحيد إذ تحققت تلك النبوة فيها: "هوذا العذراء تحبل وتلد ابنًا." "وتدعو اسمه يسوع. لأنه يخلص شعبه من خطاياهم." إنه الشبع بتحقيق مواعيد الله في حياتنا.
وها هي حنّة النبية التي كانت تنتظر الفداء، ورغم كونها أرملة قد شبعت من المصائب إلا أنها أخذت تسبّح الرب بفرح إذ شبعت بمجيء الفادي الذي صنع معها ومعنا أيضًا إحسانًا أبديًا بموته النيابي فوق الصليب. إنه الشبع بإله التعويضات.
ورغم أن المجوس كانوا أثرياء وجاءوا باعتبارهم حكماء المشرق، إلا أنهم شبعوا بالخبز النازل من السماء، شبعوا بغنى المسيح الذي لا يُستقصى عندما سجدوا له، وشبعوا كرامة لأنهم سجدوا لملك الملوك ورب الأرباب؛ وشبعوا برؤية الإله الحكيم المذّخر فيه جميع كنوز الحكمة والعلم.
وماذا نقول عن الرعاة البسطاء، لقد شبعت آذانهم بفرح السماء بأنشودة الملائكة "المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة". شبعوا سرورًا بمجيء ابن داود وأصل ذرية داود. فرحوا بمُلك يسوع على حياتهم. إنه الشبع بيسوع الذي يهتم بالمهمّشين من المجتمع.
وسمعان الشيخ الذي كان قلبه مُتغذِّيًا بنبوّات العهد القديم شبعت عيناه برؤية مُخلص الخطاة يسوع "... عينيّ قد أبصرتا خلاصك." ومن هذه الشخصية الميلادية نتعلم أن من يتغذّى روحيًا بتعاليم الكتاب المقدس يعلم أن مجيء المسيح هو لكي يفتدينا وينقذنا، ويُنير حياتنا، وأن المسيح المصلوب سيكون علامة يقاومها المحتقرون اسم يسوع، وأن السيف سيجوز في نفس مريم العذراء، أي سترى ابن الله الوحيد متألمًا فوق الصليب. إنه رسالة لنا لكي نشبع من الخبز الحيّ ربنا يسوع المسيح.
عزيزي القارئ ما أحوجنا في هذه الأيام الأخيرة التي أستطيع أن أسميها (أزمة الفقر الروحي) أن نستيقظ كل صباح ونطلب بشهية مفتوحة الخبز النازل من السماء، يسوع هو مُخلصنا وهو غذاؤنا الروحي طول مدة العبور المؤقتة التي نقضيها إلى أن نلتقي معه وجهًا لوجه.
فعندما نفتح الكتاب المقدس ونبدأ في دراسته ونتأمل في شخصية ربنا يسوع الخبز الحي، نكون كمن يجمع المن الحقيقي ونشبع ونتذوّق حلاوة حبيبنا يسوع. قال الشعب قديمًا عن المن أن طعمه كرقاق بعسل. فعلًا ما أطيب أقوال ربنا يسوع لنفوسنا الجائعة ولنتحذّر أيضًا فإن مشغوليات الحياة قد تكون فخًّا يجعلنا نؤجل التقاط المنّ لأوقاتٍ متأخّرة وبذلك نصبح مستضعفين ونخور في طريق عبورنا إلى سماء الوعد.

صلاة

يا ربي يسوع خبز الحياة، أشكرك لأنك جئت إلينا وديعًا ومتواضعًا... جئت إلينا نحن الذين في حالة جوع وتعب. فعلًا تحقّقت كلمات النبوة "لأنه أشبع نفسًا مشتهية وملأ نفسًا جائعة خبزًا." نشكرك لأجل إتمام قولك: "والخبز الذي أنا أعطي هو جسدي الذي أبذله من أجل حياة العالم." أشكرك لأنه بقولك هذا برهنت عن محبتك للجميع، فحاشا لك من التعصّب أو المحاباة، فأنت بمجيئك أتيت للجميع وأنت لا ترفض أي واحد مهما كانت خطاياه، شكرًا لأنك قلت من يُقبل إليّ فلا أخرجه خارجًا، يا رب نُقبل إليك لكي نشبع منك أنت الخبز الحقيقي.

المجموعة: كانون الأول (ديسمبر) 2021

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

100 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10627763